ارشيف من :مقاومة
"ويكيليكس" حرب تموز.. الأخبار 17 آذار/ سهرة الفودكا مع لارسن: جنبلاط وحمادة وصرخة «اُغزوا بلادَنا»
رقم البرقية: 06BEIRUT2403
التاريخ: 17 تموز 2006 11:49
الموضوع: لارسن سيقترح تسليم الجنود الإسرائيليين إلى لبنان
مصنّف من: السفير جيفري د. فلتمان
ملخّص
1. في السادس عشر من تموز، التقى السفير وأحد المسؤولين الاقتصاديين في البعثة بمبعوث الأمم المتّحدة تيري رود لارسن والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن في اجتماعٍ ليلي متأخّر. أطلع لارسن السفير على مشروع اقتراح قال لارسن إنّه ينقل منه شفهياً للمسؤولين اللبنانيين من دون أن يعطيهم نسخة منه. يبدأ الاقتراح بالطلب من حزب الله أن ينقل الجنديين الاسرائيليين اللذين يحتجزهما الى وصاية الدولة اللبنانية، تحت إشراف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، ومن ثمّ إلى إسرائيل. سيتبع ذلك خطة متعددة الخطوات تقود لوقف إطلاق النار، ولإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان يحرسها الجيش اللبناني، ولصدور قرار عن مجلس الأمن يدعو للتطبيق الكامل للقرار 1559. لارسن لم يتوقّع أن يقبل حزب الله بالاقتراح ولكنّ رفضه له سيحشره في الزاوية. في اليوم ذاته، التقى لارسن وبيدرسن بالسنيورة ورئيس البرلمان برّي، وبدوَا منفتحين على الفكرة. في خضم الاجتماع، وصل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وزير الاتصالات مروان حمادة، ووزير الإعلام غازي العريضي، دون إخطار مسبق. أعجب جنبلاط بفكرة لارسن. وفيما أبدى كل من حمادة وجنبلاط قلقاً عميقاً من طريقة إسرائيل في اختيار بعض الأهداف، عبّرا عن أملهما أن تكمل اسرائيل عمليّاتها العسكريّة حتّى تتضرّر البنية التّحتيّة العسكريّة لحزب الّله تضرراً كبيراً، حتّى لو عنى الأمر اجتياحاً برياً لجنوب لبنان. قال جنبلاط إنّه مضطرّ للمطالبة بوقف لإطلاق النار في العلن، لكنّه يرى القتال فرصةً لهزيمة حزب الله. بعد أن غادر جنبلاط ومرافقاه، قال لارسن إنّه يوافق على فكرة أنّ اجتياحاً برياً قد يكون أمراً إيجابياً. أضاف بيدرسن أن حزب الله اتصل به مرات عدّة في 16 تموز وبدا يائساً من الوساطة. (انتهى الملخص)
لارسن يطلع السفير على مسوّدة الخطّة
2. في 16 تمّوز، التقى السفير وأحد أعضاء البعثة الاقتصاديّة مبعوثَ الأمم المتحدة تيري رود لارسن والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن في جناح لارسن في فندق الفينيسيا. غادر بيدرسن باكراً لينضم إلى باقي أعضاء وفد الأمم المتّحدة (السفيرين نامبيار ودي سوتا) حتى لا يثير شكوكاً حول تواطؤ بين لارسن والولايات المتّحدة. في ذلك الوقت، أطلع لارسن السفير على مشروع خطة لتهدئة القتال في لبنان، خطوة خطوة. قال بوضوح إنه لن يودع نسخة من المسوّدة مع اللبنانيين لكنه سينهل أفكاراً منها في محادثاته. لم يسمح لارسن لنا بالاحتفاظ بنسخة، إلا أننا سجلنا ملاحظات. العناصر الأساسية للاتفاق هي كالآتي:
العنصر الأول: يُطلب من رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب أن يدعما بياناً من الأمم المتحدة يصدر في 17 تموز مطالباً حزب الله بتسليم الجنديين الإسرائيليين اللذين يحتفظ بهما كرهينتين إلى وصاية الحكومة اللبنانية تحت إشراف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة. سيسمح للصليب الأحمر بزيارة الجنديين. تالياً، يعقد اتفاق بين إسرائيل ولبنان بالشروط الآتية: أ) يُنقل الجنديان الإسرائيليان إلى اسرائيل، وتفرج إسرائيل عن المواطنَين اللبنانيَّين اللذين لا يزالان في سجونها، يتبع ذلك «تهدئة» غير إجبارية للقتال.
