ارشيف من :خاص
عن أسعار النفط في حال سقط النظام السعودي "المُسنّ": إمدادات الطاقة الى أوروبا تخضع لمزاج موسكو!
إعداد ـ علي شهاب
يشهد العالم أزمة حقيقية في أسعار النفط، غير أن الأحداث السياسية والأمنية المتتالية جعلت هذا الملف اخر اولويات الإعلام العالمي، مع ان التدقيق في خلفيات الكثير مما تشهده العديد من الدول يعود في الأصل الى صراع على مصادر الطاقة.
في هذا السياق، وضع الخبير الأميركي في شؤون الخليج سايمون هندرسون مقالا بحثيا لمصلحة مجلة " بروسبيكت" الليبرالية تناول فيه مصادر التهديد (السياسي) الحقيقي للقارة الأوروبية في ما يتعلق بامدادات النفط، استهله بالتساؤل:
كيف تستطيع دولة تحقيق أمن الطاقة؟
هناك العديد من الإجابات. قد يدّعي البعض بأن ذلك يتحقق عندما لا يحتاج بلد إلى استيراد الطاقة، وخاصة النفط. إن تنقيح هذه الحجة (أو ربما نسفها) قائم على أن النفط ينبغي ألا يأتي من الشرق الأوسط. فوجود مجموعة من مصادر الطاقة ـ النفط والغاز والفحم والطاقة النووية والمائية والشمسية والرياح والكتلة الحيوية للنبات، قد يبدو اتجاهاً واعياً. ولهؤلاء الذين يتذكرون إضراب عمال المناجم البريطانيين عامي 1984ـ 1985 فإن الحصول على محطات توليد الطاقة تعمل على المدخلات بدلاً من الفحم يعتبر ميزة.
هل أمن الطاقة قابل للتحقيق؟ ربما يكون ذلك ممكناً، لكن هناك دائماً جوانب غير آمنة ينبغي عدم تجاهلها. فالكويت ربما كانت تعتقد أن لديها أمن طاقة إلى أن زحفت دبابات صدام حسين عبر الحدود عام 1990.
وفي كثير من الأحيان يبدو أن الشرق الأوسط وأمن الطاقة أمران متداخلان كما يتضح من القلق هذه الأيام، وغزو صدام حسين للكويت. لقد كانت إحدى ذكرياتي المبكرة في الطفولة في "بوترز بار" هي عندما كنت أمشي على مقربة من محطة بنزين كنت أجدها مغلقة لأن أزمة السويس عام 1956 قد عطلت واردات النفط إلى بريطانيا، ثم مرة أخرى عام 1973 عندما وقفتُ في طابور منتظراً البنزين بسبب حظر النفط العربي.
لكن الأوروبيين قد تعلموا من تلك الأزمات الماضية. فأوروبا لم تعد عرضة لانقطاعات إمدادات النفط بوجه خاص إلا إذا حدث انهيار كامل في الشرق الأوسط. وبالكاد استحقت قناة السويس الذكر في الثمانية عشر يوماً التي استغرقت الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. وتحصل أوروبا الآن على كثير من نفطها إما من بحر الشمال أو غرب أفريقيا. وبدلاً من ذلك يتوجه معظم النفط من الخليج العربي، حوالي ثلث النفط المتداول عالميا، إلى أسواق النمو الآسيوية للصين والهند والنظم الاقتصادية الراسخة مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
إن التحدي الأكثر خطورة لأمن الطاقة في أوروبا هذه الأيام هو اعتماد القارة على الواردات من الغاز الطبيعي، خاصة من روسيا. وبالتأكيد هناك غاز في أسفل بحر الشمال وبعض المناطق الأخرى قبالة الشواطئ، وكذلك في ودائع الصخر الزيتي، التي أصبحت في الآونة الأخيرة ً قابلة للاستغلال. ومع ذلك، تستورد أوروبا حوالي 60 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، وهذه النسبة آخذة في التزايد. وتكمن قيمة الغاز الطبيعي في كونه أنظف من النفط أو الفحم، وحتى محطات الكهرباء الصغيرة يمكن أن تكون مثمرة اقتصادياً. والطلب على الطاقة الكهربائية ينمو بسرعة، لكن المصادر البديلة لتوليد الطاقة، وخاصة المحطات النووية، تعاني من البطء في بنائها. وهكذا، ففي الوقت الحالي تعتمد أوروبا على موسكو، وهي الشريك التجاري الذي يحتمل أن يكون على الأقل متقلب الأطوار.
