ارشيف من :ترجمات ودراسات
صحيفة تشرين السورية : لماذا يقلقون؟
لم تُخفِ إسرائيل قلقها من التطورات المصرية، وهذا الزحف الشعبي الهادر المطالب بالتغيير، كما لم تُخفِ الولايات المتحدة قلقها من أن تعود عجلة التغيير إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فتعود مصر إلى حضن أمتها رائدة للعمل القومي التحرري.
الهواجس الإسرائيلية تبدت واضحة في كثير من التصريحات والتي كان أبرزها قول بنيامين نتنياهو: (يجب على أي سلطة في مصر أن تحترم اتفاقية السلام مع إسرائيل)، وهذا يعني وفقاً للرؤية الإسرائيلية أن حركة التغيير في مصر (يُفترض بها أن تلحظ العامل الإسرائيلي، لا أن تنهج ما يتعارض مع سياسة سابقة هيأت الأرضية المناسبة (للطموحات) الإسرائيلية في المنطقتين العربية والإفريقية).
والهواجس الأميركية أيضاً عكست القلق الإسرائيلي من غياب رموز يشكل استمرار وجودها امتداداً لنهج كامب ديفيد، لكن وبحسب ما تعكسه هذه الهواجس، فإن ما يجري مفيد في الوقت نفسه لإحداث تغيير شكلي في بنية النظام دون الاقتراب من جوهره.
الشيء المهم أن ما يقلق إسرائيل والولايات المتحدة، هو عامل ارتياح للشارع العربي الذي بدأ يستشعر بفطريته المعهودة قرب عودة مصر بحراكها الجماهيري الضخم إلى قلب الحدث العربي، وعلى هذا الأساس ترى الشارع العربي مشغولاً بالحدث المصري ومتابعاً أدق تفاصيل المشهد من كل جوانبه، مترقباً لحظة الحسم.
صحيح أنه من المبكر الآن الجزم بحدود التغيير في السياسة المصرية، لكن الصحيح أيضاً أن الشعب المصري بات غاضباً من تقزيم دور مصر العربي، وأن استقراره الشكلي في السنوات الماضية، كان يخفي غلياناً أشبه بالنار تحت الرماد من مفاعيل المشروع الصهيوني الأميركي التي كان أقلها الجواسيس والدولارات المزيفة والأدوية الفتاكة وصولاً إلى الغاز الذي تتمتع به إسرائيل بأبخس الأسعار بينما المواطن المصري يدفع ثمنه بالسعر العالمي الرائج.
من هنا يمكن فهم القلق الإسرائيلي ـ الأميركي على مستقبل مصر، هو قلق من تحولات قد لا تكون في الحسبان، وقد تكون قطيعة مع سنوات خلت كان العامل الإسرائيلي ـ الأميركي هو الحاضر الأول على الساحة المصرية.
هم باتوا يدركون الآن أن شرقاً أوسطياً جديداً بدأ ينهض، ولكن ليس على طريقتهم ووفق أمنياتهم، لكنهم لم يدركوا بعد أن تدخلهم بالشؤون المصرية والعربية بشكل عام سيزيد من كره الشعوب لهم وسيعطي عكس المطلوب من هذا التدخل.