ب) إنشاء منطقة عازلة تمتد لعشرين كيلومتراً شمالي الخط الأزرق.
ج) ينتشر الجيش اللبناني في المنطقة العازلة.
د) يرسل السنيورة رسالة للأمانة العامة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن تعلن أن الحكومة اللبنانية، بالرغم من تحفظاتها، ستحترم الخط الأزرق بكامل أجزائه إلى أن تعقد اتفاقيات.
العنصر الثاني: يصدر مجلس الامن قراراً بالمواصفات الآتية:
أ) يدين انتهاك حزب الله للخط الأزرق.
ب) يدعو لإعادة فورية وسالمة للجنديين الإسرائيليين.
ج) يشجب بطء التقدم في تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559.
د) يدين استهداف البنية التحتية المدنية.
هـ) يشجب سقوط الضحايا المدنيين ويذكّر إسرائيل بمسؤوليتها عن حماية المدنيين.
و) يشجب الاستعمال غير المتناسب للقوة من جهة إسرائيل.
ز) يطالب بوقف فوري للعمليات العسكرية والتطبيق الكامل لقرار مجلس الامن 1559.
ح) يذكّر دول الجوار بمسؤوليتها عن عدم التدخل في شؤون لبنان.
الآليات: النماذج التي يجري درسها تحوي ثلاثة خيارات:
أ) مجلس مكوّن من مصر، السعودية، الأردن، أميركا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، والاتحاد الأوروبي.
أو ب) الخيار (أ) مع إضافة دول قريبة لسوريا مثل إيران وقطر.
أو ج) مجلس مكوّن من الدول المحايدة مثل سويسرا، نيوزيلاندا، والنروج. من المفضّل أن ينضم كل من إسرائيل ولبنان إلى المجلس، ولكن ذلك مستبعد الحصول.
صفقة شاملة: توقف إسرائيل كل عملياتها العسكرية وتسحب جميع قواتها من الأراضي اللبنانية. تنشر الحكومة اللبنانية القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان وتتعهد بألا يقوم «عناصر مسلحون» بمهاجمة إسرائيل. على انتشار الجيش اللبناني في الجنوب أن يكون كبيراً بدرجة كافية لـ»المحافظة على احترام القرار على طول الخطّ الأزرق». ستشرف اليونيفيل على التّطبيق.
المتابعة: تنظّم الحكومة اللبنانية ومصر والسعودية والجامعة العربية مؤتمر طائف 2. تعلن الجامعة العربية أنّها تتبنى الطائف 2. تعود إسرائيل الى شروط اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل المعقود عام 1949.
3. قال لارسن إنه التقى وبيدرسن مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة يوم 16 تموز، وحظي برد فعل إيجابي من السنيورة وآخر غير سلبي من بري بالنسبة للمبادئ الأساسية. فسّر لارسن غياب السلبية عند بري بأنه اهتمام مكتوم تكبحه الحاجة لإرضاء قاعدته الشعبية. قال لارسن إنه يعلم أن بري يخطط للقاء الامين العام لحزب الله حسن نصر الله مساء 16 تموز. كان بري مركزاً على فكرة «اغتنام الفرصة» الآن قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة، وفقاً للارسن. قال لارسن إنه قضى جلسة تفكير ممتازة مع السنيورة حول مشروع القرار الذي يطرحه. قال لارسن إن وساطته ستركّز حصراً على السنيورة وبري حتى لا يُربك الوضع بدخول «الساذجين» ميشال عون وسعد الحريري. كان لارسن يخطط لزيارة بري والسنيورة في 17 تموز.
