ارشيف من :ترجمات ودراسات
"الفوضى البنّاءة" الأميركية في البلقان... مرحلة التركيب بعد التفكيك
صوفيا ـ جورج حداد
في الوقت الذي تنشدّ فيه الانظار نحو التطورات الدرامية في الشرق الأوسط من ليبيا الى سوريا، حيث تحاول الادارة الأميركية إعادة تركيب حجارة الدومينو السايكس ـ بيكوية، يجري العمل بهدوء لزرع عاصفة جديدة في البلقان لاعادة تركيب حجارة الدومينو في هذا الإقليم أيضا، بعد أن تم تفكيكها في المرحلة السابقة. والهدف الأكبر الذي تريد خطة "الفوضى البناءة" الاميركية التوصل اليه في البلقان هو: وضع منطقة البلقان تحت الوصاية الأميركية المباشرة بوجهها "التركي الجديد" ("الاسلامي ـ الديمقراطي ـ المعتدل")، وتحويل البلقان الى "منطقة نفوذ" ومصالح أميركية ـ صهيونية، معادية لروسيا ومعادية لإيران وللمقاومة العربية ضد "اسرائيل".
ويشرف على تنفيذ هذه الخطة المركز الاقليمي للمخابرات الاميركية الذي سبق وانتقل من العاصمة اليونانية الى العاصمة البلغارية، حيث تم بناء سفارة أميركية ضخمة يعمل فيها مئات الموظفين "الدبلوماسيين"!!! وربما هي أكبر من السفارة الاميركية في بكين. وذلك بالتعاون مع المخابرات الاسرائيلية (الموساد) التي أنشأت هي الأخرى مركزا خاصاً في العاصمة البلغارية يتولى قيادته الجنرال داني ياتوم الرئيس الأسبق للموساد.
و"تتسلل" هذه الخطة "بهدوء"، كما يتسلل اللص ـ القاتل تماما، ضمن الخطوط العريضة التالية:
ـ ابعاد تركيا بنعومة عن الاتحاد الأوروبي، ورمي المسؤولية في ذلك على "اوروبا المسيحية" التي "لا تتقبل تركيا" بحجة "اسلاميتها!!!".
ـ إعطاء دور اكبر "خاص" لتركيا في البلقان على حساب الاتحاد الاوروبي والحلف الأطلسي والأمم المتحدة.
ـ إضفاء "الوجه المعتدل" على تركيا، وإعطائها دور "المصلح" في النزاعات القادمة، لتسهيل تحولها إلى وصي " محايد" و"صديق" للجميع.
ـ عرقلة دور روسيا ونفوذها في البلقان، وخصوصا إفشال مد انابيب الغاز والنفط من روسيا عبر البلقان إلى أوروبا الوسطى والغربية.
ـ مفاقمة وتفجير التناقضات بين الشعوب المسيحية الشرقية (اليونان ـ الصرب ـ المقدون والبلغار) لاضعافها جميعا، وفي الوقت ذاته الدعم "الهادئ" و"الناعم"، ماليا واقتصاديا و"ثقافيا" وسياسيا وتسليحيا، للتنظيمات والجماعات الاتنية الاخرى: الغجرية والاسلامية والتركية والألبانية، تحت الشعارات الخبيثة لـ"الدمقراطية" و"الحريات" و"حقوق الانسان" و"الحقوق الدينية والإتنية والقومية"، على طريقة "حق يراد به باطل".
ـ تفجير الفتن الإتنية بين الألبان والصرب وبين الألبان والمقدون، وبين البشناق والصرب، وبين المسلمين والمسيحيين، مع التظاهر "بالحياد" من قبل أميركا وتركيا لعدم تحمل أي مسؤولية عن نتائج المخططات المرسومة، وتناول الكستناء من النار ناضجة بدون احراق الأيدي الخاصة مباشرة.
ـ التمهيد لتشكيل البانيا الكبرى تدريجيا وخطوة ـ خطوة.
