ارشيف من :أخبار لبنانية
رؤية إستراتيجية صهيونية لـ"زلزال الثورات العربية" وتداعياتها (*)
صدرت عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) دراسة جديدة (أبريل 2011) حول المستجدات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، على ضوء التطورات التي يشهدها العالم العربي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة، ومدى إنعكاس موجة التغييرات في المنطقة على الأمن الإسرائيلي.
الدراسة تقع في 95 صفحة، وشارك في إعدادها مجموعة من الخبراء الإسرائيليين، ومن بينهم د. ميخائيل ميلشتاين، إفرايم كام، رون تيري، شلومو بروم، إفرايم لافي، دان شيفتان، يوئيل نوجنسكي، جيليا ليندنشتراوس.
مقدمة
"في الأشهر الأخيرة شهد الشرق الأوسط إضطرابات عميقة، بعضها غير مسبوق في سماته وقوته، ويتعلق الأمر بأحد الإضطرابات الدراماتيكية للغاية والتي تحدث في هذه المنطقة منذ تشكيل صورتها العصرية في أعقاب الحرب العالمية الأولى. الزلزال ضرب دول كثيرة في المنطقة بشكل منفرد، ولكن تراكم الأحداث بالتزامن وعلى نفس الخلفيات، حيث وفرت كل منها وحياً للأخرى، منحها طابعا جعل منها موجة إقليمية واسعة. وحتى الآن لم يتضح في أي مرحلة يوجد الزلزال وكيف سيتطور، لكنه غير وجه المنطقة.
أبرز عناوين الزلزال هي ثورة مصر، وذلك ليس فقط بسبب وزنها الجيو – سياسي على الصعيد الدولي، ولكن أيضا بسبب المفاجئة الإستراتيجية التي تسببت بها الثورة لجميع المصادر التي ترصد ما يحدث هناك: سواء المراقبين الخارجيين، أو من العالم العربي أو من الغرب، وسواء من اللاعبين المحليين، خاصة النظام في القاهرة. البدائل الدراماتيكية في مصر تعتبر بشكل كبير مقدمة لما يحدث في معظم العالم العربي. فهي تحمل تغيير جذري في أداء وقوة جزء من اللاعبين الأساسيين في العالم العربي، وكذلك ظهور مصادر جديدة لم تكن معروفة حتى الآن، أو أن مستوى معرفتها كان محدودا.
التغيير الأبرز كان لدى نظم مخضرمة ولديها قوة هائلة، كانت توصف على مر السنين على أنها المعسكر المعتدل في الشرق الأوسط، والذي يقف إلى جوار الولايات المتحدة الأمريكية ويساعد في ترسيخ الإستقرار الإقليمي، ولكنها فجأة أصبحت توصف على أنها ديكتاتوريات مستبدة.
الشارع العربي الذي بدا خاضع ومستكين وغير مبالي، ظهر كعنصر محفز يحمل تأثيراً هائلاً، يستطيع أن يغير نظام إمتد سنوات. أما الجيوش في العالم العربي التي أعتبرت على أنها خاضعة تماما للنظم، فقد أبدت قوة غير متوقعة. الحركات الإسلامية التي وصفت بصفة عامة على أنها تهديد مركزي على الأنظمة في المنطقة، ظهرت – على الأقل في المرحلة الحالية – منضبطة تماما. الإتحاد الأوروبي الذي أبدى معظم أعضاؤه تحفظا من إستخدام القوة في الشرق الأوسط، أصبح عمود فقري للمعركة ضد نظام القذافي في ليبيا (بقيادة فرنسا). الولايات المتحدة الأمريكية تفاجئ بإعطاء ظهرها لحلفائها المخضرمين، وبذلك فهي تظهر أنها لم تستخلص الكثير من دروس الماضي.
وإلى جانب التغييرات التي بدأت لدى لاعبين مخضرمين، ظهر لاعبون جدد لديهم قوة كبيرة، وعلى رأسهم الشبكات الإجتماعية على الإنترنت، الميديا العصرية وجمهور الشباب، والذين كانوا عنصر مركزي في التطورات الأخيرة. إجمالي البدائل من شأنه أن يدل على الحاجة لتغيير جزء من المصطلحات الأساسية والرؤى التي سادت حتى الآن في وصف الواقع والمسيرات الأساسية في الشرق الأوسط.
