ارشيف من :خاص
امتحان العدو الصهيوني للقبة الحديدية
حسان إبراهيم
في مقاربة العدو الصهيوني وأجهزته الأمنية لموضوع الوسائل القتالية الدفاعية، وتحديداً الدفاع الايجابي على شاكلة منظومة "معطف الريح" التي يقال إنها مخصصة للدفاع عن الآليات المدرعة، ومنظومة "القبة الحديدية" التي يقال إنها مخصصة لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى... وغيرها، مفارقة تستأهل التعليق، ولا سيما ان استحقاق امتحان المصداقية بدأ بالفعل، في أعقاب احداث المواجهة الاخيرة بين المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة، والجيش الاسرائيلي.
خلال الاحداث الاخيرة، قصف المجاهدون المستوطنات الصهيونية الواقعة في ما يعرف بـ"غلاف غزة"، وصولا الى مدن بئر السبع وعسقلان وأشدود.. وكما هو معلوم، أعلنت قيادة الجيش الاسرائيلي نشر منظومة "القبة الحديدية" التي تبين أنها واحدة فقط، في منطقة كمدينة بئر السبع، لكنها اشارت وأكدت في موازاة قرار نشرها، ان المنظومة ما زالت غير عملياتية وفي مرحلة التجارب وتدريب العاملين في وحدة الدفاع الجوي، وبحسب تأكيد وزير الحرب "إيهود باراك"، فان نشر المنظومة لا يعني تأمين حماية مئة بالمئة للمنطقة التي يجري نشرها فيها. وفي ذلك تأكيد غير مباشر على توقع اخفاق المنظومة في الامتحان العملي، إن ادى تصعيد الجيش الاسرائيلي الامني الى وجوب قيام المقاومين برد على الاعتداءات، باتجاه مدينة بئر السبع، كما حصل في مرتين سابقتين في الاونة الاخيرة.
وقبل الحديث عن نجاعة المنظومة وما يتوقع لها، يتوجب الوقوف قليلا، كمقدمة ضرورية، امام الآتي:
لم يأت قرار الجيش الاسرائيلي بنشر منظومة "القبة الحديدية"، الا بعد مطالبات من المستوطنين، كانت طبيعية في ظل الآمال المعقودة عليها، بتأثير من الدعاية المفرطة التي شددت على نجاعتها طوال السنوات الماضية، باعتبارها انجازا اسرائيليا غير مسبوق، ونجاحا كبيرا لم تشهد له مثيلا ايّ من المنظومات الاعتراضية الموجودة في الخدمة الفعلية لدى اي من جيوش العالم. والاحداث الاخيرة دفعت باتجاه الاصرار والمطالبة بنشرها.
بدت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية مربكة بشكل ملحوظ، اذ حاولت رفض مطالب المستوطنين، خوفا على ما يبدو، من افتضاح زيف الدعاية السابقة وإمكان ظهور قدرة المنظومة المحدودة في اعتراض الصواريخ، الامر الذي ادى الى رفع دعاوى لدى "محكمة العدل العليا" ضد قرار الجيش، وحملة اعلامية واسعة النطاق ضد قرار نشرها. ما استتبع اخيرا رضوخا على مضض، وصدور لقرار النشر، تحديدا في مدينة بئر السبع لخصوصية المدينة، من الناحية العملية، على تفصيل يأتي.
مكان نشر المنظومة لافت، اذ جرى تنصيبها في مدينة بعيدة نسبيا، بئر السبع، والابتعاد عن اماكن هي في العادة عرضة لقصف شبه يومي من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية انطلاقا من قطاع غزة، كما هو حال مستوطنات غلاف غزة، ما يعني محاولة من قبل الجيش الاسرائيلي لتأجيل امتحان المنظومة نفسها، الا في حال تصعيد امني كبير جدا، كما حصل في الفترة الاخيرة. مع الاشارة الى ان مطلب المستوطنين كان في نشر المنظومة في مستوطنات غلاف غزة، وليس الابتعاد بها الى ما وراءها.
