ارشيف من :ترجمات ودراسات
رئيس الموساد السابق يكشف تراجع دور "إسرائيل" الاستراتيجي
كتب محرر الشؤون العبرية
أحدثت التحذيرات التي أطلقها رئيس الموساد السابق مئير دغان، من تداعيات أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، عاصفة سياسية في الوسط الإسرائيلي، واصفا الخطوة بالمغامرة العسكرية التي قد لا تطيق " إسرائيل" نتائجها وتداعياتها.
ما هي أبعاد مواقف دغان التحذيرية، وإلامَ تشير؟
يلاحظ على تحذير دغان أنه يصدر للمرة الثالثة على الأقل خلال خمسة أشهر، رغم أنه اشتهر بالصمت كما يفرض طبيعة الجهاز الذي يترأسه، الأمر الذي يضفي على مواقفه مزيدا من الأهمية ليس فقط كونه لم يمض على تقاعده من منصبه في رئاسة الموساد وقت طويل ، بل كونه المسؤول السابق عن معالجة الملف النووي الإيراني، الذي يفترض أن يكون من أكثر المطلعين على واقعه وعلى نقاط ضعف وقوة الكيان العبري.
ايضا، يلاحظ أن مواقف دغان التحذيرية لم تتبلور بعد تقاعده، وإنما سبق أن قدمها قبل نحو سنة من نهاية ولايته في منصبه، وفقا للعديد من التقارير الإعلامية، خلال لقاء شارك فيه إلى جانب نتنياهو وباراك العديد من الوزراء الأساسيين في السباعية الوزارية، بمشاركة كبار قادة المؤسسة الأمنية بمن فيهم دغان نفسه. الذي حذَّر في حينه من حرب إقليمية ستنشب في أعقاب أي هجوم تشنه "إسرائيل"، شارحا حجم الأخطار المحدقة بسلامة الجبهة الداخلية في "إسرائيل"، فضلا عن أن ذلك سيحفز النظام الإيراني على مواصلة برنامجه النووي.
يلاحظ ايضا، أنه في الوقت الذي شدد فيه دغان على ضرورة تجنب استهداف إيران عسكريا، لم يحاول توهين أو التخفيف من تداعيات تحول إيران إلى دولة نووية، بل اكد على خطورة هذا الأمر، وبالتالي فهو ليس مختلفا مع بعض الآخرين حول مبدأ مواجهة التحدي النووي الإيراني، بل حول سبل مواجهته مشددا على ضرورة تجنب الخيار العسكري.
أما فيما يتعلق بمنطلقات تشديده على ضرورة استبعاد الخيار العسكري، فهي نفسها التي تداولها العديد من المعلقين وأوردها نفسها خلال الاجتماعات السرية المغلقة التي تناولت هذا الملف: حرب إقليمية بمشاركة حزب الله، توفير الذريعة لإيران لمواصلة برنامجها وبناء قدرات عسكرية نووية، عدم قدرة "إسرائيل" على إيقاف البرنامج النووي نهائيا. مع تشديده على ضرورة أن يأخذ صناع القرار في تل أبيب، قدرات حزب الله الصاروخية، بالاعتبار، وخاصة انه "يملك قوة نارية تفوق قدرات بضع دول في المنطقة.. تغطي كامل أراضي إسرائيل"، محذرا من انه لن يكون هناك تمييز بين أهداف مدنية وعسكرية، وان ذلك سيكون فوق طاقة إسرائيل التي ـ في حال دخلت حربا اقليمية ـ "لن تعرف كيف ستخرج منها".
