ارشيف من :ترجمات ودراسات
هل سينحسر الإرهاب في العراق بعد رحيل بن لادن؟
بغداد ـ عادل الجبوري
من الطبيعي جدا ان يطرح رحيل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن قبل ايام قلائل على أيدي عناصر وكالة المخابرات المركزية الاميركية في مدينة اباتو اباد الباكستانية الكثير من التساؤلات والاستفهامات حول الاثار الواقعية التي سيخلفها ذلك الحدث على الارض، وبما ان العراق كان منذ اكثر من ثمانية اعوام ـ وما زال ـ احد ميادين نشاط وتحرك تنظيم القاعدة، ومن بين اهم التساؤلات والاستفهامات الكثيرة هو هل سينحسر الارهاب في العراق بعد رحيل بن لادن؟.
ربما كان من المبكر التفتيش والبحث عن اجابة على تساؤل كبير مثل هذا ولما تتضح بعد صورة المشهد بعد غياب بن لادن عنه، بيد انه بالامكان استشراف واقع وظروف المرحلة المقبلة على ضوء حقائق ومعطيات المرحلة ـ او المراحل ـ السابقة.
والنقطة المهمة التي ينبغي الاشارة اليها هنا هي ان تنظيم القاعدة الذي حقق حضورا قويا في المشهد العراقي العام في عامي 2005 و 2006، وبالتحديد الفترة التي اعقبت تفجير مرقد الامامين العسكريين(ع) في مدينة سامراء (120 كلم شمال بغداد) في ربيع عام 2006، تعرّض منذ عام 2007 الى ضربات قوية وقاصمة في بعض الاحيان على ايدي القوات الاميركية والعراقية، من ابرزها قتل زعيم التنظيم في العراق ابو مصعب الزرقاوي في غارة جوية على مخبئه بمنطقة هبهب الواقعة بين مدينتي ديالى وبغداد في السابع من شهر حزيران/ يونيو من عام 2006، ومن ثم قتل زعيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية المدعو ابو عمر البغدادي، وزعيم التنظيم العسكري لتنظيم القاعدة ابو ايوب المصري في عملية عسكرية بمنطقة الثرثار غرب بغداد في التاسع عشر من شهر نيسان/ أبريل الماضي، والضربات العسكرية، اضافة الى الخلافات والتقاطعات بين عناصر التنظيم وبين قياداته الميدانية في الداخل وقياداته الخارجية، وانخراط عدد غير قليل من اتباعه في مجالس الصحوات التي تم الشروع بتشكيلها في منتصف عام 2006، وانقطاع ـ او انخفاض معدلات ـ التمويل والدعم المالي واللوجيستي من الجهات الخارجية، وانخراط بعض الاطراف في العملية السياسية، ناهيك عن مغادرة بعض الشخصيات والتنظيمات الداعمة والمؤيدة للقاعدة البلاد الى دول عربية اخرى مثل سوريا والاردن ومصر واليمن، كل هذه العوامل ساهمت في انحسار تنظيم القاعدة في العراق، وليس انتهائه بالكامل، اذ ان الحديث عن اغلاق ملفه ما زال حتى وقت قريب ـ وربما الى الان ـ سابق لأوانه مثلما يرى الكثير من المعنيين بالشؤون الامنية والسياسية.
ولعل اشارات الترحيب بمقتل بن لادن التي انطلقت من مختلف الجهات السياسية في العراق، وحتى من بعض تلك التي يفترض انها قريبة من تنظيم القاعدة من الناحية الفكرية او على الاقل متعاطفة معه بقدر معين، عبرت عن فهم وتفهم لطبيعة المتغيرات الحاصلة، والتي ينبغي ان تحصل، في ذات الوقت الذي بات الاعم الاغلب من الساسة العراقيين يدركون ان لغة السلاح والمؤامرات والاصطفافات الطائفية المحكومة بمعادلات خارجية لا يمكن ان توصل الى النتائج المرجوة.
واذا كان هناك من ينظر الى مقتل اسامة بن لادن على انه سوف يساهم في انحسار الارهاب في مختلف بقاع العالم، والعراق بالتحديد، فإن هذه النظرة تعززها التداعيات الخطيرة والكبيرة التي يشهدها العالم العربي منذ حوالي خمسة شهور، والتي راحت تقلب المعادلات القائمة رأسا على عقب، الذي من الممكن جدا، اذا عرفنا خلفيات الارهاب في العراق، ان نخمن ـ او نعوّل على ـ انها ستفضي الى انحساره وتقليص مساحاته بقدر معين.
