ارشيف من :آراء وتحليلات
حجارة 14 آذار.. والمقاومة
حسان إبراهيم
يُقال أن الاشياء، كما الحجارة، لا يمكن وصفها بالجاهلة، لانها لا تملك قابلية التعلّم اساسا. وقد يقال فكاهة، ان بعض الناس لا يمكن ان يكونوا جهلة او متعلمين، لانهم كما الحجارة، جامدين في أماكنهم، وعلى حالهم مهما بقوا، وغير قابلين للتعلم حتى من اخطائهم.
حملة قوى 14 آذار على سلاح المقاومة، والمتواصلة منذ فترة بقيادة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الدين الحريري، مثيرة جدا، وتستأهل قليلا من العناية والبحث، سواء ما يرتبط بإطلاقها اصلا او باستمرارها.
ترتبط الحملة، في الظاهر، بسبب من اثنين او كلاهما معا، لشبه تلازم بينهما:
قراءة ذاتية خاطئة للواقع ومآلاته، كما هي العادة المتبعة من قبل هذه القوى، التي قد تكون تنبأت بان شيئا ما مقبل على الساحة وسيؤدي الى ضرب حزب الله، وبالتالي عليها الاسراع في إعلان موقفها وعدائها، استباقا لما سيأتي.
السبب الثاني، قد يكون مرتبطا بوعد اعطي لهذه القوى ـ من قبل جهة او جهات باتت معروفة ـ بان تغييرا سيطرأ على البيئة الحاضنة والداعمة للمقاومة، بما يعني سوريا تحديدا، ومن شأنه ان يعبد الطريق لتحقيق الهدف المنشود والمأمول لدى 14 آذار: اسقاط المقاومة ونزع سلاحها.
سببان معقولان من ناحية تحليلية، استنادا الى الظروف المستجدة اقليميا، واستنادا الى تاريخ 14 آذار في المسارعة الى تلقف اي حدث، والربط والتحليل على علاته بين اي تغيير او معطى جديد، وصولا الى التقدير بان المقاومة مقبلة على ضغوط، يؤمل من خلالها اسقاطها.
قيل في السابق كلام كثير في تحليل مواقف 14 آذار وتحديدا مواقف زعيم هذه القوى، إن لجهة الاخطاء او مسبباتها، ولا داع لتكرار الحديث عنها.. لكن كما هو معروف، الامل والنتيجة قائمين لدى "معتدلي" لبنان، ولنتيجة جاهزة دائما وتنتظر ما يخرجها الى الوجود: ضرب المقاومة.
والامر سيان، سواء صلحت المعطيات او فسدت.. هذا هو التحليل المنطقي المستند الى المتغير الطارىء على الساحة اللبنانية وما يرتبط بها، كما ترى وتأمل 14 آذار، التي تنساق في العادة، ذاتيا او من خلال الوعود، الى تقديرات مماثلة، سواء كانت مبنية على معطيات أم لم تكن، طالما انها تأمل بانها ستوصل الواقع في نهاية المطاف، الى الاضرار بالمقاومة.
يشهد على هذا المنحى، مواقف لـ14 آذار، اطلقت خلال وفي أعقاب الثورة المصرية، خلافا للعقل. رأت هذه القوى ان الاحداث في مصر تنبيء بإمكان ضرب قوى المقاومة، بل ان بعضهم رأى ان احداث مصر نفسها، هي احدى ارتدادات مآثرهم و"انتفاضتهم" عام 2005، وإن بمفعول رجعي عاد سنوات الى الخلف. وبالتالي، من يرى في الاحداث المصرية مصلحة للمحور المتداعي، حيث مصر السابقة كانت جزءا وركنا اساسيا فيه، فطبيعي ان يرى في "احداث" سوريا مع الفارق، حتى قبل حدوثها، املا في تغيير يخدم آمالها، وعلى رأسها ضرب المقاومة.
كل ما تقدم يعني ان الحملة على سلاح المقاومة، مرتبطة بقراءة لتغيرات مقبلة قد تراها هذه القوى وتحديدا في الساحة السورية، ما يدفع الى شن الحملة نفسها، استباقا للنتائج المرجوة.. والنتيجة واحدة: سواء خلصت 14 آذار الى هذه النتيجة بنفسها، او جاءت نتيجة لوعود اسقطت عليها، كما هو متبع في العادة.
