ارشيف من :ترجمات ودراسات
ماذا لو حمل المتمسكون بحق العودة السلاح في المرة القادمة؟
عبد الحسين شبيب
قطعاً هذا السؤال وُضع على طاولات البحث في مراكز صنع القرار الاسرائيلي. وحكما طُلب من اجهزة الاستخبارات بمختلف فروعها وضع تصوراتها بالنسبة للاجابات المحتملة والسيناريوهات المرافقة، ومما لا بد منه أنه قد طلب من مؤسسات بحثية واسرائيلية ـ وقد يبادر بعضها دون طلب إلى ـ محاولة تقديم ما يمكن ان تراه منطقياً وواقعياً من إجابات عن هذا السؤال؟
تكفي القراءة السريعة لعناوين أبرز صحف العدو الاسرائيلي الصادرة يوم الاثنين 16 ايار 2011 ان تفسر هذه اللغة القطعية لهذه المقالة. "اسرائيل" في حال قلق شديدة تفاقمت الاحد في 15 ايار في الذكرى 63 للنكبة بعدما اطلق اللاجئون الفلسطينيون طقوس ومراسم جديدة في احيائها مستمدة من طقوس ومراسم الثورات العربية، ومتكئة ايضاً على انتصارات فعلية بدأت منذ العام الفين بتحرير القسم الاكبر من لبنان ومرت بقطوع انتفاضة الحجارة وأتت حربا لبنان وغزة عامي 2006 و2009 لتشكلا خارطة طريق جديدة في التفكير الاسرائيلي بالهزيمة الموعودة.
بالنسبة لقادة العدو ليست محاولات تجاوز السياج الحدودي والاسلاك الشائكة سواء في الداخل الفلسطيني او الجولان السوري المحتل او على الحدود مع لبنان او مسيرة شبان الثورة المصرية حدثا تقليديا يمكن ان يقال عنه انه كان يحدث كل عام، وإن ما سيليه لن يزيد عن تكراره دون نتائج. القراءة الاسرائيلية هذه المرة مختلفة، عناوين الصحف وتعليقات كبار المحللين تشي بأن هناك طريقة تفكير جديدة في "اسرائيل" تغذيها تلك الاخطار المترامية والمتنامية على حدود الكيان الغاصب من لبنان مرورا بسوريا وقطاع غزة ومصر وصولاً الى ايران. ليس عبثاً ان تحمل مقالة للكاتب الاسرائيلي في صحيفة "معاريف" ايلي بردنشتاين عنوانا هو "يد ايران"، وان يستهل مقالته بجملة مكثفة ومركزة تقول "ان اليد التي تهز المهد هي يد ايران"، وينسب هذه الجملة حرفيا الى مصادر رفيعة المستوى في الجيش الاسرائيلي مستندة في قولها هذا الى "معلومات وليس تقديرات" كما يقول الكاتب الذي يكمل النقل عن ضباط كبار (ليس ضابطاً وحيداً) جزمهم بأن "ما حصل بالأمس مجرد مقدمة لأحداث أخرى، ليس فقط عند اعلان الدولة الفلسطينية في ايلول بل منذ الان". محافل التقديرات الرسمية في "اسرائيل" فهمت من رسالة الامس كما يقول "بردنشتاين" ان الاحداث قد تتكرر بحجم اكبر بعشرات المرات اذا ما واصلت الانظمة في المنطقة الاهتزاز، بالتزامن مع نجاح المصالحة الفلسطينية ودعم القوى الاسلامية بحيث ستجد اسرائيل نفسها في مشكلة كبيرة جداً.
هذه المقالة عينة عن سيل من التحليلات امتلأت بها صحف العدو، التي ظهّرت خطورة ما يجري بعناوين لافتة مثل" لا توجد حدود، السوريون على الأسيجة، هذه مجرد البداية، من الشمال جاء الشر، أنظروا من يشجب: الاسد ضد اطلاق النار على المتظاهرين" (يديعوت احرونوت). عناوين مشابهة وردت في صحيفتي "معاريف" و"اسرائيل اليوم".
