ارشيف من :آراء وتحليلات
الحزب الأوحد... والأسوأ
بثينة عليق
على خلفية خروج سعد الدين الحريري من الحكم، عمد "حزب المستقبل" وضمن حملة إعلامية منظّمة على إطلاق وصف الحزب الحاكم على حزب الله ليضاف هذا التوصيف إلى "الشمولية" و"حزب ولاية الفقيه". وكلّ هذا على ما يبدو يستهدف أمراً أساسياً وهو تشويه صورة الحزب لدى الرأي العام وإثارة المخاوف منه لدى عموم اللبنانيين.
وللتذكير فقط فإنّ هذا الأمر هو عينه الذي سعت إليه الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي لمدة طويلة من الزمن، ويكفي مراجعة إعترافات فيلتمان أمام الكونغرس للدلالة على هذا التوافق في الهدف بين الجانبين. إلا أن أسوأ ما في تلك الحملة الإعلامية أنها تأتي من حزبٍ يشكّل من حيث تكوينه وبنيته وأساليب عمله نموذجاً لتلك الأحزاب التي تحكّمت وإستبدّت في بلدان العالم العربي والتي أطاحت بها الثورات وطردتها الشعوب إلى غير رجعة من الحياة السياسية لكثرة ما أفسدت. وتكفي مقارنة بسيطة لتبيان أن مواصفات الحزب الواحد والحاكم تنطبق إلى حدٍّ بعيد على "حزب المستقبل".
أولاً: "حزب العائلة": حيث لا ندري ما الفارق بين الحزب الوطني في مصر الذي لم يكن سوى واجهة لآل مبارك أو حزب التجمّع الدستوري في تونس وهو حزب آل بن علي والطرابلسي وحزب المستقبل في لبنان وهو ليس سوى حزب آل الحريري.
ثانياً: "الجمع بين السلطة والمال": إن الثروات الضخمة، التي جناها الرؤساء المخلوعون وأقرباؤهم ومستشاريهم وأتباعهم نتيجة الخلط بين المصالح العامة للبلاد والمصالح الخاصة للعائلة، تشبه الثروات التي جمعت في لبنان نتيجةً للسيطرة على عددٍ من المرافق العامة أدّت ممارسات حزب المستقبل إلى عدم التفريق بينها وبين الملكية الخاصة.
ثالثاً: "إحتكار العائلة للحكم والسلطة": إن هذه العائلات والأحزاب عمدت من خلال الإعلام والسياسة إلى تركيز مفهوم لدى الرأي العام بأن الحكم في البلاد لا يصحّ إلا لهذا الحزب ولهذا الرئيس إلى حدّ الشعور بأننا أمام قدرٍ لا يمكن تجاوزه، فإختزلت مصر العظيمة بمبارك وزوجته وأبنائه، وكذلك الأمر في تونس واليمن وليبيا وغيرها من الدول. أما في لبنان فيريد حزب المستقبل إختزال طائفةٍ لها تاريخها العريق وفيها الكفاءات والعلماء بعائلةٍ واحدة وشخصٍ واحد.
رابعاً: التوريث وهي نقطةٌ مشتركة أخرى بين المستقبل وأحزاب الأنظمة العربية وبالطبع لا يمكن لأحدٍ من اللبنانيين أن يتخيّل للحظةٍ ما رئيساً لحزب المستقبل من غير آل الحريري.
خامساً: حماية العائلة لطبقة من رجال الدين الجاهزين لتبرير تصرّفات الحاكم وحماية موقعه من خلال دفع الناس إلى الإنقياد والطاعة للزعيم وهذا أيضاً ما يبدو واضحاً في الحالة الحريرية التي استطاعت أن تجبر مجموعةً من رجال الدين الذين لعبوا دوراً في خلق حالة مذهبية تشكّل درع حماية لحزب الحريري.
سادساً: الإرتباط بالمشروع الغربي: لقد إستقوت معظم تلك الأحزاب الأسرية بالدول الغربية للحفاظ على حكمها وسلطتها، وفي سبيل ذلك سلّمت مقدّرات البلاد والعباد إلى مصالح تلك الدول وما تمسّك السياسة الحريرية بما يسمّى المجتمع الدولي وتلك الزيارات المكّوكية إلى كل تلك العواصم الغربية والإقليمية إضافةً إلى ربط الأجهزة الأمنية بنظيراتها الغربية سوى منهجٍ مماثلٍ ومطابق لوضعية الأنظمة تلك.
إن هذا عرضٌ سريع لنقاط التشابه بين "حزب المستقبل" وأحزاب أنظمة الإستبداد العربية ومن المفترض أن يدفع هذا الأمر الحريريين إلى إجراء نقدٍ ذاتيٍّ حقيقي ومراجعة جديّة في ظلّ مشهد إنهيار هذا النموذج في محيطنا العربي بدلاً من إطلاق التوصيفات والتهجّم على حزبٍ كحزب الله شكّل فخراً للأمة وقدوةً لها في المقاومة.