ـ التوصل أخيرا الى إقامة "ستار حديدي" "عثماني جديد" في منطقة البلقان، عن طريق اقامة "تحالف استراتيجي" بين "تركيا الاسلامية الجديدة" والبانيا الكبرى العتيدة!!!.
ونحاول فيما يلي ان نرصد بعض "النقلات الهادئة" في لعبة الدومينو الاميركية ـ التركية الجديدة في البلقان:
XXX
في نهاية السنة الماضية اصدر النائب السويسري في الجمعية البرلمانية الأوروبية ديك مارتي تقريره حول تجارة الأعضاء البشرية في كوسوفو، والذي اتهم فيه رئيس الوزراء الكوسوفي المافيوز المعروف هاشم تاجي بأنه يتزعم مجموعة للجريمة المنظمة وأنه مسؤول رئيسي في عمليات قتل الصربيين وانتزاع اعضائهم البشرية والمتاجرة بها، منذ 1999 وما بعد. وقد أثار هذا التقرير في حينه ضجة كبرى. ولكن بدلا من تحويل هذا التقرير الى المحكمة الدولية، بدأت مسرحية هزلية تسابق فيها بان كي مون باسم الأمم المتحدة وشخصيات أوروبية في الادلاء بتصريحات تهريجية وتخديرية حول من هو الطرف الأصلح للتحقيق في هذا التقرير: هيئات الأمم المتحدة أم هيئات الاتحاد الأوروبي. ومن خلال هذه المسرحية، ضاع التقرير بين "الاومنيك" و"الويليكس"، وتحول الى مادة اعلامية لا أكثر، ثم جرى طمسه نهائيا ولم يعد يجري البحث به لا في الأمم المتحدة ولا في الاتحاد الأوروبي. وحتى ديك مارتي نفسه لاذ أخيرا بالصمت، ولا أحد يدري لماذا!
ولكن في هذه الاثناء تم ـ بصدفة عجائبية ـ اعتقال الجنرال الصربي راتكو ميلاديتش وجرى تحويله الى المحكمة الدولية. وبهذه المناسبة غمرت وسائل الاعلام العالمية الموجهة أميركيا ـ صهيونيا موجة جديدة من الريبورتاجات المعادة والمكررة مئات المرات عن المجازر الصربية ضد الألبان والبوشناق والمسلمين، ليس بقصد الدفاع عن هؤلاء، بل بقصد استخدام دماء ضحاياهم البريئة لتغطية المخططات الأميركية والإسرائيلية والتركية ضد شعوب البلقان وشعوب العالم بأسرها.
XXX
في تعليق للكاتب المقدوني إيغور تشافيسكي في جريدة "فريميه" قال إن المحللين يرون أن المجتمع الدولي يعي تماما أن الوضع في كوسوفو لا يمكن ضبطه الى وقت أطول، ولكن التقسيم بالتحديد لا يوضع على بساط البحث.
إلا أن محاولات اعادة رسم الحدود لدول البلقان هي جزء من التاريخ المظلم لهذه الأراضي. وقد لمحت السلطات الصربية مؤخراً الى هذا الماضي، بهدف تعزيز مواقعها التفاوضية عشية المفاوضات المزمع عقدها مع الاتحاد الأوروبي بقصد انضمام صربيا الى الاتحاد. وهكذا ينظر الخبراء المحليون الى التهديد الأخير الذي أطلقه الرئيس الصربي بوريس تاديتش، بأن مشروع إنشاء البانيا الكبرى هو مشروع قائم فعلا، وكذلك إلى التهديد الذي أطلقه وزير الداخلية الصربي إيفيتسا داتشيتش، بأن كوسوفو يجب أن تقسم الى قسمين صربي وألباني.
