ارشيف من :أخبار عالمية
التدخل السعودي في البحرين: لعب قذر بالنار المذهبية
عبد الحسين شبيب
ماذا بعد استدعاء قوات سعودية كبيرة الى البحرين وايضا قوات اماراتية وكويتية تحت عنوان درع الجزيرة التابعة لمجلس التعاون الخليجي، وما رافقه من تغطية اميركية مباشرة سارع اليها البيت الابيض معتبرا ان هذا الامر ليس غزواً خارجيا للبحرين؟
يمكن القول ببساطة ان هذا التدخل الذي سارعت المعارضة البحرينية الى رفضه ووصفته بالاحتلال فتح المملكة على كل الاحتمالات لاسيما بعد الترجمة السريعة لوظيفة التدخل التي قيل رسميا انها لحماية مؤسسات النظام، فاذا بها تتحول الى سلوك عنفي غير مسبوق باشرته القوات السعودية مع عناصر امنية بحرينية وبلطجية النظام الذين لم يبادروا للتصدي للمحتجين السلميين، بل قاموا بشن اعتداءات دموية على القرى والمناطق ودخلوا البيوت والمساجد واستخدموا اسلحة حادة ورشاشة موقعين عددا كبيرا من الجرحى تجاوز الالف ومئة ومودين بحياة عدد من الضحايا ارتفعوا شهداء.
اما الوظيفة السعودية من هذا التدخل والمغطاة اميركيا وخليجياً فتتلخص بالتالي: وقف احجار الدومينو في المنطقة العربية عن التساقط تباعاً، واكمال المهمة التي بدأها المجنون الليبي معمر القذافي ضد شعبه، مستفيدا من الوقت الذي منحه اياه الاميركيين وحال بينه وبين فرض حظر جوي عليه، فسرع من وتيرة وحشيته وواصل قصف المناطق الخارجة عن سيطرة قواته في الوقت الذي يتقاطر سفراء دول كبرى على خيمة القذافي ويصافحونه ويطلقون تصريحات مهذبة، فهم منها القذافي ان على عاتقه بما يملك من حس اجرامي انهاء عملية التغيير التي ستطيح عاجلا ام آجلاً بمنظومة المصالح الخارجية التي قبضت على ثروات شعوب منطقة باكملها، وان ابقاء انظمة اخرى مماثلة له على قيد الحياة يتوقف على نجاحه في قمع ثورة الشعب الليبي حتى لا يجرؤ الآخرون.
في البحرين تبدو المهمة التي تقودها السعودية مكملة لاسيما وان فرص تكرار التجربة في دول الخليج تعتبر اوفر من غيرها في المنطقة نظراً لتمرس انظمتها في مصادرة الحقوق الاساسية للمواطنين في المشاركة السياسية وغيرها من الحقوق التي تشكل بمجموعها عناصر الديمقراطية التي لم تعد واشنطن تريد نشرها بعدما اطاحت النزعة الشعبية الى تطبيقها بنظامين حليفين لها في تونس ومصر، كانا الى الامس القريب معقلين هامين لادارة شبكة المصالح الاميركية في الشرق الاوسط!؟
اللافت ان الشعب الليبي يستغيث منذ بدأ ثورته في 17 شباط/ فبراير الماضي ولا من يستجيب لاغاثته رغم ما يبديه المجتمع الدولي من تعاطف ـ نفاق ـ معه، في حين ان حكومة البحرين طلبت تدخلا لقوات سعودية فلبتها الرياض سريعاً، رغم ان قادة المجتمع الدولي يقرون بحق الشعب البحريني بنيل فرصته في بناء نظام سياسي ديمقراطي ورغم ادراكهم الموثق ان حركة الاحتجاجات هي محض سلمية ولم تلجأ الى العنف منذ انطلاقتها؟