طبعا كان هناك تركيز على الرئيس السوري بشار الاسد باعتبار ان هذه الاحداث من وجهة نظرهم "تُبعد الضغط الدولي عنه بسبب قمع التظاهرات في المدن السورية" كما كتب آنشيل بيبر في "هآرتس". وطبعاً هذا افتراء على السلوك الطوعي للاجئين الفلسطينيين الذي اشتركت فيه ورعته جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء، سواء تلك المنخرطة في المفاوضات ام المعارضة لها. أما الاشارة الى ايران فليست الا محاولة فاشلة لإلباس هذا التحرك لبوساً خارجياً دأبت اسرائيل على إلصاقه بمن لا يعجبها. طبعاً بين المغازي التي تحاول قيادة العدو سبرها ويقلقها ما عبروا عنه صراحة من "سماح نظام بشار الاسد للاجئين بتجاوز الحدود، وانه لولا موافقته لما كان حصل ذلك". هنا يكمن واحد من عناصر القلق الاسرائيلي في التعبير عن ان هذه "مجرد البداية"، اي احتمال لجوء الرئيس الأسد الى تغيير قواعد اللعبة فيما يتعلق بالجولان المحتل وموضوع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا، وهذا حق سوري مشروع وفق القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة. وهذا القلق الاسرائيلي ايضاً صحيح لأن العالم العربي والاسلامي يتغير، وهو امر لا يتجادل فيه اسرائيليان، لذا فان السؤال عندهم الان هو: كيف ستكون المرة المقبلة، وهل يمكن ان يظهر السلاح؟ سوء حظ الاسرائيليين يكمن هذه المرة في ارتداد اللعبة التي يخوضونها ضد سوريا ودول المقاومة والممانعة على تل ابيب وحلفائها؟
لنلاحظ المنطق السائد الآن: هناك مجتمع دولي (مشكوراً بتهكم) يدعم الحراك الشعبي الليبي ضد معمر القذافي وايضا ضد الرئيس الاسد؟ هناك من أرسل طائرات أجنبية متعددة الجنسيات لـ"تقف الى جانب الثوار الليبيين"، وهناك من يدعو الى تكرار التجربة مع "سوريا". هناك بيانات تتطاير من كل العواصم العربية والغربية مُدينةً ما تصفه بياناتهم بـ"القمع ضد المتظاهرين" من قبل بشار الاسد. هناك دول اوروبية اعدت لائحة عقوبات مالية وغير مالية ضد شخصيات في النظام السياسي والامني السوري، وهناك محاولات في مجلس الامن وتلويح بعقوبات مشددة على هذا البلد لاسقاط رئيسه. اسرائيل واحد من الاطراف التي تستخدم هذه اللغة وتسوّق لهذه الاقتراحات للانتقام من عدوها "بشار". ما الذي يمنع ان يقلب اللاجئون الفلسطينيون الآية على اسرائيل نفسها وبين ايديهم سلة كاملة من قرارات الشرعية الدولية تعطيهم الحق بالعودة (194) والحق باقامة الدولة المستقلة (القرار 181) على نصف ارض فلسطين التاريخية تقريباً، وتعطيهم الحق باستخدام جميع الاساليب لاستعادة ارضهم المحتلة والدفاع عن انفسهم بما فيه السلاح (ميثاق الامم المتحدة والكثير من القرارت الدولية) وتعطيهم الحق بطرد المستوطنين الصهاينة (المصنفين بموجب عشرات القرارات من الامم المتحدة بأنهم يستولون على اراضي غيرهم ـ الفلسطينيين ـ بالقوة).
اذا اخرج الفلسطينيون ما بحوزتهم من وثائق صادرة عن الامم المتحدة وجميع مؤسساتها، واذا استخدموا منطق الثورات العربية نفسه، ألا يفترض بالمجتمع الدولي ان يقف معهم ويمدهم بكل اشكال الدعم بما فيه السلاح، تماما كما يفعل الآن مع اشقائهم الليبيين، وكما يدعوه البعض ان يفعل مع اشقائهم السوريين (بالمناسبة اللاجئ الفلسطيني في سوريا مكرّم فيها مثله مثل اي مواطن سوري، ويمارس نفس الحقوق ولديه نفس الفرص). وعليه وفي ظل هذا الحرص العالمي على حقوق الانسان في الحرية والتعبير والمشاركة السياسية ما على الفلسطينيين في شتى اصقاع الارض إلا ان يتجمعوا على تخوم بلدهم ويهتفوا "الشعب الفلسطيني يريد العودة، ويريد طرد المحتل الاسرائيلي، (المصنف محتلاً بموجب قرارات الامم المتحدة)، ويريد اخراج قطعان المستوطنين ويريد اقامة الدولة الآن". أليس هذا حقه، وأليس من واجب جميع الدول العربية والاوروبية وكل الدول ان تقف معه كما تقف مع بقية شعوب المنطقة؟
