ارشيف من :ترجمات ودراسات
"الحرب الباردة" من جديد: سباق التسلح الاميركي ـ الصيني
صوفيا ـ جورج حداد
بمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني هو جينتاو الى واشنطن في كانون الثاني/ يناير الماضي، نشرت "فايننشال تايمز" مقالا للمندوب الاميركي السابق الى الامم المتحدة جون بولتون، اعاد فيه التذكير بعبارة ماو تسي تونغ الشهيرة "ان القوة السياسية بمجملها تنبع من فوهة البندقية". ويضيف بولتون ان الرئيس الصيني ربما يعطي اهمية خاصة لهذه العبارة في تعاليم ماو تسي تونغ. الا انه من المؤكد ان جيش التحرير الشعبي، الصيني، يؤمن بعمق بكلمات ماو تسي تونغ.
وتتأكد الاهداف العملياتية لجيش التحرير الصيني في: الزيادة المتواصلة للاسلحة النووية الاستراتيجية، صفقات شراء الغواصات، التوظيفات الضخمة في انظمة حماية المديات الدفاعية، تشكيل المناطق الدفاعية، ادخال الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة، واخيرا لا آخر تحسين تكنولوجيات الحرب الكيبيرنيتيكية.
ان قادة الحياة السياسية وقطاع الاعمال الغربيين يتحدثون منذ سنوات عن الصين، بوصفها "مساهم مسؤول" في الاقتصاد العالمي يعتمد على التطور السلمي. وقد سعى الرئيس هو لابراز هذا الوجه المقبول للصين خلال زيارته الاخيرة لواشنطن.
وفي الوقت نفسه فإن الحزب الشيوعي الصيني تعود له السلطة المطلقة في البلاد، ويبقى جيش التحرير الصيني هو العنصر الاقوى لفرض هذه السلطة.
وخلال زيارة قام بها مؤخرا الى بكين وزير الحرب الاميركي روبرت غييتس، كانت تجري اختبارات للمقاتلات ـ الشبح الصينية من طراز J20. وقد فاجأ غييتس الرئيس هو جينتاو بسؤاله عن مغزى اجراء التجارب في هذا الوقت، فأوضح له الرئيس الصيني ان تزامن الاختبار مع الزيارة هو صدفة محض.
وحسب تعبير بولتون، فإن النفقات الاجتماعية لادارة اوباما وانتفاخ بالون الدين العام للولايات المتحدة الاميركية، سوف يقويان مواقع الصين على المسرح العالمي، على حساب المواقع الاميركية.
وحيال هذا الضعف الاميركي المتزايد، من غير المتوقع الا تستمر الصين في متابعة سياسة التوسع الاقتصادي والسياسي والعسكري. ويتوقع ان تتخذ اجراءات تمييزية حيال المستثمرين الاجانب في الصين. وكانت الغرف التجارية لاميركا والاتحاد الاوروبي قد عبرت مؤخرا عن الشكوى على هذا الصعيد.
كما انه من المحتمل ان تعود الصين لطرح مطالباتها حيال البلدان المجاورة لها في اسيا الشرقية. ولنأخذ مسألتين مهمتين: تايوان وكوريا الشمالية.
عندما قامت الصين بتهديد تايبه سنة 1996 عمد الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى ارسال اسطولين بحريين بما فيهما حاملات الطائرات الى مضيق تايوان، ليبرهن عن التزام اميركا بالدفاع عن تايوان.
وهل يظنن احد، ولا سيما بكين، ان اوباما يمكن ان يفعل الشيء ذاته الان؟
وبالنسبة لكوريا الشمالية فقد اتبع اوباما النهج ذاته الذي اتبعته اميركا طوال 20 عاما، وهو نهج الاحترام للصين، الذي يسمح بوجود النظام النووي والمتأهب للقتال في بيونغ يانغ.
ويعتبر بولتون انه فيما لو شعرت بكين ان اميركا هي عازمة على ان تحافظ على وضعها المسيطر في غربي المحيط الهادي، وان تدعم هذا العزم بالميزانية المالية المطلوبة، يمكن ان تقتنع بعدم اتباع سلوك غير مرغوب فيه. وفي مثل هذه الاوضاع كان من الممكن ان تظهر الى الوجود علاقات اكثر توازنا، واكثر تعاونا واكثر انتاجية، بين البلدين. ومن جهة مقابلة، ينتهي بولتون الى الاستنتاج انه اذا كانت الصين عازمة على زيادة قوتها الحربية، بصرف النظر عن موقع واشنطن، فتوجد اسباب اكثر تدفع الولايات المتحدة الاميركية لتكون اكثر استعدادا.
