ارشيف من :أخبار عالمية
ثورة البحرين... بين خيار العنف أو المقاومة المدنية
يوسف البحراني(*)
سيناريو الأحداث الأمنية في البحرين بعد انطلاق ثورة الغضب الالكترونية (حركة 14 فبراير) جاء سريعاً ومليئاً بتقلبات المواقف غير المتوقعة، خصوصاً بعد الموافقة الصريحة لرموز الحكم في البحرين بشأن التدخل العسكري للسعودية من أجل قمع حركة الاحتجاج السياسي، وهي بداية لرسم خارطة سياسية جديدة للبحرين في ظل أجواء الاحتقان الطائفي والتوتر السياسي بين دول الجوار. الأمر الذي اعتبره أغلب شعب البحرين بأنه تدخل مباشر في تقرير مصير دولة مستقلة وبمثابة احتلال عسكري سافر وجبت مقاومته بشتى الوسائل المتاحة.
والسؤال الهام الذي يطرح دائماً عبر وسائل الاعلام منذ بداية ثورة البحرين (14 فبراير) هو كيف يواجه شعب البحرين هذه الأوضاع العسكرية والأمنية الصعبة في ظل الاحتلال السعودي وسيادة لغة العنف والارهاب الحكومي؟ وما هي الخيارات المطروحة أمام الدمار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب بنية المجتمع البحريني؟
وبرأيي ان خيارات المقاومة الشعبية السلمية بكل أساليبها وطرقها هي الخيار المتاح أمام الشعب البحريني في ظل أوضاع اقليمية وعالمية معقدة، بالاضافة الى تفعيل التحركات الاعلامية (خارج الوطن) للضغط على النظام الحاكم أمام المحافل الدولية والحقوقية، والاستفادة من منابر الاعلام الخارجي المتعاطفة مع ثورات الشعوب في العالم العربي، الى جانب كسب تعاطف الأصوات الحرة في الدول الأجنبية التي وقفت وقفة انسانية مشرفة في الدفاع عن حقوق شعب البحرين وادانة جرائم وانتهاكات حقوق الانسان من قبل قوات الجيش البحريني والسعودي. هذا بالاضافة الى خطوات العصيان المدني وحق التظاهر السلمي واستخدام سلاح المقاطعة وغلق المحلات التجارية أو الامتناع عن الذهاب للعمل أو الدراسة أو الجلوس بالشوارع العامة أو نشر مظاهر الاحتجاج عبر الشعارات والصور الفنية وتوظيف أدوات التقنية الحديثة كالانترنت في التعبير عن الاحتجاج السياسي، وغيرها من وسائل المقاومة اللاعنفية والعصيان المدني التي تتوافق حسب طبيعة البلد السياسية وتركيبته الاجتماعية.
ولعلنا ندرك بأن ميزان القوة لا يرجح عامل المواجهة المباشرة بين شعب أعزل وجيش مسلح عسكرياً وأمنياً ويحظى بدعم من شركائه في مجلس التعاون وبدعم الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً. ولذلك يبقى خيار المقاومة المدنية السلمية هو خيار شعبي وطني من شأنه أن يعمل على انهاك النظام أمنياً واستنزاف قواه الاقتصادية في ظل غياب الأمن وسيادة حكم العسكر وقانون الطوارئ مع فتح جميع الخيارات الممكنة مستقبلاً.
وقد تتطور أساليب المقاومة الشعبية لحالة عصيان مدني يلجأ فيه المحتجون لأدوات دفاعية ووقائية لصد هجمات قوات الأمن، وقد يضطر المقاوم في حالته الدفاعية الى استخدام العنف الوقائي كرد فعل مقابل حالة العنف والقوة المفرطة والانتهاك الحقوقي الذي يتجاوز خصوصية المجتمع.
وفي حالة تنفيذ حكم الاعدام لا سمح الله لا استبعد شخصياً تطور الأمور بصورة كبيرة بأن تعلن حالة الطوارئ ويتم غلق المحلات التجارية حداداً وتعطل الحياة العامة في معظم القرى والمدن، ويندفع الشارع البحريني لحركة احتجاج شعبية عنيفة تخرج للشوارع لمواجهة قوات الأمن البحريني والسعودي بأدواتها البسيطة، وقد تحدث عمليات انتقامية ضد كل من يرتبط بالعائلة الخليفية الحاكمة أو من وقف مع النظام الحاكم وشارك في حملة التحريض الطائفي والاعتداء على المواطنين.. وقد تتطور أساليب المقاومة المدنية الشعبية على المدى القريب بصورة قد لا يتوقعها النظام الحاكم وحلفاؤه المقربون.