يوم الاحد اطلق جنود العدو الاسرائيلي النار على شبان فلسطينيين في بلدو مارون الراس الحدودية وقتلوا عشرة منهم وجرحوا نحو مئتين، وهؤلاء الشبان باجماع جميع المصادر والشهود، كانوا مدنيين عزلاً وليس معهم اي سلاح، وجل ما رشقوا به جنود العدو الحجارة، لكن وبدل ان يختبئ الجنود ليتفادوا الحجارة اقدمت فرق القناصة منهم على تصويب رصاصاتهم القاتلة الى رؤوس وصدور المتظاهرين كما فعلوا في الجولان والضفة وغزة، تماما كما فعل القناصة الارهابيون في قنص المتظاهرين في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا غيرها. هل يحق لاسرائيل ان تفعل ذلك وتخرق القرار 1701 وتنتهك سيادة بلد مصدر لـ"أرز الثورات"؟
انسجاما مع نفسه على المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة ان يبادر الى مد اللاجئين الفلسطينيين بالسلاح ودعمهم بعمليات جوية لإسقاط نظام الاحتلال وطرده من ارضهم ومساعدتهم على اقامة دولة فلسطينية، وان يبادر الى فرض عقوبات فردية على قادة العدو الذين امروا جنودهم باطلاق النار وقتل المحتجين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والقدس وغزة، اذ ذاك يمكن ان نقول ان سلوكه متوازن ازاء جميع الثورات العربية، وانه كما يقف مع المسلح الليبي والمسلح السوري يجب ان يقف مع المسلح الفلسطيني دون اي تردد. وفي لبنان فإن الذين ينسبون اليهم الفضل في اطلاق الثورات العربية عليهم ان يبادروا الى شحذ همة الثورة الفلسطينية ويمدوها بالمال والسلاح والدعم الاعلامي والامني كما يفعلون مع "ثوار سوريا"، واذ ذاك ينهي هؤلاء اللبنانيون فزاعة التوطين بتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة الى ديارهم.
باختصار ان هذا المنطق هو الذي يقلق اسرائيل، وهو الذي يجعلها تضج بالرعب من مبادرات جديدة للاجئين نحو العودة اكثر قوة وتأثيراً، وربما يظهر فيها السلاح لانه يجب ان يكون مسموحا به وممتدحا كما يُمتدح في اماكن اخرى، ومن يَقُلْ غير هذا المنطق فانه يفضح كل الألاعيب والمؤامرات التي يحيكها في المنطقة ضد سوريا ومحور المقاومة والممانعة ودجله في دعم المظلومين.
قطعاً هذا السؤال وُضع على طاولات البحث في مراكز صنع القرار الاسرائيلي. وحكما طُلب من اجهزة الاستخبارات بمختلف فروعها وضع تصوراتها بالنسبة للاجابات المحتملة والسيناريوهات المرافقة، ومما لا بد منه أنه قد طلب من مؤسسات بحثية واسرائيلية ـ وقد يبادر بعضها دون طلب إلى ـ محاولة تقديم ما يمكن ان تراه منطقياً وواقعياً من إجابات عن هذا السؤال؟
تكفي القراءة السريعة لعناوين أبرز صحف العدو الاسرائيلي الصادرة يوم الاثنين 16 ايار 2011 ان تفسر هذه اللغة القطعية لهذه المقالة. "اسرائيل" في حال قلق شديدة تفاقمت الاحد في 15 ايار في الذكرى 63 للنكبة بعدما اطلق اللاجئون الفلسطينيون طقوس ومراسم جديدة في احيائها مستمدة من طقوس ومراسم الثورات العربية، ومتكئة ايضاً على انتصارات فعلية بدأت منذ العام الفين بتحرير القسم الاكبر من لبنان ومرت بقطوع انتفاضة الحجارة وأتت حربا لبنان وغزة عامي 2006 و2009 لتشكلا خارطة طريق جديدة في التفكير الاسرائيلي بالهزيمة الموعودة.