بيد ان هذه النظرة ستبقى قاصرة لأنها لا تستوعب كل زوايا المشهد، اذ انه في العراق تحديدا، كان مفترضا ومتوقعا ان القاء القبض على رئيس النظام السابق صدام حسين او قتله، سيغير مسارات الاوضاع في العراق مئة وثمانين درجة، ولكن تبين فيما بعد ان مثل تلك القراءات كانت بعيدة عن الواقع، وهكذا الامر مع اعدامه بعد ثلاثة اعوام من اعتقاله. ونفس القراءة ظهرت بعد مقتل الشخص الاول بتنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي صيف عام 2006، حيث ارتفعت مؤشرات التفاؤل ليس بانحسار الارهاب فحسب، وانما بطي صفحته الى الابد من العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد قال في حديثه المتلفز الذي اعلن فيه مقتل البغدادي والمصري صيف العام الماضي "ان تنظيم القاعدة بعد هذه الضربة اصبح بأضعف حالاته، وعندما تنزف القاعدة، وتسقط قياداتها بهذا الشكل وتكون جميع اتصالاتهم ومعلوماتهم وشبكتهم وامتداداتهم تحت ايدينا تصبح في اضعف حالة"، لكنه استدرك قائلا "لكن لا بد ان نكون اكثر حذرا ويقظة واستمرارا بالعملية تصاعديا، وحتى نضمن نهاية لاجتثاث القاعدة في العراق نحتاج الى ترابط اكثر".
وبما ان ما يصدق على العراق يصدق على غيره من البلدان في اسيا واوربا وافريقيا واميركا، لا سيما مع رؤية بعض السياسيين والمفكرين والخبراء الاستراتيجيين أن مقتل بن لادن لا يعني نهاية تنظيم القاعدة ولا نهاية الارهاب، وفي هذا الشأن يقول رئيس المركز الاوروبى للبحث والتحليل والاستشارات فى المجال الاستراتيجى ومقره بروكسل "كلود مونيك" ان مقتل بن لادن سيضعف بلا شك من الروح المعنوية لأعضاء تنظيم القاعدة، لكن هذا لا يعنى بالضرورة زوال التنظيم، او ان انشطته الارهابية ستصل الى نهايتها".
ويشير الكاتب الفرنسي "الان لاودي"، رئيس مركز ابحاث المعلومات بباريس، الى ان "تأثير مقتل بن لادن على اعضاء التنظيم لن يتجاوز العامل النفسي، ولن تتعرض أنشطة القاعدة لتأثير كبير"... ويتفق الجنرال الباكستاني المتقاعد خان ظفر في هذه الرؤية بقوله "ان مقتل بن لادن قد يلقي بتبعات على بنية التنظيم، لكن هذا لا يعني انه سيتفكك او ينتهي بالنظر الى انقسام التنظيم الى جماعات صغيرة وكثيرة الآن لا تخضع لقيادة واحدة ، وبالنظر ايضا الى التغيير الذى طرأ ايضا على استراتيجياته التى نأت منذ فترة طويلة عن تنفيذ العمليات الواسعة النطاق".
ولعل التدقيق في احداث ووقائع الأعوام الأربعة الماضية، أي منذ مقتل الزرقاوي وحتى الان، يتضح ان العمليات التي نفذها تنظيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية (جناح القاعدة في العراق)، كانت عمليات مؤثرة ومخططا لها بدقة وإحكام، أي انها كانت "عمليات نوعية"، كما حصل في استهداف وزارات الخارجية والمالية والعدل ومجلس محافظة بغداد وكنيسة سيدة النجاة ومقر محافظة صلاح الدين ومجمع المباني الحكومية في الانبار وغيرها، بعبارة اخرى ان انخفاض معدل العمليات الارهابية كمياً قابله تركيز واهتمام بالجانب النوعي.
وهذا يعني ان غياب الزرقاوي لم يؤثر في مستوى وطبيعة العمليات الارهابية الا في حدود ومستويات قليلة، ومن غير المتوقع ان يختلف الامر مع بن لادن، مع وجود فارق قد يكون مهماً، وهو ان الاول كان قائدا ميدانيا بينما الثاني كان يمثل رمزا روحيا اكثر منه أي أمر آخر.
