ارشيف من :آراء وتحليلات
فلسطين... قصتي منذ الطفولة
نزيهة صالح
أخبرتني والدتي عن قريتها عندما كنت في السادسة من عمري، وعلمت فيما بعد سر هذا التوقيت الذي اختارته. تاريخ محفور في وجدانها، حفر في ذاكرتها يوم إرغامها مع أهلها على ترك القرية وكانت في السادسة من عمرها. لم تنسى أن تخبرني أدق التفاصيل من أجل الحفر أكثر وأكثر في الذاكرة المتوارثة أبا عن جد.
قصتها يوم النكبة كانت لا تشبه قصص الأطفال في الأدب الأميركي ولا الأدب الإنكليزي الذي كان لجنرالاته الدور الأبرز في حرمان والدتي من لعبها وحديقة منزلها، الجنرال الإنكليزي الذي كان يريد استخدام جدي للعمل في منشآته، لم يكن ينظر إلى الطفلة وحقوقها في ذاك اليوم، بل كان ينظر إلى طفلة يهودية ستأتي من بولونيا ربما لتأخذ مكان والدتي.
حدثتني عن رفيقاتها وهن يلعبن في كرم التين، والسلة التي تملأها تيناً ظنا منها بأنها ستحمل معها السعادة إلى البيت، ولكنها لم تكن تعرف هذه الطفلة البريئة بأن من يلبسون الثياب العسكرية من اليهود كانوا ينتظرونها مع رفيقاتها أثناء العودة، فقط لرمي التين من السلة لدوسها بالأرجل وتعود بعدها والدتي بسلة فارغة. هل كان لدينا حكام وملوك عندما كانت دموعها وخوفها لا حد لهما عندما أطلقوا النار على الأطفال في كرم التين وقتلوا أحدهم. نجت والدتي وحدثتني عن مسكن محفور في ذاكرتها في قريتها صلحا لا زالت تذكر تفاصيله، عشت معها هذا التذكر ومع كل قصة كانت تسردها لي كنت أسافر جنوبا حيث قريتها وأتلمس حيطان المنزل وأشم رائحته.
شهدت والدتي التحرير عام 2000 ووقفت على تلة مارون الراس وعاينت منزلها المحفور في وجدانها، ولم أتفاجأ كيف اني لم أجد صعوبة في معاينته أيضا لأنه محفور في وجداني أيضا، وأيقنت بأن علي أن أبدأ بسرد قصتي عن الأرواح الحية التي تسافر، فروحي كانت مسافرة مع والدتي هناك حيث الرائحة الزكية وكنت أسكن مع أمي هناك طيلة هذه السنين، وبالتأكيد فإن المحتلين للمنزل لم يهنؤا به ولا للحظة لأن ارواحنا الحية كانت تطاردهم ولا زالت تطاردهم حتى نطردهم من الأرض ومن الهواء ومن البحر، بأرواحنا أو مشيا على الأرجل أو زحفا على الأيدي سنعود.
أخبرتني والدتي عن قريتها عندما كنت في السادسة من عمري، وعلمت فيما بعد سر هذا التوقيت الذي اختارته. تاريخ محفور في وجدانها، حفر في ذاكرتها يوم إرغامها مع أهلها على ترك القرية وكانت في السادسة من عمرها. لم تنسى أن تخبرني أدق التفاصيل من أجل الحفر أكثر وأكثر في الذاكرة المتوارثة أبا عن جد.
قصتها يوم النكبة كانت لا تشبه قصص الأطفال في الأدب الأميركي ولا الأدب الإنكليزي الذي كان لجنرالاته الدور الأبرز في حرمان والدتي من لعبها وحديقة منزلها، الجنرال الإنكليزي الذي كان يريد استخدام جدي للعمل في منشآته، لم يكن ينظر إلى الطفلة وحقوقها في ذاك اليوم، بل كان ينظر إلى طفلة يهودية ستأتي من بولونيا ربما لتأخذ مكان والدتي.
حدثتني عن رفيقاتها وهن يلعبن في كرم التين، والسلة التي تملأها تيناً ظنا منها بأنها ستحمل معها السعادة إلى البيت، ولكنها لم تكن تعرف هذه الطفلة البريئة بأن من يلبسون الثياب العسكرية من اليهود كانوا ينتظرونها مع رفيقاتها أثناء العودة، فقط لرمي التين من السلة لدوسها بالأرجل وتعود بعدها والدتي بسلة فارغة. هل كان لدينا حكام وملوك عندما كانت دموعها وخوفها لا حد لهما عندما أطلقوا النار على الأطفال في كرم التين وقتلوا أحدهم. نجت والدتي وحدثتني عن مسكن محفور في ذاكرتها في قريتها صلحا لا زالت تذكر تفاصيله، عشت معها هذا التذكر ومع كل قصة كانت تسردها لي كنت أسافر جنوبا حيث قريتها وأتلمس حيطان المنزل وأشم رائحته.
شهدت والدتي التحرير عام 2000 ووقفت على تلة مارون الراس وعاينت منزلها المحفور في وجدانها، ولم أتفاجأ كيف اني لم أجد صعوبة في معاينته أيضا لأنه محفور في وجداني أيضا، وأيقنت بأن علي أن أبدأ بسرد قصتي عن الأرواح الحية التي تسافر، فروحي كانت مسافرة مع والدتي هناك حيث الرائحة الزكية وكنت أسكن مع أمي هناك طيلة هذه السنين، وبالتأكيد فإن المحتلين للمنزل لم يهنؤا به ولا للحظة لأن ارواحنا الحية كانت تطاردهم ولا زالت تطاردهم حتى نطردهم من الأرض ومن الهواء ومن البحر، بأرواحنا أو مشيا على الأرجل أو زحفا على الأيدي سنعود.