ارشيف من :ترجمات ودراسات
لهذه الأسباب يستنفر الشارع العربي
لا حديث أميركياً أو إسرائيلياً هذه الأيام عن السلام، ولا مؤشرات لإمكانية مثل هذا الحديث في المدى المنظور، فالسلام معطّل، والحديث عنه في نظرهم مؤجل، وإن جرى أحياناً فلأسباب دبلوماسية، وللتسويق إلى الخارج، ولدواعٍ إعلامية، ولا شيء غير ذلك.
ومع وضوح الموقف الأميركي لجهة رفض تحريك "عملية السلام"، أو على الأقل لجهة عدم الجدية في تحريكها، تبقى عشرات الأسئلة معلقة عن موقف الإدارة الأميركية من الاستيطان، وضرورات وقفه.
فالإدارة الأميركية تقول وتسرّب إنها عملت ما في وسعها من أجل دفع حكومة نتنياهو لوقف الاستيطان ولو بشكل مؤقت، وحصراً لمدة تسعين يوماً، وقدمت إغراءات مالية وعسكرية لإسرائيل، ولكنها لم تستجب لمطلب تجميد الاستيطان، وهذا يعني أن الإدارة الأميركية بذلت جهدها ولكنها أخفقت.
وعلى الرغم من أن هذا الموقف غير واضح ويحتاج إلى إثباتات لتصديقه، يبقى السؤال الأهم هو: مادامت الإدارة الأميركية تريد وقف الاستيطان، وتعدّ ذلك ضرورة لـ"عملية السلام"، فلماذا إذاً تلوّح بـ(الفيتو) في مجلس الأمن الدولي عند عرض مشروع القرار الداعي لوقف الاستيطان وإدانته على المجلس؟.
ألا يعني هذا (الفيتو) المرتقب أن الإدارة الأميركية تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر، وأن التنسيق والتناغم بينها وبين حكومة نتنياهو تامان؟.
هذا وغيره الكثير يدفع لترسيخ القناعة العربية ليس بعدم التعويل على الموقف الأميركي بشكله الراهن لصنع السلام فحسب، بل لأخذ الحذر الشديد تجاه السياسات الأميركية في المنطقة، وما تفتعله من مخاطر شديدة على المديين القريب والبعيد.
ويعرف الجميع، والمسؤولون الأميركيون أولاً، أن مثل هذه السياسات الأميركية الداعمة لـ"إسرائيل" بلا حدود، والمراوغة في آن معاً لا تخفى حتى على المواطن العربي البسيط، وتترك آثارها السلبية في مجمل الشارع العربي الذي لا يثق أساساً بالوعود الأميركية ويتحرك مطالباً بالمعاملة بالمثل، والابتعاد نهائياً عن أميركا.
وأكثر من ذلك، فهناك قناعة لدى الشارع العربي بأن الولايات المتحدة، وانسجاماً مع الإرادة العدوانية الإسرائيلية تتدخل مباشرة في أكثر من موقع على امتداد ساحة الوطن العربي بقصد افتعال الفتن والنزاعات والتناقضات الطائفية والمذهبية، وبالتالي الدفع باتجاه التقسيم أينما أمكن ذلك، ولبنان والعراق مثالان واضحان عليه.
لهذه الأسباب يستنفر الشارع العربي رفضاً للأميركيين وسياساتهم.