ثمة من يقول ان المطلوب ان لا تتحول البحرين في حال سقط نظام آل خليفة الى دولة اخرى تابعة لايران لذا يقتضي بنظر هؤلاء التحرك سريعاً لوأد تحرك الاغلبية من الشعب البحريني. كما ان طلب التدخل والتلبية السريعة والمباشرة الاسرع بالقتل من قبل القوات السعودية للبحرينيين تؤكد ان نظام آل خليفة بات قاب قوسين او ادنى من السقوط، مع ما يعنيه ذلك من سقوط لابرز القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة التي تضم قاعدة الاسطول الاميركي الخامس. وعليه فان المطلوب ان تلقن السعودية ـ بصفتها الدولة الخليجية العربية الاكبر ـ كل من يفكر من المعارضين في السعودية والكويت وسلطنة عمان وقطر والامارات العربية بالاحتجاج فان مصيره الذي سيلاقيه سيكون على شاكلة ما سيحصل للمحتجين في البحرين. والسعودية بصفتها الدولة المرجحة اكثر من غيرها للاهتزاز، ان بفعل حجم الاستياء الشعبي الكبير من نظامها الملكي المطلق، او بفعل الصراعات داخل العائلة المالكة على السلطة، فانها معنية اكثر من غيرها بوقف عملية التغيير في المنطقة، وهي اساسا كانت الدولة الوحيدة التي استضافت بحبور الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وعائلته وأمنت لهم المأوى السياسي والامني رغم سجلهم القذر في الارهاب والفساد وادانتهم المتأخرة من قبل غالبية الدول بما فيها تلك التي كانوا يعملون في خدمتها. وهذا بحد ذاته نقطة سوداء في سجل المملكة عندما تقرر ان تعادي شعبا باكمله هو الشعب التونسي، هذا طبعا بمعزل عن تلك العلاقة المميزة التي ربطت الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالمملكة والذي ربما يصبح الضيف الثاني عندها بعد بن علي.
على ان هناك وسيلة اخرى يتقصد من نظموا التدخل السعودي في البحرين استخدامها لمنع حدوث ثورات في المملكة وهي وسيلة التأجيج المذهبي عندما يتم تسويق المواجهة وفق ثنائية سنية شيعية، فتحجم اذ ذاك قوى الاعتراض الشعبية السنية في الخليجيات عن التحرك، لاسيما وان هناك من يفكر في استدراج ايران عبر استفزازها من خلال الفتك الوحشي بشيعة البحرين، على قاعدة نصب فخ لها، باعتبار انها يجب ان تقوم برد فعل ما لحماية من يصنفون بانهم من مريديها لضرورات انتماءاتهم المذهبية، وفي ظن هؤلاء ان ايران لا يمكن ان تسكت، لانها اذا سكتت فان نظام البحرين سينهي بمؤازرة سعودية خليجية تحرك المعارضين الى الابد ولو ادى الامر الى ازهاق ارواح كثيرة، طالما ان المجتمع الدولي لن يتحرك، وهو رغم سقوط آلاف الضحايا الليبيين لم يتحرك حتى الان، كما هؤلاء قد يعاودون الكرة ضد المعارضين من لون مذهبي واحد في الدول الخليجية الاخرى.
ملخص القول ان ما يجري هو خطة خبيثة اعدتها جهات اقليمية وخارجية وبلغة مذهبية قذرة تحصي خسائر يبدأون احتسابها من العراق مرورا بلبنان ويقولون انهم لا يريدون تكرار التجربة في البحرين ولا في اليمن. لكن الا يمكن ان يؤدي زيادة منسوب الوحشية في التعاطي مع الاحتجاج السلمي للمعارضة في البحرين الى تأجيج تحركات شعبية في دولة مجاورة ويستدرج ردود فعل في غير دولة عربية، وها هي الاصوات بدأت ترتفع في العراق وغيره مطالبة بوقف دورة العنف التي تقودها السعودية ضد العزل من ابناء البحرين ومحذرة من التمادي في هذا السلوك العدواني.
بالتأكيد ان العالم تغير والولايات المتحدة كشفت عن عريها القبيح في ليبيا والبحرين وهي تريد باي ثمن اجهاض اي تحرك شعبي مطالب بالديمقراطية، كما ان نفخ البعض في البوق المذهبي وتفكيرهم بنصب فخ لايران في البحرين لاستدراجها الى حرب اقليمية تتدخل فيها الولايات المتحدة ربما يصح فيه القول انه سحر سينقلب على الساحر عاجلاً وليس آجلاً.
