ارشيف من :مقاومة
"ويكيليكس" : تواطؤ خليجي مع الولايات المتحدة لإبقاء القوات الاميركية في العراق
في جديد فضائح ويكيليكس العربية، تظهر إحدى البرقيات الصادرة عن السفارة الأميركية في الكويت، والتي نشرتها صحيفة "الأخبار" اليوم أنّ المسؤولين الكويتيين إستغلوا لقاءاتهم مع الدبلوماسيين الأميركيين للتحريض على إستمرار الحرب الاميركية على العراق.
وتظهر البرقيات تواطؤ المعارضين العراقيين مع الأميركيين، ومنهم السيد محمد بحر العلوم.
السفير جونز : الكويتيون يقفون وراءنا بحزم
وفي التفاصيل، تفيد برقية مؤرخة في 5 نيسان 2003 (03KUWAIT1250 ) أن السفير الأميركي في الكويت آنذاك ريتشارد جونز قال لوزير الخارجية الكويتي محمد صباح سالم الصباح إنّ سوريا "لا تزال لا تساعد الجهود الأميركية في العراق، فهي تسمح للسفارة العراقية في دمشق بتجنيد مقاتلين من أجل صدام، وتشحن معدات عسكرية عبر الحدود".
الصباح، من جهته، قال إنّ "السفير الكويتي في دمشق لاحظ زيادة السيارات الثمينة التي تحمل لوحات تسجيل عراقية في المدينة، ومعظمها يتجه إلى لبنان. كذلك، أغلقت مستشفيات بعض أقسامها ووضعتها في تصرف الشخصيات المهمة. وأجاب السفير عن سؤال للصباح بأنّ الحرب الجوية تدار من قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية، لكن الهجمات الجوية لا تنطلق من الأراضي السعودية".
وينهي السفير البرقية بتأكيده أنّه كما كرر دوماً، إنّ الكويتيين "يقفون وراءنا بحزم، ويتحدّون بنحو متزايد الإدانة من باقي العالم العربي".
لكن يبدو أنّ "تحرير الكويت من الطغيان" على أيدي الأميركيين لم يكن مجانياً، إذ تشير برقية بتاريخ 29 تموز 2003 (03KUWAIT3409) إلى أنّ الكويت تُسهم في نفقات الحرب عبر تمويل القوات الفقيرة. هكذا، يتضح أنّ بعض المشاركات الدولية في الحرب على العراق كانت شكلية، ترسل هذه الدول جنودها وقواتها إلى العراق، وتدفع دول النفط الفاتورة.
ففي هذه البرقية، يطلب السفير توضيحات عن موضوع التمويل من وزير الخارجية أيضاً، الشيخ محمد الصباح، فيقول الأخير إنّ حكومته وافقت، بالمبدأ، على تمويل القوات البولندية، ما دامت دول أخرى ستتحمل معها العبء. ويضيف أنّ رئيس الوزراء، في ذلك الحين، الشيخ صباح الأحمد الصباح أعطى موافقته الشفهية لوزير الحرب الأميركي دونالد رامسفيلد، موضحا أنّ الحكومة لا تزال تقرر شكل مساهمتها، فهي ستكون عبر توفير الطعام أو التنقلات، أو الاثنين معاً. وقال إنّه يمكن أن تكون المساعدة في مجالات أخرى أيضاً.
السيد بحر العلوم تعهد بتعليم الاجيال أن أميركا حررت العراق
ومن أهم البرقيات التي تعود لعام الاجتياح (2003) هي تلك التي تنقل تفاصيل لقاء عقد بين السيد محمد بحر العلوم، الذي كان يزور الكويت للمشاركة في نشاطات رمضانية، بالسفير جونز.
وتقول البرقية المؤرخة في 10 تشرين الثاني 2003 (03KUWAIT5129) إنّ اللقاء عقد بناءً على طلب من بحر العلوم. وقال بحر العلوم إنّ رئيس الوزراء الكويتي حثّه مراراً على الحديث بصراحة مع السفير الأميركي بسبب ثقافته ورؤيته، ولأنه سينتقل إلى العراق قريباً (جونز كان بين تشرين الثاني 2003 وحزيران 2004 مسؤول السياسات الأول ونائب سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق، مع استمراره في منصبه في الكويت). وشدد بحر العلوم على أنّه "من المهم جداً لنا أن تنجح الولايات المتحدة في العراق"، وأشاد بالحاكم الأميركي للعراق بول بريمر "الصديق الجيد الذي يحترمه". وتحدث كذلك عن تحسن الأمن الشخصي في العراق بنسبة 75 في المئة، لكن تستمر مشكلة الأمن السياسي "التي تصيبنا وتصيبكم".
