ارشيف من :أخبار اليوم

ضعف الجبهة الداخلية في كيان العدو.. قبل رابين وبعده

ضعف الجبهة الداخلية في كيان العدو.. قبل رابين وبعده
كتب محرر الشؤون العبرية
اعتبر المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس"، "الوف بن"، ان رئيس الوزراء الأسبق اسحاق رابين كان أول السياسيين الإسرائيليين الذين استوعبوا التهديد على الجبهة الداخلية واستخلص منه استنتاجات سياسية. كوزير لـ"الدفاع" قلق رابين من قدرة صمود السكان حتى قبل حرب الخليج (عام 1991) عند استخدام الصواريخ في حرب المدن بين بغداد وطهران، وتحديدا خلال المراحل الأخيرة من الحرب الإيرانية – العراقية.
أيضاً خلال حرب الخليج، عندما قصف صدام حسين "إسرائيل" بعدد من صواريخ السكود، التي بالرغم من أنها أدت إلى مقتل إسرائيلي ولم تلحق أضرارا كبيرة بالأملاك، إلا أن الدولة شُلت لمدة ستة اسابيع حيث فر عشرات الآلاف من منازلهم في مناطق الخطر، ورفضت شركات الطيران الأجنبية الهبوط في مطارات الكيان الغاصب، خلال تلك المرحلة، كان رابين عضو كنيست في المعارضة واضطر للنزول ثماني طوابق من شقته في حي نافيه افيفيم، إلى الملجأ. هذه التجربة غير اللطيفة، رأى "بن" أنها أثرت عليه لدى عودته إلى الحكم، ما دفعه للسعي نحو حل وسط مع الفلسطينيين والسوريين، معللا ذلك بخوفه من أن يجد "مواطنو إسرائيل صعوبة في الصمود أمام هجوم واسع على الجبهة الداخلية".
ولفت المعلق الإسرائيلي إلى أن الجيش في حينه "وجد صعوبة في الاعتراف بالتهديد الجديد" وفرض وزير "الدفاع" في تلك الفترة، "موشيه آرنز"، على الجيش تغييرات تنظيمية: اقامة قيادة الجبهة الداخلية ومنظومة الوسائل الخاصة، وحث تطوير منظومة "حيتس" لإسقاط الصواريخ. ولكنه اعتُبر بنظر الجنود كمواطن مشاكس. اما ايهود باراك، الذي عين رئيسا للأركان بعد الحرب، رأى في منظومة الدفاع مبادرة مدنية "معارضة لخطة الجيش متعددة السنوات". خاصة وان نهج الجيش كان أنه لا يمكن الانتصار في الحرب بوسائل دفاعية، ومن الأفضل تعزيز الذراع الهجومي.
المنظومات المدنية وجدت صعوبة في اداء مهامها والجيش الاسرائيلي لم ينجح في وقف نيران حزب الله 
لكن الذي حصل، بحسب "بن"، انه مرت 15 سنة وقدرة الصمود للجبهة الداخلية اختبرت مرة أخرى في حرب لبنان الثانية عام 2006. حيث تعرض الثلث الشمالي لكيان العدو لهجوم صاروخي من لبنان. وهذه المرة اطلق على "اسرائيل" نحو 4 الاف صاروخ، أي اكثر بمئة ضعف مما في حرب الخليج. وفر مئات الآلاف من مناطق الخطر، المنظومات المدنية وجدت صعوبة في اداء مهامها والجيش الاسرائيلي لم ينجح في وقف نيران حزب الله. وكشف مخيم اللاجئين الذي أقامه، في رمال نيتسانيم، رجل الاعمال اركادي غايدمك، عجز الحكومة والجيش. ورأى "بن" أن الحرب انتهت بالتعادل. لكنهم في الجيش فهموا الحاجة الى ملاءمة المفاهيم ومبنى القوة مع التهديد المتغير. خاصة وان الحربين أوضحتا حجم التحديات التي ستواجهها "إسرائيل" في حرب شاملة. اذ من الصعب على الاستخبارات ان تحذر من نيران الصواريخ، التي لا تحتاج إلى استعدادات بارزة مثل تحريك فرق مدرعات. ومن الصعب على الأذرع الهجومية العثور على صواريخ العدو وتدميرها ولا سيما الصواريخ قصيرة المدى. وفي هذه الحالة سوف يتمزق جنود الاحتياط، الذين يعتمد عليهم الجيش والعاملون في المشاريع الحيوية بين اتجاهين: هل يدافعون عن البيت والعائلة أم يمتثلون إلى الخدمة ام في خط الانتاج والاعتماد على الدولة بأن تحافظ على أطفالهم؟ هذا مع الإشارة إلى أن الطرق الرئيسية في حينه، والتي يفترض أن يستخدمها الجيش، سوف تكون مغلقة بآلاف السيارات الفارة. والمنشآت الحيوية، من محطات توليد الطاقة والموانىء وحتى المستشفيات والمخابز تجد صعوبة في أداء مهامها. وستكون منظومات المعلومات والاتصالات معرضة للشلل.
