ارشيف من :خاص

استثمارات المبعوث السابق للرباعية ومساعدته "اسرائيل" في تخضير المستوطنات

استثمارات المبعوث السابق للرباعية ومساعدته "اسرائيل" في تخضير المستوطنات
بقلم علي أبو نعمة(*) / The Electronic Intifada/ ترجمة خاصة لموقع الانتقاد الالكتروني

ان رئيس البنك الدولي السابق ومبعوث اللجنة الرباعية للشرق الأوسط جايمس د. ولفنسون هو مستثمر في شركة اسرائيلية تعمل على تطوير النية التحتية للمواصلات للمستوطنات اليهودية المبنية في أراضي الضفة الغربية المحتلة فقط، وذلك في انتهاك للقانون الدولي. هذا ما كشفه تحقيق لموقع "الانتفاضة الالكترونية" (The Electronic Intifada).
قدم ولفونسون بعضاً من رأس المال التأسيسي لـ Better Place، وهي شركة اسرائيلية أسسها المقاول الاسرائيلي شاعي آغاسي. تملك الشركة وتشغل Better Place Israel ( BPI)، وحدة في الشركة تؤسس نظاماً لمحطات التعبئة لتزويد المركبات الكهربائية بالطاقة الكهربائية على امتداد اسرائيل وكذلك للمستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.
كانت الشركة طفل الاعلان لجهود تخضير اسرائيل – بتقديمها اياها على أنها ملاذ التكنولوجيا البيئية – مع ذلك فان لها علاقات وثيقة مع المؤسستيْن السياسية والعسكرية الاسرائيليتين ويعبِّر مسؤولوها الرئيسيون عن أجندة معادية للاسلام والعرب.
ان كبير المسؤولين التنفيذيين في BPI، هو الجنرال الأسبق موشيه كابلينسكي، الذي كان قائداً لقوات الاحتلال الاسرائيلية في الضفة الغربية أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فترة من الانتهاكات الهائلة والمدانة جداً لحقوق الانسان الفلسطيني. كان كابلنسكي أيضاً نائب رئيس الأركان في الجيش الاسرائيلي أثناء حرب لبنان 2006 عندما اتهمت منظمة العفو الدولية، وجماعات حقوق الانسان الأخرى اسرائيل بارتكاب جرائم حرب عديدة بما فيها الاستخدام الواسع للقنابل العنقودية في مناطق سكنية.
ان هدف شركة Better Place هو احضار مركبات كهربائية بالكامل وتأسيس بنية تحتية لدعمها في السوق الضخم – بدءاً باسرائيل. كما لدى الشركة أيضاً مشاريع تتعلق بالطيران في مناطق بعيدة كالدانمارك، كندا، كاليفورنيا، أستراليا واليابان.
تقوم بصناعة السيارات الكهربائية، بسبب امكانية توافرها للشعب في اسرائيل في العام المقبل، التكتل الفرنسي – الياباني وهما شركتا رينو – نيسان بظل اتفاقية موقعة مع شركة Better Place. كما وقعت الأخيرة على مذكرة تفاهم مع شركة السيارات الصينية المصنعة لـ Chery للقيام بعمل مشترك في مجال تطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية للسوق الصيني.
"ما نقوم به لجعل الأمور ملائمة ومريحة هو أننا نقوم بنصب عدد ضخم من نقاط التعبئة (التعبئة الكهربائية) عبر البلد بأكمله أو المنطقة بأكملها،" شرح آغاسي لبرنامج " وان بلانيت" (كوكب واحد) على محطة الـ BBC في كانون الثاني عام 2009. "كما نقوم بوضع أنظمة تبديل البطاريات بحيث إنك أينما كنت تقود سيارتك فأنت لست بحاجة للجلوس والانتظار حتى تمتلئ بطاريتك بالطاقة، بامكانك استبدالها فحسب ومن ثم تتابع طريقك".

