ارشيف من :ترجمات ودراسات
حرب إبادة ضد الشعب البحريني... بإيعاز أميركي !
عقيل الشيخ حسين
في حين تتجه الأنظار نحو ليبيا بانتظار تدخل دولي أشيع الإنطباع بأنه بات وشيكاً لحماية الشعب الليبي من حرب الإبادة التي يشنها عليه العقيد القذافي، جاء التدخل إقليمياً، بإيعاز أميركي، ليدعم سلطة نظام فاسد وطائفي وليقمع شعباً خرج في تحرك سلمي مطالباً بإصلاحات دستورية واجتماعية متواضعة.
والتذكير مفيد بأن آل خليفة قد حملوا إلى الحكم، شأن جيرانهم الآخرين في شبه جزيرة العرب، على أكف البريطانيين، قبل قرنين من الزمن، يوم كانوا قد بدأوا بتناتش أطراف الدولة العثمانية، وبإقامة محميات ومشيخات وإمارات وممالك تابعة تتطورت وظائفها مع الزمن، وفي ظل الغنى الفاحش الذي أمنته عوائد النفط، لتضطلع بأدوار منها حراسة الأمن الاقتصادي الغربي عبر دعمه، بالأريحية اليعربية المعروفة، بأكثر مما يحتاج إليه من موارد نفطية، بأسعار لا يدانيها غير الثمن البخس الذي يدفعه الكيان الصهيوني للغاز الذي يحرم منه الشعب المصري.
إضافة إلى تعويم الصناديق النقدية الغربية عبر الهبات والإساهمات التي لا تحصى في مكافحة أزمات الغرب المالية، وشتى أنواع المشاريع التي يبتكرها هواة غربيون في مختلف حقول ما يسمى بالإبداع الثقافي والفني والرياضي والبيئي في بلدان الغرب.
وعبر صفقات التسلح الهائلة التي تتغذى عليها صناعات السلاح في الغرب، وغيرها من الصفقات التي يتم بموجبها استيراد كل ما هب ودب من منتوجات الغرب.
ومنها الوقوف بالمرصاد لكل حركة تحرر في المنطقة بدأً من النظام المصري أيام عبد الناصر، وانتهاءً بالمشاركة المكشوفة في الكيد للمقاومة في فلسطين ولبنان، مروراً بمواقفهم المشهودة في دعم نظام صدام حسين، لا سيما خلال الحرب التي فرضها بدعم من الغرب على الثورة الإسلامية في إيران، وصولاً إلى تحولها إلى ملاذات آمنة للزعماء العرب الهاربين من غضب شعوبهم.
ومنها إشاعة ثقافة الإنحلال عبر ممارسات منحطة يندى لها الجبين اليعربي وتستلمها وسائل الإعلام في الغرب لتستخدمها في تحطيم صورة العربي والمسلم، حقداً على ما يحمله من قيم الأخلاق والمرؤة والشرف؛ وعبر ترسانة ضخمة من صناعة فحش من عناصرها هذا الخصب في في تكاثر القنوات التلفزيونية الخليعة والمنحرفة.
ولا ينتهي سيل المآثر المشابهة التي يعج بها سجل العائلات الحاكمة في الحجاز وسائر جزيرة العرب، وآخرها زمنياً هذا الهجوم الذي تشنه جيوش بلدان الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، على الشعب البحريني، وهي الجيوش التي لم يسمع أحد بذكرها، بعيداً عن المشاركة في الحروب العربية-الإسرائيلية، إلا في تنفيذ مهام من النوع المرسوم أميركياً، من اليمن إلى أفغانستان والعراق...
هجوم في منتهى "العصرية"، إذا جاز التعبير: طائرات ومدرعات وآليات تبدو عليها جميع مظاهر النعمة لجهة لمعانها وهندسة هياكلها وزركشتها بأجهزة الاتصال، يعتليها جنود يلوحون بقبضاتهم ويرفعون أصايعهم بإشارات النصر، ويبدو عليهم التلهف للإسراع بتنفيذ مهامهم التي انكشفت في اليوم التالي عن مجازر حقيقية بحق الشعب البحريني الأعزل.
كانت وكالة نوفوستي قد نشرت، في الأول من آذار/ مارس، معلومات مفادها أن عشرات الدبابات الثقيلة قد عبرت من الأراضي السعودية باتجاه البحرين. لكن أصحاب العلاقة نفوا يومها صحة هذه المعلومات، لعلمهم بعدم مشروعيتها في نظر القوانين الدولية، ولطبيعتها الفضائحية في نظر الرأي العام.