هدف الدراسة هو تشريح سمات الزلزال في الشرق الأوسط، خاصة وأنها ما زالت في مرحلة التشكل. وفي هذا الإطار ستبذل محاولة لتحديد البدائل الحالية والمستجدات الثورية التي تغير وجه المنطقة، مع وضعها على بقايا الماضي التي مازالت قائمة في المنطقة وتؤثر على صورته".
نهاية عهد الجمهوريات الملكية
يحدد هذا الجزء من الدراسة أن الزلزال في الشرق الأوسط أدى إلى نهاية حقبة زمنية قامت على عدد من العناصر: زعماء مخضرمون، حزب حاكم يستأثر بجميع مناحي الحياة، بيروقراطية متشعبة لخدمة الصفوة الحاكمة، وجيش قوي يبدي ولاء تام للحاكم. غير أن جميع هذه العناصر تزعزعت وإختفت تماما في الأشهر الأخيرة، وبعضها غير من أسلوب إدارته. وتحدد الدراسة أن الظاهرة الأبرز كانت خروج آلاف المتظاهرين ضد أنظمة كانت تفتخر بأنها تقود مجموعة من الإصلاحات في السنوات الأخيرة، خاصة الأنظمة التي كان طابعها جمهوري في المظهر، ولكنها في الحقيقة كانت أشبه بملكية تقليدية، تحولت أيضا إلى أنظمة مستبدة يورث فيها الحكم للأبناء، وهو ما ألصق بهذه الدول مصطلح (جوملكية)، وهو مصطلح يدمج بين كلمتي جمهورية وملكية، غير أن رحيل زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر يبشر باختفاء هذا النظام تدريجيا.
وتسرد الدراسة العديد من التصورات لما كان يحدث لدى الأنظمة الأخرى في سوريا وليبيا وكذلك في دول الخليج، وركزت على موقف الجيوش العربية التي ظهرت في التطورات الأخيرة بـ (موقف مفاجئ)، حيث جاء هذا الموقف على خلاف الصورة التي رسمت في العقود الماضية، حيث كانت التحليلات في السنوات التي شهدت إستقرار الأنظمة العربية خاصة في سنوات السبعينات تميل إلى أن الجيوش العربية هي السند الرئيسي الذي تعتمد عليه الأنظمة العربية، غير أن موقف الجيش المصري والتونسي وكذلك الليبي يزعزع هذه النظرة. حيث أبدت هذه الجيوش قوة كبيرة وأظهرت قوتها وإستقلالها أيضا ضد الحاكم وعادت إلى المنصة السياسية، وكيف أن هذه الجيوش كانت حذرة جدا في تعاملها مع المحتجين، وكيف أن الشعوب العربية أبدت تعاطفا كبيرا مع الجيوش العربية.
وركزت الدراسة على وضع الجيش المصري في التطورات الجديدة، خاصة وأنه يدير شئون البلاد حاليا بعد سقوط النظام. وفي دول أخرى مثل سوريا والبحرين والأردن يمثل الجيش مصالح الأقلية الحاكمة، لذا فهو يواجه نظرة عدائية من القطاع الأكبر من المواطنين. ولكن بصفة عامة أثبتت الجيوش العربية أنها تعود لتحتل المكانة السياسية الأهم بصفتها المؤسسة الأكثر تنظيما في العالم العربي. وبذلك سيكون وضع هذه الجيوش أشبه بوضع الجيش التركي الذي حافظ على الطابع العلماني وقيد من صعود الإسلاميين.
كما تركز على إنهيار الأحزاب الحاكمة في مصر وتونس، وهو ما يذكر بإنهيار حزب البعث في العراق بعد الإحتلال الأمريكي، وتتساءل عن مدى مقدرة حزب البعث السوري على مساعدة النظام على البقاء.