وعليه، يتضح من إقرار دغان بمحدودية قدرات "إسرائيل"، إقراره ايضا بتراجع مكانة ودور إسرائيل الإقليمي باعتبارها الذراع الأميركية الطويلة والحاسمة. وخاصة ان التحدي القائم الآن (النووي الإيراني) ذو أبعاد وجودية كما يقدمه المسؤولون الإسرائيليون الرسميون. إذ بدلا من أن يكون "الجيش" قوة الدفاع عن الأمن القومي الإسرائيلي وأداة تنفيذ سياسة الإدارة الأميركية، على الأقل فيما يتقاطع مع السياسة والمصالح الإسرائيلية.. إذا بها تستنجد بالدول الكبرى لمساعدتها عبر فرض عقوبات دولية وممارسة الضغوط على إيران. وما يعزز هذا الاستنتاج أن رفض أي مبادرة عسكرية إسرائيلية تجاه إيران، لا يقتصر عليه فقط، بل يشمل كل قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية، (في فترة تولي دغان رئاسة الموساد) من رئيس أركان الجيش غابي اشكنازي، إلى رئيس الاستخبارات العسكرية، عاموس يادلين، إلى رئيس الشاباك يوفال ديسكين، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من أبعاد تتصل بإقرار القادة العسكريين والامنيين بحقيقة عناصر القوة التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية في مقابل نقاط الضعف التي يتسم بها الكيان العبري. وإمعانا في التشديد على ضرورة اعتراف قادة "إسرائيل" بمحدودية قدراتها، وتجنب توريطها في حروب قد لا تطيق نتائجها وتداعياتها، حدد دغان الحالات التي ينبغي فيها على "إسرائيل" اللجوء إلى الخيار العسكري باثنين: في حالة الدفاع عن نفسها جراء تعرضها لهجوم عسكري، وفي حال كانت السكّينة موجودة فعلا على الرقبة، أي في حالة المواجهة الحتمية، وكان السبيل الوحيد اللجوء إلى الخيار العسكري. وعليه، يمكن تلخيص رؤية دغان وفق التالي: بأن على "إسرائيل" إلغاء مبدأ "حرب الخيار" (الابتدائية) من قاموسها. وما من شك أن "التحول الفكري" الذي مر به دغان، وهو الشخصية اليمينية الصقورية المعروفة بنزعتها نحو استخدام القوة، يعود إلى التطور الذي شهدته موازين القوى الإقليمية بدءاً من الجمهورية الإسلامية في إيران وصولا إلى حزب الله والضربة التي تلقاها الجيش الإسرائيلي خلال حرب العام 2006.
أحدثت التحذيرات التي أطلقها رئيس الموساد السابق مئير دغان، من تداعيات أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، عاصفة سياسية في الوسط الإسرائيلي، واصفا الخطوة بالمغامرة العسكرية التي قد لا تطيق " إسرائيل" نتائجها وتداعياتها.
ما هي أبعاد مواقف دغان التحذيرية، وإلامَ تشير؟
يلاحظ على تحذير دغان أنه يصدر للمرة الثالثة على الأقل خلال خمسة أشهر، رغم أنه اشتهر بالصمت كما يفرض طبيعة الجهاز الذي يترأسه، الأمر الذي يضفي على مواقفه مزيدا من الأهمية ليس فقط كونه لم يمض على تقاعده من منصبه في رئاسة الموساد وقت طويل ، بل كونه المسؤول السابق عن معالجة الملف النووي الإيراني، الذي يفترض أن يكون من أكثر المطلعين على واقعه وعلى نقاط ضعف وقوة الكيان العبري.
ايضا، يلاحظ أن مواقف دغان التحذيرية لم تتبلور بعد تقاعده، وإنما سبق أن قدمها قبل نحو سنة من نهاية ولايته في منصبه، وفقا للعديد من التقارير الإعلامية، خلال لقاء شارك فيه إلى جانب نتنياهو وباراك العديد من الوزراء الأساسيين في السباعية الوزارية، بمشاركة كبار قادة المؤسسة الأمنية بمن فيهم دغان نفسه. الذي حذَّر في حينه من حرب إقليمية ستنشب في أعقاب أي هجوم تشنه "إسرائيل"، شارحا حجم الأخطار المحدقة بسلامة الجبهة الداخلية في "إسرائيل"، فضلا عن أن ذلك سيحفز النظام الإيراني على مواصلة برنامجه النووي.
