ارشيف من :آراء وتحليلات
حقائق مهمة في الملف الأمني العراقي
بغداد ـ عادل الجبوري
يمكن الإشارة الى ثلاث حقائق مهمة عند قراءة وتحليل الواقع الامني في العراق خلال الشهور الاربعة الماضية، وهذه الحقائق هي:
ـ تراجع نسبة العمليات الارهابية بواسطة السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة.
ـ ازدياد معدل العمليات الارهابية عبر كواتم الصوت، لا سيما في العاصمة بغداد.
ـ اعلان عدد من المجاميع المسلحة استعدادها لالقاء السلاح والدخول في العملية السياسية ضمن اطار مشروع المصالحة الوطنية الذي اطلقه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قبل اربعة اعوام.
ولا شك ان الترابط بين الحقائق الثلاث من حيث مقدماتها وخلفياتها ومعطياتها كبير جدا، بل وواضح جدا ايضا، في ذات الوقت الذي لا يمكن فيه بأي حال من الاحوال تجاهل التفاعلات والتحولات الحاصلة في العالم العربي، ومدى تأثيرها على المشهد العراقي العام ـ سياسيا وامنيا بالدرجة الاساس ـ وهنا لا بد من الاشارة الى ان تراجع نسبة العمليات الارهابية بواسطة السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة تزامن مع اندلاع الانتفاضات والثورات العربية بدءا من تونس منتصف شهر كانون الاول/ ديسمبر الماضي، مرورا بمصر ومن ثم البحرين وليبيا واليمن والتحركات في سوريا.
وهذا يعني ان مصادر التحريك والتمويل والدعم اللوجيستي للجماعات المسلحة في العراق، قد ارتبكت او قل توقف البعض منها، وهذا امر طبيعي اذا عرفنا ان انظمة سياسية عربية ومنظمات مختلفة تعمل تحت واجهات دينية وسياسية وتجارية تبنت اجندات ارهابية في العراق، وكان مشروعها الاساسي هو إغراق هذا البلد في بحر من الدماء من خلال اللعب والمراهنة على الورقة الطائفية، مثلما حصل في لبنان بمراحل سابقة، وحتى الان.
وفي هذا الشأن يشير نائب رئيس مجلس محافظة الانبار (150 كلم غرب بغداد) الى ان الأمن تحسن بالمحافظة بنسبة تصل إلى 88 % خلال شهر آذار/ مارس الماضي، وهي أعلى نسبة له منذ معركة الفلوجة الثانية في خريف عام 2004، مبينا أن السبب يعود إلى انشغال الدول التي كانت تتدخل في الشأن العراقي بأزماتها الداخلية.
ويضيف نائب رئيس المجلس سعدون عبيد الشعلان "ان قوات الأمن العراقية تمكنت خلال الشهر الماضي من اعتقال أشخاص مهمين في تنظيم القاعدة وجماعات إرهابية أخرى، فضلا عن مصادرة أسلحة ومتفجرات كسرت شوكة الجماعات المسلحة إلى حد كبير ما أدى إلى ارتفاع مؤشر الأمن بنسبة 88%"، مضيفاً "نحن نعتبره انجازا ومفخرة لقوات الأمن، وبسبب التنسيق الممتاز بين السلطات المحلية في الانبار، وان رياح التغيير في المنطقة وانشغال مخابرات بعض دولها التي كانت تتدخل بشكل سلبي في العراق عن الملف العراقي بملفات بلدانها التي تشهد مظاهرات واحتجاجات واسعة أسهم في أن يكون للعراق وضع امني مريح، حيث أدى الضغط في بلدانهم إلى ترك العراق لأهله".
وقد تناول عدد من المحللين والمتخصصين بشؤون الارهاب في مناسبات عديدة وعلى ضوء ارقام ومعطيات دقيقة طبيعة وحجم الدور الذي لعبته اطراف عربية مختلفة في اثارة الفتن الطائفية والدفع باتجاه اشعال نيران الحرب الاهلية في العراق، والمغرب العربي والجزيرة العربية كانا من ابرز المناطق لتصدير الارهابيين الانتحاريين وارسال المال والسلاح الى العراق، واصدار الفتاوى التكفيرية والترويج الاعلامي والسياسي لكل ما من شأنه تعقيد وتأزيم الاوضاع السياسية والامنية.