لكنها أصبحت مشروعة تماماً وتعبيراً عن "التضامن الخليجي" بعد أقل من 12 ساعة على زيارة وزير الحرب الأميركي للبحرين. ثم اصبحت أكثر مشروعية عندما نفت الإدارة الأميركية صفة الغزو عن دخول ألف جندي سعودي إلى البحرين، تبعهم دخول 500 من الجنود الإماراتيين، على طريق اكتمال وصول الإسهامات من بقية بلدان "درع الجزيرة"
وبعيداً عن أبسط المتعارفات الديبلوماسية، وتأكيداً للطابع الشوفيني والطائفي الذي ينطلق منه أصحاب العلاقة عندما يقدمون حربهم على الشعب البحريني على أنها حرب "استباقية" ضد إيران التي يوجهون إليها تهماً من النوع الإسرائيلي، فإنهم يركبون مركباً صعباً جداً يندرج، في ظل العجز الأميركي-الإسرائيلي المزمن عن ضرب إيران، في سياق المحاولات الرامية إلى تجريب حظهم في هذا المجال، عبر استخدام الخليجيين –على طريقة "أركب عبدك على الفرس"- بالشكل الذي سبق واستخدموا فيه صدام حسين، وإن كانوا يعلمون أنهم يدفعونهم بذلك نحو سوء المصير الذي أحاق بصدام حسين.
ربما يعتقد الأميركيون والإسرائيليون، في ظل اليأس الناجم عن هزائمهم المتلاحقة، أن حرباً ثالثة، تكون بلدان الخليج العربية وقوداً لها، قد يكون من شأنها إضعاف إيران، أو تفجير الفتنة الطائفية، على أمل أن يسمح ذلك بإطالة عمر وجودهم في المنطقة.
رهان أقل ما يقال فيه أنه طائش، لأن جميع المعطيات الموضوعية، وفي مقدمتها حالة الاهتزاز التي تعيشها عروش المنطقة، أمام الغضب الشعبي المتعاظم، في بلدان الخليج بالذات، وحساسية منطقة الخليج لجهة أهميتها النفطية وما يؤدي إليه عدم الاستقرار فيها من تداعيات كارثية على الغرب بالدرجة الأولى ... تشير إلى أن رصاصة الرحمة هي ما ينتظر الأنظمة المتهالكة ومشاريع الهيمنة في المنطقة.
في حين تتجه الأنظار نحو ليبيا بانتظار تدخل دولي أشيع الإنطباع بأنه بات وشيكاً لحماية الشعب الليبي من حرب الإبادة التي يشنها عليه العقيد القذافي، جاء التدخل إقليمياً، بإيعاز أميركي، ليدعم سلطة نظام فاسد وطائفي وليقمع شعباً خرج في تحرك سلمي مطالباً بإصلاحات دستورية واجتماعية متواضعة.
والتذكير مفيد بأن آل خليفة قد حملوا إلى الحكم، شأن جيرانهم الآخرين في شبه جزيرة العرب، على أكف البريطانيين، قبل قرنين من الزمن، يوم كانوا قد بدأوا بتناتش أطراف الدولة العثمانية، وبإقامة محميات ومشيخات وإمارات وممالك تابعة تتطورت وظائفها مع الزمن، وفي ظل الغنى الفاحش الذي أمنته عوائد النفط، لتضطلع بأدوار منها حراسة الأمن الاقتصادي الغربي عبر دعمه، بالأريحية اليعربية المعروفة، بأكثر مما يحتاج إليه من موارد نفطية، بأسعار لا يدانيها غير الثمن البخس الذي يدفعه الكيان الصهيوني للغاز الذي يحرم منه الشعب المصري.
إضافة إلى تعويم الصناديق النقدية الغربية عبر الهبات والإساهمات التي لا تحصى في مكافحة أزمات الغرب المالية، وشتى أنواع المشاريع التي يبتكرها هواة غربيون في مختلف حقول ما يسمى بالإبداع الثقافي والفني والرياضي والبيئي في بلدان الغرب.
وعبر صفقات التسلح الهائلة التي تتغذى عليها صناعات السلاح في الغرب، وغيرها من الصفقات التي يتم بموجبها استيراد كل ما هب ودب من منتوجات الغرب.