يلاحظ ايضا، أنه في الوقت الذي شدد فيه دغان على ضرورة تجنب استهداف إيران عسكريا، لم يحاول توهين أو التخفيف من تداعيات تحول إيران إلى دولة نووية، بل اكد على خطورة هذا الأمر، وبالتالي فهو ليس مختلفا مع بعض الآخرين حول مبدأ مواجهة التحدي النووي الإيراني، بل حول سبل مواجهته مشددا على ضرورة تجنب الخيار العسكري.
أما فيما يتعلق بمنطلقات تشديده على ضرورة استبعاد الخيار العسكري، فهي نفسها التي تداولها العديد من المعلقين وأوردها نفسها خلال الاجتماعات السرية المغلقة التي تناولت هذا الملف: حرب إقليمية بمشاركة حزب الله، توفير الذريعة لإيران لمواصلة برنامجها وبناء قدرات عسكرية نووية، عدم قدرة "إسرائيل" على إيقاف البرنامج النووي نهائيا. مع تشديده على ضرورة أن يأخذ صناع القرار في تل أبيب، قدرات حزب الله الصاروخية، بالاعتبار، وخاصة انه "يملك قوة نارية تفوق قدرات بضع دول في المنطقة.. تغطي كامل أراضي إسرائيل"، محذرا من انه لن يكون هناك تمييز بين أهداف مدنية وعسكرية، وان ذلك سيكون فوق طاقة إسرائيل التي ـ في حال دخلت حربا اقليمية ـ "لن تعرف كيف ستخرج منها".
وعليه، يتضح من إقرار دغان بمحدودية قدرات "إسرائيل"، إقراره ايضا بتراجع مكانة ودور إسرائيل الإقليمي باعتبارها الذراع الأميركية الطويلة والحاسمة. وخاصة ان التحدي القائم الآن (النووي الإيراني) ذو أبعاد وجودية كما يقدمه المسؤولون الإسرائيليون الرسميون. إذ بدلا من أن يكون "الجيش" قوة الدفاع عن الأمن القومي الإسرائيلي وأداة تنفيذ سياسة الإدارة الأميركية، على الأقل فيما يتقاطع مع السياسة والمصالح الإسرائيلية.. إذا بها تستنجد بالدول الكبرى لمساعدتها عبر فرض عقوبات دولية وممارسة الضغوط على إيران. وما يعزز هذا الاستنتاج أن رفض أي مبادرة عسكرية إسرائيلية تجاه إيران، لا يقتصر عليه فقط، بل يشمل كل قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية، (في فترة تولي دغان رئاسة الموساد) من رئيس أركان الجيش غابي اشكنازي، إلى رئيس الاستخبارات العسكرية، عاموس يادلين، إلى رئيس الشاباك يوفال ديسكين، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من أبعاد تتصل بإقرار القادة العسكريين والامنيين بحقيقة عناصر القوة التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية في مقابل نقاط الضعف التي يتسم بها الكيان العبري. وإمعانا في التشديد على ضرورة اعتراف قادة "إسرائيل" بمحدودية قدراتها، وتجنب توريطها في حروب قد لا تطيق نتائجها وتداعياتها، حدد دغان الحالات التي ينبغي فيها على "إسرائيل" اللجوء إلى الخيار العسكري باثنين: في حالة الدفاع عن نفسها جراء تعرضها لهجوم عسكري، وفي حال كانت السكّينة موجودة فعلا على الرقبة، أي في حالة المواجهة الحتمية، وكان السبيل الوحيد اللجوء إلى الخيار العسكري. وعليه، يمكن تلخيص رؤية دغان وفق التالي: بأن على "إسرائيل" إلغاء مبدأ "حرب الخيار" (الابتدائية) من قاموسها. وما من شك أن "التحول الفكري" الذي مر به دغان، وهو الشخصية اليمينية الصقورية المعروفة بنزعتها نحو استخدام القوة، يعود إلى التطور الذي شهدته موازين القوى الإقليمية بدءاً من الجمهورية الإسلامية في إيران وصولا إلى حزب الله والضربة التي تلقاها الجيش الإسرائيلي خلال حرب العام 2006.