ولعل واحدا من معوقات عودة العلاقات بين العراق وبعض الاطراف العربية طيلة الاعوام السبعة الماضية هو طبيعة النظام السياسي الديمقراطي القائم في بغداد، ناهيك عن المئات من الارهابيين من جنسيات عربية مختلفة ـ سعوديين وجزائريين وليبيين ومصريين ـ ما زالوا قابعين في السجون العراقية.
وطبيعي ان توقّف الدعم والاسناد المالي واللوجيستي عن الجماعات الارهابية المسلحة يرغمها على اعادة النظر في مشاريعها واجنداتها وخططها، ومراجعة اولوياتها على ضوء متغيرات الواقع القائم على الارض، ولا يخرج اعلان ستة فصائل مسلحة استعدادها لإلقاء السلاح والتفاوض مع الحكومة عن سياق هذه الحقيقة، ولا سيما ان تلك الجماعات كان ـ وربما ما زال ـ لها دور فاعل في التخطيط للعمليات الارهابية وتنفيذها، وانها مرتبطة بأطراف عربية ـ او جهات فيها ـ كالسعودية وليبيا والامارات وسوريا والاردن.
وكان وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي قد ذكر قبل اسبوعين خلال مؤتمر للمصالحة عقد في مقر مجلس الوزراء ببغداد أن ستة فصائل مسلحة أعلنت رسميا التخلي عن العمليات المسلحة وانضمامها إلى العملية السياسية في العراق بعد تطبيق الاتفاقية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن تلك الفصائل التي تنتمي لمناطق وسط وشمال وغرب العراق لم تتلطخ أيديها بدماء العراقيين، وان الحكومة ستسقط الحق العام عن أعضاء تلك الجماعات، كاشفا عن وجود حوارات مع فصائل مسلحة أخرى من داخل وخارج البلاد لإقناعهم بالتخلي عن العمل المسلح.
في ذات الوقت اعلن فيه كل من المتحدث باسم الفصائل المسلحة محمود الجنابي، والمنسق بين وزارة المصالحة والجماعات المسلحة ثائر التميمي ـ ابو عزام ـ بأن الفصائل الستة كانت تقاتل القوات الاميركية ولم تتلطخ اياديها بدماء العراقيين!.
وبصرف النظر عن طبيعة النشاط المسلح لتلك الفصائل، فإن مجرد اعلانها التخلي عن السلاح في هذه المرحلة يطلق اشارات واضحة على ان هناك ظروفا واوضاعا معينة دفعت الى اتخاذ مثل ذلك القرار، من بينها ان افرازات الواقع العربي الجديد انسحبت وامتدت الى الواقع العراقي.
ومع انه من غير الواضح على وجه الدقة هوية الفصائل الستة، الا ان ذلك لا يعني اغلاق ملف الارهاب والعنف كاملا في العراق، لانه اذا افترضنا جدلا ان الفصائل الستة كانت جادة في قرارها، فإن هناك فصائل اخرى ـ او حتى اجنحة من داخلها ـ ترفض هذا التوجه جملة وتفصيلا، وتنظيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية الذي يمثل الجناح العسكري لتنظيم القاعدة في العراق يعد واحدا من ابرز الرافضين لفكرة المصالحة، بل انه يدعو الى تصعيد العمليات الارهابية المسلحة مستفيدا من تحالفه مع تشكيلات حزب البعث المنحل، وجماعات اخرى ترفض الحكومة الحالية والعملية السياسية برمتها، وما تصاعد عمليات الاغتيالات بكواتم الصوت من جديد خلال الاسابيع القلائل الماضية، بعد ان انحسرت الى حد كبير الا دليل عن استمرار نفس النهج، ولكن بأساليب وسياقات اخرى.
