ارشيف من :آراء وتحليلات

جنبلاط والمماشط الخمسة

جنبلاط والمماشط الخمسة
بثينة علّيق
عُرِف زعيم الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بقدرته على إبتداع جملٍ مكثّفة ذات معاني ودلالات عميقة.
هكذا كان دائماً الخطاب السياسي للزعيم الجنبلاطي. يكفي تصريحٌ مقتضب ليحدث أثراً إنعطافياً في الحياة السياسية اللبنانية. إلا أن آخر رسائله التعبيرية كانت الأغرب والأكثر دلالة على الإطلاق.
جنبلاط والمماشط الخمسةفعلى طريقته الخاصة علّق وليد جنبلاط على إنتصار الثورة المصرية. حمل سلاحه الشخصي وأفرغ خمسة "ممشاط" منه في سماء المختارة والجبل وكأنّه بذلك يطلق خمس رسائل بإتجاهاتٍ عدة ليسطّر هذه المرة مواقفه بقلمٍ من رصاص.
الممشط الأول كان رسالةً إلى التاريخ الجنبلاطي وفيها حنين إلى تلك العلاقة التي جمعت يوماً كمال جنبلاط بجمال عبد الناصر وجعلت من الأول رأس حربة النضال العربي على الساحة اللبنانية، ليمتدّ حزبه إلى كامل مساحة الوطن. واليوم يمكن لجنبلاط أن يسعى مجدّداً لدورٍ جديدٍ يعيد الحزب التقدمي الإشتراكي إلى مقدّمة القوى الوطنية في لبنان ولعلّ إستعادة تسمية جبهة النضال العربي ليست بعيدة عن هذا الإتجاه.
الرسالة الثانية كانت لتأكيد موقف جنبلاط الأخير بأنه لن يكون إلا إلى جانب المقاومة وسوريا. إنها رسالة الإنحياز الكامل لمحور الممانعة بما يخالف بالتمام والكمال الوقف المريب لدول ما يسمّى بالإعتدال العربي التي حاولت وحتى النفس الأخير الوقوف الى جانب النظام وشخص الرئيس المصري المخلوع.
أما طلقات الممشط الثالث فكانت موجهة إلى حلفاء الأمس القريب وما بقي من قوى 14 آذار وإلى سعد الحريري الذي وصفه وليد جنبلاط بالجاهل لعلم الجغرافيا السياسية. إنها رسالةٌ مفادها لقد سقط المشروع الذي تراهنون عليه فإمّا أن تلتحقوا بخياراتي أو أنكم تستمرون بالإنحدار.
الرسالة الرابعة داخلية بإمتياز لأبناء الجبل والحزب والطائفة وفيها يعلن وليد جنبلاط نهاية المغامرات والعودة إلى الطريق الصحيح وإلى خيار الطائفة الدرزية المستند إلى عمقٍ إستراتيجي يمتدّ من طهران إلى القاهرة. أما عنوان الممشط الخامس وهو الأهمّ فالمعني بطلقاته فهو فيلتمان والإدارة الأميركية. يريد جنبلاط تذكير هذه الإدارة أن الجبل اليوم هو نفس الجبل الذي قصفته نيو جرسي إنتقاماً من موقفه التاريخي من الإجتياح الإسرائيلي ومن إتفاقية 17 أيّار، والآن يقول الجبل لواشنطن لا مكان لـ17 أيار جديد ولو كان إسمها المحكمة الدولية.
2011-02-16