ارشيف من :ترجمات ودراسات
ليبيا ... الكلمة الآن لعمر المختار !
عقيل الشيخ حسين
فالشعب الليبي يشتمل، كغيره من الشعوب، على حفنات من المتنفعين وضعاف النفوس وغيرهم من المصابين بالتلوث في التفكير والرؤية والانتماء الخلقي. والنظام يضع يده على مقدرات مالية ضخمة تسمح له بتجنيد مثل هذه الأصناف البشرية.
ومع أنها أكثرية ساحقة، ما يعني ديموقراطياً، أنها صاحبة الشرعية، فإن النظام الحاكم، وبعيداً عن أن يدفعه الشعور بأنه مرفوض إلى التنحي، أو على الأقل إلى الحوار أو طلب الحوار مع ممثلي هذه الأكثرية، شأن ما تفعل الأنظمة حالياً في مصر واليمن والبحرين والأردن، يبدو مصمماً على التعامل معها بالطريقة الهمجية.
قوى الأمن في الأنظمة الجائرة تتدرج في قمع التظاهرات من اللجوء إلى الترغيب والترهيب إلى خراطيم المياه والهراوات والرصاص المطاطي، قبل الانتقال إلى القتل والقتل الذريع. لكن النظام الليبي تأخذه العزة بالإثم فيبدأ من حيث ينتهي الآخرون.
يستخدم الأسلحة الرشاشة والرصاص الانشطاري من العيار الثقيل ويحصد المتظاهرين حصداً في الشوارع ولا يتورع عن إطلاق النار إلى داخل البيوت، ويصل إلى حد استخدام المدفعية وسلاح الجو في قصف المواطنين.
التقارير تتحدث عن ثلاثمئة قتيل على الأقل، ومنها ما يرفع الرقم إلى 500، أيضاً على الأقل، في وقت لا تسمح فيه ظروف هذه الحرب عن إحصاء أعداد الضحايا، ما يعني أن أعداداً لا تحصى من الضحايا قد سقطت على يدي النظام الليبي.
مستشفيات بنغازي، مثلاًً، لم تعد تتسع للجثث، إضافة إلى الجثث التي تغص بها الشوارع جنباً إلى جنب مع عبوات القذائف الفارغة بعد أن أطلقتها القوى المسلحة، والمرتزقة المستجلبون من العديد من البلدان الإفريقية وغير الإفريقية. ولا يكتفون بذلك، بل يطلقون النار على مواكب تشييع جثامين الشهداء، ويجهزون على الجرحى في الشوارع والمستشفيات.
النظام الليبي يوزع الأموال على ضعاف النفوس ويزودهم بالأسلحة ويمنحهم السيارات شرط استخدامها في دهس جموع المواطنين. وبترخيص من النظام الليبي، يقوم الزبانية، بعد قتل من يقتلونهم من الرجال، باقتحام البيوت وينتهكون الأعراض والحرمات ويقتلون النساء والأطفال بالسكاكين، في بادرة قل نظيرها في تاريخ الارتكابات التي نفذت على أيدي الحكام والسلاطين الذين يغزون شعوبهم وينكلون بها ابشع تنكيل من غير ذنب أذنبته غير الاعتراض على المنكر ومحاولة تغييره باللسان.
ولكي يأخذ النظام الليبي كامل حريته في إطلاق العنان لهمجيته، يمنع وسائل الإعلام من تغطية الأحداث، ويستخدم نفوذه ونفوذ الاستكبار العالمي والإقليمي في تعطيل القنوات الفضائية التي تحاول متابعة ما يجري في ليبيا.
كل ذلك، وأولئك الذين لا يتعبون في أميركا وأوروبا من إعداد التقارير حول حقوق الإنسان، ويمنحون أنفسهم الحق بتوجيه النصائح بضبط النفس، ينتظرون بصمت إجرامي، ولا ينبسون بكلمة إلا بعد أن وصلت الدماء إلى الركب في بنغازي والبيضاء ومصراتة وطرابلس وغيرها من المدن الليبية.
وهم إذ يخرجون عن صمتهم ويتكلمون بصوت لا يكاد يبين، لا يفعلون ذلك إلا لمداراة تواطؤهم مع النظام الليبي الذي لا شك بأنهم يعرضون عليه تقديم المساعدة القمعية، شأن مافعلوه ويفعلونه مع النظامين التونسي والمصري وغيرهما من الأنظمة المكلفة بالفتك بشعوبها خدمة لأغراض الهيمنة الاستكبارية.
أما الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي فلا يبدو أنهما قد سمعتا بما يجري في ليبيا، ربما بسبب استغراقهما في معالجة القضايا المصيرية الكبرى.
ولجهة الشعوب، فقد بات لكل منها شأن يتجاوز حدود التظاهر دعماً للشعب الليبي. فهي تتظاهر دعماً للشعب الليبي وغيره من الشعوب عبر التظاهر كل ضد نظامه الخاص.