وقال إنّ مجموعات عدّة تقف وراء هذه الاعتداءات، منها مناصرو صدام والقاعدة ودول مجاورة تشعر بالخطر من الوجود الأميركي في العراق، أهمها إيران وسوريا والسعودية. ورأى بحر العلوم أنّ مقتدى الصدر هو "لا شيء"، ولا يمكن إعتباره سلطة دينية، لكن يستخدمه أشخاص يريدون تقويض التحالف. وقال إنّ السلطات الدينية تبقي الوضع في الجنوب تحت السيطرة، واتهم جهات خارجية باغتيال محمد باقر الحكيم. وشدد بحر العلوم على عدم رغبته في رؤية الولايات المتحدة تتسرع بالرحيل من بلاد الرافدين. وقال إنّه آمن لفترة طويلة بأنّ الولايات المتحدة هي "الوحيدة التي تستطيع إنقاذنا من صدام"، وقال ذلك للإيرانيين. وتعهد بتعليم الأجيال المقبلة أنّ "أميركا حررت العراق".
وحثّ بحر العلوم على تخفيف الضغط الأميركي عن إيران وسوريا والسعودية، حتى يتحقق استقرار العراق. ولمّح، وفق السفير، إلى تدخل الدول الثلاث في العراق، لإبقاء القوات الأميركية مشغولة. وطلب "إعطاء الانطباع بأنّ العراقيين يحكمون أنفسهم"، وإبقاء الوجود الأميركي "في الكواليس". وطالب بحر العلوم باحترام العراقيين أكثر، عبر منع الإعلام من تصوير طوابير المتقاعدين الذين ينتظرون قبض رواتبهم، ومحاولة عدم خلع الأبواب أثناء تفتيش المنازل. وطلب الأخذ في الاعتبار أنّ العراقيين يتظاهرون لأنّهم يستطيعون، فهم أحرار للمرة الأولى منذ 35 عاماً، في تلميح إلى أنّهم يتظاهرون لأجل التظاهر، لا بسبب مطالب محقة. واشتكى من أن الكويت هي الدولة الوحيدة الصديقة من بين جيران العراق، ومن أنّ إيران وتركيا لن تساندا العراق أبداً. وحين قال جونز إنّه سيحاول أن يقابل أكبر عدد من العراقيين في زيارته التي ستبدأ قبل نهاية شهر رمضان، وأنّه سيؤكد لهم أنّ أميركا لا تنوي أن تطيل بقاءها في البلاد، قاطعه بحر العلوم معترضاً، وطلب منه ألا يتحدث في موضوع رحيل القوات.
السفارة الامريكية في الكويت سعت الى ايقاف قناتي الزوراء والمنار
وفي سياق الحرب على العراق، تكشف وثائق ويكيليكس أن السفارة الأميركية في الكويت كان لها هدف إعلامي، فهي حاولت تجنيد الكويتيين للضغط على إدارة قمر عربسات لإيقاف بث قناة "الزوراء" العراقية الناطقة باسم المقاومة السنية، وقناة "المنار" اللبنانية أيضاً.
ففي برقية مؤرخة في 19 حزيران 2007 (07KUWAIT953) ومعنونة "مذكرة متابعة حيال استمرار بث عربسات قناتي الزوراء والمنار"، يسلم أحد الموظفين السياسيين في السفارة نائب وزير الإعلام الكويتي ناصر الصفار مذكرة بشأن كيفية التصرف في اجتماع وزراء إعلام الدول العربية في القاهرة.
وتتحدث البرقية عن اجتماع عقد في 18 حزيران بين نائب وزير الاتصالات الكويتي عبد العزيز العصيمي وأحد المستشارين الاقتصاديين في السفارة، تناول قضية المحطتين. ووافق العصيمي على أنّ بث المحطتين خطير، لكنّه أضاف أنّ مجلس مديري عربسات، التي تمثل وزارة الاتصالات الكويت فيه، لا يتدخل مباشرة في إدارة القمر. وقال إنّ الطريقة الأمثل للتأثير في سياسة عربسات هي عبر رئيسه ورئيس مجلس إدارته خالد بالخيور.
بعد ذلك في أقل من شهرين، اجتمع المكلف بالأعمال في السفارة مع مساعد نائب وزير الاتصالات علي الزابن الذي قال له إنّه كان يمثل الكويت في اجتماع مجلس إدارة عربسات الأخير. وأضاف أنّه اقترح مسألة إيقاف بث قناة "الزوراء". بالخيور تمنى لو توقف حكومة الولايات المتحدة بث القناة؛ لأنّ جيشها "يسيطر" على العراق.
وفي الاجتماع نفسه، قال العصيمي إنّ إدارة عربسات تحاول ألا تتدخل في السياسة، وتفضل أن تترك القرارات المتعلقة بمحتويات سياسية للدول التي تستضيف المحطات، وأضاف أنّ الكويت مستعدة لإعادة اقتراح الموضوع مجدداً في الاجتماع المقبل لإدارة القمر في تشرين الأول. لكنّه شدد على أنّه سيكون أكثر فاعلية إن بادرت حكومة العراق إلى طرح مسألة إيقاف بث الزوراء أولاً، فعند ذلك يساندها أعضاء المجلس الآخرون.