ارشيف من :آراء وتحليلات

رياح التغيير اللبنانية.. بعيون الإعلام العربي

رياح التغيير اللبنانية.. بعيون الإعلام العربي
أحمد شعيتو
رياح التغيير التي هبت من تونس واصابت مصر والجزائر مرت في لبنان، فكان تغيير جذري في المشهد السياسي القائم منذ عقدين منذ عهد استلام "الحريرية السياسية" مقدرات البلد والسلطة... هذا المشهد اللبناني كان وقعه وقع "الحدث المشهود" الذي لا يمكن تجاهله، وقد نظرت اليه الصحافة الغربية على انه "يشير الى تحول مهم في السلطة في لبنان حيث يتضاءل نفوذ الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها السنة العرب في المنطقة"، بحسب ما قالت " واشنطن بوست".
على المستوى العربي فإنه من المعروف ان معظم الصحافة العربية "تسبّح بحمد" الانظمة، وهي انظمة حليفة مع الولايات المتحدة، لكن لا تزال هنا وهناك مظاهر صحافة "مستقلة وموضوعية"... لكن رغم ان النظرة الى سقوط سلطة الحريري تفاوتت في الاعلام العربي والصحافة، فإن الجامع بين النظرتين كان الاقرار بأن المعارضة ( السابقة) سجلت هدفا حاسما في مرمى الموالاة السابقة، وبالتالي في مرمى الولايات المتحدة.
التغيير اللبناني يشابه التغيير التونسي، وان كان الاول سياسيا والثاني على الارض... ولمسنا ترحيبا من المثقفين والنخب والاعلام غير المأجور بالثورة التونسية، اما بشأن الموضوع اللبناني فيمكن القاء نظرة على مضامين مقالات بعض الكتّاب المعروفين وتناول نظرتهم الى كيفية تعاطي المعارضة اثناء وبعد التغيير، والى ما حصل على الارض من قبل تيار الحريري من شغب واعتداءات.
فقد احتلت التطورات التي شهدتها بيروت حيزا مهما ـ ولا تزال ـ لدى الصحافة والكتّاب العرب متناولين دلالات سقوط حكومة سعد الحريري وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة.
النظرة لسقوط الحريري وتكليف ميقاتي
في السعودية تفاوتت مواقف الصحف فانتقد بعضها لغة التحريض المذهبي ووجه بعضها السهام الى المعارضة السابقة فيما ركز بعضها الآخر على دور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إدارة معركة رئاسة الحكومة.
وانتقد الكاتب الصحفي السعودي في جريدة "الحياة" داوود الشريان الرئيس سعد الحريري على خلفية أعمال الشغب احتجاجاً على عدم تكليفه تأليف الحكومة. وقال: "إنّ المعارضة، ايّ الرابع عشر من آذار، بعد فقدانها الأكثرية سعت بالإكراه الى فرض شخصٍ رئيساً للحكومة بلغة الشارع وحرق إطارات، ومارست ما كانت تنهى خصومها عنه وتُعيّرهم به".
واشار الشريان الى ان الحريري هدّد بلغة الوعيد بيومٍ آخر، وتمسّك بعض نواب كتلته بخطاب مذهبي صارخ... واعتبر الشريان أنّه كان المطلوب ان يقبل الحريري قواعد اللعبة الديمقراطية ويترك للمعارضة السابقة مهمة تأليف الحكومة، ويتبنى الحقيقة من موقعه الجديد، لكنّ خبرة الحريري لم تسعفه.
اما الكاتب جاسر الجاسر ففي مقالة في صحيفة "الجزيرة" السعودية، اعتبر أن نصر الله اثبت أنه حاكم لبنان "قولاً وفعلاً".
وفي انتقاد للتغيير الحاصل قالت الصحيفة ان "حسن نصرالله أمتعنا بأهدافه الاحترافية القوية في المرمى الإسرائيلي وظل هكذا مهاجماً لا يشق له غبار، ثم فجأة غير مركزه وأصبح لاعباً ضد بعض الفرق اللبنانية".
"الوطن" السعودية وفي تخفيف من وطأة ما حصل اعتبرت ان ما حصل لا يعني أن سعد الحريري بات مهمشا وقالت ان "الصورة في لبنان لا تبدو وردية، فالكل مأخوذ بما حصل في اليومين الأخيرين من انتقال الأكثرية النيابية إلى المعارضة، وتموضع الأكثرية التي تشكلت بعد الانتخابات البرلمانية في خندق المعارضة".
اضافت "الوطن": "لا أحد في لبنان يستطيع أن يلغي الآخر، وما حصل لا يعني أن سعد الحريري بات مهمشا، وكما كان لقوى 8 آذار الكلمة الفصل في تشكيل الحكومة السابقة، يجب أن تكون لقوى 14 آذار وتحديدا لسعد الحريري الكلمة الفصل، حتى ولو لم يشارك هو أو تياره في الحكومة المقبلة".
يشار هنا الى الاستطلاع الذي نشرته جريدة إيلاف الالكترونية السعودية واظهر أن الغالبية السعودية من نخب ومثقفين ـ وإن اختلفت حول الموقف السعودي الأخير ـ، ولكن اللافت كان شبه الإجماع على أن الحريري لا يمثل وحده السنّة في لبنان، ولا يعتبر زعيماً سنياً في نظر الكثير منهم.
