ارشيف من :أخبار لبنانية
الصحف العربية تؤكد أن نظام القذافي يتهاوى وسط تحذيرات من التدخل العسكري الاجنبي
تتسارع وتيرة التطورات الميدانية في ليبيا، مع استخدام قوات معمر القذافي كامل ترسانتها العسكرية ضد الثوار والمدنيين العزل، حيث تشهد المدن اللليبية معارك شرسة بين كتائب القذافي والثوار الذين أمهلوه 72 ساعة للتنحي عن حكم البلاد، إذ يأتي ذلك في وقت يراجع أعضاء مجلس الامن الدولي خيار فرض حظر جوي للطيران على ليبيا، فيما يدرس الاتحاد الأوروبي غدا فرض عقوبات جديدة على مؤسسات ليبية .
هذه الاحداث كانت محور اهتمامات الصحف العربية الصادرة لهذا اليوم، حيث رأت صحيفة "الخليج" الاماراتية، أنه "يستطيع أي كان أن يغطي السيئات بعض الوقت، لكن لا يمكن لأي كان أن يوفر مثل هذه التغطية كل الوقت، لأن من المسلمات الثوابت أن الحقيقة ستظهر ولو بعد حين، طال الوقت أم قصر، خصوصاً في عالم مفتوح على مصراعيه".
وأوضحت الصحيفة "أن النظام الليبي يخوض حرباً ضد جزء من شعبه، أياً كان حجمه، لكنه كبير في ما تعبر عنه إرادته بعدما تنفس نسائم الحرية، فهذه الحرب تخاض من قبل النظام تحت عنوانين مترابطين أولهما تحقير الداخل، وثانيهما تخويف الخارج، وكلاهما يخدم الآخر، حيث إن السلطة لم تترك وصفاً سيئاً إلا استخدمته ضد من يثور عليها بعدما اشتد الحبل حول الرقاب حتى انقطع، وليس تعبير " الجرذان" إلا أحدها، وفي الوقت نفسه تعزف على وتر حساس لدى الغرب باستخدام "الإرهاب" وتنظيماته حتى يبقى هذا الغرب إلى جانب النظام، وفي الأساس لغايات نفطية طبعاً".
وختمت بالقول "ما يجري في ليبيا حرب تخاض بالدبابات والطائرات، بالقذائف والصواريخ، وليست ضد فئة محدودة، إنها ضد شعب يقول ممثلوه إلى الآن إنهم سيطروا على 75 في المئة من مساحة البلاد، أساسها الشرق بأكمله، فهل آن أوان تحكيم العقل والحرص على شعب يقول النظام إنه يحبه، أم أن من الحب ما قتل؟".
من جهتها، اعتبرت صحيفة "الدستور" الاردنية، أن تطورات "الاحداث في الجماهيرية الليبية تؤكد بأن طائرات سلاح الجو والكتائب الموالية للعقيد معمر القذافي توالي قصفها وزحفها باتجاه المدن والاماكن التي تمكن الثوار من السيطرة عليها، ومن الواضح بأن"لمسات خبراء الحرب النفسية" موجودة في بيانات العقيد القذافي، إذ أشار في البداية إلى أن"تنظيم القاعدة" هو الذي يقف وراء هذه الاحداث ، وبعد ذلك، وجه رسالة مفادها أن حدود ليبيا فيما إذا سقط نظامه، ستكون معبرا للحركات غير المشروعة تجاه الدول الأوربية، وفي تعامله مع الثوار فهو يطبق مبدأ الحدة التي تتسبب في إثارة الرعب بين الناس".
وأشارت الى أن "الموقف المعلن لحد الان ، والذي يجري تنفيذه على أرض الواقع من قبل العقيد معمر القذافي هو، أن من لا يصطف معه فهو ضده، ولهذا فمن المستبعد أن تكون هنالك أية جهة تمتلك القدرة على إقناعه بأن ممارساته ستعرض الشعب الليبي للمزيد من المعاناة والتاكل، لكن القذافي بدأ يدرك بأنه محاصر، وأن دماء أبناء شعبه الذين سقطوا برصاص جنوده وقنابل دباباته وصواريخ طائراته، سوف تقلق نومه، ولن تعفيه من المساءلة".
بدورها، سألت صحيفة "الرياض" السعودية، "هل ينوي الغرب احتلال ليبيا بمبرر تخليصها من القذافي، لتعيد تكرار عملية إنهاء حكم صدام والاعتقاد الذي كان يقيناً في الدوائر الأمريكية، أن العراقيين سوف يستقبلون الغزاة بالورود ومظاهر الاحتفال بتأييد هذه الخطوة، بينما ما حدث كان شيئاً آخر عندما برزت الكرامة الوطنية فوق أي فكر آخر، وهنا بالضبط استطاعت القاعدة أن تتجذر لتشكّل للجيش الغازي مأزقاً أكبر من فلول صدام، ولم تجد أمريكا المناصرة المطلقة حتى ممن دفعت بهم ليكونوا واجهات لها باسم الحكومة ورجال الأمن وبعض الوجوه الدينية؟".