ديمقراطية معادية للغرب
تتساءل الدراسة عن المغزى من شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) وما هي المطالب الفعلية للمجتمع، والذي في النهاية أظهر قوة وتأثير كبيرين، وكيف ان الثورة في تونس كانت الأولى، غير أن الثورة في مصر كانت الأهم والأكثر تغطية إعلامية. وعلى الرغم من خلع رأسي النظام في مصر وتونس، غير أن الجيش مازال يسيطر على مقاليد الأمور، وبذلك فإن الأمور لم تُستكمل بعد. ومع ذلك من الصعب تحديد سمات القوة الإجتماعية الجديدة، والتي تقوم في الأساس على الشباب، وهي ظاهرة لم تحدث سوى في الثورة الإيرانية، لذا فإن الشعوب العربية لم تنضج بعد لترسيخ نظام سياسي عصري وإدارة ديمقراطية سليمة، مع أنه أثبت نفسه في الأحداث الأخيرة.
ومع ذلك لا تعتبر الدراسة أن تطلع الشعوب العربية للديمقراطية مصحوب بتطلع للغرب في البعد الثقافي والفكري، ولكن العكس هو الصحيح، حيث أن قسم بارز من الحركة الإحتجاجية، حتى غير الإسلامية تحمل عداءا للغرب بصفة عامة، وللولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بصفة خاصة. وكيف أن قسم كبير من المتظاهرين هم من الإسلاميين، وأنه من الصعب العثور على فارق جوهري بينهم وبين العلمانيين، لذا ينبغي أن يكون هناك حذر في قياس الأمور، خاصة وأنه لم يتم ملاحظة (معسكر سلام) بالمفهوم الذي تعرفه إسرائيل والغرب. كما أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس إندمجت بين التظاهرات الشعبية وحصلت على إعتراف غير مسبوق.
وحذرت الدراسة المحللين من التسرع في إعتبار موجة الإحتجاج في العالم العربي مماثلة لما يعرفونه من تجارب الماضي. فما حدث لا يشترط أن يكون ما يريده الغرب من الشرق الأوسط، ولا يحتم أنه توجه فكري وثقافي نحو القيم الغربية، أو العلمانية والتعددية الفكرية، وليس دليلا على تبلور (معسكر سلام) يريد التصالح مع أعداء العالم العربي والإسلامي، خاصة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. وتقول الدراسة: "إنه تطلع لديمقراطية أخرى، منعزلة بشكل كبير عن الوصف العالمي أو الغربي، وتغيير أساسي، جزء كبير من سوابقه من الصعب تحديد صورتها بدقة".
مكاسب معسكر المقاومة
كما تزعم الدراسة أن التطورات تخدم (معسكر المقاومة) في الشرق الأوسط، والذي تقوده إيران، على حد وصفها. خاصة وأن الزلزال ضرب في الأساس دول من المعسكر المعتدل وعلى رأسها مصر، وهذه الدول المعتدلة كانت تقف في وجه معسكر المقاومة، وهو أمر يضعف من موقف الولايات المتحدة أيضا، خاصة وأن هناك دلائل على قوة وضع المعسكر الإسلامي خاصة في مصر، في ظل إنشغال العالم أيضا عن الملف النووي الإيراني. وعلى الرغم من أن الثورات في العالم العربي لم تكن بمبادرة من المعسكر الإسلامي، ولكنها تسهم في إحداث زخم يصب في مصلحته، وتضعف في المقابل المعسكر المعتدل الذي ينهار تماما.
وتشير إلى أن الأحداث في الشرق الأوسط ستؤدي لانغلاق اللاعبين الأساسيين داخليا، وهو ما يزيد من عجزهم على الإحتشاد والعمل ضمن تكتل عربي، ومن يملئ الفراغ تدريجيا هي قوة غير عربية كانت توجد على هامش العالم العربي، وعلى رأسها إيران، تركيا وإسرائيل. وهذه الدول تعمق تدريجيا من تأثيرها على الساحات الأساسية في العالم العربي وعلى رأسها العراق والخليج العربي والساحة الفلسطينية ولبنان، وساحة البحر الأحمر. هؤلاء اللاعبون، خاصة إيران، سوف يرون في زلزال الشرق الأوسط فرصة إضافية لزيادة نفوذهم في الساحات التي شهدت الإضطرابات الأكبر خاصة في مصر وشمال إفريقيا والجزيرة العربية.