فمن يحكم البحرين اليوم واقعاً هو الجيش العسكري المدعوم بميليشيات بلطجية منتشرة لبث الرعب والارهاب في أنحاء مدن وقرى البحرين... الاعتقالات طالت جميع أبناء الوطن من ناشطين سياسيين وأطباء وممرضين وموظفين وطلبة وجامعيين ورياضيين.. في حملة انتقام مسعورة لكل من وقف وقفة تأييد أو دفاع عن ثورة البحرين. والاعتداءات على المساجد والمراكز الدينية ما زالت متواصلة من قبل الجيش السعودي وبلطجية النظام... والمحاكمات العسكرية لا تزال جارية مع منع حضور ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية. وصار البعض من أصحاب الكفاءات العلمية والاعلامية والرياضية يفكر عملياً في الهجرة الى خارج الوطن هرباً من الملاحقات الأمنية. وباتت البحرين تعاني انهياراً أمنياً واقتصادياً متواصلاً في ظل قانون السلامة الوطنية وانتشار الجيش السعودي واستمرار انتهاكات حقوق الانسان وملاحقة المعارضين بدعوى الانقلاب. وأصبح قطاع الخدمات هو أكثر القطاعات المتضررة، الى جانب تضرر القطاع الفندقي والسياحي.. كما تراجعت عائدات التجارة نتيجة حملات المقاطعة الشعبية.
وبالتالي فان الرأي العام المحلي والعالمي أصبح اليوم مدركاً لحجم الجريمة الانسانية ضد شعب البحرين المسالم، والعديد من الشرفاء قد عبروا بأقلامهم وأصواتهم عن معاناة شعب البحرين، مؤيدين لمطالبه السلمية العادلة. كما أصبح رأس النظام الحاكم وهو الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبقية الرموز الأمنية على قائمة الاتهام لدى المؤسسات الدولية والحقوقية.
ولذلك فان أغلبية شعب البحرين لديها قناعة بأن مسؤولية الجرائم الانسانية والانتهاكات الحقوقية الخطيرة يتحملها جميع الرموز الأمنية والسياسية، وأولهم ملك البحرين ورئيس الوزراء. ولذلك يؤمن الشعب البحريني بأن مسيرته النضالية بأدواتها السلمية لن تتوقف أبداً رغم الألم والتضحيات والمعاناة اليومية حتى تتحقق المطالب الوطنية المشروعة في دولة مدنية يتمتع فيها الجميع بالحرية والعدالة.
(*) ناشط سياسي
سيناريو الأحداث الأمنية في البحرين بعد انطلاق ثورة الغضب الالكترونية (حركة 14 فبراير) جاء سريعاً ومليئاً بتقلبات المواقف غير المتوقعة، خصوصاً بعد الموافقة الصريحة لرموز الحكم في البحرين بشأن التدخل العسكري للسعودية من أجل قمع حركة الاحتجاج السياسي، وهي بداية لرسم خارطة سياسية جديدة للبحرين في ظل أجواء الاحتقان الطائفي والتوتر السياسي بين دول الجوار. الأمر الذي اعتبره أغلب شعب البحرين بأنه تدخل مباشر في تقرير مصير دولة مستقلة وبمثابة احتلال عسكري سافر وجبت مقاومته بشتى الوسائل المتاحة.
والسؤال الهام الذي يطرح دائماً عبر وسائل الاعلام منذ بداية ثورة البحرين (14 فبراير) هو كيف يواجه شعب البحرين هذه الأوضاع العسكرية والأمنية الصعبة في ظل الاحتلال السعودي وسيادة لغة العنف والارهاب الحكومي؟ وما هي الخيارات المطروحة أمام الدمار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب بنية المجتمع البحريني؟
وبرأيي ان خيارات المقاومة الشعبية السلمية بكل أساليبها وطرقها هي الخيار المتاح أمام الشعب البحريني في ظل أوضاع اقليمية وعالمية معقدة، بالاضافة الى تفعيل التحركات الاعلامية (خارج الوطن) للضغط على النظام الحاكم أمام المحافل الدولية والحقوقية، والاستفادة من منابر الاعلام الخارجي المتعاطفة مع ثورات الشعوب في العالم العربي، الى جانب كسب تعاطف الأصوات الحرة في الدول الأجنبية التي وقفت وقفة انسانية مشرفة في الدفاع عن حقوق شعب البحرين وادانة جرائم وانتهاكات حقوق الانسان من قبل قوات الجيش البحريني والسعودي. هذا بالاضافة الى خطوات العصيان المدني وحق التظاهر السلمي واستخدام سلاح المقاطعة وغلق المحلات التجارية أو الامتناع عن الذهاب للعمل أو الدراسة أو الجلوس بالشوارع العامة أو نشر مظاهر الاحتجاج عبر الشعارات والصور الفنية وتوظيف أدوات التقنية الحديثة كالانترنت في التعبير عن الاحتجاج السياسي، وغيرها من وسائل المقاومة اللاعنفية والعصيان المدني التي تتوافق حسب طبيعة البلد السياسية وتركيبته الاجتماعية.