بالنسبة لقادة العدو ليست محاولات تجاوز السياج الحدودي والاسلاك الشائكة سواء في الداخل الفلسطيني او الجولان السوري المحتل او على الحدود مع لبنان او مسيرة شبان الثورة المصرية حدثا تقليديا يمكن ان يقال عنه انه كان يحدث كل عام، وإن ما سيليه لن يزيد عن تكراره دون نتائج. القراءة الاسرائيلية هذه المرة مختلفة، عناوين الصحف وتعليقات كبار المحللين تشي بأن هناك طريقة تفكير جديدة في "اسرائيل" تغذيها تلك الاخطار المترامية والمتنامية على حدود الكيان الغاصب من لبنان مرورا بسوريا وقطاع غزة ومصر وصولاً الى ايران. ليس عبثاً ان تحمل مقالة للكاتب الاسرائيلي في صحيفة "معاريف" ايلي بردنشتاين عنوانا هو "يد ايران"، وان يستهل مقالته بجملة مكثفة ومركزة تقول "ان اليد التي تهز المهد هي يد ايران"، وينسب هذه الجملة حرفيا الى مصادر رفيعة المستوى في الجيش الاسرائيلي مستندة في قولها هذا الى "معلومات وليس تقديرات" كما يقول الكاتب الذي يكمل النقل عن ضباط كبار (ليس ضابطاً وحيداً) جزمهم بأن "ما حصل بالأمس مجرد مقدمة لأحداث أخرى، ليس فقط عند اعلان الدولة الفلسطينية في ايلول بل منذ الان". محافل التقديرات الرسمية في "اسرائيل" فهمت من رسالة الامس كما يقول "بردنشتاين" ان الاحداث قد تتكرر بحجم اكبر بعشرات المرات اذا ما واصلت الانظمة في المنطقة الاهتزاز، بالتزامن مع نجاح المصالحة الفلسطينية ودعم القوى الاسلامية بحيث ستجد اسرائيل نفسها في مشكلة كبيرة جداً.
"ما حصل بالأمس مجرد مقدمة لأحداث أخرى، ليس فقط عند إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول بل منذ الآن" |
طبعا كان هناك تركيز على الرئيس السوري بشار الاسد باعتبار ان هذه الاحداث من وجهة نظرهم "تُبعد الضغط الدولي عنه بسبب قمع التظاهرات في المدن السورية" كما كتب آنشيل بيبر في "هآرتس". وطبعاً هذا افتراء على السلوك الطوعي للاجئين الفلسطينيين الذي اشتركت فيه ورعته جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء، سواء تلك المنخرطة في المفاوضات ام المعارضة لها. أما الاشارة الى ايران فليست الا محاولة فاشلة لإلباس هذا التحرك لبوساً خارجياً دأبت اسرائيل على إلصاقه بمن لا يعجبها. طبعاً بين المغازي التي تحاول قيادة العدو سبرها ويقلقها ما عبروا عنه صراحة من "سماح نظام بشار الاسد للاجئين بتجاوز الحدود، وانه لولا موافقته لما كان حصل ذلك". هنا يكمن واحد من عناصر القلق الاسرائيلي في التعبير عن ان هذه "مجرد البداية"، اي احتمال لجوء الرئيس الأسد الى تغيير قواعد اللعبة فيما يتعلق بالجولان المحتل وموضوع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا، وهذا حق سوري مشروع وفق القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة. وهذا القلق الاسرائيلي ايضاً صحيح لأن العالم العربي والاسلامي يتغير، وهو امر لا يتجادل فيه اسرائيليان، لذا فان السؤال عندهم الان هو: كيف ستكون المرة المقبلة، وهل يمكن ان يظهر السلاح؟ سوء حظ الاسرائيليين يكمن هذه المرة في ارتداد اللعبة التي يخوضونها ضد سوريا ودول المقاومة والممانعة على تل ابيب وحلفائها؟
لنلاحظ المنطق السائد الآن: هناك مجتمع دولي (مشكوراً بتهكم) يدعم الحراك الشعبي الليبي ضد معمر القذافي وايضا ضد الرئيس الاسد؟ هناك من أرسل طائرات أجنبية متعددة الجنسيات لـ"تقف الى جانب الثوار الليبيين"، وهناك من يدعو الى تكرار التجربة مع "سوريا". هناك بيانات تتطاير من كل العواصم العربية والغربية مُدينةً ما تصفه بياناتهم بـ"القمع ضد المتظاهرين" من قبل بشار الاسد. هناك دول اوروبية اعدت لائحة عقوبات مالية وغير مالية ضد شخصيات في النظام السياسي والامني السوري، وهناك محاولات في مجلس الامن وتلويح بعقوبات مشددة على هذا البلد لاسقاط رئيسه. اسرائيل واحد من الاطراف التي تستخدم هذه اللغة وتسوّق لهذه الاقتراحات للانتقام من عدوها "بشار". ما الذي يمنع ان يقلب اللاجئون الفلسطينيون الآية على اسرائيل نفسها وبين ايديهم سلة كاملة من قرارات الشرعية الدولية تعطيهم الحق بالعودة (194) والحق باقامة الدولة المستقلة (القرار 181) على نصف ارض فلسطين التاريخية تقريباً، وتعطيهم الحق باستخدام جميع الاساليب لاستعادة ارضهم المحتلة والدفاع عن انفسهم بما فيه السلاح (ميثاق الامم المتحدة والكثير من القرارت الدولية) وتعطيهم الحق بطرد المستوطنين الصهاينة (المصنفين بموجب عشرات القرارات من الامم المتحدة بأنهم يستولون على اراضي غيرهم ـ الفلسطينيين ـ بالقوة).
