ارشيف من :أخبار لبنانية
الحريري...إيران والمال
بثينة عليق
لماذا أطلق الحريري مواقفه الاخيرة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ وهل جاءت هذه التصريحات تلبيةً لطرفٍ إقليمي معيّن؟ أو أن الحريري تبرّع بإطلاق هذه الحملات للتعبير عن قناعاته الراسخة؟ وفي كلتا الحالتين ما هو المقابل او الثمن الذي توقّعه أو أراده أو وُعد به الحريري مقابل هذه المهمة؟ هذه الاسئلة طرحت مؤخراً في الأوساط السياسية والإعلامية وحتى الشعبية في لبنان نظراً لخطورة الكلام الذي أطلقه الحريري في التوقيت وفي المضمون.
يجمع مراقبون عن كثب لأوضاع حزب المستقبل أن كلام الحريري الأخير لا يمكن فصله عن سلسلة معطيات أبرزها :
أولاً: ما آلت اليه حملة السلاح التي بدأت منذ إسقاط حكومة سعد الحريري والتي إستنفذت مفاعيلها. فقد إستهلك حزب المستقبل مخزونه السياسي والإعلامي والتحريضي في هذا المجال. لقد كثّف حزب المستقبل ومؤسّساته الترويج لهذه الحملة ما أوصلها سريعاً إلى نهايتها. ويكفي متابعة تلفزيون المستقبل الذي ضمن كلّ برامجه حتى غير السياسية والمنوّعة تقارير لمهاجمة السّلاح وشيطنته، إضافةً الى التكرار الببغائي الذي لجأ اليه قياديوّ المستقبل ما أشعر المتلقّي بالملل.
ثانياً: تبيّن خلال هذه الحملة أن إقناع الجمهور بمضمونها ليس بالأمر السهل، فالشعارات والمضامين المطروحة لم يمض على طرح نقيضها أكثرمن ثلاث أشهر عندما كان الحريري رئيساً لحكومة نص بيانها الوزاري يتبنّى ويشرعن هذا السلاح .
ثالثاً: أداء حزب الله الذي إمتنع عن الردّ والتعليق ما أفقد المستقبل مادة انتظرها بفارغ الصبر لاستغلالها لمزيدٍ من التحريض.
رابعاً: لم يخبر الحريري جمهوره عما سيلي الحملة الإعلانية وبكلامٍ آخر لم يقدّم رئيس حزب المستقبل أجوبة على سلسلة أسئلة لا بدّ من أن تطرح مثل : كيف سينفّذ المستقبل هدف نزع السلاح؟ ومن المستفيد من هذه الحملة؟ وماذا بعد حملة السلاح؟ بماذا سيتحدّث حزب المستقبل وما هو البرنامج التالي في ظل فقدان الحكم والسلطة خاصةً أن هذا الحزب إقتصر سلوكه السياسي على فكرة وصول الحريري الى الحكم.
خامساً: من الواضح أن لجوء الحريري إلى حملة السلاح جاء بعد حالة إفلاس سياسي واجهها وقد عبّر عنها مقرّبون منه طالبوه في أكثر من مناسبة بتقديم خطاب سياسي وبرنامج سياسي واضح بدل اللجوء الى المواقف المائعة والخطابات الطنّانة خاصةً خلال الاحتفالات والمناسبات التي بالغت في التركيز على الشكل دون المضمون السياسي .
سادساً: إزدياد القناعة لدى الكثيرين بعدم أهلية الحريري السياسية وهذا ما يتبدّى يوماً بعد يوم من خلال سوء إدارته للملفات الداخلية والتي تمّ التعبير عنها بمقولة انه لا يعرف كيف يربح ولا يعرف كيف يخسر. كما أنه أثبت أنه عاجز عن الإحتفاظ برصيد العلاقات الخارجية التي ورثها عن أبيه ولعلّ موقفه الأخير من الجمهورية الاسلامية يؤكد هذه الحقيقة.
حول هذا الموضوع تؤكّد المصادر أن السعودية وبعد كلام الأخير ضمن "الحقيقة ليكس" لم تقفل أبواب المملكة أمامه ولكنّها أيضاً لم تفتحها أمامه تماماً بل إحتفظت بنافذة للتواصل والدليل أن الحريري الذي كان يزور السعودية بشكلٍ أسبوعي تحت عنوان الزيارة الخاصة، اكتفى بزيارتين اثنتين خلال خمسة أشهر. وقد يكون مردّ النافذة المفتوحة هو إستفادة الحريري من الخلافات الدائرة داخل السعودية بين تيار يرأسه بندر بن سلطان من جهة وآخر للامير عبد العزيز بن عبد الله.
وكما بات معلوماً فإن الكيمياء مفقودة تماماً بين الأخير وسعد مما يعني الإنحياز والإصطفاف مع تيار بندر بن سلطان. وهذا يتطلب تقديم أوراق إعتماد، وفي هذا السياق يأتي الهجوم الأخير على الجمهورية الاسلامية. فالحريري يرى أن هذا النهج سيعززّ موقعه لدى بندر ومن يمثّل، أضف إلى ذلك أن الحريري يعاني من أزمة مالية منشؤها السعودية التي إمتنعت عن تسديد متوجّبات عليها لشركات الحريري المتهمة بالفساد. ولتحصيل الأموال، يتبرّع الحريري بإطلاق تصريحات ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية ترضي السعوديين فيقبض الثمن أموالاً وريالات.
أما سلوك المستقبل تجاه سوريا فله قصة أخرى ولكنها غير منفصلة.