ومنها الوقوف بالمرصاد لكل حركة تحرر في المنطقة بدأً من النظام المصري أيام عبد الناصر، وانتهاءً بالمشاركة المكشوفة في الكيد للمقاومة في فلسطين ولبنان، مروراً بمواقفهم المشهودة في دعم نظام صدام حسين، لا سيما خلال الحرب التي فرضها بدعم من الغرب على الثورة الإسلامية في إيران، وصولاً إلى تحولها إلى ملاذات آمنة للزعماء العرب الهاربين من غضب شعوبهم.
ومنها إشاعة ثقافة الإنحلال عبر ممارسات منحطة يندى لها الجبين اليعربي وتستلمها وسائل الإعلام في الغرب لتستخدمها في تحطيم صورة العربي والمسلم، حقداً على ما يحمله من قيم الأخلاق والمرؤة والشرف؛ وعبر ترسانة ضخمة من صناعة فحش من عناصرها هذا الخصب في في تكاثر القنوات التلفزيونية الخليعة والمنحرفة.
ولا ينتهي سيل المآثر المشابهة التي يعج بها سجل العائلات الحاكمة في الحجاز وسائر جزيرة العرب، وآخرها زمنياً هذا الهجوم الذي تشنه جيوش بلدان الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، على الشعب البحريني، وهي الجيوش التي لم يسمع أحد بذكرها، بعيداً عن المشاركة في الحروب العربية-الإسرائيلية، إلا في تنفيذ مهام من النوع المرسوم أميركياً، من اليمن إلى أفغانستان والعراق...
هجوم في منتهى "العصرية"، إذا جاز التعبير: طائرات ومدرعات وآليات تبدو عليها جميع مظاهر النعمة لجهة لمعانها وهندسة هياكلها وزركشتها بأجهزة الاتصال، يعتليها جنود يلوحون بقبضاتهم ويرفعون أصايعهم بإشارات النصر، ويبدو عليهم التلهف للإسراع بتنفيذ مهامهم التي انكشفت في اليوم التالي عن مجازر حقيقية بحق الشعب البحريني الأعزل.
يعتقد الأميركيون والإسرائيليون، في ظل اليأس الناجم عن هزائمهم المتلاحقة،
أن حرباً ثالثة، تكون بلدان الخليج العربية وقوداً لها، قد يكون من شأنها
إضعاف إيران |
لكنها أصبحت مشروعة تماماً وتعبيراً عن "التضامن الخليجي" بعد أقل من 12 ساعة على زيارة وزير الحرب الأميركي للبحرين. ثم اصبحت أكثر مشروعية عندما نفت الإدارة الأميركية صفة الغزو عن دخول ألف جندي سعودي إلى البحرين، تبعهم دخول 500 من الجنود الإماراتيين، على طريق اكتمال وصول الإسهامات من بقية بلدان "درع الجزيرة"
وبعيداً عن أبسط المتعارفات الديبلوماسية، وتأكيداً للطابع الشوفيني والطائفي الذي ينطلق منه أصحاب العلاقة عندما يقدمون حربهم على الشعب البحريني على أنها حرب "استباقية" ضد إيران التي يوجهون إليها تهماً من النوع الإسرائيلي، فإنهم يركبون مركباً صعباً جداً يندرج، في ظل العجز الأميركي-الإسرائيلي المزمن عن ضرب إيران، في سياق المحاولات الرامية إلى تجريب حظهم في هذا المجال، عبر استخدام الخليجيين –على طريقة "أركب عبدك على الفرس"- بالشكل الذي سبق واستخدموا فيه صدام حسين، وإن كانوا يعلمون أنهم يدفعونهم بذلك نحو سوء المصير الذي أحاق بصدام حسين.
ربما يعتقد الأميركيون والإسرائيليون، في ظل اليأس الناجم عن هزائمهم المتلاحقة، أن حرباً ثالثة، تكون بلدان الخليج العربية وقوداً لها، قد يكون من شأنها إضعاف إيران، أو تفجير الفتنة الطائفية، على أمل أن يسمح ذلك بإطالة عمر وجودهم في المنطقة.
رهان أقل ما يقال فيه أنه طائش، لأن جميع المعطيات الموضوعية، وفي مقدمتها حالة الاهتزاز التي تعيشها عروش المنطقة، أمام الغضب الشعبي المتعاظم، في بلدان الخليج بالذات، وحساسية منطقة الخليج لجهة أهميتها النفطية وما يؤدي إليه عدم الاستقرار فيها من تداعيات كارثية على الغرب بالدرجة الأولى ... تشير إلى أن رصاصة الرحمة هي ما ينتظر الأنظمة المتهالكة ومشاريع الهيمنة في المنطقة.