ارشيف من :آراء وتحليلات

عدو لا يفهم إلا بالقوة

عدو لا يفهم إلا بالقوة
علي مطر


لا الإدانة تنفع، ولا الاستنكار ينفع أمام غطرسة العدو الصهيوني وعدوانيته ووحشيته، وما حصل الاحد  يبرهن للعالم اجمع مدى وحشية هذا الكيان الغاصب وعدوانيته، وقبح جرائمه من اغتصاب أرض فلسطين وحق العرب، الى اجتياح لبنان وتدميره، وعدوانه على المقاومة ولبنان في تموز 2006، وصولاً الى جريمة اسطول الحرية.

أما بالامس ، فقد أثبتت الدماء الطاهرة التي سقطت في فلسطين ولبنان والجولان، أن لا تراجع عن العودة الى فلسطين، وأن التحرير آتٍ لا محالة... سالت دماء الشهداء والجرحى لتبرهن ان هناك شعبا مقاوما لا يقبل الاستسلام والتراجع، وأن هناك شعباً لن يتخلى عن قضيته مقابل المساومات والمفاوضات والتسويات.

سالت دماء الشهداء والجرحى في يوم النكبة وعلى بُعد ايام من ذكرى عيد التحرير في 25 أيار، لتقول ان موعد التحرير لن يطول، وإن مشروع المقاومة الذي انتصر في جنوب لبنان في أيار 2000 ودحر الجيش الصهيوني وانتصر في عدوان تموز 2006 وأسقط مقولة الجيش الذي لا يقهر، هذا المشروع سينتصر في فلسطين ويحرر الأقصى، ويثبت أن الحق سيعود لأصحابه، وسيدحر الجيش الصهيوني عن أعتاب القدس.

 بدأ حلم العودة مع سقوط دماء الشهداء، هذه الدماء التي أحيت يوم النكبة بعزة وكرامة، لتظهر إرادةً حرة كانت مغيبة فيما سبق، فيوم النكبة الذي كان البعض يحييه بالبكاء والنحيب، كان اليوم يثبت للعالم أجمع أن فلسطين باقية، وأن هناك شعباً قوياً لن يتراجع عن حقوقه أمام غطرسة أميركا وإسرائيل، وسيعيد حقه بالقوة والصمود، وبذل الدماء والشهداء، وأن هناك شعباً قوياً لن يبخل على قضيته بتقديم كل ثمن من أجل إرجاع أرضه الشريفة، وهذا ما أثبته الفلسطينيون اليوم عندما رمقوا أرضهم عن قرب أو ساروا عليها على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وفي الجولان، وفي القدس وغزة والضفة الغربية.

لقد أتت الجريمة الصهيونية النكراء اليوم لتبرهن من جديد أن لا منطقاً تفاوضياً ولا غيره ينفع مع هذا العدو، ولكن الخط الصحيح هو خط المقاومة واستخدام القوة ضده، لأن وحشا عدائيا كهذا لا يفهم إلا بلغة القوة، وخط العودة وتحرير القدس وإعادة الحق لأصحابه لا يكون إلا بمنطق القوة والمقاومة، التي يشرّعها القانون الدولي، وهذا واضح في ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أن من حق الشعوب الكفاح المسلح والمقاومة لتحرير الأرض، ومن حق الشعوب تقرير المصير.

ما حصل الاحد يؤكد الريبة تجاه مواقف منظمة الأمم المتحدة، هذه المنظمة المتمثلة بالجمعية العامة ومجلس الأمن التي لا نسمع منها إدانة لأي عمل تقوم به "اسرائيل" ضد الشعوب العربية ولا سيما في فلسطين، وكأن ما يحصل في فلسطين يحصل في غير منطقة بالعالم، ويتم غض البصر عما تقوم به "اسرائيل"، فلا إدانة ولا استنكار ولا تحرك ولا محاسبة، لأن"اسرائيل" بنظرهم صاحبة حق وليست معتدية ولا تنتهك حقوق الانسان لانها لا تقتل الاطفال والنساء، والأمم المتحدة المسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين، والمسؤولة عن تطبيق كل ما يتعلق بالقانون الدولي، لا تنظر إلى انتهاك العدو الصهيوني لاتفاقيات جنيف، ولا إلى انتهاكها للاعلان العالمي لحقوق الانسان، ولا الى انتهاك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وغيرها من المواثيق الدولية.

أما منظّرة حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير المصير أميركا فحدّث ولا حرج، لأن هذه الادانة غائبة من قاموسها، فبنظرها "اسرائيل" تمثل الشرعية والديمقراطية في الشرق الاوسط، وهي لا تنظر إلى ما تقوم به " اسرائيل" من انتهاكات لحقوق الانسان، وحق الشعوب في تقرير المصير، وهي أصلاً (أي أميركا) لا تعترف بأي حق للفلسطينيين... ولا ننسى اخيراً الفيتو الاميركي في مجلس الأمن فيما يخص وقف الاستيطان.

هناك دماء سالت، وسقط العديد من الشهداء والجرحى، من دون أن يكون هناك أي تحرك دولي وعربي يدين "اسرائيل"، ويردعها عما تقوم به بحق الشعب الفلسطيني الذي يذبح كل اليوم، وليس اليوم فقط... لقد حان الوقت لكي تتحرك الشعوب العربية وتدرك أن لا حوار أو تفاوض ينفع مع هذا العدو، ولا بد من اتباع نهج المقاومة، وتحريك البوصلة في الاتجاه الصحيح، بعيداً عن التنظير والكلام وتوزيع المواقف من دون أي تحرك. لا بد أن ندرك أن ما يوصلنا إلى حقنا مع السفّاح الصهيوني هو مقاومته وردعه وهزيمته، وإجباره على إرجاع الأرض بالقوة، لأن عدواً كهذا يثبت في كل مرة همجيته وطبيعته العدوانية لا يمكن أن يفهم إلا بالقوة

2011-05-15