"اسرائيل ملزمة بان تسعى إلى حرب قصيرة – يوم، يومين، ثلاثة – وألا تنجر إلى مواجهة طويلة ويتسع فيها الضرر المعنوي والاقتصادي بالجبهة الداخلية  
المشكلة بنظر "بن" ان العدو يفهم ذلك جيدا ويتزود بالصواريخ، يُحسِّن قوة التدمير والدقة فيها، بحيث تتمكن من ضرب قواعد سلاح الجو ومواقع هامة أخرى. وايهود باراك، الذي عين بعد حرب لبنان الثانية وزيرا لـ"الدفاع" تبنى نهجا معاكسا لموقفه كرئيس للأركان. وهو اليوم يؤيد بحماسة منظومات الدفاع ضد الصواريخ مثل "حيتس" و"القبة الحديدية"، ويؤمن بأنه في غضون خمس سنوات سيكون ممكنا تحصين الجبهة الداخلية. والجيش الإسرائيلي يفهم بأن قيادة الجبهة الداخلية ستكون القيادة الأهم في الحرب التي "ستصبح فيها تل أبيب جبهة"، على حد قول رئيس شعبة الاستخبارات المعتزل اللواء "عاموس يدلين".
وأكد "الوف بن" أن الاعتراف بقوة النيران المتصاعدة لحزب الله وحماس يؤثر على "إسرائيل" التي تتجنب المبادرة إلى نشاطات عسكرية وتمتنع عن شن هجوم على المنشآت النووية في إيران. ولكن حتى لو تغير التهديد على "اسرائيل"، فان الرد العسكري يبقى على حاله من حيث الأساس". مضيفا ان الجيش يستعد اليوم "لنقل الحرب الى ارض العدو، إذا ما تعرضت "إسرائيل" للهجوم. وضد التهديد على الجبهة الداخلية الإسرائيلية"، ولذلك "يقترح الجيش مهاجمة مواقع حيوية في الجانب الاخر يهدد حكمه وبقاءه، ما يسمى "عقيدة  الضاحية". وبلغة أقل كياسة، دمار مقابل دمار". ويلفت "بن" إلى أن كبار قادة الجيش الإسرائيلي اليوم يعتقدون، مثل بن غوريون، أن "اسرائيل ملزمة بان تسعى إلى حرب قصيرة – يوم، يومين، ثلاثة – وألا تنجر إلى مواجهة طويلة تتآكل فيها شرعية عملها، ويتسع فيها الضرر المعنوي والاقتصادي بالجبهة الداخلية ويتمكن العدو من الادعاء بأنه "بقيت واقفا على قدمي وانتصرت"".
ويختم "بن" بالقول انه مع كل تأثير حروب الجبهة الداخلية على الوعي، وتطور التهديدات فإن ذلك لن يحسم الخلاف التاريخي بين اليسار واليمين. فقد بقي هذا على حاله، بالضبط مثلما اراد شامير الاحتفاظ بالمناطق ورابين الانسحاب منها مقابل السلام. من يؤمن، مثل شمعون بيرس، انه في عصر الصواريخ توجد للأرض أهمية اقل، مستعد لان يخرج من الضفة الغربية وهضبة الجولان. ومن يعتقد، مثل بنيامين نتنياهو بأن لا بديل عن السيطرة على الأرض، حتى عندما تتطاير الصواريخ من فوق، يرغب في أن يبقى الجيش الإسرائيلي على الأرض.
2011-01-23