4. تابع لارسن القول إنه يعمل لعرقلة جهود خافيير سولانا. «سولانا مصدر إحراج». شرح لارسن أن بري قال له إن سولانا أحضر سفيراً ألمانياً معه بنيّة بدء مفاوضات لإطلاق الرهائن، كتلك التي حرّرت ألحنان تننباوم وجثث ثلاثة جنود إسرائيليين عام 2004 مقابل مئات السجناء العرب. السنيورة كان متشككاً أيضاً. اتصل السفير بمستشار رئيس الحكومة محمّد شطح الذي أكد أن السنيورة أخبر سولانا أن مبادرته ميؤوس منها.
5. وافق لارسن على أنّ حزب الله سيرفض خطته على الأرجح. هذا لن يكون مشكلة لأنه ساعتها سيبدأ الضغط على الدول العربية – وربما من بينها قطر – لتنضم إلى الجهود. سيبدو حزب الله كأنه الفريق الذي يهدر الفرصة لوقف إطلاق النار.
6. في منتصف الاجتماع وصل ثلاثة ضيوف الى غرفة لارسن، من دون إخطار مسبق. دخل الغرفة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ووزير الاتصالات مروان حمادة ووزير الإعلام غازي العريضي وهم في مزاجٍ مرح، وانغمسوا في طلبات كثيرة من خدمة الغرف مع الحاضرين الآخرين. تجاوب الساسة اللبنانيون الثلاثة بإيجابية مع اقتراح لارسن طلب تسليم الجنود الإسرائيليين للحكومة اللبنانية. قالوا إنه سيكون من الافضل للارسن أن يعقد مؤتمره الصحافي الساعة الثالثة ظهراً يوم 17 تموز، قبل جلسة الحكومة المقررة الساعة الخامسة. هذا سيعطي زخماً للاقتراح وفرصة للحكومة حتى تصدّق عليه. قدّر حمادة أن حزب الله سيكون الخاسر في الحالتين. إذا رفض حزب الله خطة لارسن، فإنّه سيصبح ملوماً لاستمرار الدمار في لبنان. لو قبل حزب الله، فإنّ 14 آذار ستقول: لماذا استدرج حزب الله كل هذا الدمار على لبنان، لينتهي الأمر بإعادة الجنديين الإسرائيليين؟
اغزوا بلادي
7. حول كأس نبيذ أحمر، قنينة فودكا كبيرة (أثارت نوعيتها جدالاً طويلاً بين جنبلاط ونادل خدمة الغرف المذهول)، وثلاث زجاجات بيرة كورونا، قدّم جنبلاط مطالعةً عن تفكير تحالف 14 آذار الذي كان قد اجتمع في تلك الأمسية. لفت جنبلاط إلى الدمار الكثيف الذي أصاب البنية التحتية اللبنانية، لكنّه اشتكى من مفارقة أن البنية العسكرية لحزب الله لم تمسّ جدّياً. شرح جنبلاط أنه بالرغم من أن 14 آذار مجبرة على المناداة بوقف لإطلاق النار في العلن، تأمل أن تستمر إسرائيل بعملياتها العسكرية إلى أن تدمّر القدرات العسكرية لحزب الله. «إذا حصل وقف لإطلاق النار الآن، فإنّ حزب الله ينتصر» قال جنبلاط. «لا نريد لها أن تتوقف»، أضاف حمادة. حزب الله يكدّس السلاح منذ سنين وترسانته مخبّأة جيداً ومحميّة في مكان ما من سهل البقاع. عبّر جنبلاط عن إعجابه بذكاء الإيرانيين في تزويد حزب الله بالصاروخ المضاد للسفن الذي ضرب البارجة الإسرائيلية.