في نفس السياق، تجدر الاشارة، الى أن صاروخ الـ"غراد" يحتاج الى ما يقرب من 120 ثانية كي يصل من قطاع غزة الى مدينة بئر السبع، وهو وقت كافٍ بحسب المعلومات الصادرة عن الجيش الاسرائيلي، كي يصار الى توجيه صاروخ اعتراضي من قبل "القبة الحديدية"، وفي ذلك توفير لفرصة النجاح المقصودة، رغم الشكوك حولها. ونفس الابتعاد الى هذا الحد، يشير بدوره الى عدم ثقة الجيش الاسرائيلي بنجاعة هذه المنظومة. وإضافة الى ذلك، تدرك تل ابيب، بحسب التجارب السابقة، ان قصف بئر السبع في العادة لا يكون الا بصاروخ واحد، كما حصل في المرتين الاخيرتين، وردا على اعتداء اسرائيلي كبير، ما يعني ان تل ابيب تقصد من وراء اختيار هذه المدينة، منع حصول الامتحان الحقيقي والفعلي عن المنظومة، بقدر الاستطاعة.
يدرك الجيش الاسرائيلي ان إصابة الصاروخ الاعتراضي لصاروخ المقاومة، في حال أطلق باتجاه مدينة بئر السبع، سيكون صدفة، لكن مبني على قليل من المعطيات العملية، اذ ان الرادار المركب على المنظومة نفسها، قادر على تحديد مسار الصاروخ ومكان اصابته، وهي معطيات ليست بجديدة، وهي خاصية باتت موجودة وممكنة لدى كل انواع الرادارات من هذا النوع، وقد خبرها الاسرائيليون جيدا في حرب عام 2006، وخلال الاعتداء الاسرائيلي على قطاع غزة أواخر العام 2009.
من ناحية عملية، يمكن الاشارة الى نتيجتين اثنتين، في حال إطلاق صاروخ "غراد" على بئر السبع:
اصابة الصاروخ الاعتراضي لصاروخ الـ"غراد" المطلق من قطاع غزة، وإسقاطه، أو فشل المنظومة في إصابة الصاروخ. في الحالة الاولى، وبناءً على المقدمات، والتي حرص باراك على الإشارة اليها، فان إصابة الصاروخ لا تعني نجاح المنظومة، اما في الحالة الثانية فسيعني إعلانا للفشل، لكن في نفس الوقت، يكون الجيش الاسرائيلي قد اتخذ احتياطاته، وأعلن مسبقا ان المنظومة أصلاً لم تكن عملية.
بالطبع، في الحالة الاولى سيعلن الاسرائيليون عن سرورهم ويقيمون دعاية غير مسبوقة لـ"القبة الحديدية"، على شاكلة الدعاية التي أعقبت "نجاح" منظومة "معطف الريح" في اعتراض صاروخ "RBG" في وقت سابق، رغم بدائية الصاروخ وعدم فاعليته في استهداف دبابة من نوع ميركافا من طراز (4)، وكما هو معلوم تناسى الاسرائيليون في حينه ان نجاعة منظومة "معطف الريح" تقاس بصواريخ "الكورنيت"، التي باتت موجودة ايضا في قطاع غزة. اما في حال فشل منظومة "القبة الحديدية"، فان الاجابة وردّ الفشل الى كونها في مرحلة التجارب وعدم خبرة مشغليها، جاهزة ومعدة سلفا.
مع ذلك، وبناءً على ما تقدّم، في كلتا الحالتين تبقى منظومة "القبة الحديدية" محاولة، ليس إلا، من ناحية عملية.. سواء أصابت الصاروخ أم فشلت في ذلك. الاصابة لا تعني النجاح، والفشل هو فشل سيكون مدويا.. السؤال غير المطروح اسرائيليا: "ماذا اذا قررت المقاومة إطلاق أكثر من صاروخ أو وابل من الصواريخ؟"، من الطبيعي ان الصدفة لن تكون عاملا في تحديد النتيجة، وهذا مؤكد.