ونذكر هنا انه سنة 1964 اثناء طرح مشروع قانون ميزانية الدفاع امام الكونغرس الاميركي، ظهر في وقت ما ان القوات البحرية لاميركا ستحصل على زيادة مالية اقل من القوات الجوية المنافسة لها. وفي هذا الوقت بالضبط تم اكتشاف غواصة نووية سوفياتية من فئة "نويمفري" في خليج سان فرنسيسكو. وللحال تغير الوضع في الساحة القتالية، ودعا نواب الكونغرس لاتخاذ اجراءات سريعة في الميزانية، لاجل تجنب التهديد المتأتي من جانب الاسطول الاحمر. وخلال مؤتمر صحفي عقد اثر ذلك في البنتاغون، ولدى سؤاله عن هذه المصادفة الملائمة في الاحداث، اجاب قائد البحرية الاميركية مبتسما: "لا ادري. وافترض اننا ببساطة كنا محظوظين".
وفيما بعد فإن الانتصار في الحرب الباردة وضع المجمع الصناعي ـ الحربي الاميركي في وضع صعب في التسعينات من القرن الماضي. اذ ان "الشركاء السوفيات" توقفوا عن الاضطلاع بدورهم (كعدو ضروري!)، تاركين للبنتاغون ان يبحث عن طرق تمويل بمبادرات مع "شركاء" اوروبيين ومن الاعداء السابقين. وهذا لم يغن عن ضرورة وجود عامل اثارة اكبر للامن القومي، ولكن بلدان الاتحاد السوفياتي السابق كانت غارقة في نزاعات محلية، اما الصين الشيوعية فكانت لا تزال تبدو عدوا صغيرا. وهكذا ولدت النظرية التآمرية حول وجود تهديد مفترض من قبل خصوم اقليميين، كإيران، العراق وكوريا الشمالية، التي يمكن ان تنسق جهودها ضد اميركا.
وكانت المغامرة في صربيا سنة 1999 قصيرة جدا. ولكن الدعم لمتطلبات العسكريين الاميركيين للمزيد من التمويل جاء بشكل مفاجئ من مصدر غير متوقع، وهو الحليف السابق للسي آي ايه في الحرب الافغانية اسامة بن لادن، الذي نسبت اليه هجمة 11 ايلول 2001 التي صدمت المجتمع الاميركي الى درجة انه اعطي للبنتاغون "كارت بلانش" مفتوح لانفاق الاموال على كل ما يريد بدون حسيب ولا رقيب. ولكن قوة هذا المهيج ايضا بدات تتضاءل. ثم جاء الركود والازمة المالية ليضغطا بشدة من اجل تقليص ميزانية البنتاغون.
ولحسن حظ البنتاغون الان ان الصين هي كبيرة بما فيه الكفاية، وفي بعض الجوانب اكبر من الاتحاد السوفياتي السابق في افضل ايامه.
وهكذا فإن هذا المزاحم الاقتصادي الاسيوي الكبير عرض على الاميركيين في مطار تشيندو "الشو" المثير للحواس والمتمثل في الطائرات المقاتلة الحديثة جدا، والتي وصفت بأنها "شبحية" لا تلتقطها الرادارات، شبيهة بالطائرات الاميركية F22.
وكما كان متوقعا، فإن ردة الفعل من الجانب الاميركي كانت حماسية. ويقول ريتشارد فيشر، الباحث القديم في الشؤون العسكرية الاسيوية العامل في احد مراكز الابحاث التابعة للبنتاغون "من هذا الذي يمكن ان نراه، يمكن التوصل الى الاستنتاج بأن هذه الطائرة تمتلك قدرات عالية وهي من بعض الجوانب تتفوق على الطائرة الاميركية Fـ22، وربما حتى علـى الطائرة F35".
ولكن غيره من الخبراء التابعين للمجمع الصناعي الحربي يزايدون في المبالغات، حيث يتوقعون ان هذه الطائرة، التي تبدو ضخمة في الصور، ربما تكون غير مرئية بتاتا على شاشات الرادارات.
وقد ضم وزير الحربية الاميركي روبرت غييتس الى المناظرة صوته المعبر عن القلق. وقال "كنا نعلم انهم يعملون لصنع طائرة شبح. وهذا الذي رأيناه يبرهن انهم ربما كانوا اكثر تقدما قليلا في تطوير هذه الاداة الجوية الطائرة، مما تنبأت به اجهزتنا الاستخبارية".