8. مجيباً عن شكوى جنبلاط من أن إسرائيل تضرب أهدافاً تؤذي الحكومة اللبنانية بينما تبقي لحزب الله قوته الاستراتيجية، سأل السفير جنبلاط عمّا يجب على إسرائيل أن تفعله لتسبّبَ أذى حقيقياً لحزب الله. ردّ جنبلاط بأنّ إسرائيل لا تزال تقاتل بعقلية الحروب التقليدية مع الجيوش العربية. «لا يمكنك أن تربح هذا النوع من الحروب بدون أي قتلى»، قال جنبلاط. أخيراً أسرّ جنبلاط بما يعنيه: سيكون على إسرائيل اجتياح جنوب لبنان. على إسرائيل أن تكون حذرة لتتجنّب المجازر، لكنّها يجب أن تخرج حزب الله من جنوب لبنان. عندها، يمكن الجيش اللبناني أن يأخذ مكان الجيش الإسرائيلي ما إن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار. إنّ هزيمة حزب الله على يد إسرائيل ستكون هزيمة للنفوذ السوري والإيراني في لبنان، أضاف حمادة. للتشديد على هذه النقطة، قال جنبلاط إن النتيجتين الوحيدتين للحرب هما إمّا هزيمة كاملة أو انتصار كامل لحزب الله.
9. قال حمادة إنّ غزواً إسرائيلياً سيعطي السنيورة المزيد من الوسائل للتعامل مع سلاح حزب الله. يعتقد جنبلاط أنّ الأزمة قد تنتهي باتفاق هدنة كما بعد حرب الـ1973. قد تنشأ منطقة عازلة في الجنوب بعد ذلك. لكن، أضاف جنبلاط، يجب على إسرائيل ألا تقصف سوريا لأنّ ذلك سيعيد سوريا ببساطة إلى الحضن العربي من دون أن يؤذي النظام في دمشق. أضعِفوا سوريا بإضعاف حزب الله، نصح جنبلاط، لا تجعلوا سوريا بطلةً للعالم العربي. عبّر جنبلاط بوضوح عن كونه يوافق على التجنّب الإسرائيلي للعمل العسكري المباشر ضد سوريا.
الاجتياح على طاولة البحث
10. بعد أن فرغوا من طلبات خدمة الغرف، غادر جنبلاط ومرافقوه. بيدرسن، الذي كان قد عاد إلى الاجتماع، قال إنّه يعتقد بأن إسرائيل قد تطلق هجوماً برياً على جنوب لبنان. وافق لارسن، لافتاً الى أنّه يمكن تحقيق الكثير إذا اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان. «لا أحد يريد العودة إلى الوضع السابق»، قال لارسن. أحسّ بيدرسن بأن حزب الله بدأ يشعر بالتوتر. «كلّموني مرات عدّة اليوم، إنّهم يبدون يائسين»، قال بيدرسن.
تعليق
11. كرّر جنبلاط في تعليقاته كلام مصادرنا الأخرى ضمن 14 آذار. كما الإسرائيليون، هم يرون الوضع السابق نتيجة غير مرغوبة. لذلك، فإنهم يسرّون أيضاً – في الجلسات الخاصة – بأنّ وقفاً لإطلاق النار الآن سيترك قدرات حزب الله بدون ضرر، ويجعل نصر الله أقوى و14 آذار أضعف. لكنهم يشتكون من أن أهداف إسرائيل المعلنة بإضعاف حزب الله، رغم جاذبيتها من الناحية النظرية، لا تتحقق على أرض الواقع. علّق مروان حمادة بمرارة على أن تلفزيون المنار يستمر بالبث، فيما البنية التحتية التي تتحكم بها 14 آذار، كخطوط الهاتف الثابتة، قد تضرّرت تضرراً كبيراً.