في مقاربة العدو الصهيوني وأجهزته الأمنية لموضوع الوسائل القتالية الدفاعية، وتحديداً الدفاع الايجابي على شاكلة منظومة "معطف الريح" التي يقال إنها مخصصة للدفاع عن الآليات المدرعة، ومنظومة "القبة الحديدية" التي يقال إنها مخصصة لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى... وغيرها، مفارقة تستأهل التعليق، ولا سيما ان استحقاق امتحان المصداقية بدأ بالفعل، في أعقاب احداث المواجهة الاخيرة بين المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة، والجيش الاسرائيلي.
خلال الاحداث الاخيرة، قصف المجاهدون المستوطنات الصهيونية الواقعة في ما يعرف بـ"غلاف غزة"، وصولا الى مدن بئر السبع وعسقلان وأشدود.. وكما هو معلوم، أعلنت قيادة الجيش الاسرائيلي نشر منظومة "القبة الحديدية" التي تبين أنها واحدة فقط، في منطقة كمدينة بئر السبع، لكنها اشارت وأكدت في موازاة قرار نشرها، ان المنظومة ما زالت غير عملياتية وفي مرحلة التجارب وتدريب العاملين في وحدة الدفاع الجوي، وبحسب تأكيد وزير الحرب "إيهود باراك"، فان نشر المنظومة لا يعني تأمين حماية مئة بالمئة للمنطقة التي يجري نشرها فيها. وفي ذلك تأكيد غير مباشر على توقع اخفاق المنظومة في الامتحان العملي، إن ادى تصعيد الجيش الاسرائيلي الامني الى وجوب قيام المقاومين برد على الاعتداءات، باتجاه مدينة بئر السبع، كما حصل في مرتين سابقتين في الاونة الاخيرة.
وقبل الحديث عن نجاعة المنظومة وما يتوقع لها، يتوجب الوقوف قليلا، كمقدمة ضرورية، امام الآتي:
لم يأت قرار الجيش الاسرائيلي بنشر منظومة "القبة الحديدية"، الا بعد مطالبات من المستوطنين، كانت طبيعية في ظل الآمال المعقودة عليها، بتأثير من الدعاية المفرطة التي شددت على نجاعتها طوال السنوات الماضية، باعتبارها انجازا اسرائيليا غير مسبوق، ونجاحا كبيرا لم تشهد له مثيلا ايّ من المنظومات الاعتراضية الموجودة في الخدمة الفعلية لدى اي من جيوش العالم. والاحداث الاخيرة دفعت باتجاه الاصرار والمطالبة بنشرها.
بدت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية مربكة بشكل ملحوظ، اذ حاولت رفض مطالب المستوطنين، خوفا على ما يبدو، من افتضاح زيف الدعاية السابقة وإمكان ظهور قدرة المنظومة المحدودة في اعتراض الصواريخ، الامر الذي ادى الى رفع دعاوى لدى "محكمة العدل العليا" ضد قرار الجيش، وحملة اعلامية واسعة النطاق ضد قرار نشرها. ما استتبع اخيرا رضوخا على مضض، وصدور لقرار النشر، تحديدا في مدينة بئر السبع لخصوصية المدينة، من الناحية العملية، على تفصيل يأتي.
مكان نشر المنظومة لافت، اذ جرى تنصيبها في مدينة بعيدة نسبيا، بئر السبع، والابتعاد عن اماكن هي في العادة عرضة لقصف شبه يومي من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية انطلاقا من قطاع غزة، كما هو حال مستوطنات غلاف غزة، ما يعني محاولة من قبل الجيش الاسرائيلي لتأجيل امتحان المنظومة نفسها، الا في حال تصعيد امني كبير جدا، كما حصل في الفترة الاخيرة. مع الاشارة الى ان مطلب المستوطنين كان في نشر المنظومة في مستوطنات غلاف غزة، وليس الابتعاد بها الى ما وراءها.
