ارشيف من :آراء وتحليلات
كلمة السر الأميركية لأيتام فيلتمان: الحرب على المقاومة أولاً وأخيراً
مصطفى الحاج علي
يُدفع لبنان مجدداً دفعاً الى حمأة الانقسام السياسي الحاد، والمواجهات العالية النبرة في سيناريو مكرر، وإن كانت الظروف غير الظروف، والمواقع غير المواقع.
من الواضح، أن بقايا الرابع عشر من آذار لم تتمكن من هضم عملية الاسقاط الديمقراطي لحكومة الحريري، كما لم تتمكن من هضم عملية تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف حكومة جديدة. هذا العجز عن الهضم يمكن رده الى مجموعة عوامل رئيسية، أبرزها:
أولاً: اخفاق حسابات هذه البقايا مرة أخرى، فهؤلاء عندما حسموا خيارهم لمصلحة الانقلاب على المسعى السوري ـ السعودي الذي كان وشيكاً جداً من انتاج تسوية توفر شبكة الأمان المطلوبة لحماية لبنان واللبنانيين من فتنة المحكمة الدولية الممهورة بالختم الاميركي ـ الاسرائيلي، لم كن في تقديرهم أن المعارضة ستجرؤ على الاطاحة بالحكومة القائمة لسبب بسيط هو أنها لا تملك خياراً أفضل، وأنها ستجد نفسها بحاجة الى التمسك بها أكثر من ذي قبل كملاذ سياسي يوفر لها الحماية المطلوبة في حال قررت المعارضة المجازفة بالاستقالة، فاسقاط الحكومة، فإن تكليف الحريري مجدداً مسألة مضمونة، وعندها ستجد المعارضة نفسها أمام خيار من اثنين: إما المشاركة من موقع الضعيف بعد أن تمّ الإجهاز على اتفاق الدوحة بالمحكمة والقرار الاتهامي، وإما رفض المشاركة، وحينئذٍ ستؤول السلطة بالكامل الى هذا الفريق بما يتيح له الإمساك بمقاليد الأمور، والإطاحة بالتوازنات، لمصلحة انعاش المشروع الاميركي في لبنان، واعطائه قوة الزخم المطلوبة، لا سيما بعدما تتم عملية تفكيك المعارضة، ومحاصرة المقاومة. لكن كل ما حدث جاء معاكساً تماماً لحسابات هذا الفريق، فالمعارضة حسمت خيارها لمصلحة الإطاحة بالحريري، ونجحت في توفير الأكثرية المطلوبة لتسمية رئيس من خارج إطار مشروع الحريرية ـ السياسية.
ثانياً: بلغت الغطرسة والعنجهية لدى الحريري وتياره درجة لا يصدق معها أن هناك من هو مستعد في الوسط السني ليقول له إننا نحن أيضاً موجودون، ولنا تمثيلنا، وإن زمن الاحتكار والاستئثار والتفرد والتسلط قد ولّى، فالسلوك الاستكباري للحريري، والسلوك الالغائي لكل القيادات السنية الوطنية، جعلاه لا يرى أي امكانية لقبول أحد بأخذ موقعه في رئاسة الحكومة، وهذا ما يفسر اعطاءه الطابع الشخصي لمعركته مع ميقاتي، ودمجه بين هدف اسقاط الحكومة، وتوجيه ضربة معنوية كبيرة لميقاتي شخصياً.
واليوم، وبعدما أسقط في يد الحريري وملحقاته يعمل بقايا أيتام فيلتمان في لبنان على هدف مركزي ووحيد هو العودة الى السلطة مجدداً، ومن موقع الاستئثار المطلق هذه المرة، إدراكاً من هؤلاء البقايا أن موقعهم ودورهم ومصالحهم متعلقة كلها على الوجود في السلطة، وعلى التحكم بمقاليدها. ولخدمة هذا الهدف كل شيء مباح، فالغاية هنا تبرر الوسيلة الى اقصى مدى ممكن.
