ارشيف من :خاص

بمناسبة ثورة مصر.. جانب من تداعيات كامب دايفيد

بمناسبة ثورة مصر.. جانب من تداعيات كامب دايفيد
كتب محرر الشؤون العبرية
قد تكون "إسرائيل" كغيرها من الدولة، فوجئت بثورة الشعب المصري الذي يطالب برحيل رأس النظام، إلا أنها الأكثر قلقا وهلعا من تداعيات زعزعة استقرار هذا النظام الحليف الاستراتيجي للدولة العبرية. لا يخفى أن منبع الهلع الإسرائيلي يعود إلى الموقع والدور الاستراتيجيين الذي تتميز به مصر، فهي الدولة العربية الأكبر على حدود الكيان الإسرائيلي (80 مليون نسمة)، فضلا عن أنها شكلت الثقل الأكبر في حركة الصراع إلى حين التوقيع على اتفاقية السلام.

في أجواء ثورة الشعب المصري، من الجدير الإشارة، ولو بشكل مكثف، إلى بعض من التداعيات السياسية والإستراتيجية التي تسببت بها اتفاقية كامب ديفيد بين النظام المصري والعدو الإسرائيلي، في العام 1978.

بنظرة إلى الوراء يمكن وصف معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، بأنها الانجاز الأكبر للعدو الإسرائيلي، طوال تاريخه، حتى وصفها بعض القادة الإسرائيليين بأنها الحدث الاستراتيجي الأهم في تاريخ "إسرائيل"، بعد إعلان الدولة في العام 1948. وبصورة مكثفة، أعاد هذا المنعطف التاريخي في حياة المنطقة، إنتاج بيئة إستراتيجية جديدة لـ"إسرائيل"، واحدث خللا عميقا في التوازن الاستراتيجي لصالح الدولة العبرية، وابعد شبح الخطر الوجودي عنها كما افقد بقية دول المواجهة القدرة على المبادرة العسكرية.

وعليه فقد شكلت هذه الاتفاقية الركيزة الأساسية في تمكين العدو من شن اعتداءاته وحروبه في ساحات أخرى، إذ اجتاح الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية خلال عامي 1978 و 1982 حيث وصلت جحافله إلى العاصمة بيروت، بل يمكن القول ان كل الاعتداءات والحروب التي شنتها "إسرائيل" باتجاه لبنان، منذ تلك الفترة وصولا إلى حرب العام 2006، ما كانت لتحصل لولا اتفاقية كامب ديفيد.

أما بخصوص الساحة الفلسطينية، فقد سمحت لامبالاة النظام المصري، بل وتأييده و"مشاركته"، لإسرائيل بشن العديد من الاعتداءات على الساحة الفلسطينية باتجاه الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحديدا الحرب الأخيرة في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009.

أما سياسيا، فقد شقت اتفاقية كامب ديفيد الطريق نحو المزيد من اتفاقيات التسوية، فكانت اتفاقية أوسلو ووادي عربة وأقامت العديد من الدول العربية علاقات ثنائية مع تل أبيب. وتحول الصراع مع "إسرائيل"، إلى نزاع حدودي بالنسبة للأنظمة العربية بعدما كان ذا أبعاد وجودية وحضارية.

من جهة أخرى، لم تقتصر تداعيات كامب ديفيد على الساحات الخارجية، بل طالت ايضا المؤسسة العسكرية في "إسرائيل" إذ سمح تحييد الدولة العربية، الأكبر والأقوى من خط المواجهة، بإجراء تعديلات هيكلية جذرية في الجيش تمثلت بحل عدد من الفرق النظامية وتخفيض موازنة الدفاع.. وتحول الثقل العسكري المواجه لإسرائيل من الجبهة الجنوبية، المحاذية لمصر، نحو الجبهة الشمالية.
2011-02-07