ارشيف من :آراء وتحليلات

زمن التفوق الإيراني... علمياً وعسكرياً وديبلوماسياً!

زمن التفوق الإيراني... علمياً وعسكرياً وديبلوماسياً!
عقيل الشيخ حسين

في الوقت الذي تعاني فيه قوى التحالف الأميركي الصهيوني وملحقاته من حالة تضعضع واضحة إن في ظل الهزائم العسكرية التي منيت بها في حروب ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر 2001، أو الأزمات المالية التي تعصف ببلدان الغرب، أو الثورات التي يشهدها العالم العربي والتي تتجه نحو التجذر من خلال تصاعد الوعي بأن المعيار الأساسي لصحة الثورة هو تصديها لمشاريع الهيمنة... في ظل كل هذه التطورات، رفعت الجمهورية الإسلامية في إيران من مستوى حضورها على المسرحين الإقليمي والدولي، وذلك عبر تسجيل مجموعة مترابطة من النجاحات الكبرى.

فمن جهة، حققت إيران تقدماً جديداً على مستوى تفعيل قدراتها النووية السلمية في مفاعل بوشهر، رغم كل العراقيل التي تضعها أميركا وحلفاؤها أمام الجهد الإيراني في المجال النووي وغيره من المجالات العلمية الحساسة التي كانت ثمرتها ـ في الأيام القليلة الماضية ـ إطلاق القمر الصناعي "رصد"، بعد النجاح السايق في إطلاق "أوميد"، وفي ظل التحضير لإطلاق القمر الصناعي "مسبار 5" في آب/ أغسطس القادم، والذي يحمل على متنه كائناً حياً، وسيعقبه إطلاق قمرين آخرين قبل نهاية العام الحالي.

والمعروف أن هذه الأقمار التي يتطلب صنعها وإطلاقها ووضعها في مداراتها وتشغيلها قدرات عالية من الناحية العلمية والتقنية، تشكل استثماراً مهماً في مجالات كالاتصالات ونقل المعلومات واستكشاف الثروات الباطنية تحت سطح الأرض وفي دراسة الفضاء الخارجي ومجالات أخرى.

وفي الوقت الذي تواصل قوى الشر الأميركي الصهيوني وملحقاتها الإقليمية بذل جهودها الظاهرة والخفية من أجل النيل من الثورة الإسلامية في إيران ومن دول الممانعة وحركات المقاومة والتحرر في المنطقة والعالم، لا يمكن لإيران أن تقصر نشاطها على هذه المجالات العلمية ذات الطابع السلمي. فهي تجد نفسها مكرهة على الاهتمام أيضاً بتنمية قواها العسكرية الضرورية من أجل المواجهات المفروضة.

وفي هذا الإطار، فإن مناورات "الرسول الأعظم ستة" التي انطلقت يوم الإثنين وتستمر لعشرة أيام، تشكل مناسبة لاختبار مختلف أصناف النظام الصاروخي الإيراني. وقد أكد المسؤولون الإيرانيون أن هذه المناورات التي سبقتها خلال الأشهر والسنوات الماضية مناورات عديدة لمختلف قطاعات الجيش والحرس الثوري، هي رسالة سلام للأصدقاء وتحذير للأعداء.

ولا يقل أهمية عن كل ذلك دخول إيران القوي إلى المسرح الدولي والإقليمي من باب مكافحة الإرهاب. فنحن نعيش في حقبة يمكن تسميتها بحق حقبة مكافحة الإرهاب. لكنها مكافحة من النوع الذي تزدهر فيه جميع أشكال الكيد والإفك والتضليل والنفاق التي جعلت منها حصاناً تمتطيه مشاريع القهر والهيمنة وتحوله إلى أداة مميزة في قهر الشعوب.

فتحت هذا العنوان، ومن دير ياسين وميس الجبل وكفرقاسم وغيرها، قامت المنظمات الإرهابية الصهيونية، شتيرن وإرغون وهاغانا، بممارسة همجيتها ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وكذلك ضد العديد من المبعوثين الدوليين وقوات الأمم المتحدة التي حاولت الخروج أحياناً على الإرادة الأميركية والصهيونية.

وتحت هذا العنوان، مارس الكيان الصهيوني إرهاب الدولة فقتل مئات الألوف من المدنيين الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها، وقتل آلاف الأسرى المصريين ودمر القرى والمدن والمخيمات في لبنان على رؤوس ساكنيها. وتكفي الإشارة إلى مجازر قانا وغزة وجنين ومدرسة بحر البقر في مصر وسيارة جويا التي دهستها الدبابات الإسرائيلية عمداً وسوّتها بالأرض بركابها الثمانية، وهم أب وأم وأطفالهما،وكذلك الألعاب والحلويات المفخخة التي قتلت تسعة أطفال في عيترون دفعة واحدة، للتدليل، بين آلاف الجرائم المشابهة، على ما يعنيه إرهاب الدولة الإسرائيلية.

أما الولايات المتحدة فلها باع غير مشرّف في مجال إرهاب الدولة. فالاستخبارات المركزية الأميركية هي التي افتتحت عصر "خطف الطائرات" الذي استخدمته ضد الطائرات الكوبية. كما لمع اسم فرنسا في اعتقال عدد من زعماء الثورة الجزائرية بعد قيام طيرانهم الحربي بإجبار طائرتهم المدنية على الهبوط في أحد مطاراتهم.

وإلى إرهاب الدولة، برعت قوى الاستكبار الدولي في "الاستثمار" في الإرهاب ومكافحة الإرهاب. فقد جعلت من أعمال إرهابية مشبوهة، كعمليات نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن، ذريعة لشن الحروب على بلدان العالم الإسلامي، ولإلصاق تهمة الإرهاب بحركات التحرر، ولتسعير حمى العداء للإسلام والمسلمين في الغرب، ولمحاولات تزوير وتحريف التعاليم الإسلامية عبر الترويج لمقولات الإرهاب الإسلامي، والتطرف الإسلامي والاعتدال الإسلامي...

إن انعقاد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي دعت إليه إيران وشاركت فيه وفود من ستين بلداً ومنظمات دولية وإقليمية يشكل خطوة رائدة أولى على طريق وضع ظاهرة الإرهاب في إطارها الصحيح عبر صياغة تعريف محدد لهذه الظاهرة وتمييزها عن الكفاح المشروع من أجل التحرر ومقاومة الاحتلال...

ولعل من أبرز مظاهر الأهمية لهذا المؤتمر الذي حضره رؤساء معظم البلدان المحيطة بإيران والمبتلاة بالظاهرة الإرهابية، هو الاجتماع الذي عقد على هامشه بين الرؤساء الإيراني والأفغاني والباكستاني في وقت تستشعر فيه البلدان الثلاثة مدى الحاجة إلى تنسيق المواقف وتوحيد المصالح في ظل تعمق أزمة الوجود الأميركي والأطلسي في البلدين الأخيرين.

2011-06-28