وبناءً عليه، يعمل هؤلاء البقايا ـ أيتام فيلتمان، على توظيف مجموعة عوامل، لخدمة وإنجاز مجموعة أهداف تصب في النهاية في مجرى تمكين الهيمنة الاميركية في لبنان من رقبة اللبنانيين. أما العوامل التي يعمل على توظيفها فتتمثل:
أولاً: اعادة تنشيط وتفعيل العامل المذهبي من خلال تصوير ان المستهدف من اسقاط الحريري هو السنة، وكأن لا ممثل للسنة سوى الحريري، ومن خلال الادعاء بأن الحكومة الجديدة هي حكومة الشيعة لأن من سيشكلها فعلياً هو حزب الله، وكأن الوزراء السنة المفترضين، والوزراء المسيحيين المفترضين، والوزراء الدروز المفترضين.. وغيرهم باتوا كلهم شيعة.
وللأسف جرى هنا الزج حتى بالمؤسسات الدينية السنية لخدمة هذا الهدف. ولا شك، أن هنا إساءة كبيرة للسنة قبل غيرهم كما هو واضح.
ثانياً: تسخير التطورات في المنطقة لخدمة منطقهم السياسي من خلال إيهام الرأي العام الداخلي والخارجي، بأن كل انتفاضات المنطقة تدين لـ"انتفاضة الأرز" الخاصة بهم (وبالمناسبة التسمية هي للرئيس الاميركي السابق بوش الابن). وبأن كل ظروف المنطقة تعمل لمصلحتهم.
ثالثاً: انتظار صدور القرار الاتهامي قبل منتصف آذار لاستثمار مضمونه، واتخاذه نقطة ارتكاز في هجومهم المضاد.
رابعاً: الرهان على احتمال ان يشن العدو الاسرائيلي عدواناً جديداً على لبنان، والتهويل به.
خامساً: اعادة تظهير الانقسام حول المقاومة وتجذيره وتحويله الى عنوان رئيسي في المعركة الحالية.
أما الأهداف فتتمثل بالتالي:
أولاً: منع الرئيس ميقاتي من تشكيل الحكومة، وإذا ما تمكن من تشكيلها فلا بد من العمل على اسقاطها في الحد الأقصى، أو منعها من تحقيق أي انجاز يحتسب لها، ويظهر ما كان هذا الفريق يقترفه من جرائم بحق لبنان واللبنانيين.
ثانياً: مَحورة المواجهة مجدداً حول الخيارات الوطنية الأساسية، لا سيما حول المقاومة وسلاحها، لدفع التناقض الى حده الأقصى، وحرمان الواقع اللبناني من أية احتمالات لإجراء تسويات ممكنة، ولتضييق الهامش على من يصنف نفسه في خانة الوسط، ومحاصرته في خانة حسم الخيارات: إما معنا وإما ضدنا.
ثالثاً: الظهور بمظهر القوي والمتماسك في سياق شد العصب وتعويم هذا الفريق لجمهوره بعد التصدعات الكبيرة التي لحقت به.
طبعاً يبقى كما قلنا أن الهدف المركزي لهذا الفريق هو استرجاع السلطة، ووضع اليد عليها.
ومن الواضح، أن هذا الفريق يخطئ مرة أخرى في حساباته لاعتبارات عدة أبرزها:
أولاً: ان الواقع المذهبي الذي تستند عليه الحريرية ـ السياسية المتماهية مع المتطلبات الاميركية لم يعد هو هو، فنصف السنة هم في الخيار الوطني، وفي موقعهم الطبيعي والتاريخي، وبالتالي لن تفيد الحريري اللعبة المذهبية كثيراً.
ثانياً: ان كل انتفاضات المنطقة انما نكّلت بمنظومة الأنظمة التي يشكل هذا الفريق جزءاً عضوياً منها، وبالتالي، يتوهم هذا الفريق أن يكون التغيير لمصلحته، كما يحاول أن يوهم جمهوره لرفع معنوياته، ويكفي ان نتذكر هنا، ان هذه المنظومة كانت هي الأشد في مواجهتها للمقاومة ولخطها في المنطقة.
ثالثاً: لقد استنفدت أوراق القرار الاتهامي والمحكمة أغراضها بعد الفضائح الكبيرة التي ألحقت بها، وبعد أن بات يعرف الجميع من يقف وراءها حقيقة.
بكلمة واحدة، فليعتبر هذا الفريق، ويعود عن غيه، حتى يوفر على نفسه، وعلى لبنان واللبنانيين، أثمان معاركه الدونكوشوتية التي لن توصله الى أي مكان، بل ستزيد من رصيد خسائره.