وبحسب رأي الخبراء فإنه بعد اعتقال الجنرال راتكو ميلاديتش وتسليمه الى محكمة العدل الدولية، فإن صربيا تريد ان تبرهن أنها ليست الصبي المشاغب، الذي يفتعل دائما المشاكل، وأن المشاكل الحقيقية في الاقليم تنشأ عن مشاريع تكوين دول كبرى، وكذلك عن الوضع في جمهورية البوسنه والهرسك، التي تمدها أميركا والاتحاد الأوروبي بعناصر الاستمرار بطريقة مصطنعة. ويؤكد المحللون السياسيون أن المواطنين في مقدونيا هم حساسون جداً حيال كلمة التقسيم، وهناك الكثير من السياسيين الذين لا يزالون يطمحون إلى تحقيق ألبانيا الكبرى أو مقدونيا الكبرى. وبالنسبة لمقدونيا فمن المهم جداً الاستمرار في تطوير مجتمع متعدد الاتنيات والطموح للتحول بأسرع ما يمكن الى جزء من البنى اليورو ـ اطلسية. وبحسب رأي البروفسور زفونيمير يانكولوفسكي فإن الحديث عن رسم حدود جديدة هو خطر على كل الإقليم، بما في ذلك على مقدونيا. إن الحدود في البلقان قد جرى تحديدها، وكذلك الأمر بالنسبة للطابع متعدد الإتنيات في كوسوفو، وفي البوسنه والهرسك، وفي مقدونيا.
ويعتبر يانكولوفسكي أن السياسيين الصربيين يرغبون في تكوين مناخ من عدم الاستقرار في الإقليم ومحاولة الحصول على تداعيات كلعبة الدومينو، التي يمكن أن تحصل في البلقان، إذا ما جرى إعادة رسم للحدود في أي منطقة. وبالرغم من أن المجتمع الدولي يعي تماماً أن الوضع الراهن في كوسوفو، الذي هو أمام احتمال، إما الاستقلال وإما وضعها تحت الحماية، هذا الوضع لا يمكن المحافظة عليه طويلا، ولكن التقسيم ليس أحد الاحتمالات. (وهذا يعني ضمنا التهديد بطرد الأقلية الصربية من كوسوفو مستقبلا). وما تريد الإدارة الأميركية الحصول عليه في الوقت الراهن هو "استقلال ذاتي" فضفاض للجماعة الصربية في شمال كوسوفو، ومحاولة إيجاد الحلول للمسائل العالقة الأخرى عن طريق الحوار بين بلغراد وبريشتينا. وخلال زيارته الأخيرة لبريشتينا أعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية فيليب غوردون عن الرفض التام لتقسيم كوسوفو. وأكد غوردون ان تقسيم كوسوفو هو خطر على مجمل الاقليم، ولهذا فإن الولايات المتحدة الأميركية سوف تدافع عن الاحتفاظ بوحدة أراضي كوسوفو. (ويتساءل بعض المحللين عن أنه إذا كانت الإدارة الأميركية تحرص الان على وحدة كوسوفو، فلماذا لم تحرص على تنفيذ القرارات السابقة للأمم المتحدة حول وحدة صربيا مع إعطاء استقلال ذاتي فضفاض لاقليم كوسوفو).
وبحسب رأي المحلل السياسي عصمت رمضاني فإن السلطات الصربية تعي تماما أنه لقبول صربيا عضواً في الاتحاد الاوروبي ينبغي عليها ان "تبلع" مسألة استقلال كوسوفو، وأنه بهذه الطريقة فهي تريد أن تصرف الانتباه عنها. ويمكن لمقدونيا ان تدافع عن نفسها من هذه الافكار المتطرفة فقط عن طريق الانتماء السريع الى حلف الناتو. وأن أميركا والاتحاد الأوروبي يقفان بشدة (في الظاهر على الأقل) الى جانب الرأي القائل بعدم قيام حدود جديدة وتقسيمات جديدة، كما يقول رمضاني. ولتبرير موقفه حول فكرة تقسيم كوسوفو، فإن وزير الداخلية الصربي داتشيتش يقول إنه لا يوجد في أي مكان في أوروبا شعب واحد في دولتين. ولهذا بالضبط فإن صربيا تلح على الحل السريع لمسألة كوسوفو، والتحديد السريع للقسمين الصربي والألباني. وصرح داتشيتش أمام وسائل الاعلام الصربية قائلا: في حين نحن ننتظر أوقاتا أفضل، ونناضل من أجل العدالة، يتم تحقيق مشروع ألبانيا الكبرى على حسابنا.