ما الذي يمكن أن يشكل انهياراً كاملاً في الشرق الأوسط؟ سيكون ذلك هو الاضطراب في السعودية التي لديها قوة سوق ضخمة، والتي توجه بفعالية سياسات الإنتاج لـ "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك). وحتى الآن، إن هذه المملكة المحافظة اجتماعياً (ودينياً) من المستبعد أن تصيبها عدوى ما جرى من ثورات، لكن الكثير يعتمد هنا على قرارات جيدة من جانب الأسرة الحاكمة المُسنة المعروفة أيضاً باسم آل سعود.
ويتبع ذلك القليل من الخيال؛ إن الاحتياطات المتخذة باسم أمن الطاقة تميل إلى معالجة الأزمة التي حدثت للتو. مَن كان بإمكانه التخيل في الأول من كانون الثاني/يناير 2011، حدوث موجة من التغير السياسي عبر أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستدعي مقارنة بينها وبين انهيار السيطرة السوفياتية على أوروبا الشرقية؟
هل نحن مستعدون لمواجهة التحدي الصحيح؟ من المهم أن تكون لدينا مخزونات وقود كبيرة لحالات الطوارئ، وممولون بديلون، وترتيبات مع آخرين لتقاسم أضرار النقص، وسياسات للحد من تأثير النقص مثل توزيع المؤن أو في هذه الأيام تشجيع العمل عن بُعد عبر الإنترنت.
وحول هذه التدابير، ربما كانت أوروبا تعتقد حتى وقت قريب بأنها كانت مستعدة جيداً لأزمة الطاقة المقبلة. والآن لم يعد بوسعنا أن نكون على يقين تام من ذلك. فهناك سيناريوهات مختلفة يجب التعامل معها وبسرعة.
ماذا يحدث لو انتقلت الاضطرابات إلى السعودية؟
تتصدر السعودية جميع الرسوم البيانية المتعلقة بالنفط، فلديها الاحتياطيات الأكثر وفرة (حوالي 20 بالمائة من احتياطي العالم) وهي أكبر مُصدر له (حالياً حوالي 8 مليون برميل يومياً أو حوالي 10 بالمائة من الطلب العالمي) ولديها أكبر فائض احتياطي (أكثر من 3 ملايين برميل يومياً، بمجرد فتح الإمداد تقريباً.)
وهكذا فلا عجب من أن العالم معنيٌّ دائماً بالاستقرار في السعودية. وفي هذه الأيام، لا تعيش البلاد فقط في محيط صعب (إيران عبر الخليج العربي، والثورات عبر العالم العربي)، بل هناك قلق بسبب الاضطرابات المحتملة في الداخل، والقيادة المسنة والمريضة بصورة متزايدة. ولو كانت الحكومة السعودية غير راغبة في زيادة إنتاج النفط لتعويض نقص الإنتاج في أماكن أخرى، فسيكون لذلك أثر عميق على أسعار النفط. وستكون التأثيرات على أسواق مالية أخرى كبيرة أيضاً حيث تسببت الأسعار الأكثر ارتفاعاً في تباطؤ النمو في جميع أنحاء العالم.
وترى "وكالة الطاقة الدولية" ومقرها باريس أن لدى "أوبك" 4.7 مليون برميل يومياً من الطاقة الانتاجية الفائضة. ويرى خبراء هذه الصناعة أن 3.3 مليون برميل يومياً هي أقرب إلى المستوى المطلوب. وأبو ظبي فقط، الإمارة الوحيدة الغنية بالنفط في دولة الإمارات العربية المتحدة، هي التي يمكنها حقاً أن تساعد في زيادة الإمدادات.