بناء البنية التحتية في الضفة الغربية المحتلة

قبل أن تبيع BPI سيارتها الأولى في اسرائيل تقوم الآن بتأسيس شبكة تتألف من آلاف نقاط التعبئة على كامل نظام الطرق في البلاد بما فيه طرقات المستوطنين وفي داخل المستوطنات في الضفة الغربية.
ان أحد أكبر المستثمرين في شركة BPI هو الملياردير ايدان أوفر، مالك مجموعة دور- آلون للطاقة، أكبر مصفاة نفط في اسرائيل. وقد وقعت دور- آلون اتفاقية لنصب نقاط تعبئة واستبدال البطاريات لحساب شركة Better Place على امتداد شبكاتها من محطات البنزين.
وفي 3 شباط ذكرت نشرة Globes المالية الاسرائيلية الناطقة باللغة العبرية التالي: "بحسب التقديرات، فان نشر محطات التعبئة سيضغط أكثر على مراكز التزود بالوقود الممتدة وعلى شعبية شركة دور- آلون، التي تتمتع بالهيمنة على طرقات النقل الرئيسة، كما هو حال محطاتها الأربع على طريق Cross Israel (الطريق السريع رقم 6) والمحطات الموجودة على الطريق السريع 443 والطريق السريع الساحلي".
يستخدم الطريق السريع 443، وبشكل بارز، آلاف المتنقلين الاسرائيليين الى أعمالهم يومياً. نصف الطريق الذي يصل طوله الى نحو 30 كلم تقريباً يمر عبر الضفة الغربية المحتلة. وقد حظرت اسرائيل على الفلسطينيين ممن تمتد أراضيهم وقراهم لتتقاطع مع هذا الطريق من الوصول والدخول اليها، محتفظة بها، وبشكل مؤثر، لليهود فقط. وقبيل استيلاء اسرائيل على الأرض، كانت الطريق شريان الحياة الرئيس بالنسبة لحركة السير الفلسطينية جنوب رام الله ("الطريق 443 – طريق الضفة الغربية للاسرائيليين فقط،" بتساليم).
أكدت "الانتفاضة الالكترونية" ( EI)، بشكل مستقل، توسع شركة BPI داخل الضفة الغربية عندما أرسلت مراسلاً سرياً لها لزيارة مراكز الشركة الرئيسة الموجودة في مكان لخزان ضخم مجدد للوقود في شمال تل أبيب.
خلال الجولة، شاهد مراسل EI، الى جانب زوار آخرين، فيلم فيديو على نسق IMAX شرح للحضور ما مفاده بأن كل زبون يقوم بشراء مركبة BPI كهربائية سيكون لديه أيضاً نقطة تعبئة مثبتة في منزله – بناء صغير الحجم له فتحة تتصل بالسيارة عبر آلة للتزود بالطاقة الكهربائية لها شكل الصنبور، والمرتبطة لاسلكياً بشبكة اتصالات BPI.
عندما سأل مراسل EI الناطق باسم شركة BPI عما اذا كان بالامكان نصب محطات التعبئة هذه داخل المستوطنات في الضفة العربية، قال الناطق الرسمي بأن "هذه المحطات ستُنصب في أي مكان ... تريد العيش فيه." وعلى الخارطة التي ظهرت أثناء مشاهدة فيلم الفيديو، بانت محطات التعبئة في مناطق في وادي الأردن وعلى طول الطرق المؤدية الى شرق القدس ـ ما يشير الى أن BPI قد نصبت سلفاً محطات تعبئة تابعة لها داخل الضفة الغربية، وتخطط لنصب عدد آخر منها.

