ارشيف من :آراء وتحليلات

فيشر: مرشح إسرائيلي لرئاسة صندوق النقد الدولي

فيشر: مرشح إسرائيلي لرئاسة صندوق النقد الدولي

بثينة عليق

لماذا ترشّح حاكم المصرف المركزي "الإسرائيلي" لرئاسة صندوق النقد الدولي خلفاً لدومينيك ستروسكان؟ وهل من حظوظ جدية له للوصول الى هذا الموقع العالمي الهام؟

أسئلة تطرح على خلفية الخطوة التي قام بها ستانلي فيشر وأعلنها بعد إقفال باب الترشّح خلال الأسبوع الماضي. وفيشر كان تولّى منصب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي ونائب رئيس البنك بين عامي 1989 و1998 وشغل منصب مدرّس جامعي في إحدى أهمّ الجامعات الاميركية المعروفة بالـ MIT، حيث أشرف على رسالة الدكتوراة لرئيس البنك الفدرالي الأميركي برناكي.

في العام 2005 طلب منه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون تولّي منصب حاكم المصرف المركزي الإسرائيلي وبناءً على موافقته تمّ منحه الجنسية الاسرائيلية. لم تكن هذه التجربة الأولى له مع إقتصاد العدو الصهيوني فقد سبق لفيشر أن وضع خطة إنقاذ الاقتصاد الاسرائيلي في العام 1985 عندما وصلت اسرائيل إلى حافة الإنهيار المالي بسبب أزمة التضخم.

ترشّح فيشر شكّل مفاجاة برأي الخبير الاقتصادي الدكتور كامل وزنة الذي يؤكّد على أن حظوظ  فيشر تكاد تكون معدومة لعدة أسباب أولّها أن المركز من نصيب الأوروبيين بحسب العرف الذي حكم منذ تأسيس الصندوق بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.  كما أن عمر فيشر البالغ 57 عاماً يعتبر عاملاً غير مشجعاً. أما النقطة الأهم حسب وزنة فهي صعوبة تسويق هذا الترشّح لدى الدول العربية والاسلامية. إذاً ماهو الهدف الاسرائيلي وراء هذه الخطوة؟  يجيب وزنة أنّ إسرائيل تريد التمهيد للعب دور مباشر في تنظيم العملية المالية للدول الاسلامية والعربية وهو ما يسمح به موقع رئيس الصندوق وترشّح فيشر محاولة لتطبيع أي عملية ترشّح مقبلة لمواقع مشابهة من حيث الأهمية.

وفي هذا السياق يحذّر وزنة من خطورة تولّي إسرائيلي لموقع رئيس الصندوق لأن هذا الأمر سيمنح إسرائيل القدرة للتدخّل في إقتصاديات كل دول العالم الثالث وحتى معظم دول الاقتصاديات الناشئة لأن الصندوق الدولي يرسم الخرائط الاقتصادية لبلدان العالم ويتدخل في موازنات الدول وفي سياساتها في ما يخصّ عملاتها ومديونيتها.

من جهةٍ أخرى لا يمكن الفصل بين ترشّح فيشر وظروف إقالة ستروسكان التي وصلت الى حد الفضيحة. فستروسكان كان يهودي صهيوني وهو صاحب مقولة: "كلما فتحت عينيّ في الصباح أسأل نفسي ماذا أستطيع أن أفعل لإسرائيل".  وهو الذي حظي بتأييد كبير من اللوبي الصهيوني في فرنسا بعد أن طرح إسمه كمرشّح للإنتخابات الرئاسية هناك. كما أن إسمه مطروح ضمن مجموعة أسماء مرشّحة لتولّي رئاسة "إسرائيل". وستروسكان معروف بكونه زير نساء، كما أن فندق سوفيتيل وهو مسرح الفضيحة الأخيرة لرئيس صندوق النقد الدولي كان شهد حوادث مشابهة لدومينيك نفسه فلماذا تمّ فضحه الآن ولماذا ألقي القبض عليه بطريقة مشهدية لا تخلو من الإصرار على إظهاره في حالة ذلّ؟ ولماذا لم تتمّ حمايته من قبل المؤسسات الصهيونية العالمية والأميركية صاحبة النفوذ الكبير؟

يرى الكاتب والمحللّ السياسي حسن حمادة أن هناك مجموعة من الإحتمالات التي تساعد على تفسير ما جرى ومنها أن يكون هناك مشكلة داخل الحركة الصهيونية ونزاع بين أجنحتها المختلفة. وقد دفع ستروسكان ثمن هذا الإختلاف إلا أن الاحتمال الأكثر جدية برأي حمادة هو أن الأميركيين وجّهوا لستروسكان ضربة إستباقية وبأسلوب موجع ومدوٍّ ليكون عبرة لغيره وذلك بسبب مشروع طرح مؤخراً يقضي ببداية البحث عن بديل للدولار كعملة إحتياطية. ويبدو أن رئيس صندوق النقد الدولي كان على قناعة بأهمية وحتمية هذا الإجراء لمعرفته العميقة وهو صاحب الإختصاص المالي بأن الدولار لم يعد صالحاً للقيام بوظيفة عملة الاحتياط.  يضيف حمادة أن مجرد التفكير بهذا الأمر يعتبر من الخطوط الحمر لدى الكتلة الصناعية العسكرية لأنه يعني بداية نهاية السيطرة الأميركية الإقتصادية على العالم. وما ترشّح فيشر إلا محاولة اسرائيلية لتعويض الخسارة الكبيرة التي خلّفتها اقالة ستروسكان.

صحيح أن الوصول الى الموقع دونه عقبات إلا أن إسرائيل تنجح بكسر أحد المفاهيم السائدة كما أنها لا تتوانى عن لعب أوراق أخرى تصبّ في مصلحتها.  فمنافسة فيشر هي وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغار ولاغار هذه بحسب حمادة لا تحمل إختصاصاً في القضايا المالية وهي بنت شهرتها كمحامية في مكاتب المحاماة في نيويورك وهذه المكاتب تشكّل بيئة خصبة للنفوذ الصهيوني.  وهذا يعني أن أبرز مرشحين للموقع ستصب سياستهما في مصلحة إسرائيل، كل هذا والعرب غائبون تماما وبعيدون عن أي تأثير في هذه الساحة على الرغم من امتلاك العرب لرؤوس الأموال الطائلة في بنوك الاميركيين والاوروبيين.
2011-06-18