ولن يمر وقت طويل قبل ان يبدأ انصار لوبي البنتاغون في الكونغرس بالمطالبة بتجديد انتاج طائرات F22، التي اوقفها غييتس سنة 2009، بعد انتاج 187 طائرة فقط.
وكل ذلك يبعث من جديد الذكريات الطيبة من ايام الحرب الباردة، حينما كان يبدو ان الجميع يربحون من سباق التسلح.
وحينذاك كان يتم باستمرار شحن الرأي العام الاميركي بالاخبار ان البراعة التكنولوجية ـ العسكرية السوفياتية تتفوق على الجهود الاميركية السقيمة، الناتجة عن التمويل غير الكافي لتسليح الولايات المتحدة الاميركية.
ولكن هذا لم يكن صحيحا دائما. لان الطائرات الحربية السوفياتية كانت تعاني من نواقص تتعلق بالمدى غير الكافي للطيران، وبالوزن والحجم الزائدين، وقدرة المحركات، وغيرها من النواقص. وعلى سبيل المثال، فإن طائرة ميغ ـ 25 كانت الدعاية الاميركية تقول انها طائرة اعجوبة، تطير الى مسافات شاسعة بسرعة تبلغ 3،5 مرات سرعة الصوت. ولكن هذه الاسطورة اختفت حينما انعطبت احدى هذه الطائرات فوق اليابان سنة 1976، حيث تبين ان مداها هو مقدار 1/3 مما هو معلن عنه، وان محركاتها يمكن ان تذوب فيما لو حافظت لوقت قصير جدا على السرعة المعلن عنها.
ان الصينيين يعتمدون في صناعة الطيران الحربي على التكنولوجيا الروسية. وفي الوقت نفسه ينفقون اموالا طائلة لصناعة طائرات حربية شبيهة بالطائرات الاميركية. ولكن الصربيين استخدموا في 1999 رادارا روسيا مكنهم من اسقاط طائرة شبح من طراز F117، واصابة طائرة اخرى باعطال جدية.
ومع ذلك فإن الاوضاع الاميركية الخاصة تدفع اميركا الى الدخول مجددا في احدى جولات سباق التسلح مع الصين، وزيادة الميزانية الحربية المنفوخة جدا، بالرغم من كل العواقب الاقتصادية المرتقبة.
بمناسبة الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني هو جينتاو الى واشنطن في كانون الثاني/ يناير الماضي، نشرت "فايننشال تايمز" مقالا للمندوب الاميركي السابق الى الامم المتحدة جون بولتون، اعاد فيه التذكير بعبارة ماو تسي تونغ الشهيرة "ان القوة السياسية بمجملها تنبع من فوهة البندقية". ويضيف بولتون ان الرئيس الصيني ربما يعطي اهمية خاصة لهذه العبارة في تعاليم ماو تسي تونغ. الا انه من المؤكد ان جيش التحرير الشعبي، الصيني، يؤمن بعمق بكلمات ماو تسي تونغ.
وتتأكد الاهداف العملياتية لجيش التحرير الصيني في: الزيادة المتواصلة للاسلحة النووية الاستراتيجية، صفقات شراء الغواصات، التوظيفات الضخمة في انظمة حماية المديات الدفاعية، تشكيل المناطق الدفاعية، ادخال الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة، واخيرا لا آخر تحسين تكنولوجيات الحرب الكيبيرنيتيكية.
ان قادة الحياة السياسية وقطاع الاعمال الغربيين يتحدثون منذ سنوات عن الصين، بوصفها "مساهم مسؤول" في الاقتصاد العالمي يعتمد على التطور السلمي. وقد سعى الرئيس هو لابراز هذا الوجه المقبول للصين خلال زيارته الاخيرة لواشنطن.
وفي الوقت نفسه فإن الحزب الشيوعي الصيني تعود له السلطة المطلقة في البلاد، ويبقى جيش التحرير الصيني هو العنصر الاقوى لفرض هذه السلطة.
وخلال زيارة قام بها مؤخرا الى بكين وزير الحرب الاميركي روبرت غييتس، كانت تجري اختبارات للمقاتلات ـ الشبح الصينية من طراز J20. وقد فاجأ غييتس الرئيس هو جينتاو بسؤاله عن مغزى اجراء التجارب في هذا الوقت، فأوضح له الرئيس الصيني ان تزامن الاختبار مع الزيارة هو صدفة محض.