في مصر ابدى العديد من الكتّاب والمحللين اهتماما بالحدث كونه مؤشرا لتغيير كبير. وقد اعتبرت صحيفة "روز اليوسف" المصرية القريبة من السلطة ان "التخلص من رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري عبر ابعاده عن رئاسة الحكومة المقبلة يحقق لسوريا الانتقام من الرجل الذي قاد تحالفاً لبنانياً في أعقاب اغتيال والده رفيق الحريري، اتخذ مواقف معادية لها، ورافضاً لوجود قواتها المسلحة علي الأراضي اللبنانية، وكان سبباً لاضطرار سوريا لسحب هذه القوات".
بدورها نقلت صحيفة "القدس" عن محللين ان تكليف نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة يشكل انتصارا واضحا لحزب الله الذي دعم ترشيحه، وقد يؤثر سلبا على العلاقات بين لبنان ودول غربية، في حال تمكن الحزب من فرض خياراته السياسية على الحكومة.
ورأت الصحف السورية في تكليف ميقاتي "انقاذاً" للبنان من "المؤامرة". وقالت صحيفة "الوطن" المقربة من الحكومة ان تكليف ميقاتي يعد "انقاذا" وكشفا "للمؤامرة والتضليل" الذي تمارسه القوى الغربية "وادواتها في الداخل" اللبناني في اشارة الى الاكثرية النيابية السابقة، مؤكدة ان "لبنان لم ينقلب على نفسه، وما انقلب هو مجرد ظرف زمني سياسي امسك به البعض وحاول استغلاله بالطريقة الخطأ وفي غير مصلحة لبنان".
جريدة "الدستور" الاردنية رأت في احد المقالات ان "الرئيس المكلف نجيب ميقاتي طرف هام متزن في المعادلة اللبنانية، وقد يكون الشخص الاكثر قبولاً لدى كافة الاطراف بعيداً عن المكاسب السياسية التي ينشدها البعض، وقد ينجح بارادة الجميع في طي صفحة هامة من الخلافات باجراء حوار وطني من اجل لبنان فقط، رغم الضغوط الاقليمية والدولية التي لا ترغب باستقرار هذا البلد الجميل".
جريدة الوطن الكويتية اشارت الى انه "مع حصول السيد نجيب ميقاتي على ثقة وتأييد نحو سبعين نائبا، تلوح بالأفق حكومة عتيدة، وقادرة على التعامل مع المشاكل المتعددة، التي تواجه لبنان خصوصا اذا خلصت النيات، واستطاع السيد ميقاتي توزير من تتوافر فيهم الكفاءة، والوطنية، والبعد عن التعصب والتحزب لخدمة لبنان، ضمن برنامج متكامل، يشخّص مشاكله، ويسلك أقصر الطرق للقضاء عليها".
النظرة الى أعمال العنف
ابدى كثير من الكتّاب والصحف العربية ـ المؤيدة ضمنا للحريري والمعارضة له ـ انتقاداً لأحداث العنف والاعتداءات التي صاحبت نزول عدد من مؤيدي الحريري الى الشوارع.
صحيفة "القدس العربي" رأت ان المظاهرات الصاخبة التي انطلقت تعكس ما يمكن ان ينتظر هذا البلد من حالة استقطاب خطيرة، ليس بين مختلف الطوائف المتناحرة، وانما بين ابناء الطائفة او المذهب الواحد.
وقال الكاتب عبد الباري عطوان في الصحيفة في مقال تحت عنوان: حلفاء امريكا يستعدون للرحيل، ان النظام ' الامريكي' في لبنان سقط بتكليف السيد نجيب ميقاتي مرشح المعارضة بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وفقد ' ليبراليته' عندما اطلق انصاره في الشوارع لارتكاب احداث عنف واغلاق الطرقات وحرق العجلات، احتجاجا على هذا التكليف وانتصارا لرئيس الوزراء السابق سعد الحريري. أضاف ان اعمال العنف هذه قوبلت بالصمت في واشنطن واوروبا وعواصم وإعلام دول محور الاعتدال العربي، او ما تبقى منها، ولو كان انصار المعارضة هم الذين نزلوا الى الشوارع لقامت القيامة ولم تقعد.
وفي تناول لاحداث العنف يشير الكاتب تركي الدخيل في صحيفة الجزيرة السعودية إلى أن "لبنان دخل رحلته مع الظلام من جديد... الأخبار التي أشاهدها حتى ساعة كتابة هذه المقالة متصاعدة. أعمال تخريب؛ وقطع طرق، وحرق إطارات".
وفي مقال في صحيفة "الوطن" الكويتية للكاتب علي المتروك يقول الكاتب: "تمنيت وأنا أتابع الأخبار ان يمتنع السيد سعد الحريري وأنصاره عن إعلان يوم الثلاثاء الماضي يوم غضب في مدينة طرابلس، لعدم حصوله على الأغلبية، مع انه التزم بالنهج الديموقراطي".
2011-01-29