من الطبيعي جدا ان يطرح رحيل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن قبل ايام قلائل على أيدي عناصر وكالة المخابرات المركزية الاميركية في مدينة اباتو اباد الباكستانية الكثير من التساؤلات والاستفهامات حول الاثار الواقعية التي سيخلفها ذلك الحدث على الارض، وبما ان العراق كان منذ اكثر من ثمانية اعوام ـ وما زال ـ احد ميادين نشاط وتحرك تنظيم القاعدة، ومن بين اهم التساؤلات والاستفهامات الكثيرة هو هل سينحسر الارهاب في العراق بعد رحيل بن لادن؟.
ربما كان من المبكر التفتيش والبحث عن اجابة على تساؤل كبير مثل هذا ولما تتضح بعد صورة المشهد بعد غياب بن لادن عنه، بيد انه بالامكان استشراف واقع وظروف المرحلة المقبلة على ضوء حقائق ومعطيات المرحلة ـ او المراحل ـ السابقة.
والنقطة المهمة التي ينبغي الاشارة اليها هنا هي ان تنظيم القاعدة الذي حقق حضورا قويا في المشهد العراقي العام في عامي 2005 و 2006، وبالتحديد الفترة التي اعقبت تفجير مرقد الامامين العسكريين(ع) في مدينة سامراء (120 كلم شمال بغداد) في ربيع عام 2006، تعرّض منذ عام 2007 الى ضربات قوية وقاصمة في بعض الاحيان على ايدي القوات الاميركية والعراقية، من ابرزها قتل زعيم التنظيم في العراق ابو مصعب الزرقاوي في غارة جوية على مخبئه بمنطقة هبهب الواقعة بين مدينتي ديالى وبغداد في السابع من شهر حزيران/ يونيو من عام 2006، ومن ثم قتل زعيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية المدعو ابو عمر البغدادي، وزعيم التنظيم العسكري لتنظيم القاعدة ابو ايوب المصري في عملية عسكرية بمنطقة الثرثار غرب بغداد في التاسع عشر من شهر نيسان/ أبريل الماضي، والضربات العسكرية، اضافة الى الخلافات والتقاطعات بين عناصر التنظيم وبين قياداته الميدانية في الداخل وقياداته الخارجية، وانخراط عدد غير قليل من اتباعه في مجالس الصحوات التي تم الشروع بتشكيلها في منتصف عام 2006، وانقطاع ـ او انخفاض معدلات ـ التمويل والدعم المالي واللوجيستي من الجهات الخارجية، وانخراط بعض الاطراف في العملية السياسية، ناهيك عن مغادرة بعض الشخصيات والتنظيمات الداعمة والمؤيدة للقاعدة البلاد الى دول عربية اخرى مثل سوريا والاردن ومصر واليمن، كل هذه العوامل ساهمت في انحسار تنظيم القاعدة في العراق، وليس انتهائه بالكامل، اذ ان الحديث عن اغلاق ملفه ما زال حتى وقت قريب ـ وربما الى الان ـ سابق لأوانه مثلما يرى الكثير من المعنيين بالشؤون الامنية والسياسية.
ولعل اشارات الترحيب بمقتل بن لادن التي انطلقت من مختلف الجهات السياسية في العراق، وحتى من بعض تلك التي يفترض انها قريبة من تنظيم القاعدة من الناحية الفكرية او على الاقل متعاطفة معه بقدر معين، عبرت عن فهم وتفهم لطبيعة المتغيرات الحاصلة، والتي ينبغي ان تحصل، في ذات الوقت الذي بات الاعم الاغلب من الساسة العراقيين يدركون ان لغة السلاح والمؤامرات والاصطفافات الطائفية المحكومة بمعادلات خارجية لا يمكن ان توصل الى النتائج المرجوة.
واذا كان هناك من ينظر الى مقتل اسامة بن لادن على انه سوف يساهم في انحسار الارهاب في مختلف بقاع العالم، والعراق بالتحديد، فإن هذه النظرة تعززها التداعيات الخطيرة والكبيرة التي يشهدها العالم العربي منذ حوالي خمسة شهور، والتي راحت تقلب المعادلات القائمة رأسا على عقب، الذي من الممكن جدا، اذا عرفنا خلفيات الارهاب في العراق، ان نخمن ـ او نعوّل على ـ انها ستفضي الى انحساره وتقليص مساحاته بقدر معين.