وبصرف النظر عن القلق تجاه من هي الدولة النفطية التالية التي سيطاح بحكامها، هناك قلق أيضاً من تعرض منشآت السعودية لأعمال التخريب. فقد تم تفادي هجوم من قبل تنظيم «القاعدة» على محطة "أبقيق" للمعالجة بشق الأنفس. ولو تم تدريب الإرهابيين على نحو أفضل لكان الكثير من الستة ملايين برميل التي تنتجها المحطة يومياً قد ضاع. (ومنذ شبه الضياع هذا، تعمل الولايات المتحدة مع السعوديين لتحسين حماية بنيتهم التحتية.) كما يوجد في المملكة ما يقدر بحوالي مليوني شيعي، هم على نفس ملة إيران، ويعيش معظمهم في هذه المنطقة.
وثمة قلق آخر هو أن صناعة القرار السعودي لا تخرج عن قبضة كبار الأمراء. بيد، إن الملك عبد الله الذي يبلغ من العمر 88 عاماً هذا العام هو في حالة صحية معتلة؛ كما تتدهور كذلك صحة ولي العهد الأمير سلطان، 87 عاماً، بينما يتباطأ الأمير نايف البالغ من العمر 77 عاماً.
ولدى النظم الاقتصادية الأكثر تطوراً في العالم، والتي تشكل عضوية "وكالة الطاقة الدولية" احتياطي يبلغ 1.6 مليار برميل من النفط، أي ما يعادل 145 يوماً من الإمدادات. لكنْ ثمة جدل مستمر عما إذا كان ينبغي استخدام تلك المخزونات فقط لتعويض أي نقص مادي أو للتلاعب بالأسعار لأجل تخفيضها.
إلى أي مستوى يمكن أن يصل ارتفاع الأسعار؟ لو حدث انقطاع لفترات طويلة، خلصت إحدى الدراسات المَسْحية عن هذه الصناعة بأن سعر البرميل قد يرتفع بمقدار 150 دولاراً أخرى. ولو أخرجت "وكالة الطاقة الدولية" مخزونها فمن الممكن إبقاء هذه الزيادة عند 125 دولارا.
إن الجانب الإيجابي هنا هو أنه منذ صدمات الأسعار في السبعينيات من القرن الماضي، أصبح النفط مكوناً أقل أهمية في اقتصادات البلدان الصناعية. لكن بالنسبة لهذا التعطيل فإن زيادة 100 دولار أخرى أو أكثر على سعر برميل النفط الواحد ستظل أيضاً أمرا صعباً. وبالنسبة للعديد من البلدان الأخرى، فإنها يمكن أن تظل كارثية.
يشهد العالم أزمة حقيقية في أسعار النفط، غير أن الأحداث السياسية والأمنية المتتالية جعلت هذا الملف اخر اولويات الإعلام العالمي، مع ان التدقيق في خلفيات الكثير مما تشهده العديد من الدول يعود في الأصل الى صراع على مصادر الطاقة.
في هذا السياق، وضع الخبير الأميركي في شؤون الخليج سايمون هندرسون مقالا بحثيا لمصلحة مجلة " بروسبيكت" الليبرالية تناول فيه مصادر التهديد (السياسي) الحقيقي للقارة الأوروبية في ما يتعلق بامدادات النفط، استهله بالتساؤل:
كيف تستطيع دولة تحقيق أمن الطاقة؟
هناك العديد من الإجابات. قد يدّعي البعض بأن ذلك يتحقق عندما لا يحتاج بلد إلى استيراد الطاقة، وخاصة النفط. إن تنقيح هذه الحجة (أو ربما نسفها) قائم على أن النفط ينبغي ألا يأتي من الشرق الأوسط. فوجود مجموعة من مصادر الطاقة ـ النفط والغاز والفحم والطاقة النووية والمائية والشمسية والرياح والكتلة الحيوية للنبات، قد يبدو اتجاهاً واعياً. ولهؤلاء الذين يتذكرون إضراب عمال المناجم البريطانيين عامي 1984ـ 1985 فإن الحصول على محطات توليد الطاقة تعمل على المدخلات بدلاً من الفحم يعتبر ميزة.
هل أمن الطاقة قابل للتحقيق؟ ربما يكون ذلك ممكناً، لكن هناك دائماً جوانب غير آمنة ينبغي عدم تجاهلها. فالكويت ربما كانت تعتقد أن لديها أمن طاقة إلى أن زحفت دبابات صدام حسين عبر الحدود عام 1990.