في نفس السياق، تجدر الاشارة، الى أن صاروخ الـ"غراد" يحتاج الى ما يقرب من 120 ثانية كي يصل من قطاع غزة الى مدينة بئر السبع، وهو وقت كافٍ بحسب المعلومات الصادرة عن الجيش الاسرائيلي، كي يصار الى توجيه صاروخ اعتراضي من قبل "القبة الحديدية"، وفي ذلك توفير لفرصة النجاح المقصودة، رغم الشكوك حولها. ونفس الابتعاد الى هذا الحد، يشير بدوره الى عدم ثقة الجيش الاسرائيلي بنجاعة هذه المنظومة. وإضافة الى ذلك، تدرك تل ابيب، بحسب التجارب السابقة، ان قصف بئر السبع في العادة لا يكون الا بصاروخ واحد، كما حصل في المرتين الاخيرتين، وردا على اعتداء اسرائيلي كبير، ما يعني ان تل ابيب تقصد من وراء اختيار هذه المدينة، منع حصول الامتحان الحقيقي والفعلي عن المنظومة، بقدر الاستطاعة.
يدرك الجيش الاسرائيلي ان إصابة الصاروخ الاعتراضي لصاروخ المقاومة، في حال أطلق باتجاه مدينة بئر السبع، سيكون صدفة، لكن مبني على قليل من المعطيات العملية، اذ ان الرادار المركب على المنظومة نفسها، قادر على تحديد مسار الصاروخ ومكان اصابته، وهي معطيات ليست بجديدة، وهي خاصية باتت موجودة وممكنة لدى كل انواع الرادارات من هذا النوع، وقد خبرها الاسرائيليون جيدا في حرب عام 2006، وخلال الاعتداء الاسرائيلي على قطاع غزة أواخر العام 2009.
من ناحية عملية، يمكن الاشارة الى نتيجتين اثنتين، في حال إطلاق صاروخ "غراد" على بئر السبع:
اصابة الصاروخ الاعتراضي لصاروخ الـ"غراد" المطلق من قطاع غزة، وإسقاطه، أو فشل المنظومة في إصابة الصاروخ. في الحالة الاولى، وبناءً على المقدمات، والتي حرص باراك على الإشارة اليها، فان إصابة الصاروخ لا تعني نجاح المنظومة، اما في الحالة الثانية فسيعني إعلانا للفشل، لكن في نفس الوقت، يكون الجيش الاسرائيلي قد اتخذ احتياطاته، وأعلن مسبقا ان المنظومة أصلاً لم تكن عملية.
بالطبع، في الحالة الاولى سيعلن الاسرائيليون عن سرورهم ويقيمون دعاية غير مسبوقة لـ"القبة الحديدية"، على شاكلة الدعاية التي أعقبت "نجاح" منظومة "معطف الريح" في اعتراض صاروخ "RBG" في وقت سابق، رغم بدائية الصاروخ وعدم فاعليته في استهداف دبابة من نوع ميركافا من طراز (4)، وكما هو معلوم تناسى الاسرائيليون في حينه ان نجاعة منظومة "معطف الريح" تقاس بصواريخ "الكورنيت"، التي باتت موجودة ايضا في قطاع غزة. اما في حال فشل منظومة "القبة الحديدية"، فان الاجابة وردّ الفشل الى كونها في مرحلة التجارب وعدم خبرة مشغليها، جاهزة ومعدة سلفا.
مع ذلك، وبناءً على ما تقدّم، في كلتا الحالتين تبقى منظومة "القبة الحديدية" محاولة، ليس إلا، من ناحية عملية.. سواء أصابت الصاروخ أم فشلت في ذلك. الاصابة لا تعني النجاح، والفشل هو فشل سيكون مدويا.. السؤال غير المطروح اسرائيليا: "ماذا اذا قررت المقاومة إطلاق أكثر من صاروخ أو وابل من الصواريخ؟"، من الطبيعي ان الصدفة لن تكون عاملا في تحديد النتيجة، وهذا مؤكد.