ارشيف من :آراء وتحليلات

حسنا فعلت السعودية...

حسنا فعلت السعودية...
أحسنت السعودية القول والفعل عندما أعلن وزير خارجيتها رفع يدها عن الوساطة في لبنان، فهي قد فعلت ما كان يجب أن تفعله من لحظة تدخّل منسق الفتنة في لبنان جيفري فلتمان بعيد القمة الثلاثية التي انعقدت في قصر بعبدا، وكان لزاما عليها أكثر الثأر لكرامة ملكها عندما مرغتها بالوحل وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون بالتعاون والتواطؤ مع الذين ربت أكتافهم من لحم الرياض ثم خانوها ورموا أنفسهم في أحضان الأميركي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يصدق أحد أن السعودية فعلت حسنا حقا؟ أم أن تصريح الفيصل تعبير عن عجز أو حنق أم أنه استكمال للمسعى التعطيلي الأميركي الذي بدأ في نيويورك ويتواصل في بيروت ليصل إلى شرم الشيخ؟ وهل فعلا السعودية أجرت حسابات دقيقة عما سيؤول الوضع إليه بعد تنفيذ خطوتها التهديدية؟ التحليلات والتفسيرات كثرت لكنها تكاد تجمع على نقاط عديدة أهمها:
أن الموقف السعودي يسوده ارباك شديد بعد الإهانة المذلة التي تعرض لها الملك في نيويورك بسبب خيانة الابن المدلل الذي دار كما تريد الإدارة الأميركية ضاربا عرض الحائط بكل التقاليد والقيم العربية السعودية بالخصوص، هذا الإرباك تمثل جليا في التمني السعودي من كل من قطر وتركيا التوسط لدى سوريا لإكمال مساعي التسوية ثم بتوجيه طعنة في ظهري وزيري خارجية هذين البلدين وهما في ذروة جهودهما في بيروت لحلحلة الأمور.
وهناك من يرى أن الاتصال الذي أجراه أوباما بالرئيس المصري حسني مبارك ليشكره بالتحديد عن دعمه للمحكمة الدولية قد فعل فعله في أروقة القصور السعودية التي لمست تهديدا أميركيا واضحا باستعداد واشنطن للقيام بكل ما يلزم للمحافظة على مصالحها، حتى ولو كان ذلك التخلي عن الحليف الكبير والقديم في المنطقة.
معلومات أخرى تفيد بأن العجز ظهر جليا بالقدرة السعودية على السيطرة على من كانت تظن أنهم فريقها في لبنان، ليتبين أنها كانت متوهمة أنها تنام على حرير فأيقظتها الحريرية البيروتية بأن لا حرير يعلو عن الحريرية الأميركية، فرضخت الإرادة السعودية وسلمت الدفة نهائيا لمساعد وزير الخارجية الأميركية فيلتمان ومساعدته كونيللي.
البعض ذهب إلى أن السعودية تحاول رفع سقف مطالبها ودعم فريق 14 آذار وإعطاء دفعة جديدة من الضغط على المعارضة لإجبارها على القبول بما ترفضه.
أياً تكن التحليلات والتفسيرات، الواقع يقول إن السعودية تأخرت كثيرا في موقفها، فماء وجهها أريق مرتين، مرة في العراق وقبل أن ترفعه أريق في بيروت، وفي كلا المرتين المُريق واحد وطريقة الإراقة هي نفسها...
محمد يونس
2011-01-20