ماذا بعد استدعاء قوات سعودية كبيرة الى البحرين وايضا قوات اماراتية وكويتية تحت عنوان درع الجزيرة التابعة لمجلس التعاون الخليجي، وما رافقه من تغطية اميركية مباشرة سارع اليها البيت الابيض معتبرا ان هذا الامر ليس غزواً خارجيا للبحرين؟
يمكن القول ببساطة ان هذا التدخل الذي سارعت المعارضة البحرينية الى رفضه ووصفته بالاحتلال فتح المملكة على كل الاحتمالات لاسيما بعد الترجمة السريعة لوظيفة التدخل التي قيل رسميا انها لحماية مؤسسات النظام، فاذا بها تتحول الى سلوك عنفي غير مسبوق باشرته القوات السعودية مع عناصر امنية بحرينية وبلطجية النظام الذين لم يبادروا للتصدي للمحتجين السلميين، بل قاموا بشن اعتداءات دموية على القرى والمناطق ودخلوا البيوت والمساجد واستخدموا اسلحة حادة ورشاشة موقعين عددا كبيرا من الجرحى تجاوز الالف ومئة ومودين بحياة عدد من الضحايا ارتفعوا شهداء.
اما الوظيفة السعودية من هذا التدخل والمغطاة اميركيا وخليجياً فتتلخص بالتالي: وقف احجار الدومينو في المنطقة العربية عن التساقط تباعاً، واكمال المهمة التي بدأها المجنون الليبي معمر القذافي ضد شعبه، مستفيدا من الوقت الذي منحه اياه الاميركيين وحال بينه وبين فرض حظر جوي عليه، فسرع من وتيرة وحشيته وواصل قصف المناطق الخارجة عن سيطرة قواته في الوقت الذي يتقاطر سفراء دول كبرى على خيمة القذافي ويصافحونه ويطلقون تصريحات مهذبة، فهم منها القذافي ان على عاتقه بما يملك من حس اجرامي انهاء عملية التغيير التي ستطيح عاجلا ام آجلاً بمنظومة المصالح الخارجية التي قبضت على ثروات شعوب منطقة باكملها، وان ابقاء انظمة اخرى مماثلة له على قيد الحياة يتوقف على نجاحه في قمع ثورة الشعب الليبي حتى لا يجرؤ الآخرون.
في البحرين تبدو المهمة التي تقودها السعودية مكملة لاسيما وان فرص تكرار التجربة في دول الخليج تعتبر اوفر من غيرها في المنطقة نظراً لتمرس انظمتها في مصادرة الحقوق الاساسية للمواطنين في المشاركة السياسية وغيرها من الحقوق التي تشكل بمجموعها عناصر الديمقراطية التي لم تعد واشنطن تريد نشرها بعدما اطاحت النزعة الشعبية الى تطبيقها بنظامين حليفين لها في تونس ومصر، كانا الى الامس القريب معقلين هامين لادارة شبكة المصالح الاميركية في الشرق الاوسط!؟
اللافت ان الشعب الليبي يستغيث منذ بدأ ثورته في 17 شباط/ فبراير الماضي ولا من يستجيب لاغاثته رغم ما يبديه المجتمع الدولي من تعاطف ـ نفاق ـ معه، في حين ان حكومة البحرين طلبت تدخلا لقوات سعودية فلبتها الرياض سريعاً، رغم ان قادة المجتمع الدولي يقرون بحق الشعب البحريني بنيل فرصته في بناء نظام سياسي ديمقراطي ورغم ادراكهم الموثق ان حركة الاحتجاجات هي محض سلمية ولم تلجأ الى العنف منذ انطلاقتها؟