وحسب تعبير بولتون، فإن النفقات الاجتماعية لادارة اوباما وانتفاخ بالون الدين العام للولايات المتحدة الاميركية، سوف يقويان مواقع الصين على المسرح العالمي، على حساب المواقع الاميركية.
وحيال هذا الضعف الاميركي المتزايد، من غير المتوقع الا تستمر الصين في متابعة سياسة التوسع الاقتصادي والسياسي والعسكري. ويتوقع ان تتخذ اجراءات تمييزية حيال المستثمرين الاجانب في الصين. وكانت الغرف التجارية لاميركا والاتحاد الاوروبي قد عبرت مؤخرا عن الشكوى على هذا الصعيد.
كما انه من المحتمل ان تعود الصين لطرح مطالباتها حيال البلدان المجاورة لها في اسيا الشرقية. ولنأخذ مسألتين مهمتين: تايوان وكوريا الشمالية.
عندما قامت الصين بتهديد تايبه سنة 1996 عمد الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى ارسال اسطولين بحريين بما فيهما حاملات الطائرات الى مضيق تايوان، ليبرهن عن التزام اميركا بالدفاع عن تايوان.
وهل يظنن احد، ولا سيما بكين، ان اوباما يمكن ان يفعل الشيء ذاته الان؟
وبالنسبة لكوريا الشمالية فقد اتبع اوباما النهج ذاته الذي اتبعته اميركا طوال 20 عاما، وهو نهج الاحترام للصين، الذي يسمح بوجود النظام النووي والمتأهب للقتال في بيونغ يانغ.
ويعتبر بولتون انه فيما لو شعرت بكين ان اميركا هي عازمة على ان تحافظ على وضعها المسيطر في غربي المحيط الهادي، وان تدعم هذا العزم بالميزانية المالية المطلوبة، يمكن ان تقتنع بعدم اتباع سلوك غير مرغوب فيه. وفي مثل هذه الاوضاع كان من الممكن ان تظهر الى الوجود علاقات اكثر توازنا، واكثر تعاونا واكثر انتاجية، بين البلدين. ومن جهة مقابلة، ينتهي بولتون الى الاستنتاج انه اذا كانت الصين عازمة على زيادة قوتها الحربية، بصرف النظر عن موقع واشنطن، فتوجد اسباب اكثر تدفع الولايات المتحدة الاميركية لتكون اكثر استعدادا.
ونذكر هنا انه سنة 1964 اثناء طرح مشروع قانون ميزانية الدفاع امام الكونغرس الاميركي، ظهر في وقت ما ان القوات البحرية لاميركا ستحصل على زيادة مالية اقل من القوات الجوية المنافسة لها. وفي هذا الوقت بالضبط تم اكتشاف غواصة نووية سوفياتية من فئة "نويمفري" في خليج سان فرنسيسكو. وللحال تغير الوضع في الساحة القتالية، ودعا نواب الكونغرس لاتخاذ اجراءات سريعة في الميزانية، لاجل تجنب التهديد المتأتي من جانب الاسطول الاحمر. وخلال مؤتمر صحفي عقد اثر ذلك في البنتاغون، ولدى سؤاله عن هذه المصادفة الملائمة في الاحداث، اجاب قائد البحرية الاميركية مبتسما: "لا ادري. وافترض اننا ببساطة كنا محظوظين".
وفيما بعد فإن الانتصار في الحرب الباردة وضع المجمع الصناعي ـ الحربي الاميركي في وضع صعب في التسعينات من القرن الماضي. اذ ان "الشركاء السوفيات" توقفوا عن الاضطلاع بدورهم (كعدو ضروري!)، تاركين للبنتاغون ان يبحث عن طرق تمويل بمبادرات مع "شركاء" اوروبيين ومن الاعداء السابقين. وهذا لم يغن عن ضرورة وجود عامل اثارة اكبر للامن القومي، ولكن بلدان الاتحاد السوفياتي السابق كانت غارقة في نزاعات محلية، اما الصين الشيوعية فكانت لا تزال تبدو عدوا صغيرا. وهكذا ولدت النظرية التآمرية حول وجود تهديد مفترض من قبل خصوم اقليميين، كإيران، العراق وكوريا الشمالية، التي يمكن ان تنسق جهودها ضد اميركا.