يُدفع لبنان مجدداً دفعاً الى حمأة الانقسام السياسي الحاد، والمواجهات العالية النبرة في سيناريو مكرر، وإن كانت الظروف غير الظروف، والمواقع غير المواقع.
من الواضح، أن بقايا الرابع عشر من آذار لم تتمكن من هضم عملية الاسقاط الديمقراطي لحكومة الحريري، كما لم تتمكن من هضم عملية تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف حكومة جديدة. هذا العجز عن الهضم يمكن رده الى مجموعة عوامل رئيسية، أبرزها:
أولاً: اخفاق حسابات هذه البقايا مرة أخرى، فهؤلاء عندما حسموا خيارهم لمصلحة الانقلاب على المسعى السوري ـ السعودي الذي كان وشيكاً جداً من انتاج تسوية توفر شبكة الأمان المطلوبة لحماية لبنان واللبنانيين من فتنة المحكمة الدولية الممهورة بالختم الاميركي ـ الاسرائيلي، لم كن في تقديرهم أن المعارضة ستجرؤ على الاطاحة بالحكومة القائمة لسبب بسيط هو أنها لا تملك خياراً أفضل، وأنها ستجد نفسها بحاجة الى التمسك بها أكثر من ذي قبل كملاذ سياسي يوفر لها الحماية المطلوبة في حال قررت المعارضة المجازفة بالاستقالة، فاسقاط الحكومة، فإن تكليف الحريري مجدداً مسألة مضمونة، وعندها ستجد المعارضة نفسها أمام خيار من اثنين: إما المشاركة من موقع الضعيف بعد أن تمّ الإجهاز على اتفاق الدوحة بالمحكمة والقرار الاتهامي، وإما رفض المشاركة، وحينئذٍ ستؤول السلطة بالكامل الى هذا الفريق بما يتيح له الإمساك بمقاليد الأمور، والإطاحة بالتوازنات، لمصلحة انعاش المشروع الاميركي في لبنان، واعطائه قوة الزخم المطلوبة، لا سيما بعدما تتم عملية تفكيك المعارضة، ومحاصرة المقاومة. لكن كل ما حدث جاء معاكساً تماماً لحسابات هذا الفريق، فالمعارضة حسمت خيارها لمصلحة الإطاحة بالحريري، ونجحت في توفير الأكثرية المطلوبة لتسمية رئيس من خارج إطار مشروع الحريرية ـ السياسية.
ثانياً: بلغت الغطرسة والعنجهية لدى الحريري وتياره درجة لا يصدق معها أن هناك من هو مستعد في الوسط السني ليقول له إننا نحن أيضاً موجودون، ولنا تمثيلنا، وإن زمن الاحتكار والاستئثار والتفرد والتسلط قد ولّى، فالسلوك الاستكباري للحريري، والسلوك الالغائي لكل القيادات السنية الوطنية، جعلاه لا يرى أي امكانية لقبول أحد بأخذ موقعه في رئاسة الحكومة، وهذا ما يفسر اعطاءه الطابع الشخصي لمعركته مع ميقاتي، ودمجه بين هدف اسقاط الحكومة، وتوجيه ضربة معنوية كبيرة لميقاتي شخصياً.
واليوم، وبعدما أسقط في يد الحريري وملحقاته يعمل بقايا أيتام فيلتمان في لبنان على هدف مركزي ووحيد هو العودة الى السلطة مجدداً، ومن موقع الاستئثار المطلق هذه المرة، إدراكاً من هؤلاء البقايا أن موقعهم ودورهم ومصالحهم متعلقة كلها على الوجود في السلطة، وعلى التحكم بمقاليدها. ولخدمة هذا الهدف كل شيء مباح، فالغاية هنا تبرر الوسيلة الى اقصى مدى ممكن.