وفضلا عن كواتم الصوت فإن هناك عمليات ارهابية نوعية ومخططا لها بدقة وحرفية، مثل عملية اقتحام مجلس محافظة صلاح الدين قبل اكثر من اسبوع من قبل عناصر تابعة لما يسمى بدولة العراق الاسلامية، والتي تسببت بمقتل العشرات اغلبهم موظفون حكوميون وبينهم اعضاء في مجلس المحافظة، وكانت تلك العملية شبيهة الى حد كبير بعملية اقتحام وتفجير كنيسة سيدة النجاة وسط العاصمة بغداد مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وفي الوقت الذي يعلن الجنابي، الذي هو احد ابرز قيادات تنظيم الجيش الاسلامي، "براءة المقاومة العراقية من المتورطين بالدم العراقي"، داعيا الى "محاكمة المتورطين بحمل السلاح ضد العراقيين واستثنائهم من المصالحة الوطنية مستقبلاً"، تنقل بعض المصادر عن قيادات من الفصائل الستة تقيم في خارج العراق قولها بأن الجنابي لا يمتلك تفويضاً من الأذرع المسلحة لتلك الفصائل، وهذه تشكل ما نسبته 95 في المئة من أعضاء الفصائل، وبينما تسعى القيادات الداخلية الى وقف الملاحقات القضائية ضدها والعيش بسلام، تذهب القيادات الخارجية الى ان الداخلين في مشروع المصالحة منشقون وليسوا جزءاً من المجلس السياسي للمقاومة.
وهكذا فإن الجدل والسجال بين الجماعات المسلحة بمستوياتها الافقية والعمودية يشير بوضوح الى ان ملف الارهاب والعنف في العراق لن يغلق على صعيد المدى المنظور. وما دام الوضع السياسي يشهد الكثير من الاحتقانات والتجاذبات والتقاطعات فإن الوضع الامني سيبقى يدور في دوامة من الارتباك والاضطراب والفوضى في داخل المؤسسات الامنية وكذلك في الشارع.
وبما ان العوامل الداخلية متداخلة ومتشابكة مع العوامل الخارجية فإن انفتاح الواقع العربي على خيارات واحتمالات عديدة وجديدة، لا يعني بالضرورة تبدل صورة المشهد العراقي برمتها، وان كان هناك تأثيرٌ وتأثر من الصعب بمكان تجاهلهما أو القفز عليهما.
يمكن الإشارة الى ثلاث حقائق مهمة عند قراءة وتحليل الواقع الامني في العراق خلال الشهور الاربعة الماضية، وهذه الحقائق هي:
ـ تراجع نسبة العمليات الارهابية بواسطة السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة.
ـ ازدياد معدل العمليات الارهابية عبر كواتم الصوت، لا سيما في العاصمة بغداد.
ـ اعلان عدد من المجاميع المسلحة استعدادها لالقاء السلاح والدخول في العملية السياسية ضمن اطار مشروع المصالحة الوطنية الذي اطلقه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قبل اربعة اعوام.
ولا شك ان الترابط بين الحقائق الثلاث من حيث مقدماتها وخلفياتها ومعطياتها كبير جدا، بل وواضح جدا ايضا، في ذات الوقت الذي لا يمكن فيه بأي حال من الاحوال تجاهل التفاعلات والتحولات الحاصلة في العالم العربي، ومدى تأثيرها على المشهد العراقي العام ـ سياسيا وامنيا بالدرجة الاساس ـ وهنا لا بد من الاشارة الى ان تراجع نسبة العمليات الارهابية بواسطة السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة تزامن مع اندلاع الانتفاضات والثورات العربية بدءا من تونس منتصف شهر كانون الاول/ ديسمبر الماضي، مرورا بمصر ومن ثم البحرين وليبيا واليمن والتحركات في سوريا.
وهذا يعني ان مصادر التحريك والتمويل والدعم اللوجيستي للجماعات المسلحة في العراق، قد ارتبكت او قل توقف البعض منها، وهذا امر طبيعي اذا عرفنا ان انظمة سياسية عربية ومنظمات مختلفة تعمل تحت واجهات دينية وسياسية وتجارية تبنت اجندات ارهابية في العراق، وكان مشروعها الاساسي هو إغراق هذا البلد في بحر من الدماء من خلال اللعب والمراهنة على الورقة الطائفية، مثلما حصل في لبنان بمراحل سابقة، وحتى الان.