اذا اخرج الفلسطينيون ما بحوزتهم من وثائق صادرة عن الامم المتحدة وجميع مؤسساتها، واذا استخدموا منطق الثورات العربية نفسه، ألا يفترض بالمجتمع الدولي ان يقف معهم ويمدهم بكل اشكال الدعم بما فيه السلاح، تماما كما يفعل الآن مع اشقائهم الليبيين، وكما يدعوه البعض ان يفعل مع اشقائهم السوريين (بالمناسبة اللاجئ الفلسطيني في سوريا مكرّم فيها مثله مثل اي مواطن سوري، ويمارس نفس الحقوق ولديه نفس الفرص). وعليه وفي ظل هذا الحرص العالمي على حقوق الانسان في الحرية والتعبير والمشاركة السياسية ما على الفلسطينيين في شتى اصقاع الارض إلا ان يتجمعوا على تخوم بلدهم ويهتفوا "الشعب الفلسطيني يريد العودة، ويريد طرد المحتل الاسرائيلي، (المصنف محتلاً بموجب قرارات الامم المتحدة)، ويريد اخراج قطعان المستوطنين ويريد اقامة الدولة الآن". أليس هذا حقه، وأليس من واجب جميع الدول العربية والاوروبية وكل الدول ان تقف معه كما تقف مع بقية شعوب المنطقة؟
يوم الاحد اطلق جنود العدو الاسرائيلي النار على شبان فلسطينيين في بلدو مارون الراس الحدودية وقتلوا عشرة منهم وجرحوا نحو مئتين، وهؤلاء الشبان باجماع جميع المصادر والشهود، كانوا مدنيين عزلاً وليس معهم اي سلاح، وجل ما رشقوا به جنود العدو الحجارة، لكن وبدل ان يختبئ الجنود ليتفادوا الحجارة اقدمت فرق القناصة منهم على تصويب رصاصاتهم القاتلة الى رؤوس وصدور المتظاهرين كما فعلوا في الجولان والضفة وغزة، تماما كما فعل القناصة الارهابيون في قنص المتظاهرين في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا غيرها. هل يحق لاسرائيل ان تفعل ذلك وتخرق القرار 1701 وتنتهك سيادة بلد مصدر لـ"أرز الثورات"؟
هل يحق لاسرائيل ان تفعل ذلك وتخرق القرار 1701 وتنتهك سيادة بلد مصدر لـ"أرز الثورات"؟ |
انسجاما مع نفسه على المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة ان يبادر الى مد اللاجئين الفلسطينيين بالسلاح ودعمهم بعمليات جوية لإسقاط نظام الاحتلال وطرده من ارضهم ومساعدتهم على اقامة دولة فلسطينية، وان يبادر الى فرض عقوبات فردية على قادة العدو الذين امروا جنودهم باطلاق النار وقتل المحتجين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والقدس وغزة، اذ ذاك يمكن ان نقول ان سلوكه متوازن ازاء جميع الثورات العربية، وانه كما يقف مع المسلح الليبي والمسلح السوري يجب ان يقف مع المسلح الفلسطيني دون اي تردد. وفي لبنان فإن الذين ينسبون اليهم الفضل في اطلاق الثورات العربية عليهم ان يبادروا الى شحذ همة الثورة الفلسطينية ويمدوها بالمال والسلاح والدعم الاعلامي والامني كما يفعلون مع "ثوار سوريا"، واذ ذاك ينهي هؤلاء اللبنانيون فزاعة التوطين بتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة الى ديارهم.
باختصار ان هذا المنطق هو الذي يقلق اسرائيل، وهو الذي يجعلها تضج بالرعب من مبادرات جديدة للاجئين نحو العودة اكثر قوة وتأثيراً، وربما يظهر فيها السلاح لانه يجب ان يكون مسموحا به وممتدحا كما يُمتدح في اماكن اخرى، ومن يَقُلْ غير هذا المنطق فانه يفضح كل الألاعيب والمؤامرات التي يحيكها في المنطقة ضد سوريا ومحور المقاومة والممانعة ودجله في دعم المظلومين.