فيلتمان
التاريخ: 17 تموز 2006 11:49
الموضوع: لارسن سيقترح تسليم الجنود الإسرائيليين إلى لبنان
مصنّف من: السفير جيفري د. فلتمان
ملخّص
1. في السادس عشر من تموز، التقى السفير وأحد المسؤولين الاقتصاديين في البعثة بمبعوث الأمم المتّحدة تيري رود لارسن والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن في اجتماعٍ ليلي متأخّر. أطلع لارسن السفير على مشروع اقتراح قال لارسن إنّه ينقل منه شفهياً للمسؤولين اللبنانيين من دون أن يعطيهم نسخة منه. يبدأ الاقتراح بالطلب من حزب الله أن ينقل الجنديين الاسرائيليين اللذين يحتجزهما الى وصاية الدولة اللبنانية، تحت إشراف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، ومن ثمّ إلى إسرائيل. سيتبع ذلك خطة متعددة الخطوات تقود لوقف إطلاق النار، ولإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان يحرسها الجيش اللبناني، ولصدور قرار عن مجلس الأمن يدعو للتطبيق الكامل للقرار 1559. لارسن لم يتوقّع أن يقبل حزب الله بالاقتراح ولكنّ رفضه له سيحشره في الزاوية. في اليوم ذاته، التقى لارسن وبيدرسن بالسنيورة ورئيس البرلمان برّي، وبدوَا منفتحين على الفكرة. في خضم الاجتماع، وصل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وزير الاتصالات مروان حمادة، ووزير الإعلام غازي العريضي، دون إخطار مسبق. أعجب جنبلاط بفكرة لارسن. وفيما أبدى كل من حمادة وجنبلاط قلقاً عميقاً من طريقة إسرائيل في اختيار بعض الأهداف، عبّرا عن أملهما أن تكمل اسرائيل عمليّاتها العسكريّة حتّى تتضرّر البنية التّحتيّة العسكريّة لحزب الّله تضرراً كبيراً، حتّى لو عنى الأمر اجتياحاً برياً لجنوب لبنان. قال جنبلاط إنّه مضطرّ للمطالبة بوقف لإطلاق النار في العلن، لكنّه يرى القتال فرصةً لهزيمة حزب الله. بعد أن غادر جنبلاط ومرافقاه، قال لارسن إنّه يوافق على فكرة أنّ اجتياحاً برياً قد يكون أمراً إيجابياً. أضاف بيدرسن أن حزب الله اتصل به مرات عدّة في 16 تموز وبدا يائساً من الوساطة. (انتهى الملخص)
لارسن يطلع السفير على مسوّدة الخطّة
2. في 16 تمّوز، التقى السفير وأحد أعضاء البعثة الاقتصاديّة مبعوثَ الأمم المتحدة تيري رود لارسن والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسن في جناح لارسن في فندق الفينيسيا. غادر بيدرسن باكراً لينضم إلى باقي أعضاء وفد الأمم المتّحدة (السفيرين نامبيار ودي سوتا) حتى لا يثير شكوكاً حول تواطؤ بين لارسن والولايات المتّحدة. في ذلك الوقت، أطلع لارسن السفير على مشروع خطة لتهدئة القتال في لبنان، خطوة خطوة. قال بوضوح إنه لن يودع نسخة من المسوّدة مع اللبنانيين لكنه سينهل أفكاراً منها في محادثاته. لم يسمح لارسن لنا بالاحتفاظ بنسخة، إلا أننا سجلنا ملاحظات. العناصر الأساسية للاتفاق هي كالآتي:
العنصر الأول: يُطلب من رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب أن يدعما بياناً من الأمم المتحدة يصدر في 17 تموز مطالباً حزب الله بتسليم الجنديين الإسرائيليين اللذين يحتفظ بهما كرهينتين إلى وصاية الحكومة اللبنانية تحت إشراف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة. سيسمح للصليب الأحمر بزيارة الجنديين. تالياً، يعقد اتفاق بين إسرائيل ولبنان بالشروط الآتية: أ) يُنقل الجنديان الإسرائيليان إلى اسرائيل، وتفرج إسرائيل عن المواطنَين اللبنانيَّين اللذين لا يزالان في سجونها، يتبع ذلك «تهدئة» غير إجبارية للقتال.