وفي هذا الشأن يشير نائب رئيس مجلس محافظة الانبار (150 كلم غرب بغداد) الى ان الأمن تحسن بالمحافظة بنسبة تصل إلى 88 % خلال شهر آذار/ مارس الماضي، وهي أعلى نسبة له منذ معركة الفلوجة الثانية في خريف عام 2004، مبينا أن السبب يعود إلى انشغال الدول التي كانت تتدخل في الشأن العراقي بأزماتها الداخلية.
ويضيف نائب رئيس المجلس سعدون عبيد الشعلان "ان قوات الأمن العراقية تمكنت خلال الشهر الماضي من اعتقال أشخاص مهمين في تنظيم القاعدة وجماعات إرهابية أخرى، فضلا عن مصادرة أسلحة ومتفجرات كسرت شوكة الجماعات المسلحة إلى حد كبير ما أدى إلى ارتفاع مؤشر الأمن بنسبة 88%"، مضيفاً "نحن نعتبره انجازا ومفخرة لقوات الأمن، وبسبب التنسيق الممتاز بين السلطات المحلية في الانبار، وان رياح التغيير في المنطقة وانشغال مخابرات بعض دولها التي كانت تتدخل بشكل سلبي في العراق عن الملف العراقي بملفات بلدانها التي تشهد مظاهرات واحتجاجات واسعة أسهم في أن يكون للعراق وضع امني مريح، حيث أدى الضغط في بلدانهم إلى ترك العراق لأهله".
وقد تناول عدد من المحللين والمتخصصين بشؤون الارهاب في مناسبات عديدة وعلى ضوء ارقام ومعطيات دقيقة طبيعة وحجم الدور الذي لعبته اطراف عربية مختلفة في اثارة الفتن الطائفية والدفع باتجاه اشعال نيران الحرب الاهلية في العراق، والمغرب العربي والجزيرة العربية كانا من ابرز المناطق لتصدير الارهابيين الانتحاريين وارسال المال والسلاح الى العراق، واصدار الفتاوى التكفيرية والترويج الاعلامي والسياسي لكل ما من شأنه تعقيد وتأزيم الاوضاع السياسية والامنية.
ولعل واحدا من معوقات عودة العلاقات بين العراق وبعض الاطراف العربية طيلة الاعوام السبعة الماضية هو طبيعة النظام السياسي الديمقراطي القائم في بغداد، ناهيك عن المئات من الارهابيين من جنسيات عربية مختلفة ـ سعوديين وجزائريين وليبيين ومصريين ـ ما زالوا قابعين في السجون العراقية.
وطبيعي ان توقّف الدعم والاسناد المالي واللوجيستي عن الجماعات الارهابية المسلحة يرغمها على اعادة النظر في مشاريعها واجنداتها وخططها، ومراجعة اولوياتها على ضوء متغيرات الواقع القائم على الارض، ولا يخرج اعلان ستة فصائل مسلحة استعدادها لإلقاء السلاح والتفاوض مع الحكومة عن سياق هذه الحقيقة، ولا سيما ان تلك الجماعات كان ـ وربما ما زال ـ لها دور فاعل في التخطيط للعمليات الارهابية وتنفيذها، وانها مرتبطة بأطراف عربية ـ او جهات فيها ـ كالسعودية وليبيا والامارات وسوريا والاردن.
وكان وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي قد ذكر قبل اسبوعين خلال مؤتمر للمصالحة عقد في مقر مجلس الوزراء ببغداد أن ستة فصائل مسلحة أعلنت رسميا التخلي عن العمليات المسلحة وانضمامها إلى العملية السياسية في العراق بعد تطبيق الاتفاقية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن تلك الفصائل التي تنتمي لمناطق وسط وشمال وغرب العراق لم تتلطخ أيديها بدماء العراقيين، وان الحكومة ستسقط الحق العام عن أعضاء تلك الجماعات، كاشفا عن وجود حوارات مع فصائل مسلحة أخرى من داخل وخارج البلاد لإقناعهم بالتخلي عن العمل المسلح.