وولفونسون: مناصر قديم لـ Better Place

ان شركة جايمس وولفونسون الاستثمارية، شركة Wolfensohn & Co، موجودة على القائمة على الموقع الالكتروني لـ BPI الى جانب شركة Macquarie Capital في أستراليا وبنك Morgan Stanley الاستثماري في الولايات المتحدة، بالاضافة الى شركات استثمارية أخرى. وتستثمر شركة Macquarie وتعمل في مجال البنية التحتية للنقل في كل العالم، بما فيه رسوم المرور على جسر "سكاي واي شيكاغو"، على طريق انديانا، وكذلك رسوم المرور على طريق M6 للسيارات في المملكة المتحدة.
وفي اتصال للـ موقع EI، ، كانت شركة Wolfensohn & Co ميالة للكشف عن رهانها أو تقديم تعليق آخر على الرواية. مع ذلك وبصفتها احد أوائل المستثمرين، فقد كانت مؤثرة، ربما، في مساعدة شركة BPI على اجتذاب رؤوس أموال اضافية.
قامت شركة BPI مؤخراً بالتأمين على استثمار بقيمة 350 مليون دولار في بنك HSBC، لتوسع بذلك قيمة الشركة المقدرة بـ 1.25 مليار دولار.
"اسرائيل أنبوب اختبار ممتاز للسيارة الكهربائية"، كلام مقتبس عن ولفنسون ذُكر في العدد الصادر في شباط 2008 عن " اسرائيل هاي- تك والتقرير الاستثماري". "ينبغي اختبار الموضوع، وسيتم توصية شاعي آغاسي ( مؤسس الـ BPI) للقيام بهذا وتقديم توصية أيضاً للحكومة الاسرائيلية بمحاولة تجربتها".
في الوقت الذي تشتغل فيه كشركة خاصة – مع وجود مكتبها الرئيس، اسمياً، في كاليفورنيا – كانت شركة Better Place معتمدة على دعم الحكومة الاسرائيلية من البداية.
بدايةً، كتب آغاسي تصورا له للموضوع لـ "مبادرة قادة العالم الشباب التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي". وسوَّق آغاسي مفهومه وتصوره لدى قادة عالميين مختلفين الا أنه لم يجد أذناً صاغية، بحسب ما قال لبرنامح " وان بلانيت" على الـ BBC. " ثم التقط الفكرة الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز،" قال آغاسي مستذكراً. "لكن التحدي بالنسبة لي هو عدم الطلب منا ( الاسرائيليين ) القيام بذلك. اذا كنت تعتقد أنه مجال عمل عظيم، قم به بنفسك. وهكذا كان وأصبحت شركة بديلاً عن وكالة حكومية". ومؤخراً جداً قال آغاسي للـ CNN ، "لم أكن لأقوم بهذا اليوم لو لم يكن الأمر متعلقاً ببيريز" ("شاعي آغاسي: مهمة الرجل الواحد تحويل كل السيارات الى سيارات كهربائية"، CNN، 19 نيسان، 2010).
ان استثمار ولفنسون في الشركة ومصادقته الشخصية على شركة اسرائيلية تساعد على بناء وتمتين البنية التحتية للاحتلال يعتبر أمراً مفاجئاً. فحتى العام 2006، كان ولفنسون يعمل كمبعوث للجنة الرباعية، اللجنة النيابية الأميركية المرتجلة المعينة ذاتيا، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والأمين العام للأمم المتحدة التي احتكرت لنفسها ما يُسمى بـ " عملية السلام". كُلف ولفنسون بمهمة المساعدة على التطوير الاقتصادي الفلسطيني في قطاع غزة بعدما قامت اسرائيل بازالة مستوطناتها في العام 2005 من هناك ونقل الاحتلال قواته العسكرية من داخل غزة الى محيط الأرض المحاصرة التي تحتجز داخلها 1.5 فلسطيني، معظمهم من اللاجئين.
استقال ولفنسون وهو يشعر بالاحباط وخيبة الأمل بعدما قررت "الرباعية" مقاطعة، وتجميد المساعدات للسلطة الفلسطينية بعدما فازت حماس في انتخابات 2006. "سيفاجئني ان أمكن للمرء أن يفوز عن طريق اخراج جميع الأولاد من المدرسة أو تجويع الفلسطينيين". قال ولفنسن ذلك في رمية دقيقة واستثنائية استهدفت السياسات الاسرائيلية وسياسات الرباعية ("على الغرب منع انهيار السلطة الفلسطينية"، الفاينانشال تايمز، 3 أيار، 2006).
كان ولفنسن، في السابق، منتقداً شديد اللهجة للقيود الشديدة المفروضة على حركة التنقل للفلسطينيين بين وضمن الأراضي المحتلة ـ كالقيود المفروضة على الطريق السريع 443 ـ الذي دمر الاقتصاد الفلسطيني. وكان ولفنسن قد نجح بدوره كمبعوث للرباعية عن طريق طوني بلير.

