ارشيف من :آراء وتحليلات
لماذا يحقدون على المقاومة ؟
بثينة عليق
لم يكن اللبنانيون عموماً وجمهور المقاومة خصوصاً يحتاجون لوثائق "ويكيليكس" حتى يدركوا حجم رفض جماعة 14 آذار للمقاومة، وحتى التآمر عليها مع الدوائر الأميركية والغربية.
كما أن المتتبّع للمواقف العلنية لأعضاء هذا الفريق يدرك المعارضة الجدية التي ينتهجها هؤلاء تجاه المقاومة ومشروعها.
إلا أن الخطير في وثائق "ويكيليكس" أن المتحدثين مع السفير الأميركي وموظفي السفارة الأميركية لم يعبّروا عن معارضة سياسية فحسب بل تحدّثوا بما ينمّ عن
حقد عميق على المقاومة بكل أبعادها. يحقد هؤلاء على بيئة المقاومة وعلى أفكارها وثقافتها فضلاً عن مشروعها وتنظيمها.
لقد كذّب هذا الحقد المسموم كلّ إدّعاءات فريق الأكثرية السابقة حول حرصه على إحتضان المقاومة في الدولة واحترامه لتضحيات المقاومين أحياءً وشهداء. كما
حسمت "ويكيليكس" بما لا يقبل الشك أن حجة الاستخدام الداخلي للسلاح أو إنتفاء الأسباب الموجبة للحفاظ عليه ما هي الا كذبة جديدة وعملية تضليل متواصلة إعتمدها هذا الفريق لتسويق أفكاره الاصيلة الرافضة للمقاومة. فكلام "ويكيليكس" صدر من أفواه هؤلاء قبل 7 أيار/ مايو لا بل في عز الحرب الاسرائيلية الأشرس على لبنان.
لقد كرّست وثائق "ويكيليكس" مجموعة حقائق منها أن هذا الفريق يعاني مشكلة أخلاقية حقيقية ناهيك عن المشكلة الوطنية كما أن أعضاءه يتعاطون الشأن السياسي
والوطني بخفة قلّ نظيرها وتتملّكهم عقدة نقص إلى حدّ الانسحاق أمام الأميركيين إضافةً الى ثابتة جديدة يمكن الحديث عنها دون أي تردّد، هي الحقد على المقاومة.
فقد طالب هؤلاء بإطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها وتكثيف نيرانها واعتماد كل وسائلها وزيادة ضحاياها وفرحوا لكل إنجازٍ تحققه "إسرائيل" وأُحبطوا أمام كلّ نصرٍ مادي أو معنوي تصنعه المقاومة، فماذا فعلت هذه المقاومة حتى تستحق كل هذا الحقد؟
لقد حررت المقاومة بيروت في العام 1982 وحررت الجبل في العام التالي وفي العام 1985 كان تحرير الجزء الاكبر من الجنوب والبقاع الغربي، ثم فرضت
المقاومة في العام 1993 تفاهم تموز/ يوليو الذي حمى المدنيين ثم ثبّتت الحماية عبر تفاهم نيسان/ أبريل 1996 الذي جعل من جنود الاحتلال أكياس رملٍ امام المقاومين، وباعتراف قادة العدو أنفسهم وفي العام 2000، كان الإنجاز التاريخي والنوعي الذي استنهض الأمة العربية بأكملها وكان الأداء الحضاري عندما دخل المقاومون الشريط المحتل وتعاملوا مع العملاء بأرقى ما يمكن أن يتعامل فيه المنتصر مع مهزوم. وفي العام 2000 أيضاً تأسر المقاومة جنود الاحتلال ليتمّ التبادل الشهير عام 2003 ويخرج أسرى أعزاء بعد سنواتٍ طوال من الأسر.
عام 2006 إستكملت المقاومة مشروعها الانساني في اطار تحرير الاسرى فكان العدوان الاسرائيلي الذي انتهى بنصر جديد واستراتيجي للمقاومة .
هل نعرف وندرك الآن لماذا يحقدون على المقاومة ؟
لأنها أنجزت فيما هم عاجزون، عجزوا عن تقديم نموذج في الحكم أو السياسة أو الإقتصاد، فشلوا ومعهم الحكام العرب في تحرير أسير واحد من غياهب المعتقلات الصهيونية. لقد كشفت المقاومة قوة الإنسان العربي واللبناني فيما ارادوا هم الرهان على ضعفه وانحطاطه. عجزهم هو مصدر حقدهم لكنه مصدر طمأنينة المقاومة أيضاً فالعاجز لن يقدر على المقاومة والحاقد أعمى القلب والعقل.