وأكدت الصحيفة أن "لا خلاف في أنّ القذافي غير سوي، ولا ندري كيف استطاع حكم هذا البلد طيلة الـ(٤٢) عاماً لولا قبضته البوليسية، واللعب على تناقضات المجتمع، لكن وضع النهايات غير السعيدة له تحتاج إلى براعة عقلية، غير أن ما يفرض الاحتمال الأسوأ أن صراع جناحيْ القوة بين أمريكا ودول أوروبا من جهة، والتي تؤيد أسلوب الغزو أو اتخاذ وسائل لا تورطهم مثلما جرى في العراق وأفغانستان، يقابلها رفض روسي - صيني، وهنا تتضح الأسباب أن مخزون النفط الذي برزت الصين فاعلة في استثماراته، هو ميدان التجاذب والصراع مع أن النظام سقط بفعل تقادمه وانكشافه كأسوأ حكم في التاريخ.."
وفي الختام، شددت "الرياض" على أن "عصر الوصاية انتهى، وزمن الاستعمار في العصر الحديث سيقابل بمقاومة تختلف عن الماضي، وعملية احتكار موارد الدول دخلت قوى جديدة منافسة مثل الصين ودول آسيوية أخرى، في هذه الحال ربما تتم قراءات خاطئة، ويصبح بدلاً من مساعدة الشعب وتسليحه ليقاوم جيش القذافي، ويشعر باستقلاليته عن أي نفوذ، ربما يولد اتجاهاً وطنياً يتفق على سلسلة إجراءات تنقذ البلد من أي تبعات أخرى ، لكن إذا حدث غزو ما فقد تباركه الأيام الأولى، لكن الصورة ستنقلب ويصبح صديق الأمس عدو اللحظة والمستقبل، وهي مفارقة لا تقل عن التردد بين الاحتلال والدعم البعيد للشعب الليبي..".
وفي السياق نفسه، رأت صحيفة "البيان" الاماراتية، أن "التردد الأميركي يثير مّما يجري في ليبيا الكثير من التساؤلات، ويبث الحيرة.. فالأمر هناك لم يعد مجرد انتفاضة ومحاولة لتغيير زعيم.. فالأمر يرى إلى حد الجريمة ضد شعب أعزل"، مشيرة الى أن "الجرائم المرتكبة بحق المدنيين باتت تطغى على أي شيء آخر، وهناك حديث عن دروع بشرية بين المدنيين وبين الوافدين الأجانب الهاربين نحو ملاذ حدودي، وهو ما كان يستدعي التداعي السريع من جانب المجتمع الدولي، والقوى العظمى بالأخص، اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، والعمل على حقن الدماء.. ناهيك عن تقديم الدعم للشعب الليبي لتحقيق تطلعاته المشروعة في التغيير، والاستفادة من ثرواته الطبيعية".
وأضافت "ومع كل هذا لايزال الموقف الأميركي ضبابياً، حتى منطقة حظر الطيران التي يجري الحديث عنها، نأت الإدارة الأميركية مبكراً بنفسها عنها، ولا تفسير مقنعاً!"، معتبرة أنه "ليس المطلوب تدخلاً عسكرياً، بل تحرك قوي وفعال يؤكد أن المجتمع الدولي بقواه العظمى الفاعلة، يتحرك ولا يغطي عينيه عما يجري، لا لشيء إلا لأن أسعار النفط تلتهب، وتهدد الانتعاش الاقتصادي".
وتحت عنوان "معمّر القذّافي... أو اثنان في واحد!"، تساءلت صحيفة "الراي" الكويتية، "أين فشل معمّر القذافي؟ كان الرجل قادراً على أن يفعل الكثير من أجل ليبيا، كل ما فعله أن غيّر اسمها وفرض البؤس والفقر على شعبها، بعد اثنين وأربعين عاماً اكتشف القذافي، أو على الأصح يرفض اكتشاف، أن الليبيين ما زالوا متعلقين بليبيا وليس بـ"الجماهيرية"، وقالت "ربما تكمن مشكلة العقيد في أنه في كل مرة يتحدث في موضوع ما، يتبين أن هناك شخصين في شخص واحد، هناك القذافي الذي يعرف تماماً الواقع ويسعى إلى التعاطي معه، وهناك قذّافي آخر يرفض الواقع ويصرّ على العيش في عالم خاص به لا علاقة له من قريب أو بعيد بالحقيقة المرة التي يرفض شرب كأسها، ببساطة، لم يستطع معمّر القذافي تغيير ليبيا وطبيعة الشعب رغم من أنه بقي حاكماً مطلق الصلاحية طوال أقلّ بقليل من نصف قرن".
