ارشيف من :خاص
ماذا فعل وزير خارجية قطر في باريس؟
باريس ـ نضال حمادة
قطر اليوم في مأزق كبير وتعول كثيرا على باريس في إخراجها من المأزق الذي وقعت فيه في سوريا وفي ليبيا. والبحث مع الفرنسيين في كيفية حل هذه المعضلات التي وقعت بها قطر كانت السبب الأساس لزيارة وزير خارجية إمارة قطر لباريس نهار أمس والتي التقى خلالها بالرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي في قصر الإليزيه .
مصادر فرنسية في باريس قالت لـ"الانتقاد" أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني حمل للرئيس الفرنسي مخاوف دولة قطر من طول المدة التي اتخذها الصراع في ليبيا وتأثيراته السلبية على الدولة العربية الوحيدة المشاركة عسكريا في الحملة على القذافي أي قطر التي لعبت أيضا دور الغطاء العربي والإسلامي لهذه الحملة العسكرية. وتضيف مصادرنا أن هناك قلقا قطريا متزايدا من المواقف الأميركية المترددة في حسم الوضع عسكريا في ليبيا لمصلحة قوات المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي، فضلا عن الكلام الإيطالي الجديد حول تحديد مهلة زمنية للعمل العسكري والشروع في عملية وقف لإطلاق النار تتبعها مباحثات سياسية والذي تعتبره باريس والدوحة صدى للإرادة الأميركية عبر الصوت الإيطالي القريب جدا من واشنطن، والذي يعتبر نفسه الأحق في إدارة الملف الليبي نظرا لكونه المستعمر القديم والدولة التي تملك اكبر استثمارات في ليبيا وأكبر حجم للتبادل التجاري مع هذا البلد.
المصدر قال أن مقتل سيف العرب القذافي نجل الزعيم الليبي وثلاثة من أحفاده في غارية لحلف الأطلسي زادت من الخوف القطري من انتقام يقوم به القذافي من شخصيات قطرية بالذات في حال بقائه في الحكم في ليبيا او على جزء منها لذلك فإن المباحثات التي أجراها حمد بن جاسم آل ثاني مع الرئيس الفرنسي تركزت على الأمور التالية:
أ ـ تصعيد الضغط على أوباما للحصول على تدخل عسكري أميركي اكبر في الحرب الليبية
ب ـ تامين الأموال اللازمة للمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي لدفع معاشات الموظفين والمقاتلين .
ج ـ الاستفسار من الفرنسيين حول الموقف الإيطالي الجديد من الحملة العسكرية
د ـ بحث الأوضاع في سوريا.
في الموضوع السوري طلب الزائر القطري من الفرنسيين العمل على زيادة الضغط على القيادة السورية لتليين موقفها من قطر بعد اتهام دمشق للدوحة بالمشاركة في أحداث الشغب التي شهدنها عدة مدن سورية مؤخرا عبر التحريض المذهبي والسياسي المنهجي الذي مارسته قناة الجزيرة القطرية، وحسب المعلومات يبدو أن القطريين يريدون تواصلا مع الجانب السوري مقطوع منذ بداية الأحداث حيث رفض الرئيس السوري طلبات قطرية لاستقبال وزير الخارجية القطري في دمشق.
بالعودة للحرب الليبية بجث الوزير القطري مع ساركوزي المواقف الجزائرية المتشددة من المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي حيث أعلنت الجزائر مؤخرا أن العلاقات الليبية الجزائرية سوف تكون متوترة في حال وصل المجلس الوطني في بنغازي إلى الحكم في ليبيا، وقد أبدى الجانب الفرنسي انزعاجه من الموقف الجزائري لكن فرنسا وحسب متابعين لما يحصل حاليا في ليبيا لن تعلق على الموقف الجزائري نظرا للتاريخ الاستعماري الفرنسي في الجزائر وحساسية الموضوع هنا بسبب تدخل فرنسا عسكريا في بلد عربي له حدود طويلة مع الجزائر فضلا عن نظام ليبي اتسمت علاقاته بالهدوء والتعاون مع النظام الحاكم في الجزائر ومع النخبة العسكرية الحاكمة هناك.
في النهاية يبقى أن الاتكال على الغير للحصول على النفوذ لا ينفع وإذا نفع فهو نفع مؤقتا ولا يدوم خصوصا إذا كان الساعي للنفوذ يواجه قوى أكبر منه تدافع عن بقائها ووجودها.