تقول الدراسة الإسرائيلية أن التأكيد الأهم للتحليل الإشكالي للإدارة الأمريكية لما يدور في الشرق الأوسط يوجد في تحليل "فؤاد عجمي"، والذي نشر قبل شهر واحد من إندلاع الثورات في المنطقة في مقاله (البقاء الغريب للأنظمة العربية الإستبدادية). ويعترف عجمي أنه قبل نصف عقد، قدر أنه برعاية الإدارة الأمريكية سوف يسير العالم العربي نحو (ربيع ديمقراطي). وركز على (ثورة الأرز) في لبنان في أعقاب إغتيال رفيق الحريري التي قادت إلى إنسحاب الجيش السوري من لبنان، الإنتخابات الحرة الأولى للبرلمان في العراق عام 2005، والضغط الذي مارسته الإدارة على مصر للقيام بإصلاحات سياسية منتصف العقد الماضي. ويعترف أنه بعد نصف عقد، الرؤية الأمريكية ليست حذرة: فالعراق أبعد عن الديمقراطية المستقرة التي تعتبر مثالا يُحتذى به في باقي دول المنطقة، تطور دراماتيكي في لبنان وصل إلى ذروته عبر حزب الله عام 2006، والسلطة الفلسطينية إنقسمت إلى قسمين.
ويرى عجمي أن النتائج المظلمة لمحاولة فرض الديمقراطية في العالم العربي أدت إلى تراجع كل من العرب وواشنطن على السواء عن دفع هذا الأمر، من خلال إدراك أن المجال غير ملائم لمثل هذه التجارب. لهذا تقرر أنه ينبغي أولا زعزعة الإستقرار في هذه المنطقة. وتقول الدراسة أن عجمي لم يقدر جيدا مدى ضعف معظم الديكتاتوريات مقابل حماس شعبي للتغيير، وكذلك عدم إستعداد الولايات المتحدة الأمريكية للعودة للتمسك بفكرة تأسيس الديمقراطية في المنطقة مع تجاهل مدى تعقديها.
الزاوية الإسرائيلية
تقول الدراسة أن التطورات في الشرق الأوسط خاصة في مصر تحمل أبعاد إستراتيجية كبيرة بالنسبة لإسرائيل، ولخصتها في عدد من النقاط كالتالي:
ـ أولا: تقف مسألة إستقرار إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ـ كأساس إستراتيجي مهم جدا لإسرائيل، والذي قامت عليه نظرية الأمن الإسرائيلي في العقود الثلاثة الماضية، وأي تغيير في النظام، خاصة إمكانية صعود نفوذ الإخوان المسلمين، يعطي إمكانية كبيرة لتغيير نظرية الأمن الإسرائيلي. وعلى المدى القصير، وطالما يتولى الجيش المصري زمام الأمور، يبدو أن إتفاقية السلام ستستمر، ولكن تدرس إسرائيل بدقة مدى تداعيات الوضع الداخلي في مصر وتأثيره على السياسات الخارجية ونظرية الأمن، وخاصة بعد الإنتخابات المتوقعة في نهاية العام الحالي.
ـ ثانيا: إنشغال العالم، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية بما يحدث في الشرق الأوسط، يشتت الإنتباه عن قضية البرنامج النووي الإيراني، كما أنه يدفع عدد من الدول إلى وقف خطواتها ضد إيران على الصعيد الإقتصادي والسياسي، والعسكري، خشية تفاقم عدم الإستقرار في المنطقة.