بيد ان هذه النظرة ستبقى قاصرة لأنها لا تستوعب كل زوايا المشهد، اذ انه في العراق تحديدا، كان مفترضا ومتوقعا ان القاء القبض على رئيس النظام السابق صدام حسين او قتله، سيغير مسارات الاوضاع في العراق مئة وثمانين درجة، ولكن تبين فيما بعد ان مثل تلك القراءات كانت بعيدة عن الواقع، وهكذا الامر مع اعدامه بعد ثلاثة اعوام من اعتقاله. ونفس القراءة ظهرت بعد مقتل الشخص الاول بتنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي صيف عام 2006، حيث ارتفعت مؤشرات التفاؤل ليس بانحسار الارهاب فحسب، وانما بطي صفحته الى الابد من العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد قال في حديثه المتلفز الذي اعلن فيه مقتل البغدادي والمصري صيف العام الماضي "ان تنظيم القاعدة بعد هذه الضربة اصبح بأضعف حالاته، وعندما تنزف القاعدة، وتسقط قياداتها بهذا الشكل وتكون جميع اتصالاتهم ومعلوماتهم وشبكتهم وامتداداتهم تحت ايدينا تصبح في اضعف حالة"، لكنه استدرك قائلا "لكن لا بد ان نكون اكثر حذرا ويقظة واستمرارا بالعملية تصاعديا، وحتى نضمن نهاية لاجتثاث القاعدة في العراق نحتاج الى ترابط اكثر".
وبما ان ما يصدق على العراق يصدق على غيره من البلدان في اسيا واوربا وافريقيا واميركا، لا سيما مع رؤية بعض السياسيين والمفكرين والخبراء الاستراتيجيين أن مقتل بن لادن لا يعني نهاية تنظيم القاعدة ولا نهاية الارهاب، وفي هذا الشأن يقول رئيس المركز الاوروبى للبحث والتحليل والاستشارات فى المجال الاستراتيجى ومقره بروكسل "كلود مونيك" ان مقتل بن لادن سيضعف بلا شك من الروح المعنوية لأعضاء تنظيم القاعدة، لكن هذا لا يعنى بالضرورة زوال التنظيم، او ان انشطته الارهابية ستصل الى نهايتها".
ويشير الكاتب الفرنسي "الان لاودي"، رئيس مركز ابحاث المعلومات بباريس، الى ان "تأثير مقتل بن لادن على اعضاء التنظيم لن يتجاوز العامل النفسي، ولن تتعرض أنشطة القاعدة لتأثير كبير"... ويتفق الجنرال الباكستاني المتقاعد خان ظفر في هذه الرؤية بقوله "ان مقتل بن لادن قد يلقي بتبعات على بنية التنظيم، لكن هذا لا يعني انه سيتفكك او ينتهي بالنظر الى انقسام التنظيم الى جماعات صغيرة وكثيرة الآن لا تخضع لقيادة واحدة ، وبالنظر ايضا الى التغيير الذى طرأ ايضا على استراتيجياته التى نأت منذ فترة طويلة عن تنفيذ العمليات الواسعة النطاق".
ولعل التدقيق في احداث ووقائع الأعوام الأربعة الماضية، أي منذ مقتل الزرقاوي وحتى الان، يتضح ان العمليات التي نفذها تنظيم ما يسمى بدولة العراق الاسلامية (جناح القاعدة في العراق)، كانت عمليات مؤثرة ومخططا لها بدقة وإحكام، أي انها كانت "عمليات نوعية"، كما حصل في استهداف وزارات الخارجية والمالية والعدل ومجلس محافظة بغداد وكنيسة سيدة النجاة ومقر محافظة صلاح الدين ومجمع المباني الحكومية في الانبار وغيرها، بعبارة اخرى ان انخفاض معدل العمليات الارهابية كمياً قابله تركيز واهتمام بالجانب النوعي.
وهذا يعني ان غياب الزرقاوي لم يؤثر في مستوى وطبيعة العمليات الارهابية الا في حدود ومستويات قليلة، ومن غير المتوقع ان يختلف الامر مع بن لادن، مع وجود فارق قد يكون مهماً، وهو ان الاول كان قائدا ميدانيا بينما الثاني كان يمثل رمزا روحيا اكثر منه أي أمر آخر.