ب) إنشاء منطقة عازلة تمتد لعشرين كيلومتراً شمالي الخط الأزرق.
ج) ينتشر الجيش اللبناني في المنطقة العازلة.
د) يرسل السنيورة رسالة للأمانة العامة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن تعلن أن الحكومة اللبنانية، بالرغم من تحفظاتها، ستحترم الخط الأزرق بكامل أجزائه إلى أن تعقد اتفاقيات.
العنصر الثاني: يصدر مجلس الامن قراراً بالمواصفات الآتية:
أ) يدين انتهاك حزب الله للخط الأزرق.
ب) يدعو لإعادة فورية وسالمة للجنديين الإسرائيليين.
ج) يشجب بطء التقدم في تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559.
د) يدين استهداف البنية التحتية المدنية.
هـ) يشجب سقوط الضحايا المدنيين ويذكّر إسرائيل بمسؤوليتها عن حماية المدنيين.
و) يشجب الاستعمال غير المتناسب للقوة من جهة إسرائيل.
ز) يطالب بوقف فوري للعمليات العسكرية والتطبيق الكامل لقرار مجلس الامن 1559.
ح) يذكّر دول الجوار بمسؤوليتها عن عدم التدخل في شؤون لبنان.
الآليات: النماذج التي يجري درسها تحوي ثلاثة خيارات:
أ) مجلس مكوّن من مصر، السعودية، الأردن، أميركا، فرنسا، بريطانيا، روسيا، والاتحاد الأوروبي.
أو ب) الخيار (أ) مع إضافة دول قريبة لسوريا مثل إيران وقطر.
أو ج) مجلس مكوّن من الدول المحايدة مثل سويسرا، نيوزيلاندا، والنروج. من المفضّل أن ينضم كل من إسرائيل ولبنان إلى المجلس، ولكن ذلك مستبعد الحصول.
صفقة شاملة: توقف إسرائيل كل عملياتها العسكرية وتسحب جميع قواتها من الأراضي اللبنانية. تنشر الحكومة اللبنانية القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان وتتعهد بألا يقوم «عناصر مسلحون» بمهاجمة إسرائيل. على انتشار الجيش اللبناني في الجنوب أن يكون كبيراً بدرجة كافية لـ»المحافظة على احترام القرار على طول الخطّ الأزرق». ستشرف اليونيفيل على التّطبيق.
المتابعة: تنظّم الحكومة اللبنانية ومصر والسعودية والجامعة العربية مؤتمر طائف 2. تعلن الجامعة العربية أنّها تتبنى الطائف 2. تعود إسرائيل الى شروط اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل المعقود عام 1949.
3. قال لارسن إنه التقى وبيدرسن مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة يوم 16 تموز، وحظي برد فعل إيجابي من السنيورة وآخر غير سلبي من بري بالنسبة للمبادئ الأساسية. فسّر لارسن غياب السلبية عند بري بأنه اهتمام مكتوم تكبحه الحاجة لإرضاء قاعدته الشعبية. قال لارسن إنه يعلم أن بري يخطط للقاء الامين العام لحزب الله حسن نصر الله مساء 16 تموز. كان بري مركزاً على فكرة «اغتنام الفرصة» الآن قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة، وفقاً للارسن. قال لارسن إنه قضى جلسة تفكير ممتازة مع السنيورة حول مشروع القرار الذي يطرحه. قال لارسن إن وساطته ستركّز حصراً على السنيورة وبري حتى لا يُربك الوضع بدخول «الساذجين» ميشال عون وسعد الحريري. كان لارسن يخطط لزيارة بري والسنيورة في 17 تموز.