ولعلنا ندرك بأن ميزان القوة لا يرجح عامل المواجهة المباشرة بين شعب أعزل وجيش مسلح عسكرياً وأمنياً ويحظى بدعم من شركائه في مجلس التعاون وبدعم الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً. ولذلك يبقى خيار المقاومة المدنية السلمية هو خيار شعبي وطني من شأنه أن يعمل على انهاك النظام أمنياً واستنزاف قواه الاقتصادية في ظل غياب الأمن وسيادة حكم العسكر وقانون الطوارئ مع فتح جميع الخيارات الممكنة مستقبلاً.
وقد تتطور أساليب المقاومة الشعبية لحالة عصيان مدني يلجأ فيه المحتجون لأدوات دفاعية ووقائية لصد هجمات قوات الأمن، وقد يضطر المقاوم في حالته الدفاعية الى استخدام العنف الوقائي كرد فعل مقابل حالة العنف والقوة المفرطة والانتهاك الحقوقي الذي يتجاوز خصوصية المجتمع.
وفي حالة تنفيذ حكم الاعدام لا سمح الله لا استبعد شخصياً تطور الأمور بصورة كبيرة بأن تعلن حالة الطوارئ ويتم غلق المحلات التجارية حداداً وتعطل الحياة العامة في معظم القرى والمدن، ويندفع الشارع البحريني لحركة احتجاج شعبية عنيفة تخرج للشوارع لمواجهة قوات الأمن البحريني والسعودي بأدواتها البسيطة، وقد تحدث عمليات انتقامية ضد كل من يرتبط بالعائلة الخليفية الحاكمة أو من وقف مع النظام الحاكم وشارك في حملة التحريض الطائفي والاعتداء على المواطنين.. وقد تتطور أساليب المقاومة المدنية الشعبية على المدى القريب بصورة قد لا يتوقعها النظام الحاكم وحلفاؤه المقربون.
فمن يحكم البحرين اليوم واقعاً هو الجيش العسكري المدعوم بميليشيات بلطجية منتشرة لبث الرعب والارهاب في أنحاء مدن وقرى البحرين... الاعتقالات طالت جميع أبناء الوطن من ناشطين سياسيين وأطباء وممرضين وموظفين وطلبة وجامعيين ورياضيين.. في حملة انتقام مسعورة لكل من وقف وقفة تأييد أو دفاع عن ثورة البحرين. والاعتداءات على المساجد والمراكز الدينية ما زالت متواصلة من قبل الجيش السعودي وبلطجية النظام... والمحاكمات العسكرية لا تزال جارية مع منع حضور ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية. وصار البعض من أصحاب الكفاءات العلمية والاعلامية والرياضية يفكر عملياً في الهجرة الى خارج الوطن هرباً من الملاحقات الأمنية. وباتت البحرين تعاني انهياراً أمنياً واقتصادياً متواصلاً في ظل قانون السلامة الوطنية وانتشار الجيش السعودي واستمرار انتهاكات حقوق الانسان وملاحقة المعارضين بدعوى الانقلاب. وأصبح قطاع الخدمات هو أكثر القطاعات المتضررة، الى جانب تضرر القطاع الفندقي والسياحي.. كما تراجعت عائدات التجارة نتيجة حملات المقاطعة الشعبية.
وبالتالي فان الرأي العام المحلي والعالمي أصبح اليوم مدركاً لحجم الجريمة الانسانية ضد شعب البحرين المسالم، والعديد من الشرفاء قد عبروا بأقلامهم وأصواتهم عن معاناة شعب البحرين، مؤيدين لمطالبه السلمية العادلة. كما أصبح رأس النظام الحاكم وهو الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبقية الرموز الأمنية على قائمة الاتهام لدى المؤسسات الدولية والحقوقية.
ولذلك فان أغلبية شعب البحرين لديها قناعة بأن مسؤولية الجرائم الانسانية والانتهاكات الحقوقية الخطيرة يتحملها جميع الرموز الأمنية والسياسية، وأولهم ملك البحرين ورئيس الوزراء. ولذلك يؤمن الشعب البحريني بأن مسيرته النضالية بأدواتها السلمية لن تتوقف أبداً رغم الألم والتضحيات والمعاناة اليومية حتى تتحقق المطالب الوطنية المشروعة في دولة مدنية يتمتع فيها الجميع بالحرية والعدالة.
(*) ناشط سياسي