الا ان ما يثقل على هذا التحليل، ان تدافع 14 آذار وحملتها على المقاومة، بما يشمل إخراج عدائها الى العلن بشكل سافر جدا، كما هو الحال في هذه المرحلة، يأتي في أعقاب خسارة هذه القوى للسلطة، وخسرانها السيطرة على مقدرات اساسية في هذا البلد، من شأنها ضمان استمرارهم وأن يؤمن لهم صورة المؤثر الفعلي في هذا البلد، ولو مجازياً. ما قد يعني، ان فقدان السلطة هي احدى الاسباب الرئيسية للحملة القائمة، والعداء المعلن.
مما ورد، يمكن الوصول الى الخلاصة الآتية:
اولا: لا امل في اصلاح هذه القوى، مع اختلاف موقع كل من اجزائها ومكوناتها، سواء بما يرتبط بالعداء للمقاومة نفسه، وحجمه وتأثيره وطريقة اظهاره، او مدى انصياع قادتها للاوامر والتعليمات الخارجية، التي تسقط عليهم اسقاطا.
ثانيا: لا امل في ان تتعلم هذه القوى من اخطائها الماضية، رغم جسامة الخسارة التي تلحق بها في كل مرة، فهي كالحجارة، اشياء غير قابلة للتعلم. وبالتالي لن يُبنى على الماضي شيء، طالما هي كذلك.
ثالثا: لن يكتب لقوى المقاومة، راحة كلية في ساحتها الخلفية، خاصة ان مكونات اعدائها في الداخل، يرون عدائها محركا ومثبتا لوجودهم. سيختلف مستوى الازعاج بين الحين والاخر ربطا بالمعطيات الواقعية او المستجدة على الساحة الداخلية او الاقليمية، لكن الازعاج سيبقى قائما، ولن ينتفي بالمطلق.
رابعا: وهو الاساس، ان الحجارة غير قادرة على ادراك حجم القوة المقلصة لديها، ومدى قدرتها على التأثير والتغيير في الواقع، إن لناحية المقاومة، او لاي ناحية اخرى. وطالما الامر كذلك، فعلى المقاومة دائما، ان تدفع ضريبة غباء اعدائها، ازعاجا مستمرا يختلف مستواه وحجمه، من مرحلة الى اخرى.
يُقال أن الاشياء، كما الحجارة، لا يمكن وصفها بالجاهلة، لانها لا تملك قابلية التعلّم اساسا. وقد يقال فكاهة، ان بعض الناس لا يمكن ان يكونوا جهلة او متعلمين، لانهم كما الحجارة، جامدين في أماكنهم، وعلى حالهم مهما بقوا، وغير قابلين للتعلم حتى من اخطائهم.
حملة قوى 14 آذار على سلاح المقاومة، والمتواصلة منذ فترة بقيادة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الدين الحريري، مثيرة جدا، وتستأهل قليلا من العناية والبحث، سواء ما يرتبط بإطلاقها اصلا او باستمرارها.
ترتبط الحملة، في الظاهر، بسبب من اثنين او كلاهما معا، لشبه تلازم بينهما:
قراءة ذاتية خاطئة للواقع ومآلاته، كما هي العادة المتبعة من قبل هذه القوى، التي قد تكون تنبأت بان شيئا ما مقبل على الساحة وسيؤدي الى ضرب حزب الله، وبالتالي عليها الاسراع في إعلان موقفها وعدائها، استباقا لما سيأتي.
السبب الثاني، قد يكون مرتبطا بوعد اعطي لهذه القوى ـ من قبل جهة او جهات باتت معروفة ـ بان تغييرا سيطرأ على البيئة الحاضنة والداعمة للمقاومة، بما يعني سوريا تحديدا، ومن شأنه ان يعبد الطريق لتحقيق الهدف المنشود والمأمول لدى 14 آذار: اسقاط المقاومة ونزع سلاحها.
سببان معقولان من ناحية تحليلية، استنادا الى الظروف المستجدة اقليميا، واستنادا الى تاريخ 14 آذار في المسارعة الى تلقف اي حدث، والربط والتحليل على علاته بين اي تغيير او معطى جديد، وصولا الى التقدير بان المقاومة مقبلة على ضغوط، يؤمل من خلالها اسقاطها.