في ذات الوقت اعلن فيه كل من المتحدث باسم الفصائل المسلحة محمود الجنابي، والمنسق بين وزارة المصالحة والجماعات المسلحة ثائر التميمي ـ ابو عزام ـ بأن الفصائل الستة كانت تقاتل القوات الاميركية ولم تتلطخ اياديها بدماء العراقيين!.
وبصرف النظر عن طبيعة النشاط المسلح لتلك الفصائل، فإن مجرد اعلانها التخلي عن السلاح في هذه المرحلة يطلق اشارات واضحة على ان هناك ظروفا واوضاعا معينة دفعت الى اتخاذ مثل ذلك القرار، من بينها ان افرازات الواقع العربي الجديد انسحبت وامتدت الى الواقع العراقي.
ومع انه من غير الواضح على وجه الدقة هوية الفصائل الستة، الا ان ذلك لا يعني اغلاق ملف الارهاب والعنف كاملا في العراق، لانه اذا افترضنا جدلا ان الفصائل الستة كانت جادة في قرارها، فإن هناك فصائل اخرى ـ او حتى اجنحة من داخلها ـ ترفض هذا التوجه جملة وتفصيلا، وتنظيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية الذي يمثل الجناح العسكري لتنظيم القاعدة في العراق يعد واحدا من ابرز الرافضين لفكرة المصالحة، بل انه يدعو الى تصعيد العمليات الارهابية المسلحة مستفيدا من تحالفه مع تشكيلات حزب البعث المنحل، وجماعات اخرى ترفض الحكومة الحالية والعملية السياسية برمتها، وما تصاعد عمليات الاغتيالات بكواتم الصوت من جديد خلال الاسابيع القلائل الماضية، بعد ان انحسرت الى حد كبير الا دليل عن استمرار نفس النهج، ولكن بأساليب وسياقات اخرى.
وفضلا عن كواتم الصوت فإن هناك عمليات ارهابية نوعية ومخططا لها بدقة وحرفية، مثل عملية اقتحام مجلس محافظة صلاح الدين قبل اكثر من اسبوع من قبل عناصر تابعة لما يسمى بدولة العراق الاسلامية، والتي تسببت بمقتل العشرات اغلبهم موظفون حكوميون وبينهم اعضاء في مجلس المحافظة، وكانت تلك العملية شبيهة الى حد كبير بعملية اقتحام وتفجير كنيسة سيدة النجاة وسط العاصمة بغداد مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وفي الوقت الذي يعلن الجنابي، الذي هو احد ابرز قيادات تنظيم الجيش الاسلامي، "براءة المقاومة العراقية من المتورطين بالدم العراقي"، داعيا الى "محاكمة المتورطين بحمل السلاح ضد العراقيين واستثنائهم من المصالحة الوطنية مستقبلاً"، تنقل بعض المصادر عن قيادات من الفصائل الستة تقيم في خارج العراق قولها بأن الجنابي لا يمتلك تفويضاً من الأذرع المسلحة لتلك الفصائل، وهذه تشكل ما نسبته 95 في المئة من أعضاء الفصائل، وبينما تسعى القيادات الداخلية الى وقف الملاحقات القضائية ضدها والعيش بسلام، تذهب القيادات الخارجية الى ان الداخلين في مشروع المصالحة منشقون وليسوا جزءاً من المجلس السياسي للمقاومة.
وهكذا فإن الجدل والسجال بين الجماعات المسلحة بمستوياتها الافقية والعمودية يشير بوضوح الى ان ملف الارهاب والعنف في العراق لن يغلق على صعيد المدى المنظور. وما دام الوضع السياسي يشهد الكثير من الاحتقانات والتجاذبات والتقاطعات فإن الوضع الامني سيبقى يدور في دوامة من الارتباك والاضطراب والفوضى في داخل المؤسسات الامنية وكذلك في الشارع.
وبما ان العوامل الداخلية متداخلة ومتشابكة مع العوامل الخارجية فإن انفتاح الواقع العربي على خيارات واحتمالات عديدة وجديدة، لا يعني بالضرورة تبدل صورة المشهد العراقي برمتها، وان كان هناك تأثيرٌ وتأثر من الصعب بمكان تجاهلهما أو القفز عليهما.