إن أسوأ الأحزاب هو الحزب الذي إمتلأ عيوباً ومع ذلك ينهمك في التهجّم على الآخرين.
على خلفية خروج سعد الدين الحريري من الحكم، عمد "حزب المستقبل" وضمن حملة إعلامية منظّمة على إطلاق وصف الحزب الحاكم على حزب الله ليضاف هذا التوصيف إلى "الشمولية" و"حزب ولاية الفقيه". وكلّ هذا على ما يبدو يستهدف أمراً أساسياً وهو تشويه صورة الحزب لدى الرأي العام وإثارة المخاوف منه لدى عموم اللبنانيين.
وللتذكير فقط فإنّ هذا الأمر هو عينه الذي سعت إليه الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي لمدة طويلة من الزمن، ويكفي مراجعة إعترافات فيلتمان أمام الكونغرس للدلالة على هذا التوافق في الهدف بين الجانبين. إلا أن أسوأ ما في تلك الحملة الإعلامية أنها تأتي من حزبٍ يشكّل من حيث تكوينه وبنيته وأساليب عمله نموذجاً لتلك الأحزاب التي تحكّمت وإستبدّت في بلدان العالم العربي والتي أطاحت بها الثورات وطردتها الشعوب إلى غير رجعة من الحياة السياسية لكثرة ما أفسدت. وتكفي مقارنة بسيطة لتبيان أن مواصفات الحزب الواحد والحاكم تنطبق إلى حدٍّ بعيد على "حزب المستقبل".
أولاً: "حزب العائلة": حيث لا ندري ما الفارق بين الحزب الوطني في مصر الذي لم يكن سوى واجهة لآل مبارك أو حزب التجمّع الدستوري في تونس وهو حزب آل بن علي والطرابلسي وحزب المستقبل في لبنان وهو ليس سوى حزب آل الحريري.
ثانياً: "الجمع بين السلطة والمال": إن الثروات الضخمة، التي جناها الرؤساء المخلوعون وأقرباؤهم ومستشاريهم وأتباعهم نتيجة الخلط بين المصالح العامة للبلاد والمصالح الخاصة للعائلة، تشبه الثروات التي جمعت في لبنان نتيجةً للسيطرة على عددٍ من المرافق العامة أدّت ممارسات حزب المستقبل إلى عدم التفريق بينها وبين الملكية الخاصة.
أسوأ الأحزاب هو الحزب الذي إمتلأ عيوباً ومع ذلك ينهمك في التهجّم على الآخرين |
رابعاً: التوريث وهي نقطةٌ مشتركة أخرى بين المستقبل وأحزاب الأنظمة العربية وبالطبع لا يمكن لأحدٍ من اللبنانيين أن يتخيّل للحظةٍ ما رئيساً لحزب المستقبل من غير آل الحريري.
خامساً: حماية العائلة لطبقة من رجال الدين الجاهزين لتبرير تصرّفات الحاكم وحماية موقعه من خلال دفع الناس إلى الإنقياد والطاعة للزعيم وهذا أيضاً ما يبدو واضحاً في الحالة الحريرية التي استطاعت أن تجبر مجموعةً من رجال الدين الذين لعبوا دوراً في خلق حالة مذهبية تشكّل درع حماية لحزب الحريري.
سادساً: الإرتباط بالمشروع الغربي: لقد إستقوت معظم تلك الأحزاب الأسرية بالدول الغربية للحفاظ على حكمها وسلطتها، وفي سبيل ذلك سلّمت مقدّرات البلاد والعباد إلى مصالح تلك الدول وما تمسّك السياسة الحريرية بما يسمّى المجتمع الدولي وتلك الزيارات المكّوكية إلى كل تلك العواصم الغربية والإقليمية إضافةً إلى ربط الأجهزة الأمنية بنظيراتها الغربية سوى منهجٍ مماثلٍ ومطابق لوضعية الأنظمة تلك.
إن هذا عرضٌ سريع لنقاط التشابه بين "حزب المستقبل" وأحزاب أنظمة الإستبداد العربية ومن المفترض أن يدفع هذا الأمر الحريريين إلى إجراء نقدٍ ذاتيٍّ حقيقي ومراجعة جديّة في ظلّ مشهد إنهيار هذا النموذج في محيطنا العربي بدلاً من إطلاق التوصيفات والتهجّم على حزبٍ كحزب الله شكّل فخراً للأمة وقدوةً لها في المقاومة.
إن أسوأ الأحزاب هو الحزب الذي إمتلأ عيوباً ومع ذلك ينهمك في التهجّم على الآخرين.