مع ظهور هذا النوع من حروب الإبادة التي تشنها الأنظمة التابعة في ليبيا وغير ليبيا ضد شعوبها، لا يبدو أن الشعوب يمكنها أن تستمر إلى ما لا نهاية في المحافظة على طيبتها من خلال المطالبة بحقوقها عبر الاحتجاج والتظاهر السلمي.
وإذا كان القدر يستجيب لإرادة الشعب، فإن تلك الاستجابة قد تصبح مشروطة، عندما يرد النظام على التحرك السلمي بلغة الحديد والنار، بالرد المناسب والمتكافيء والذي قد يكون الوحيد الذي تفهمه هذه الأنظمة التي أسنى عليها وعلى طغيانها وفسادها ما أسنى على لبد.
لكن سيف الإسلام القذافي الذي يسن أسنانه لبناء "جمهورية ثانية" على أنقاض جمهورية أبيه، والذي يعلم أن ليبيا هي ليبيا عمر المختار والنهج القويم الذي نبع منه عمر المختار، يخرج على الشعب الليبي مهدداً. وبمن يهدد ؟ بالقاعدة العسكرية الأميركية الموجودة في جزيرة كريت اليونانية ! بفكره الاستراتيجي النابع من فكر أبيه الذي طالما أتحف به العالم أيما إتحاف... يتصور أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح بقيام إمارة إسلامية في ليبيا ! ويلمح إلى تدخل في ليبيا من قبل إيران وحزب الله !
لم يعلم بأن إيران وحزب الله لو نزلا في ساحة قوم لما بقي المشهد على ما هو عليه.
ولم يقرأ خذلان أميركا المنهجي لكل من هم على شاكلته وشاكلة أبيه. ولم يعلم أن أميركا التي تهشمت أسنانها على صخور الإسلام لم تعد في وضع يسمح لها بأن تسمح أو لا تسمح.
الأحرى بمن يسمى زوراً بسيف الإسلام أن يهرب سريعاً إلى إيطاليا أو سويسرا حيث كان يصول ويجول بين الملاهي والمواخير وعلب الخنا قبل أن تدركه بطشة الشعب الليبي.
"ومن لا يحب ظلال السيوف يعش أبد الدهر بين الحفر".. عن أبي القاسم الشابي، بتصرف
هنالك حروب إبادة وحروب استئصال واجتثاث وتطهير عرقي. وهنالك صعوبة في تحديد نوع الحرب التي تدور رحاها في ليبيا التي أصبحت في ظل ما يجود به العقيد القذافي على نفسه من عظمة، الجمهورية الشعبية الديموقراطية العظمى، بين النظام الحاكم من جهة، وإذا لم نقل الشعب من الجهة الأخرى، فبينه وبين الأكثرية الساحقة من الشعب. فالشعب الليبي يشتمل، كغيره من الشعوب، على حفنات من المتنفعين وضعاف النفوس وغيرهم من المصابين بالتلوث في التفكير والرؤية والانتماء الخلقي. والنظام يضع يده على مقدرات مالية ضخمة تسمح له بتجنيد مثل هذه الأصناف البشرية.
ومع أنها أكثرية ساحقة، ما يعني ديموقراطياً، أنها صاحبة الشرعية، فإن النظام الحاكم، وبعيداً عن أن يدفعه الشعور بأنه مرفوض إلى التنحي، أو على الأقل إلى الحوار أو طلب الحوار مع ممثلي هذه الأكثرية، شأن ما تفعل الأنظمة حالياً في مصر واليمن والبحرين والأردن، يبدو مصمماً على التعامل معها بالطريقة الهمجية.
قوى الأمن في الأنظمة الجائرة تتدرج في قمع التظاهرات من اللجوء إلى الترغيب والترهيب إلى خراطيم المياه والهراوات والرصاص المطاطي، قبل الانتقال إلى القتل والقتل الذريع. لكن النظام الليبي تأخذه العزة بالإثم فيبدأ من حيث ينتهي الآخرون.
يستخدم الأسلحة الرشاشة والرصاص الانشطاري من العيار الثقيل ويحصد المتظاهرين حصداً في الشوارع ولا يتورع عن إطلاق النار إلى داخل البيوت، ويصل إلى حد استخدام المدفعية وسلاح الجو في قصف المواطنين.
التقارير تتحدث عن ثلاثمئة قتيل على الأقل، ومنها ما يرفع الرقم إلى 500، أيضاً على الأقل، في وقت لا تسمح فيه ظروف هذه الحرب عن إحصاء أعداد الضحايا، ما يعني أن أعداداً لا تحصى من الضحايا قد سقطت على يدي النظام الليبي.