موشيه كابلينسكي، الجنرال السابق في الجيش الاسرائيلي، في فيلم فيديو دعائي لـ Better Place: الاسلاموفوبيا تحت قناع الحفاظ على البيئة

زعم فيلم الفيديو الدعائي لشركة BPI بأن تمويل "الأنظمة المتطرفة وغير المستقرة... وبأن تمويل المنظمات أمر غير ايجابي للانسانية"، هو أحد الأسباب الرئيسة التي جعلت الشركة تهتم بجعل الاسرائيليين يخرجون أنفسهم من عالم السيارات المستهلكة للبنزين باسراف والدخول الى عالم المركبات الكهربائية بالكامل. وقد أظهر كل من الرئيس الاسرائيلي بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تمجيداً لفضائل مهمة BPI، مع تعليق لنتانياهو قال فيه : " هذا جزء من نظام العالم المتغير... الذي يخلصنا من الاعتماد على النفط".
أصبحت الاشاعة الكاذبة المضللة المستمرة التي تقول بأن البنزين الذي يضخه سائقو السيارات حول العالم في سياراتهم هو الذي يمول الارهاب اشاعة رائجة وشعبية لدى الأشخاص الليبراليين العاملين في مجال المحافظة على البيئة في السنوات الأخيرة. وفي الوقت الذي تعتبر فيه عنصرية ضمنياً تجاه العرب والمسلمين، فان شركة BPI جعلت من هذه الأحكام المسبقة والمزاعم النارية جزءاً من مضامين نموذجها في قطاع الأعمال.
وقال المدير التنفيذي موشيه كابلينسكي لبرنامح "وان بلانيت" على محطة الـ BBC ، "كنت جنرالاً في جيش الدفاع الاسرائيلي وأنا أفهم الى أين يذهب المال الآتي من النفط وما الذي تسبب به هذا المال لمجتمعاتنا في الجانب الغربي من العالم".
وعندما سُئل عن سبب كونه مناصراً قديماً لشركة Better Place ، قال الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز لمجلة Wired، "" كنت أعتقد بأن مشكلتنا الكبرى في هذا الزمن هي النفط. فمن جهة يلوث النفط الأرض، ومن جهة أخرى " يمول الارهاب" ( "Drive: خطة شاعي آغاسي الجريئة لوضع السيارات الكهربائية على الطرقات،" 18 آب، 2008).

إعادة تصنيف اسرائيل

عقب هجمات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة، أصبحت الشركات الاسرائيلية التي تسوق "الخبرات الأمنية والمناهضة للارهاب" المحرك لصادرات البلاد. ففي عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهاجس التغير المناخي، كان هناك جهد مركز على تنعيم صورة اسرائيل والتخفيف من حدتها، خاصة في بدايات تقرير غولدستون مبعوث الأمم المتحدة حول التحقيق في جرائم حرب اسرائيلية وجرائم ضد الانسانية حصلت في قطاع غزة.
أصبحت شركة Better Place بمثابة الراية لهذه الاستراتيجية – على سبيل المثال، لقد استخدم "جيدي غرينشتاين" من معهد Reut صور شعار Better Place في محاضرته القوية السيئة السمعة في مؤتمر هرتزيليا، في جهود لاعادة تصنيف اسرائيل كدولة صديقة للبيئة في الوقت الذي تلح فيه على وكالاتها الاستخباراتية لأجل " تخريب" و "مهاجمة" حركة التضامن العالمية المتنامية مع فلسطين.
ان نجاح شركة Better Place في رفع نسبة رأس المال من شركة Wolfensohn & Co وشركات دولية أخرى، بالاضافة الى الشهرة الايجابية التي نالتها الشركة، تعمل كجرس انذار بحيث ينبغي على الفلسطينيين والمقاطعة العالمية المتنامية، حركة العقوبات وتجريد الحقوق، أن يكونوا أكثر يقظة تجاه جهود اسرائيل لاخفاء تمييزها العنصري واستعمارها اللاشرعي والوحشي تحت قناع بيئي أخضر.

(*) 6 أيار/ مايو 2010ـ ترجمة: ايمان سويد
2011-06-17