ارشيف من :آراء وتحليلات

سوريا... الحلول من حجم التحديات والأخطار

سوريا... الحلول من حجم التحديات والأخطار
لؤي توفيق حسن (*)

"إن إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد في مصلحة إسرائيل وليس العكس كما يتصور البعض".
مائير داغان/ (رئيس الموساد السابق)

لقد بات من الواضح أن الأزمة التي تمر بها سوريا قد دخلت في دائرةٍ مغلقة ما لم يجرِ فكّ إحدى حلقاتها من مكان ما. إذ إن العنف، والرد المساوي عليه، أخذ يُشرّع الأبواب للخارج. لا ليُدخِل أنفه وحسب. بل ليكون لاعباً أساسياً. الامر الذي شرّع الأبواب يوماً لسيناريوهات الحرب الأهلية اللبنانية التي اكتوى بها اللبنانيون.. وما زالوا يعانون من نتائجها!!.

إن مقابلة العديد من المفارقات تقودنا الى استنتاجات تتعدى حدود وجهة النظر. إذ هي تتأسس على معطيات ملموسة لا مجال لتأويلها. وهذه أمثلة:

ـ صحيفة "هآرتس": "اسرائيل تعد خطة سرية... لإحباط قيام دولة فلسطينية". إن ذهاب الفلسطينيين الى الأمم المتحدة في أيلول القادم "يمس بشرعية اسرائيل". ومحاولة "لكسر القاعدة، أي الحصول على الأهداف من غير المفاوضات".

ـ "وكالات": اشتباكات في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق. وسقوط 11 قتيلاً وعدد كبير من الجرحى.

ـ "أليكس فيشمان، المراسل العسكري لـ "يديعوت أحرونوت": "إن أولئك الذين وصلوا الى القنيطرة ومجدل شمس أبدوا تصميماً وتضحية ما قد يعقّد استمرار المواجهة.. فالمتظاهرون لم يفروا بل استمروا في التدفق موجات موجات رغم النار الدقيقة للقناصة".
ـ "يديعوت أحرونوت": "الجيش الإسرائيلي يجد نفسه امام جبهة جديدة قديمة في هضبة الجولان..".

ـ صحيفة تشرين السورية: "ان ما جرى على خطوط الفصل في الجولان المحتل ليس سوى مقدمة لما هو أعظم من زحفٍ جماهيري ليس له حدود على طريق التحرير والعودة"!.

ـ "رويترز": "مسلحون من فصيل فلسطيني موالٍ لسوريا قتلوا 11 فلسطينياً على الاقل رمياً بالرصاص في مخيم للاجئين قرب دمشق.." ـ (إثر تشييع شهداء انتفاضة الحدود)!ـ.

ـ "سيريا نيوز": "حمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة، أطرافاً وصفتها بـ "العميلة للكيان الصهيوني" في سلطة رام الله، المسؤولية عن أعمال التحريض والقتل ..".

لعل ما سبق كافٍ للتدليل على ثغراتٍ، مدعوون جميعاً لمصارحة أنفسنا بها، وهي بشكل مكثف:

أولاً: ان العدو ما زال قادراً في مكان ما على انتزاع المبادرة من بين ايدينا.

ثانياً: ان المؤشرات تدل على ان عدونا اخترقنا في عدة امكنة. أما كيف؟، وأين؟... فهذه ليست مهمتنا، إلا فقط بالإشارة الى انه جرى في غفلة عن العيون!!.

ثالثاً: ان هذا العدو قادرٌ على نقل ازماته الينا فيما العكس ما زال غير وارد!!.

هل نحن متشائمون؟!.

المسألة ابعد من ثنائية التفاؤل ـ التشاؤم. انها مرتبطة بمهمات تتناسب والتحديات التي تواجهها الامة. وفي هذا السياق نجد من المستحسن وللتدليل أكثر، ان نطرح أمثلة جديدة:

ـ "ديفيد شينكر" في صحيفة "نيوز بابليك" الأمريكية، المرتبطة بالمحافظين الجدد: ".. دعم سيناريوهات الخلافات الداخلية عن طريق إذكاء وقود الكراهيات الطائفية والعرقية، إضافة الى بث المخاوف بما يؤدي الى حدوث موجات هجرة كبيرة من داخل سوريا الى خارجها".
ـ "رويترز": "ان المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا تحولت عملياً الى مناطق عازلة مع تدفق نحو عشرة آلاف لاجئ سوري ال المناطق الحدودية"!!.
ـ عبد الله غول: "... اننا مستعدون كعسكر ومدنيين لمواجهة أسوأ السيناريوهات.. ان الأمور كما يبدو لا تذهب في الاتجاه السليم"!!!.
ـ مركز اللوبي اليهودي البريطاني ـ (في ورقة بحثية) ـ: "الاضطرابات هي الشرط الحصري لإضعاف خصوم امريكا واسرائيل. وهو الإضعاف الذي سوف يؤدي بالضرورة الى استقرار وضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة".

ـ جريدة السفير: "سوريا تطوي جمعة دموية جديدة.. بلا أفق سياسي".
ان ما سبق يكفي للتدليل على ضرورة الخروج السريع من الدوامة الحالية بعمل (نوعي). فالزمن لا يعمل لمصلحة سوريا ما لم يُقطع الطريق على المؤامرة بخطواتِ جريئة نجد طليعتها في حكومة وحدة وطنية جامعة تؤسس لـ(مؤتمر وطني عام) يأتي بالانتخابات، وينبثق عنه أمران:
1ـ عقد وطني ـ او (ميثاق عمل وطني) ـ يتضمن تصوراً للسياسات، والإستراتيجيات بإطارها العام. بدءاً بالموقف من الكيان الصهيوني ومشاريع التسوية، وليس انتهاءً بالاقتصاد، والقضايا المعيشية.

2ـ سلسلة من الاصلاحات الدستورية. بما يوفر إطاراً لحياة سياسية صحية ومستقرة.

لا يلغي ما سبق حتمية كسر الستاتيكو على جبهة الجولان، كما أشرنا لذلك في مقال سابق. بل هو متمم له.. لهذا الحراك الجماهيري الشجاع والمعاند، كمثل ما جرى على الخط الفاصل في هضبة الجولان الشهر المنصرم والحالي. بل ان تغيير المناخات سيجعل الحراك هذا يتم على ارضية صلبة، كما وإن التفاف الناس تحت شعار: " النازحون يريدون العودة الى الجولان" سيلقي بظلاله على (المؤتمر الوطني العام) المقترح... ولا داعي بعد ذلك لمزيد من الشرح. فقول تشرشل ينطق بقلب الشاعر: "حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت".


(*) كاتب من لبنان
2011-06-16