مستشفيات بنغازي، مثلاًً، لم تعد تتسع للجثث، إضافة إلى الجثث التي تغص بها الشوارع جنباً إلى جنب مع عبوات القذائف الفارغة بعد أن أطلقتها القوى المسلحة، والمرتزقة المستجلبون من العديد من البلدان الإفريقية وغير الإفريقية. ولا يكتفون بذلك، بل يطلقون النار على مواكب تشييع جثامين الشهداء، ويجهزون على الجرحى في الشوارع والمستشفيات.
النظام الليبي يوزع الأموال على ضعاف النفوس ويزودهم بالأسلحة ويمنحهم السيارات شرط استخدامها في دهس جموع المواطنين. وبترخيص من النظام الليبي، يقوم الزبانية، بعد قتل من يقتلونهم من الرجال، باقتحام البيوت وينتهكون الأعراض والحرمات ويقتلون النساء والأطفال بالسكاكين، في بادرة قل نظيرها في تاريخ الارتكابات التي نفذت على أيدي الحكام والسلاطين الذين يغزون شعوبهم وينكلون بها ابشع تنكيل من غير ذنب أذنبته غير الاعتراض على المنكر ومحاولة تغييره باللسان.
لم يعلم بأن إيران وحزب الله لو نزلا في ساحة قوم لما بقي المشهد على ما هو عليه |
كل ذلك، وأولئك الذين لا يتعبون في أميركا وأوروبا من إعداد التقارير حول حقوق الإنسان، ويمنحون أنفسهم الحق بتوجيه النصائح بضبط النفس، ينتظرون بصمت إجرامي، ولا ينبسون بكلمة إلا بعد أن وصلت الدماء إلى الركب في بنغازي والبيضاء ومصراتة وطرابلس وغيرها من المدن الليبية.
وهم إذ يخرجون عن صمتهم ويتكلمون بصوت لا يكاد يبين، لا يفعلون ذلك إلا لمداراة تواطؤهم مع النظام الليبي الذي لا شك بأنهم يعرضون عليه تقديم المساعدة القمعية، شأن مافعلوه ويفعلونه مع النظامين التونسي والمصري وغيرهما من الأنظمة المكلفة بالفتك بشعوبها خدمة لأغراض الهيمنة الاستكبارية.
أما الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي فلا يبدو أنهما قد سمعتا بما يجري في ليبيا، ربما بسبب استغراقهما في معالجة القضايا المصيرية الكبرى.
ولجهة الشعوب، فقد بات لكل منها شأن يتجاوز حدود التظاهر دعماً للشعب الليبي. فهي تتظاهر دعماً للشعب الليبي وغيره من الشعوب عبر التظاهر كل ضد نظامه الخاص.
مع ظهور هذا النوع من حروب الإبادة التي تشنها الأنظمة التابعة في ليبيا وغير ليبيا ضد شعوبها، لا يبدو أن الشعوب يمكنها أن تستمر إلى ما لا نهاية في المحافظة على طيبتها من خلال المطالبة بحقوقها عبر الاحتجاج والتظاهر السلمي.
وإذا كان القدر يستجيب لإرادة الشعب، فإن تلك الاستجابة قد تصبح مشروطة، عندما يرد النظام على التحرك السلمي بلغة الحديد والنار، بالرد المناسب والمتكافيء والذي قد يكون الوحيد الذي تفهمه هذه الأنظمة التي أسنى عليها وعلى طغيانها وفسادها ما أسنى على لبد.
لكن سيف الإسلام القذافي الذي يسن أسنانه لبناء "جمهورية ثانية" على أنقاض جمهورية أبيه، والذي يعلم أن ليبيا هي ليبيا عمر المختار والنهج القويم الذي نبع منه عمر المختار، يخرج على الشعب الليبي مهدداً. وبمن يهدد ؟ بالقاعدة العسكرية الأميركية الموجودة في جزيرة كريت اليونانية ! بفكره الاستراتيجي النابع من فكر أبيه الذي طالما أتحف به العالم أيما إتحاف... يتصور أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح بقيام إمارة إسلامية في ليبيا ! ويلمح إلى تدخل في ليبيا من قبل إيران وحزب الله !
لم يعلم بأن إيران وحزب الله لو نزلا في ساحة قوم لما بقي المشهد على ما هو عليه.
ولم يقرأ خذلان أميركا المنهجي لكل من هم على شاكلته وشاكلة أبيه. ولم يعلم أن أميركا التي تهشمت أسنانها على صخور الإسلام لم تعد في وضع يسمح لها بأن تسمح أو لا تسمح.
الأحرى بمن يسمى زوراً بسيف الإسلام أن يهرب سريعاً إلى إيطاليا أو سويسرا حيث كان يصول ويجول بين الملاهي والمواخير وعلب الخنا قبل أن تدركه بطشة الشعب الليبي.