ارشيف من :آراء وتحليلات

لماذا طرابلس ؟

لماذا طرابلس ؟

"لأن الحريرية السياسية أخذت قرارا بجعل المدينة معبرا لتكريس الأحادية السياسية لزعامة الحريري الإبن ومقرا لإطلاق الخطة الأمنية والسياسية لتطويق سوريا الأسد" والكلام لمصدر طرابلسي مطلع يؤكد ان ما يجري في المدينة من تجمعات مناهضة لسوريا الى التحريض المذهبي والطائفي وصولا الى الهزة الامنية التي عصفت بين جبل محسن وباب التبانة ليس عملا عفويا او عشوائيا انما يأتي ضمن خطة ممنهجة وبأهداف محددة وابعاد تتخطى الوضع اللبناني .

ويرى المصدر ان لطرابلس مجموعة خصائص تدفع بتيار المستقبل لجعلها ورقة للمساومة. فالمدينة كانت على الدوام ولادة لرؤوساء الحكومات. وفيها يتحدد نبض الشارع السني ومزاجه ولا يمكن لاحد ان يدعي حصرية التمثيل السني دون ان يستحوذ على مساحة معينة من المدينة وهنا مربط فرس المخاوف الحريرية. فالخوف من ان يحسم الرئيس ميقاتي- بحجمه الاقتصادي وعلاقاته العامة وبمعرفته الدقيقة بحاجات المدينة وتفاصيل الانماء والاحتياجات فيها- الحيثية السياسية للمدينة ما يهدد بطبيعة الحال المشروع السلطوي للحريري. ويضيف المصدر الطرابلسي ان مواجهة تلك الحيثية غير ممكن باساليب ديمقراطية فلا بد اذن من مواجهتها من باب الارهاب والفتنة. فلتتحول شوارع طرابلس الامنة الى مقر لمجموعات مسلحة لا ينقصها الا الظروف والقرار المناسبين لاشعال الحريق. الحريق الذي يحرج بالدرجة الاولى الرئيس الجديد للحكومة ابن المدينة الذي سيبدو عاجزا عن حماية مدينته فكيف بالوطن كله.

والحريق بطبيعة الحال لن يطال مصالح ال الحريري الاقتصادية المتركزة في وسط بيروت وقريطم والرصاص الذي يصيب قلب طرابلس لن يزعج المستثمرين في العاصمة. من جهة اخرى يرى المصدر الطرابلسي ان طرابلس تبقى الساحة التي تضم قوات المستقبل المسلحة الجاهزة للتحرك ولتحقيق التوازن قبالة الجبهة الاخرى المتهمة بانها امتداد للمحور السوري الايراني المواجهة للاعتدال العربي والمجتمع الدولي.

الا ان الاهم برأي المصدر الطرابلسي هو في الارتباط الجيوسياسي والديمغرافي بين عاصمة الشمال وسوريا وتحديدا على امتداد الساحل حيث يتشابه النسيج الاجتماعي والطائفي. هكذا تبدو المدينة ساحة مناسبة لتصدير الفتنة التي ظهرت في الشعارات التي رفعها المقاتلون والملثمون في ازقة المدينة. كما ان الحراك المتوتر يبقى اداة يمكن اللجوء اليها لفرض امر واقع يتم التخطيط له على اعلى المستويات. الخطة بحسب معلومات يتم تداولها في الكواليس الدبلوماسية تقضي بانشاء مخيم للاجئين على الحدود مع سوريا وذلك بهدف تطويق سوريا بالمخيمات من اكثر من جهة. ويتابع المصدر ان فيلتمان اول من طرح الفكرة اثناء زيارته الاخيرة للبنان ولم يمنعه الرفض الرسمي اللبناني من العمل على تسويقها من خلال اطر اخرى مثل الامم المتحدة والسفارات الاميركية والاروبية وهذا ما يفسر زيارات الوفود من مختلف الجنسيات والاختصاصات الانسانية والعسكرية والامنية والاستخبارية الى منطقة الحدود الشمالية. ليس المهم بحسب معلومات المصدر نفسه عدد اللاجئين. مئة لاجىء تكفي لتحويل المخيم الموعود الى منصة ضغط دولي على سوريا. اما دور طرابلس في هذا السيناريو فيتمثل بجعلها بيئة شعبية وامنية اذا اقتضى الامر لعدم ازالة هذا المخيم الذي يتحول الى امر واقع محمي شعبيا ومفروض على الحكومة.

لهذا كله يختم المصدر يجب ان نخشى على طرابلس واهلها من اصحاب الرهانات والمغامرات الذين اظهرت وثائق ويكيلسكس مدى استخفافهم بالوطن ومقدراته وناسه ومستقبله.

بثينة عليق
2011-06-25