ـ ثالثا: تزعم الدراسة أن معسكر المقاومة يستمد طاقة وقوة من ضعف الأنظمة العربية المعتدلة، ومن الورطة العميقة للولايات المتحدة الأمريكية، وسوف ترى عناصر المعارضة في ذلك بداية لمجال عمل مريح جدا على جميع الأصعدة خاصة العسكري، وفرصة لتعميق تأثيرها على دول المنطقة التي توجد حاليا في مرحلة إعادة التشكل من جديد، ويحاولون الآن دراسة مجالات عملهم، مثلا عن طريق إرسال سفينتي حرب إيرانيتين للبحر المتوسط (شباط/فبراير 2011)، أو محاولات إرسال شحنات سلاح من إيران إلى قطاع غزة عبر الممرات البحرية والبرية (آذار/مارس 2011)، وفي المقابل – زعزعة نظام بشار الأسد سوف يمس بقوة وتكتل معسكر المقاومة بصفة عامة وتأثير إيران على المنطقة بصفة خاصة. وفي حال إقترب نظام الأسد من نهايته، فإن جزء من جماعات معسكر المقاومة سيحاول التصعيد مقابل إسرائيل في محاولة لمنع إنهيار نظام البعث في دمشق.
ـ رابعا: على الساحة الفلسطينية – الزلزال الأخير من شأنه أن يعمق من الشعور بأزمة إستراتيجية يواجها نظام أبو مازن، خاصة على ضوء فقدان حليف إقليمي كبير في صورة نظام مبارك، وشكوك عميقة حول إستقرار الراعي الأمريكي. وجميع هذه النزعات تصب في مصلحة حماس، التي تشعر مثل باقي الجبهات في معسكر المقاومة، أن البدائل في المنطقة تخدم مصلحتها، خاصة ضعف النظام المصري الذي كان يمارس ضغوطا على حماس في قطاع غزة، وإحتمال أن تحصل جماعة الإخوان المسلمين، الحركة الأم لحماس، على جزء كبير من السلطة المصرية، وفي هذه الحالة، يبدو أن عباس يخشى مصيراً مماثلاً لمصير مبارك .
ـ خامسا: على الصعيد السياسي – الإعلامي، يبدو حتى الآن أن زلزال الشرق الأوسط غير قادر على زعزعة الأساس السائد لدى المجتمع الدولي والولايات المتحدة بصفة خاصة، والذي ينص على أن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني هو مصدر عدم الإستقرار الإقليمي، لذا، فإن البدائل الحالية لا تخفف الضغط السياسي على إسرائيل لدفع المسيرة السياسية مع الفلسطينيين، كما أنها لم توقف مسيرة سلب الشرعية المتزايدة عن إسرائيل على الصعيد الدولي.
ـ سادسا: الصعيد الأمني: ضعف قوة فرض سيادة القانون في مصر على شبة جزيرة سيناء يسهل حاليا من عمليات تهريب السلاح والنشطاء العسكريين إلى قطاع غزة، الأمر الذي يسهم في تحفيز بناء القوة العسكرية لحماس والمنظمات الأخرى، من خلال التزود بأسلحة ذات قدرات إصابة أفضل، خاصة الصواريخ بعيدة المدى والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات والبوارج، وهو ما قد يقيد مجال عمل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
وتقول الدراسة أيضا إن التطورات في الشرق الأوسط خاصة في مصر وسوريا تضع أمام إسرائيل تحديات أمنية أكثر، وتقلل فرص دفع المسيرات السياسية بالنسبة لإسرائيل. كما أن السنوات الأخيرة شهدت تطور إسرائيلي كبير في المجال التكنولوجي والإقتصادي، ولكن حاليا هناك تطور تعتبره سلبيا أمام المنطقة، تمثل في زيادة التهديدات ضدها خاصة وضع إيران في المنطقة وإمكانية إمتلاكها قدرات نووية، وكذلك قوة معسكر المقاومة، وفي المقابل تقلص الفرص للمسيرات السياسية على الصعيد السوري والفلسطيني.
وتعترف الدراسة أنه سيكون من الصعب وضع رؤية إستراتيجية على المدى الطويل، ولكن ما يحدث ربما يكون مزج بين ظواهر جديدة في الشرق الأوسط وظواهر قديمة، وأن أفضل طريقة هي الرصد الدقيق للتيارات الجديدة في الشرق الأوسط، والتحرر من المصطلحات والرؤى القديمة أو التحليلات السابقة لما يدور في المنطقة.