وبناءً عليه، يعمل هؤلاء البقايا ـ أيتام فيلتمان، على توظيف مجموعة عوامل، لخدمة وإنجاز مجموعة أهداف تصب في النهاية في مجرى تمكين الهيمنة الاميركية في لبنان من رقبة اللبنانيين. أما العوامل التي يعمل على توظيفها فتتمثل:
أولاً: اعادة تنشيط وتفعيل العامل المذهبي من خلال تصوير ان المستهدف من اسقاط الحريري هو السنة، وكأن لا ممثل للسنة سوى الحريري، ومن خلال الادعاء بأن الحكومة الجديدة هي حكومة الشيعة لأن من سيشكلها فعلياً هو حزب الله، وكأن الوزراء السنة المفترضين، والوزراء المسيحيين المفترضين، والوزراء الدروز المفترضين.. وغيرهم باتوا كلهم شيعة.
وللأسف جرى هنا الزج حتى بالمؤسسات الدينية السنية لخدمة هذا الهدف. ولا شك، أن هنا إساءة كبيرة للسنة قبل غيرهم كما هو واضح.
ثانياً: تسخير التطورات في المنطقة لخدمة منطقهم السياسي من خلال إيهام الرأي العام الداخلي والخارجي، بأن كل انتفاضات المنطقة تدين لـ"انتفاضة الأرز" الخاصة بهم (وبالمناسبة التسمية هي للرئيس الاميركي السابق بوش الابن). وبأن كل ظروف المنطقة تعمل لمصلحتهم.
ثالثاً: انتظار صدور القرار الاتهامي قبل منتصف آذار لاستثمار مضمونه، واتخاذه نقطة ارتكاز في هجومهم المضاد.
رابعاً: الرهان على احتمال ان يشن العدو الاسرائيلي عدواناً جديداً على لبنان، والتهويل به.
خامساً: اعادة تظهير الانقسام حول المقاومة وتجذيره وتحويله الى عنوان رئيسي في المعركة الحالية.
أما الأهداف فتتمثل بالتالي:
أولاً: منع الرئيس ميقاتي من تشكيل الحكومة، وإذا ما تمكن من تشكيلها فلا بد من العمل على اسقاطها في الحد الأقصى، أو منعها من تحقيق أي انجاز يحتسب لها، ويظهر ما كان هذا الفريق يقترفه من جرائم بحق لبنان واللبنانيين.
ثانياً: مَحورة المواجهة مجدداً حول الخيارات الوطنية الأساسية، لا سيما حول المقاومة وسلاحها، لدفع التناقض الى حده الأقصى، وحرمان الواقع اللبناني من أية احتمالات لإجراء تسويات ممكنة، ولتضييق الهامش على من يصنف نفسه في خانة الوسط، ومحاصرته في خانة حسم الخيارات: إما معنا وإما ضدنا.
ثالثاً: الظهور بمظهر القوي والمتماسك في سياق شد العصب وتعويم هذا الفريق لجمهوره بعد التصدعات الكبيرة التي لحقت به.
طبعاً يبقى كما قلنا أن الهدف المركزي لهذا الفريق هو استرجاع السلطة، ووضع اليد عليها.
ومن الواضح، أن هذا الفريق يخطئ مرة أخرى في حساباته لاعتبارات عدة أبرزها:
أولاً: ان الواقع المذهبي الذي تستند عليه الحريرية ـ السياسية المتماهية مع المتطلبات الاميركية لم يعد هو هو، فنصف السنة هم في الخيار الوطني، وفي موقعهم الطبيعي والتاريخي، وبالتالي لن تفيد الحريري اللعبة المذهبية كثيراً.
ثانياً: ان كل انتفاضات المنطقة انما نكّلت بمنظومة الأنظمة التي يشكل هذا الفريق جزءاً عضوياً منها، وبالتالي، يتوهم هذا الفريق أن يكون التغيير لمصلحته، كما يحاول أن يوهم جمهوره لرفع معنوياته، ويكفي ان نتذكر هنا، ان هذه المنظومة كانت هي الأشد في مواجهتها للمقاومة ولخطها في المنطقة.
ثالثاً: لقد استنفدت أوراق القرار الاتهامي والمحكمة أغراضها بعد الفضائح الكبيرة التي ألحقت بها، وبعد أن بات يعرف الجميع من يقف وراءها حقيقة.
بكلمة واحدة، فليعتبر هذا الفريق، ويعود عن غيه، حتى يوفر على نفسه، وعلى لبنان واللبنانيين، أثمان معاركه الدونكوشوتية التي لن توصله الى أي مكان، بل ستزيد من رصيد خسائره.