ثمة من يقول ان المطلوب ان لا تتحول البحرين في حال سقط نظام آل خليفة الى دولة اخرى تابعة لايران لذا يقتضي بنظر هؤلاء التحرك سريعاً لوأد تحرك الاغلبية من الشعب البحريني. كما ان طلب التدخل والتلبية السريعة والمباشرة الاسرع بالقتل من قبل القوات السعودية للبحرينيين تؤكد ان نظام آل خليفة بات قاب قوسين او ادنى من السقوط، مع ما يعنيه ذلك من سقوط لابرز القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة التي تضم قاعدة الاسطول الاميركي الخامس. وعليه فان المطلوب ان تلقن السعودية ـ بصفتها الدولة الخليجية العربية الاكبر ـ كل من يفكر من المعارضين في السعودية والكويت وسلطنة عمان وقطر والامارات العربية بالاحتجاج فان مصيره الذي سيلاقيه سيكون على شاكلة ما سيحصل للمحتجين في البحرين. والسعودية بصفتها الدولة المرجحة اكثر من غيرها للاهتزاز، ان بفعل حجم الاستياء الشعبي الكبير من نظامها الملكي المطلق، او بفعل الصراعات داخل العائلة المالكة على السلطة، فانها معنية اكثر من غيرها بوقف عملية التغيير في المنطقة، وهي اساسا كانت الدولة الوحيدة التي استضافت بحبور الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وعائلته وأمنت لهم المأوى السياسي والامني رغم سجلهم القذر في الارهاب والفساد وادانتهم المتأخرة من قبل غالبية الدول بما فيها تلك التي كانوا يعملون في خدمتها. وهذا بحد ذاته نقطة سوداء في سجل المملكة عندما تقرر ان تعادي شعبا باكمله هو الشعب التونسي، هذا طبعا بمعزل عن تلك العلاقة المميزة التي ربطت الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالمملكة والذي ربما يصبح الضيف الثاني عندها بعد بن علي.
على ان هناك وسيلة اخرى يتقصد من نظموا التدخل السعودي في البحرين استخدامها لمنع حدوث ثورات في المملكة وهي وسيلة التأجيج المذهبي عندما يتم تسويق المواجهة وفق ثنائية سنية شيعية، فتحجم اذ ذاك قوى الاعتراض الشعبية السنية في الخليجيات عن التحرك، لاسيما وان هناك من يفكر في استدراج ايران عبر استفزازها من خلال الفتك الوحشي بشيعة البحرين، على قاعدة نصب فخ لها، باعتبار انها يجب ان تقوم برد فعل ما لحماية من يصنفون بانهم من مريديها لضرورات انتماءاتهم المذهبية، وفي ظن هؤلاء ان ايران لا يمكن ان تسكت، لانها اذا سكتت فان نظام البحرين سينهي بمؤازرة سعودية خليجية تحرك المعارضين الى الابد ولو ادى الامر الى ازهاق ارواح كثيرة، طالما ان المجتمع الدولي لن يتحرك، وهو رغم سقوط آلاف الضحايا الليبيين لم يتحرك حتى الان، كما هؤلاء قد يعاودون الكرة ضد المعارضين من لون مذهبي واحد في الدول الخليجية الاخرى.
ملخص القول ان ما يجري هو خطة خبيثة اعدتها جهات اقليمية وخارجية وبلغة مذهبية قذرة تحصي خسائر يبدأون احتسابها من العراق مرورا بلبنان ويقولون انهم لا يريدون تكرار التجربة في البحرين ولا في اليمن. لكن الا يمكن ان يؤدي زيادة منسوب الوحشية في التعاطي مع الاحتجاج السلمي للمعارضة في البحرين الى تأجيج تحركات شعبية في دولة مجاورة ويستدرج ردود فعل في غير دولة عربية، وها هي الاصوات بدأت ترتفع في العراق وغيره مطالبة بوقف دورة العنف التي تقودها السعودية ضد العزل من ابناء البحرين ومحذرة من التمادي في هذا السلوك العدواني.
بالتأكيد ان العالم تغير والولايات المتحدة كشفت عن عريها القبيح في ليبيا والبحرين وهي تريد باي ثمن اجهاض اي تحرك شعبي مطالب بالديمقراطية، كما ان نفخ البعض في البوق المذهبي وتفكيرهم بنصب فخ لايران في البحرين لاستدراجها الى حرب اقليمية تتدخل فيها الولايات المتحدة ربما يصح فيه القول انه سحر سينقلب على الساحر عاجلاً وليس آجلاً.