ارشيف من :أخبار لبنانية

قضية الجرّاح... هل تفتح قضية التمويل من لبنان لأحداث سوريا

قضية الجرّاح... هل تفتح قضية التمويل من لبنان لأحداث سوريا

هيلدا المعدراني

بثّ التلفزيون الرسمي السوري حلقات من مسلسل اعترافات "خلية إرهابية" تورطت في الاحداث التي شهدتها أخيرا المناطق السورية، وأكد فيها أفراد الخلية تلقيهم أموالا تفوق التوقعات من جهات خارجية أبرزها عضو كتلة " المستقبل" النائب جمال الجراح، إضافة إلى أسلحة فردية قناصة ومسدسات وقنابل يدوية وهواتف نقالة متطورة جداً تعمل على شبكة "الثريا"، وذلك بهدف التحريض على التظاهر والدعوة إلى إسقاط النظام في سوريا والقيام بأعمال تخريبية من شأنها المساس بأمن سوريا.

وبعد دعوة السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي السلطات اللبنانية إلى التحرك حفاظا على العلاقات المميزة بين البلدين، وفي الوقت الذي تستعد فيه السلطات السورية لإبراز ملف قضائي ثانٍ يتعلق بتورط تيار المستقبل بالاحداث الجارية في سوريا، حاول تيار الحريري ومعه حلفاؤه في 14 آذار التلاعب بهذه القضية الخطيرة، وقصر معالجتها على السجال الإعلامي، عبر التعامي عن الاتهامات السورية، واعتبارهم لها تلفيقات من صنع خصومهم في الداخل تهدف على ما قال بيان كتلة المستقبل "لإرباك التيار وكتلته النيابية وحرفهما عن توجهاتهما وطروحاتهما الوطنية، ولا سيما في ما يتعلق بمرجعية الدولة وسلطتها الكاملة على الأراضي اللبنانية ورفض وصاية السلاح".

والأنكى من ذلك، أنه وقبل يوم واحد، من الوقت الذي كانت الأمانة العامة لـ 14 آذار تصدر بيانا تعتبر فيه الاتهامات المذكورة تأتي في إطار ما اسمته دأب السلطات السورية "على ربط الأزمة بنظرية المؤامرة"، كانت صحيفة " الواشنطن بوست" فجّرت على صفحاتها فضيحة مدوية عن تمويل واشنطن بإدارتها السابقة والحالية للمعارضة السورية. وقد ذكرت الصحيفة، أن وزارة الخارجية الأمريكية قامت سراً بتقديم الأموال لجماعات المعارضة السياسية السورية، والمشروعات المرتبطة بها، ومنها قناة تلفزيون بردى، وهي تحديداً تتبع لـ(حركة العدالة والتنمية) السورية المعارضة الناشطة في خارج سوريا. كما أكدت الصحيفة المذكورة أن قيام وزارة الخارجية الأمريكية وبعض أجهزة الإدارة الأمريكية بعملية تقديم الأموال لجماعات وأفراد داخل سوريا ما زال مستمراً الى الآن.

بأي حال، لم تنزع بيانات المستقبل والأمانة العامة لـ 14 آذار عن الاتهامات السورية جديتها، فالقضية تتجاوز الشطارة الإعلامية، لأن اتهام النائب الجرّاح بأعمال تمس أمن سوريا، لم يقتصر على كونه يملك ماضيا "عريقا" في العمل الأمني، كان قد اكتسبه من خلال عمله مع أبو الوليد (مسؤول الأمن العسكري لفتح في البقاع) ومن ثم مع أبو الزعيم، وانتقاله إلى الأردن بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، ثم ارتباطه بشبكة علاقات قوية مع عبد الحليم خدام، إلى إيصاله للندوة البرلمانية بواسطة آل الحريري... فهناك أسئلة في منطقة البقاع الغربي تصاعدت إثر وضع الجرّاح في مرمى الاتهام السوري.

وهذه الأسئلة التي يجري تداولها لا تنطلق من اتهامات مسبقة، لكنها تنطوي على دعوة للأجهزة الأمنية والقضائية للتحقيق والتدقيق ببعض الأنشطة (تجارية، أمنية، سياسية...) جرت في المنطقة، ليست حصرا خلال الأحداث الأخيرة في سوريا، إنما يعود بعضها إلى العام 2005 وما تلاه، ومنها:

-هل هناك إحصاء لمجموع بنادق الصيد (بومب اكشن) وكميات الذخيرة التي بيعت في الفترة الأخيرة في المحلات المعروفة بالمنطقة، وخصوصا في بلدة شتورة. وهذه من السهل الحصول عليها من الإدارات المعنية، إضافة إلى أن عملية البيع تقضي تحرير فاتورة أو الحصول على إذن، وعليه يمكن بالتالي معرفة ما إذا كانت الكميات المباعة هي للاستهلاك المحلي أو للتصدير الخارجي.

-هل جرت تحريات عن عملية نقل للأموال من لبنان إلى سوريا، في الفترة المذكورة، ليس عن طريق البنوك وحدها، إنما عبر محال الصرافة والصرافين المنتشرين على طريق الشام الدولية.

-هل جرى التثبت من صحة ما أشيع خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، عن ان استقدام بعض المغتربين من الخارج بذريعة الاقتراع لمصلحة إحدى اللوائح، كان وراءه عملية غسل أموال كبيرة، بعضها يستخدم اليوم في تمويل الحوادث في سوريا.

-هل سيجري التحقق حول دفع رواتب وشراء سيارات وهواتف خلوية تمت في البقاع تحديدا على خلفية ما يدور اليوم في سوريا.

-هل هناك علاقة بين الفتن التي افتعلت في تعلبايا وسعد نايل وعمليات شراء أسلحة تم تخزينها لمعاودة استخدامها خارج الحدود.

كل هذه الأسئلة وغيرها مما تحتفظ به الأجهزة الأمنية من خلال مراقبتها للمعابر بين لبنان وسوريا، هي التي ستحدد صحة أو بطلان دفاع تيار المستقبل وحلفائه عن النائب الجرّاح... ومرة أخرى لا يمكن التعويل على الشطارة الإعلامية، أو إثارة الغرائز، لأن أحداً لا يعطي اليوم بالاً لشعار إسقاط السلاح.

2011-04-21