قيل في السابق كلام كثير في تحليل مواقف 14 آذار وتحديدا مواقف زعيم هذه القوى، إن لجهة الاخطاء او مسبباتها، ولا داع لتكرار الحديث عنها.. لكن كما هو معروف، الامل والنتيجة قائمين لدى "معتدلي" لبنان، ولنتيجة جاهزة دائما وتنتظر ما يخرجها الى الوجود: ضرب المقاومة.
والامر سيان، سواء صلحت المعطيات او فسدت.. هذا هو التحليل المنطقي المستند الى المتغير الطارىء على الساحة اللبنانية وما يرتبط بها، كما ترى وتأمل 14 آذار، التي تنساق في العادة، ذاتيا او من خلال الوعود، الى تقديرات مماثلة، سواء كانت مبنية على معطيات أم لم تكن، طالما انها تأمل بانها ستوصل الواقع في نهاية المطاف، الى الاضرار بالمقاومة.
يشهد على هذا المنحى، مواقف لـ14 آذار، اطلقت خلال وفي أعقاب الثورة المصرية، خلافا للعقل. رأت هذه القوى ان الاحداث في مصر تنبيء بإمكان ضرب قوى المقاومة، بل ان بعضهم رأى ان احداث مصر نفسها، هي احدى ارتدادات مآثرهم و"انتفاضتهم" عام 2005، وإن بمفعول رجعي عاد سنوات الى الخلف. وبالتالي، من يرى في الاحداث المصرية مصلحة للمحور المتداعي، حيث مصر السابقة كانت جزءا وركنا اساسيا فيه، فطبيعي ان يرى في "احداث" سوريا مع الفارق، حتى قبل حدوثها، املا في تغيير يخدم آمالها، وعلى رأسها ضرب المقاومة.
كل ما تقدم يعني ان الحملة على سلاح المقاومة، مرتبطة بقراءة لتغيرات مقبلة قد تراها هذه القوى وتحديدا في الساحة السورية، ما يدفع الى شن الحملة نفسها، استباقا للنتائج المرجوة.. والنتيجة واحدة: سواء خلصت 14 آذار الى هذه النتيجة بنفسها، او جاءت نتيجة لوعود اسقطت عليها، كما هو متبع في العادة.
الا ان ما يثقل على هذا التحليل، ان تدافع 14 آذار وحملتها على المقاومة، بما يشمل إخراج عدائها الى العلن بشكل سافر جدا، كما هو الحال في هذه المرحلة، يأتي في أعقاب خسارة هذه القوى للسلطة، وخسرانها السيطرة على مقدرات اساسية في هذا البلد، من شأنها ضمان استمرارهم وأن يؤمن لهم صورة المؤثر الفعلي في هذا البلد، ولو مجازياً. ما قد يعني، ان فقدان السلطة هي احدى الاسباب الرئيسية للحملة القائمة، والعداء المعلن.
مما ورد، يمكن الوصول الى الخلاصة الآتية:
اولا: لا امل في اصلاح هذه القوى، مع اختلاف موقع كل من اجزائها ومكوناتها، سواء بما يرتبط بالعداء للمقاومة نفسه، وحجمه وتأثيره وطريقة اظهاره، او مدى انصياع قادتها للاوامر والتعليمات الخارجية، التي تسقط عليهم اسقاطا.
ثانيا: لا امل في ان تتعلم هذه القوى من اخطائها الماضية، رغم جسامة الخسارة التي تلحق بها في كل مرة، فهي كالحجارة، اشياء غير قابلة للتعلم. وبالتالي لن يُبنى على الماضي شيء، طالما هي كذلك.
ثالثا: لن يكتب لقوى المقاومة، راحة كلية في ساحتها الخلفية، خاصة ان مكونات اعدائها في الداخل، يرون عدائها محركا ومثبتا لوجودهم. سيختلف مستوى الازعاج بين الحين والاخر ربطا بالمعطيات الواقعية او المستجدة على الساحة الداخلية او الاقليمية، لكن الازعاج سيبقى قائما، ولن ينتفي بالمطلق.
رابعا: وهو الاساس، ان الحجارة غير قادرة على ادراك حجم القوة المقلصة لديها، ومدى قدرتها على التأثير والتغيير في الواقع، إن لناحية المقاومة، او لاي ناحية اخرى. وطالما الامر كذلك، فعلى المقاومة دائما، ان تدفع ضريبة غباء اعدائها، ازعاجا مستمرا يختلف مستواه وحجمه، من مرحلة الى اخرى.