وتابعت "لا شكّ أن معمّر القذّافي شخص ذكي. لو لم يكن الأمر كذلك، لما بقي في السلطة اثنين وأربعين عاماً، لكن ذكاء العقيد توقف عند فهم المطلوب منه في مرحلة معينة، وقف حتى في وجه نجله سيف الإسلام عندما بدأ يطرح برنامجاً إصلاحياً وذلك بغض النظر عن مؤهلات الرجل وما إذا كان يحق له خلافة والده"، مشددة على أن "العقبة الأهم التي لم يتغلب عليها ذكاء القذافي هي الشعب الليبي، فلم يستطع في أي لحظة التقاط أن الشعب ضد "الجماهيرية" وضد نظامه الذي انتهى بالطريقة التي انتهى بها، انتهى وليبيا تواجه خطر تدخل عسكري تبحث واشنطن حالياً عن غطاء دولي له... أو حرباً أهلية معروف كيف تبدأ وليس معروفاً كيف ستنتهي".
من جانبها، ذكرت صحيفة "الشرق" الجزائرية ان "عدد حارسات الزعيم الليبي معمر القذافي يزيد على 300 مقاتلة، جلبهن من كل عاصمة ومدينة كان ينزل فيها، وكان القذافي قد قال عنهن في يوم ما انهن أحسن من الرجال"، مشيرة الى أن "حسناوات الحرس الخاص بالقذافي، لسن ناعمات، كما قد يبدو للوهلة الأولى، فهن كإناث القطط، شرسات عند الملمات، ويتفوقن على كل إناث الكائنات الحية، في مهارات العراك، والاشتباك، والقتال بالسلاح الأبيض، والرمي بالنار ومستعدات للحرب، زنقة زنقة، دار دار، وشبر شبر"، وكان قد تمنى مفجر الثورة الليبية فتحي تربل ان تتحرك إحداهن وتضع رصاصة في رأس العقيد القذافي لتريح البلاد والعباد منه.
الى ذلك، شددت صحيفة "الوطن" السورية، على أن "الثورات العربية في كل من مصر وتونس وإلى حد ما في ليبيا قلبت آلية تغيير الحكم الذي ساد في الوطن العربي لعقود عدة وذلك حينما استطاع الشعب بإرادته الحرة أن يمتلك أداة التغيير بعد أن كان فاقداً لها نتيجة استئثار الأنظمة العربية بالسلطة وتهميش وتجاهل الشعب وقوته، مؤكدة أن "ما حدث مؤخراً أدهش العالم ولم يكن أحد يتوقع هذه الثورات وأشكالها لا السياسيون ولا المفكرون ولا حتى الثوار أنفسهم ودهش الغرب كثيراً بكل ما يملك من أجهزة أمنية متقدمة ومراكز دراسات إستراتيجية وبالتأكيد كانت الدهشة ترتقي لدرجة الصدمة وخصوصاً في "إسرائيل" لأنهم اعتادوا على منطقة مستقرة سلطوياً معروفة اتجاهاتها السياسية والعسكرية إلى حد كبير والتعامل ينحصر مع أنظمة حكم فردية لا ترجع إلى مؤسساتها أو إلى شعوبها في اتخاذ قراراتها حتى لو كانت مصيرية تتعلق بالحرب أو السلم أو بالتحالفات".
وأشارت الى أنه "بعد هذه التغيرات الهائلة سيعيد الغرب حساباته بعد أن أدرك أن الشعوب العربية تعشق الحياة الكريمة المستندة إلى العدالة والحرية وأصبحت قادرة على تغيير مسار الأحداث بما يتناسب مع مصالحها".
وكان معمر القذافي قد "إتهم المجلس الوطني الانتقالي الذي شكله الثوار الذين حملوا السلاح لاسقاط نظامه، بـ"الخيانة"، وشن في كلمة القاها امام شباب من قبيلة الزنتان، هجوما عنيفا على وزير العدل السابق المستشار مصطفى عبد الجليل الذي انشق عن نظامه وترأس المجلس الانتقالي.
وفرق القذافي بين من وصفهم بالخونة وبين رفاق سلاح شاركوه في "ثورة الضباط الاحرار" قبل اربعة عقود واعلنوا انشقاقهم عنه، زاعماً ان هؤلاء الضباط "مغلوبون على امرهم" و"اسرى" وقد قالوا ما قالوه بحقه "تحت التهديد بالذبح على طريقة الزرقاوي".
ليندا عجمي