وفي كثير من الأحيان يبدو أن الشرق الأوسط وأمن الطاقة أمران متداخلان كما يتضح من القلق هذه الأيام، وغزو صدام حسين للكويت. لقد كانت إحدى ذكرياتي المبكرة في الطفولة في "بوترز بار" هي عندما كنت أمشي على مقربة من محطة بنزين كنت أجدها مغلقة لأن أزمة السويس عام 1956 قد عطلت واردات النفط إلى بريطانيا، ثم مرة أخرى عام 1973 عندما وقفتُ في طابور منتظراً البنزين بسبب حظر النفط العربي.
لكن الأوروبيين قد تعلموا من تلك الأزمات الماضية. فأوروبا لم تعد عرضة لانقطاعات إمدادات النفط بوجه خاص إلا إذا حدث انهيار كامل في الشرق الأوسط. وبالكاد استحقت قناة السويس الذكر في الثمانية عشر يوماً التي استغرقت الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. وتحصل أوروبا الآن على كثير من نفطها إما من بحر الشمال أو غرب أفريقيا. وبدلاً من ذلك يتوجه معظم النفط من الخليج العربي، حوالي ثلث النفط المتداول عالميا، إلى أسواق النمو الآسيوية للصين والهند والنظم الاقتصادية الراسخة مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
إن التحدي الأكثر خطورة لأمن الطاقة في أوروبا هذه الأيام هو اعتماد القارة على الواردات من الغاز الطبيعي، خاصة من روسيا. وبالتأكيد هناك غاز في أسفل بحر الشمال وبعض المناطق الأخرى قبالة الشواطئ، وكذلك في ودائع الصخر الزيتي، التي أصبحت في الآونة الأخيرة ً قابلة للاستغلال. ومع ذلك، تستورد أوروبا حوالي 60 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، وهذه النسبة آخذة في التزايد. وتكمن قيمة الغاز الطبيعي في كونه أنظف من النفط أو الفحم، وحتى محطات الكهرباء الصغيرة يمكن أن تكون مثمرة اقتصادياً. والطلب على الطاقة الكهربائية ينمو بسرعة، لكن المصادر البديلة لتوليد الطاقة، وخاصة المحطات النووية، تعاني من البطء في بنائها. وهكذا، ففي الوقت الحالي تعتمد أوروبا على موسكو، وهي الشريك التجاري الذي يحتمل أن يكون على الأقل متقلب الأطوار.
ما الذي يمكن أن يشكل انهياراً كاملاً في الشرق الأوسط؟ سيكون ذلك هو الاضطراب في السعودية التي لديها قوة سوق ضخمة، والتي توجه بفعالية سياسات الإنتاج لـ "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك). وحتى الآن، إن هذه المملكة المحافظة اجتماعياً (ودينياً) من المستبعد أن تصيبها عدوى ما جرى من ثورات، لكن الكثير يعتمد هنا على قرارات جيدة من جانب الأسرة الحاكمة المُسنة المعروفة أيضاً باسم آل سعود.
ويتبع ذلك القليل من الخيال؛ إن الاحتياطات المتخذة باسم أمن الطاقة تميل إلى معالجة الأزمة التي حدثت للتو. مَن كان بإمكانه التخيل في الأول من كانون الثاني/يناير 2011، حدوث موجة من التغير السياسي عبر أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستدعي مقارنة بينها وبين انهيار السيطرة السوفياتية على أوروبا الشرقية؟
هل نحن مستعدون لمواجهة التحدي الصحيح؟ من المهم أن تكون لدينا مخزونات وقود كبيرة لحالات الطوارئ، وممولون بديلون، وترتيبات مع آخرين لتقاسم أضرار النقص، وسياسات للحد من تأثير النقص مثل توزيع المؤن أو في هذه الأيام تشجيع العمل عن بُعد عبر الإنترنت.
وحول هذه التدابير، ربما كانت أوروبا تعتقد حتى وقت قريب بأنها كانت مستعدة جيداً لأزمة الطاقة المقبلة. والآن لم يعد بوسعنا أن نكون على يقين تام من ذلك. فهناك سيناريوهات مختلفة يجب التعامل معها وبسرعة.