4. تابع لارسن القول إنه يعمل لعرقلة جهود خافيير سولانا. «سولانا مصدر إحراج». شرح لارسن أن بري قال له إن سولانا أحضر سفيراً ألمانياً معه بنيّة بدء مفاوضات لإطلاق الرهائن، كتلك التي حرّرت ألحنان تننباوم وجثث ثلاثة جنود إسرائيليين عام 2004 مقابل مئات السجناء العرب. السنيورة كان متشككاً أيضاً. اتصل السفير بمستشار رئيس الحكومة محمّد شطح الذي أكد أن السنيورة أخبر سولانا أن مبادرته ميؤوس منها.
5. وافق لارسن على أنّ حزب الله سيرفض خطته على الأرجح. هذا لن يكون مشكلة لأنه ساعتها سيبدأ الضغط على الدول العربية – وربما من بينها قطر – لتنضم إلى الجهود. سيبدو حزب الله كأنه الفريق الذي يهدر الفرصة لوقف إطلاق النار.
6. في منتصف الاجتماع وصل ثلاثة ضيوف الى غرفة لارسن، من دون إخطار مسبق. دخل الغرفة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ووزير الاتصالات مروان حمادة ووزير الإعلام غازي العريضي وهم في مزاجٍ مرح، وانغمسوا في طلبات كثيرة من خدمة الغرف مع الحاضرين الآخرين. تجاوب الساسة اللبنانيون الثلاثة بإيجابية مع اقتراح لارسن طلب تسليم الجنود الإسرائيليين للحكومة اللبنانية. قالوا إنه سيكون من الافضل للارسن أن يعقد مؤتمره الصحافي الساعة الثالثة ظهراً يوم 17 تموز، قبل جلسة الحكومة المقررة الساعة الخامسة. هذا سيعطي زخماً للاقتراح وفرصة للحكومة حتى تصدّق عليه. قدّر حمادة أن حزب الله سيكون الخاسر في الحالتين. إذا رفض حزب الله خطة لارسن، فإنّه سيصبح ملوماً لاستمرار الدمار في لبنان. لو قبل حزب الله، فإنّ 14 آذار ستقول: لماذا استدرج حزب الله كل هذا الدمار على لبنان، لينتهي الأمر بإعادة الجنديين الإسرائيليين؟
اغزوا بلادي
7. حول كأس نبيذ أحمر، قنينة فودكا كبيرة (أثارت نوعيتها جدالاً طويلاً بين جنبلاط ونادل خدمة الغرف المذهول)، وثلاث زجاجات بيرة كورونا، قدّم جنبلاط مطالعةً عن تفكير تحالف 14 آذار الذي كان قد اجتمع في تلك الأمسية. لفت جنبلاط إلى الدمار الكثيف الذي أصاب البنية التحتية اللبنانية، لكنّه اشتكى من مفارقة أن البنية العسكرية لحزب الله لم تمسّ جدّياً. شرح جنبلاط أنه بالرغم من أن 14 آذار مجبرة على المناداة بوقف لإطلاق النار في العلن، تأمل أن تستمر إسرائيل بعملياتها العسكرية إلى أن تدمّر القدرات العسكرية لحزب الله. «إذا حصل وقف لإطلاق النار الآن، فإنّ حزب الله ينتصر» قال جنبلاط. «لا نريد لها أن تتوقف»، أضاف حمادة. حزب الله يكدّس السلاح منذ سنين وترسانته مخبّأة جيداً ومحميّة في مكان ما من سهل البقاع. عبّر جنبلاط عن إعجابه بذكاء الإيرانيين في تزويد حزب الله بالصاروخ المضاد للسفن الذي ضرب البارجة الإسرائيلية.
