ارشيف من :آراء وتحليلات

رؤية إسرائيلية لأسباب عدم التوصل إلى تسوية

رؤية إسرائيلية لأسباب عدم التوصل إلى تسوية
كتب محرر الشؤون العبرية
تدفع الوثائق التي كشفتها قناة "الجزيرة" حول حجم التنازل الذي قدمه قادة السلطة الفلسطينية خلال المفاوضات مع المسؤولين الإسرائيليين في المجالات كافة، وتحديدا في قضيتي القدس واللاجئين، إلى التساؤل عن الأسباب التي حالت حتى الآن عن التوصل إلى اتفاق نهائي، في ظل استعداد فلسطيني (السلطة) للتنازل في كافة القضايا الرئيسية العالقة.
في هذا المجال قد تتعدد التفسيرات ومنها ما كتبه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق اللواء احتياط غيورا ايلاند الذي لفت إلى وجود مفارقة مفادها أنه في الوقت الذي يريد العالم كله (تقريبا) التوصل إلى حل للصراع، ومبدأ "الدولتين" مقبول عند الجميع (تقريبا) ـ الولايات المتحدة والامم المتحدة والرباعية والجامعة العربية، ومقبول – على ما يبدو ـ عند الفلسطينيين، وأصبح منذ كلمة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في جامعة بار ايلاند، مقبولا من قبل الحكومة الإسرائيلية الحالية ايضا ـ ورغم كل ذلك فشلت كل محاولات التوصل إلى اتفاق نهائي.
ويذهب ايلاند إلى أكثر من ذلك ليقول أن تفاصيل التسوية الدائمة معروفة، إذ دعا الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، قبل أكثر من عشر سنوات، الطرفين وعرض عليهما اقتراحات محددة ومفصلة حول كل القضايا الجوهرية. ومنذ ذلك الوقت أصبح واضحا للجميع إذا ما تم استئناف المفاوضات حول التسوية الدائمة فستكون النتيجة مشابهة جدا جدا لاقتراحات كلينتون.
في المقابل، رأى آيلاند ان هذه التسوية بتفاصيلها المعروفة ببساطة لا يريدها الطرفان وبشكل أكثر دقة "الحد الأعلى الذي تستطيع الحكومة الإسرائيلية (كل حكومة) عرضه على الفلسطينيين ويدوم سياسيا هو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي تستطيع سلطة فلسطينية (كل سلطة) الموافقة عليه والبقاء سياسيا".
واعتبر رئيس مجلس الأمن القومي السابق أن هذا الواقع صحيح منذ 18 سنة، منذ بدء مسيرة اوسلو. وان هناك في الواقع مساران متوازيان: الأول "أمريكي"، يقوم على توجه نمطي يقول انه إذا كانت توجد مشكلة (الصراع)، فان المصلحة الواضحة تكمن في إيجاد حل لها، واذا لم ننجح حتى الآن فهذه علامة على أننا لم نُجهد أنفسنا بقدر كاف، وبالتالي علينا بذلك المزيد من الجهود.
بموازاة ذلك يوجد مسار ثان "شرق اوسطي"، تحرك فيه مصالح مختلفة طرفي الصراع، إسرائيل والسلطة. المصلحة الاولى هي في وجود "مسيرة سياسية" (لكن مع عدم التوصل إلى اتفاق)، لان العملية السياسية بذاتها تساعد الطرفين في الساحة الدولية؛ والثانية في ضمان كل طرف تحميل الآخر المسؤولية في حال نشوب أزمة.
ورأى ايلاند أن التفسير الرئيسي لعدم استعداد الطرفين للتوصل الى تسوية ينبع من صورة الاتفاق. إذ يدور الحديث عن "لعبة نتيجتها صفر" في كل واحد من المواضيع المطروحة. وعندما يكون هذا هو الوضع فان التنازل سيبدو أكثر كلفة من العوض المقابل. وبالتالي فإن المشكلة لا تتعلق بالتفاصيل ولا بالقدرة على إبداع حل خلاق لمشكلة هذا الحي او ذاك في القدس. بل المشكلة هي في التصور العام القائم على إمكانية إقامة دولتين ذات سيادة بين نهر الأردن والبحر. والامر نفسه ينحسب على التسوية المرحلية التي تنطلق من التصور العام نفسه.
وخلص ايلاند في النهاية إلى وجود حل بديل لا يندرج ضمن قاعدة "لعبة نتيجتها صفر"، وذلك عبر إنشاء اتحاد فيدرالي فلسطيني أردني (يتم بموجبها إقامة دولة فلسطينية لكنها تكون بمنزلة "ولاية"، كما في الولايات المتحدة). وإجراء تبادل أراض متعدد الأطراف بين "إسرائيل" ومصر والأردن وفلسطين.
2011-01-30