ماذا يحدث لو انتقلت الاضطرابات إلى السعودية؟
تتصدر السعودية جميع الرسوم البيانية المتعلقة بالنفط، فلديها الاحتياطيات الأكثر وفرة (حوالي 20 بالمائة من احتياطي العالم) وهي أكبر مُصدر له (حالياً حوالي 8 مليون برميل يومياً أو حوالي 10 بالمائة من الطلب العالمي) ولديها أكبر فائض احتياطي (أكثر من 3 ملايين برميل يومياً، بمجرد فتح الإمداد تقريباً.)
وهكذا فلا عجب من أن العالم معنيٌّ دائماً بالاستقرار في السعودية. وفي هذه الأيام، لا تعيش البلاد فقط في محيط صعب (إيران عبر الخليج العربي، والثورات عبر العالم العربي)، بل هناك قلق بسبب الاضطرابات المحتملة في الداخل، والقيادة المسنة والمريضة بصورة متزايدة. ولو كانت الحكومة السعودية غير راغبة في زيادة إنتاج النفط لتعويض نقص الإنتاج في أماكن أخرى، فسيكون لذلك أثر عميق على أسعار النفط. وستكون التأثيرات على أسواق مالية أخرى كبيرة أيضاً حيث تسببت الأسعار الأكثر ارتفاعاً في تباطؤ النمو في جميع أنحاء العالم.
وترى "وكالة الطاقة الدولية" ومقرها باريس أن لدى "أوبك" 4.7 مليون برميل يومياً من الطاقة الانتاجية الفائضة. ويرى خبراء هذه الصناعة أن 3.3 مليون برميل يومياً هي أقرب إلى المستوى المطلوب. وأبو ظبي فقط، الإمارة الوحيدة الغنية بالنفط في دولة الإمارات العربية المتحدة، هي التي يمكنها حقاً أن تساعد في زيادة الإمدادات.
وبصرف النظر عن القلق تجاه من هي الدولة النفطية التالية التي سيطاح بحكامها، هناك قلق أيضاً من تعرض منشآت السعودية لأعمال التخريب. فقد تم تفادي هجوم من قبل تنظيم «القاعدة» على محطة "أبقيق" للمعالجة بشق الأنفس. ولو تم تدريب الإرهابيين على نحو أفضل لكان الكثير من الستة ملايين برميل التي تنتجها المحطة يومياً قد ضاع. (ومنذ شبه الضياع هذا، تعمل الولايات المتحدة مع السعوديين لتحسين حماية بنيتهم التحتية.) كما يوجد في المملكة ما يقدر بحوالي مليوني شيعي، هم على نفس ملة إيران، ويعيش معظمهم في هذه المنطقة.
وثمة قلق آخر هو أن صناعة القرار السعودي لا تخرج عن قبضة كبار الأمراء. بيد، إن الملك عبد الله الذي يبلغ من العمر 88 عاماً هذا العام هو في حالة صحية معتلة؛ كما تتدهور كذلك صحة ولي العهد الأمير سلطان، 87 عاماً، بينما يتباطأ الأمير نايف البالغ من العمر 77 عاماً.
ولدى النظم الاقتصادية الأكثر تطوراً في العالم، والتي تشكل عضوية "وكالة الطاقة الدولية" احتياطي يبلغ 1.6 مليار برميل من النفط، أي ما يعادل 145 يوماً من الإمدادات. لكنْ ثمة جدل مستمر عما إذا كان ينبغي استخدام تلك المخزونات فقط لتعويض أي نقص مادي أو للتلاعب بالأسعار لأجل تخفيضها.
إلى أي مستوى يمكن أن يصل ارتفاع الأسعار؟ لو حدث انقطاع لفترات طويلة، خلصت إحدى الدراسات المَسْحية عن هذه الصناعة بأن سعر البرميل قد يرتفع بمقدار 150 دولاراً أخرى. ولو أخرجت "وكالة الطاقة الدولية" مخزونها فمن الممكن إبقاء هذه الزيادة عند 125 دولارا.
إن الجانب الإيجابي هنا هو أنه منذ صدمات الأسعار في السبعينيات من القرن الماضي، أصبح النفط مكوناً أقل أهمية في اقتصادات البلدان الصناعية. لكن بالنسبة لهذا التعطيل فإن زيادة 100 دولار أخرى أو أكثر على سعر برميل النفط الواحد ستظل أيضاً أمرا صعباً. وبالنسبة للعديد من البلدان الأخرى، فإنها يمكن أن تظل كارثية.