ارشيف من :آراء وتحليلات
ربيع العرب يسقط 14 اذار ومبارك
سركيس ابوزيد
سقوط النظام المصري الحالي سوف يكون له انعكاسات كثيرة على الوضع العربي عامة واللبناني خاصة. قوى الأكثرية النيابية والشعبية رحبت بسقوط حاكم مصر لانه حليف اميركا واسرائيل ومعاد للمقاومة وحلفائها في لبنان .
اما فريق 14 اذار فقد عبر عن مشاعر متناقضة نتيجة ارباك اجنحته وتباين مواقفهم بين شلة اعلاميين مؤيدين لانتفاضة شعب مصر و فريق متخوف من سقوط حليف قوي ووفي وداعم لهم في توازن عربي دقيق .
وبغض النظر عن ما قاله منسّق الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من اَذار فارس سعيد عن أنه ينظر بايجابية إلى الثورة الشعبية المصرية باعتبار أن "انهيار العالم العربي القديم سيدفع إلى تغيير في العالم "الاسرائيلي" القديم! بما معناه تغيير المنطق الاسرائيلي في التعامل مع العرب.
كيف سيتعامل الاَذاريون مع الواقع الجديد في حال سقط نظام مبارك نهائيا؟
رغم ضبابية الوضع المصري، فإن هناك سيناريوهات عديدة للمرحلة المقبلة. ففي حال صمود النظام حتى انتهاء ولاية الرئيس مبارك الحالية في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، والذي أعلن أنّه لن يترشّح لولاية ثانية، فمن المؤكد أنّه بعد أيلول 2011 سوف يكون لمصر رئيس جديد.
لكن السؤال المهم هنا هو من سيكون هذا الرئيس؟ وكيف سيتعامل مع القضايا العربية وبالأخص مع الملف اللبناني؟ هل سيستمّر بالدعم المطلق لقوى 14 آذار أم انّه سوف يكون للنظام المصري الجديد حلفاء جدد في لبنان؟ فالواقع الذي ستفرضه الانتخابات المصرية المقبلة في شهر أيلول أو الذي ستفرضه الثورة الشعبية إذا ما استمرّت أياماً إضافية سوف تصنع تغييراً في المعادلة؟ فمن سيستلم الحكم وكيف سيتعامل مع قوى 14 اَذار؟ هل سيصبح محمد البرادعي - المدعوم أميركياً- رئيساً لمصر؟ أم أن الرئيس المقبل سوف يكون الأمين العام للجامعة العربية المنتهية ولايته عمرو موسى والذي أكّد أنه لن يترشح لولاية مقبلة داخل الجامعة وأنه سيكون في أي منصب يطلبه الواجب الوطني إليه؟ أم أنه سيكون من الإخوان المسلمين؟ أو من العسكر؟ او...
مهما كان اسم الرئيس المقبل فلن تكون سياساته الخارجية على صورة مبارك، لذلك فإنه من الطبيعي على قوى 14 آذار التخوّف من خسارة حليفها المصري الذي لطالما دعمها في أحلك ظروفها. فإذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء سنين قليلة، نرى أنّه وبعد أربعة أيام من اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري، اتصل الرئيس مبارك بالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك محرضا ومنحازا وأخبره "بأن جريمة اغتيال الحريري تحمل توقيع النظام في دمشق".
وفي العام 2007، نال الرئيس الأسبق لحكومة لبنان فؤاد السنيورة أقساطاً من الدعم المصري لحكومته. ففي 13 اَذار 2007، زار رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري مصر والتقى رئيسها وتحدّث في مؤتمر صحفي بعد اللقاء شاكراً الرئيس مبارك على الدعم الذي يحظى به الشعب اللبناني ولبنان منه - أي مبارك- مؤكداً دعم الأخير للمحكمة الدولية وناقلاً عنه تأكيده "أن مصر تسعى إلى قيام هذه المحكمة لمعاقبة المجرمين الذين قتلوا رفيق الحريري وبيار الجميل وسائر الشهداء الذين سقطوا في لبنان" ، كما نقل الحريري عن مبارك دعمه " للرئيس السنيورة ولكل اللبنانيين ولقيام المحكمة الدولية ولضرورة انهاء الاعتصامات وخروج المعتصمين من الشارع".
الدعم المصري لقوى 14 اذار في لبنان كان يحظى باعجاب أميركي، إن في ولاية جورج بوش الإبن أو في ولاية باراك أوباما الذي شكر في اتصال مع مبارك على الدعم المصري للمحكمة "التي تحاول انهاء عهد الإفلات من العقاب في الاغتيالات السياسية في لبنان وتحقيق العدالة للشعب اللبناني".
هذا الدعم المصري كانت ترتاح له وتنعم به قوى 14 اّذار مجتمعة وليس فقط تيار المستقبل. فرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع كان على اعلى درجات التنسيق والدعم مع الاجهزة المصرية. كما أبلغت مصر الرئيس الأسبق للجمهورية اللبنانية أمين الجميل أنها "متضامنة مع 14 اَذار والحريري" و"أن مصر ستضطلع بدور على مستوى الجامعة العربية وقد تدعو لاجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب" قائلة " أن للسنة وجوداً في لبنان ولن تسمح لأحد بأن يمسّه" كما أكد مبارك دعمه المطلق للديمقراطية في لبنان واحترام الدولة اللبنانية وضرورة انتظام الديمقراطية بمعزل عن لغة السلاح والضغط غير الديمقراطي".
هذا الدعم المصري لقوى 14 اَذار في لبنان، مهدد بالتبدل بعد الانتفاضة. لان ربيع العرب القادم من تونس ومصر سوف يحمل معه تحولات اقتصادية اجتماعية اصلاحية في الداخل، واعادة نظر في التحالفات والعلاقات العربية والدولية في الخارج. منطق الحراك الشعبي في العالم العربي محكوم بجدلية الاصلاح والهوية، المقاومة والتغيير.
ربيع العرب اسقط اتباع اميركا في لبنان وتونس ومصر وفتح باب التغيير امام قوى جديدة عليها الاستمرار في الصراع لمواجهة قوى الردة والاحتواء.