وكانت المغامرة في صربيا سنة 1999 قصيرة جدا. ولكن الدعم لمتطلبات العسكريين الاميركيين للمزيد من التمويل جاء بشكل مفاجئ من مصدر غير متوقع، وهو الحليف السابق للسي آي ايه في الحرب الافغانية اسامة بن لادن، الذي نسبت اليه هجمة 11 ايلول 2001 التي صدمت المجتمع الاميركي الى درجة انه اعطي للبنتاغون "كارت بلانش" مفتوح لانفاق الاموال على كل ما يريد بدون حسيب ولا رقيب. ولكن قوة هذا المهيج ايضا بدات تتضاءل. ثم جاء الركود والازمة المالية ليضغطا بشدة من اجل تقليص ميزانية البنتاغون.
ولحسن حظ البنتاغون الان ان الصين هي كبيرة بما فيه الكفاية، وفي بعض الجوانب اكبر من الاتحاد السوفياتي السابق في افضل ايامه.
وهكذا فإن هذا المزاحم الاقتصادي الاسيوي الكبير عرض على الاميركيين في مطار تشيندو "الشو" المثير للحواس والمتمثل في الطائرات المقاتلة الحديثة جدا، والتي وصفت بأنها "شبحية" لا تلتقطها الرادارات، شبيهة بالطائرات الاميركية F22.
وكما كان متوقعا، فإن ردة الفعل من الجانب الاميركي كانت حماسية. ويقول ريتشارد فيشر، الباحث القديم في الشؤون العسكرية الاسيوية العامل في احد مراكز الابحاث التابعة للبنتاغون "من هذا الذي يمكن ان نراه، يمكن التوصل الى الاستنتاج بأن هذه الطائرة تمتلك قدرات عالية وهي من بعض الجوانب تتفوق على الطائرة الاميركية Fـ22، وربما حتى علـى الطائرة F35".
ولكن غيره من الخبراء التابعين للمجمع الصناعي الحربي يزايدون في المبالغات، حيث يتوقعون ان هذه الطائرة، التي تبدو ضخمة في الصور، ربما تكون غير مرئية بتاتا على شاشات الرادارات.
وقد ضم وزير الحربية الاميركي روبرت غييتس الى المناظرة صوته المعبر عن القلق. وقال "كنا نعلم انهم يعملون لصنع طائرة شبح. وهذا الذي رأيناه يبرهن انهم ربما كانوا اكثر تقدما قليلا في تطوير هذه الاداة الجوية الطائرة، مما تنبأت به اجهزتنا الاستخبارية".
ولن يمر وقت طويل قبل ان يبدأ انصار لوبي البنتاغون في الكونغرس بالمطالبة بتجديد انتاج طائرات F22، التي اوقفها غييتس سنة 2009، بعد انتاج 187 طائرة فقط.
وكل ذلك يبعث من جديد الذكريات الطيبة من ايام الحرب الباردة، حينما كان يبدو ان الجميع يربحون من سباق التسلح.
وحينذاك كان يتم باستمرار شحن الرأي العام الاميركي بالاخبار ان البراعة التكنولوجية ـ العسكرية السوفياتية تتفوق على الجهود الاميركية السقيمة، الناتجة عن التمويل غير الكافي لتسليح الولايات المتحدة الاميركية.
ولكن هذا لم يكن صحيحا دائما. لان الطائرات الحربية السوفياتية كانت تعاني من نواقص تتعلق بالمدى غير الكافي للطيران، وبالوزن والحجم الزائدين، وقدرة المحركات، وغيرها من النواقص. وعلى سبيل المثال، فإن طائرة ميغ ـ 25 كانت الدعاية الاميركية تقول انها طائرة اعجوبة، تطير الى مسافات شاسعة بسرعة تبلغ 3،5 مرات سرعة الصوت. ولكن هذه الاسطورة اختفت حينما انعطبت احدى هذه الطائرات فوق اليابان سنة 1976، حيث تبين ان مداها هو مقدار 1/3 مما هو معلن عنه، وان محركاتها يمكن ان تذوب فيما لو حافظت لوقت قصير جدا على السرعة المعلن عنها.
ان الصينيين يعتمدون في صناعة الطيران الحربي على التكنولوجيا الروسية. وفي الوقت نفسه ينفقون اموالا طائلة لصناعة طائرات حربية شبيهة بالطائرات الاميركية. ولكن الصربيين استخدموا في 1999 رادارا روسيا مكنهم من اسقاط طائرة شبح من طراز F117، واصابة طائرة اخرى باعطال جدية.
ومع ذلك فإن الاوضاع الاميركية الخاصة تدفع اميركا الى الدخول مجددا في احدى جولات سباق التسلح مع الصين، وزيادة الميزانية الحربية المنفوخة جدا، بالرغم من كل العواقب الاقتصادية المرتقبة.