8. مجيباً عن شكوى جنبلاط من أن إسرائيل تضرب أهدافاً تؤذي الحكومة اللبنانية بينما تبقي لحزب الله قوته الاستراتيجية، سأل السفير جنبلاط عمّا يجب على إسرائيل أن تفعله لتسبّبَ أذى حقيقياً لحزب الله. ردّ جنبلاط بأنّ إسرائيل لا تزال تقاتل بعقلية الحروب التقليدية مع الجيوش العربية. «لا يمكنك أن تربح هذا النوع من الحروب بدون أي قتلى»، قال جنبلاط. أخيراً أسرّ جنبلاط بما يعنيه: سيكون على إسرائيل اجتياح جنوب لبنان. على إسرائيل أن تكون حذرة لتتجنّب المجازر، لكنّها يجب أن تخرج حزب الله من جنوب لبنان. عندها، يمكن الجيش اللبناني أن يأخذ مكان الجيش الإسرائيلي ما إن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار. إنّ هزيمة حزب الله على يد إسرائيل ستكون هزيمة للنفوذ السوري والإيراني في لبنان، أضاف حمادة. للتشديد على هذه النقطة، قال جنبلاط إن النتيجتين الوحيدتين للحرب هما إمّا هزيمة كاملة أو انتصار كامل لحزب الله.
9. قال حمادة إنّ غزواً إسرائيلياً سيعطي السنيورة المزيد من الوسائل للتعامل مع سلاح حزب الله. يعتقد جنبلاط أنّ الأزمة قد تنتهي باتفاق هدنة كما بعد حرب الـ1973. قد تنشأ منطقة عازلة في الجنوب بعد ذلك. لكن، أضاف جنبلاط، يجب على إسرائيل ألا تقصف سوريا لأنّ ذلك سيعيد سوريا ببساطة إلى الحضن العربي من دون أن يؤذي النظام في دمشق. أضعِفوا سوريا بإضعاف حزب الله، نصح جنبلاط، لا تجعلوا سوريا بطلةً للعالم العربي. عبّر جنبلاط بوضوح عن كونه يوافق على التجنّب الإسرائيلي للعمل العسكري المباشر ضد سوريا.
الاجتياح على طاولة البحث
10. بعد أن فرغوا من طلبات خدمة الغرف، غادر جنبلاط ومرافقوه. بيدرسن، الذي كان قد عاد إلى الاجتماع، قال إنّه يعتقد بأن إسرائيل قد تطلق هجوماً برياً على جنوب لبنان. وافق لارسن، لافتاً الى أنّه يمكن تحقيق الكثير إذا اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان. «لا أحد يريد العودة إلى الوضع السابق»، قال لارسن. أحسّ بيدرسن بأن حزب الله بدأ يشعر بالتوتر. «كلّموني مرات عدّة اليوم، إنّهم يبدون يائسين»، قال بيدرسن.
تعليق
11. كرّر جنبلاط في تعليقاته كلام مصادرنا الأخرى ضمن 14 آذار. كما الإسرائيليون، هم يرون الوضع السابق نتيجة غير مرغوبة. لذلك، فإنهم يسرّون أيضاً – في الجلسات الخاصة – بأنّ وقفاً لإطلاق النار الآن سيترك قدرات حزب الله بدون ضرر، ويجعل نصر الله أقوى و14 آذار أضعف. لكنهم يشتكون من أن أهداف إسرائيل المعلنة بإضعاف حزب الله، رغم جاذبيتها من الناحية النظرية، لا تتحقق على أرض الواقع. علّق مروان حمادة بمرارة على أن تلفزيون المنار يستمر بالبث، فيما البنية التحتية التي تتحكم بها 14 آذار، كخطوط الهاتف الثابتة، قد تضرّرت تضرراً كبيراً.
فيلتمان