XXX
ومن جهة ثانية نشرت جريدة "دوما" الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي البلغاري (الشيوعي سابقا) تعليقا على الانتخابات التركية الأخيرة التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية، بقيادة رجب طيب اردوغان. وجاء في التعليق، نقلا عن جريدة "زمان" التركية، ان تركيا لم تفتح أي صفحة من صفحات المباحثات مع قيادة الاتحاد الاوروبي حول عضوية تركيا في الاتحاد، والآن فإن الاتحاد الأوروبي، كما تؤكد "زمان"، فقد نفوذه على تركيا. وتضيف الجريدة أن ممثل تركيا لدى الاتحاد الأوروبي سليم كونيرألب وجه من بروكسل رسائل شديدة اللهجة الى أوروبا، وقد عمدت اللجنة الأوروبية التابعة للاتحاد الى الرد بسرعة. وقال كونيرألب إن عدم التأكد حيال افق عضوية تركيا في الاتحاد ادى الى ضياع نفوذ الاتحاد الأوروبي في تركيا.
وفي تصريح ادلى به الى "اي. يو. اوبزرفر" أشار كونيرألب أيضا إلى أن الأولوية الأهم لدى رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بعد الانتصار الانتخابي هي مسألة صياغة دستور "معاصر وليبيرالي"، وانه بسبب المأزق الذي وصلت اليه محادثات انضمام تركيا الى الاتحاد، فإن الاتحاد الأوروبي لن يكون له أي دور مهم في المسألة المتعلقة بالدستور. وحسب تعبير كونيرألب فإن تحضير الدستور الجديد لتركيا سيأخذ بالاعتبار توصيات اللجنة الأوروبية، بمقدار ما هي تعبر عن المبادئ العالمية الأساسية.
واوضح كونيرألب بالقول "كما هو الشأن مثلا بالنسبة لعقوبة الإعدام. فإن إلغاء هذه العقوبة هو شيء جيد، بصرف النظر عن مسألة الانضمام أو لا إلى عضوية الاتحاد الاوروبي". "ولمجرد أنه لا يوجد أفق لانضمام تركيا الى الاتحاد، فلا يوجد سبب يدفع البلاد لأن تأخذ بالاعتبار في تشريعاتها القانونية التفاصيل والمعايير المعمول بها في الاتحاد الأوروبي". واضاف كونيرألب "ان المأزق في المحادثات نتج أيضا عن أنه لم يجر البحث في موضوع المزاحمة التجارية، وهذا ترك "طعما مرا في الفم". وتركيا لم يعد لديها الثقة بأن عملية الانضمام الى الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتم تفعيلها مجددا. وقال كونيرألب بحزم "ان الناس في انقرة قد ملوا"، وإن تركيا سبق واتخذت تدابير عديدة وتقدمت بمختلف الاقتراحات، لأجل فتح باب المحادثات حول سياسة المزاحمة، ولكن ذلك لم يحدث".
وجوابا على ذلك صرح ممثلو اللجنة الأوروبية لجريدة "زمان" ان تركيا كانت تعرف منذ البداية ما هي المتطلبات لفتح البحث في هذه المسألة وهي قد حققت تقدما في ذلك، وبقي عليها القيام ببعض الخطوات الإضافية في بعض المسائل من أجل الشروع في البحث في هذه النقطة. وقد أبرزت اللجنة الأوروبية ما هو ضروري للتقدم في المحادثات مع تركيا، وأبدت استعدادها لمساعدة تركيا من أجل ذلك.
وكان كونيرألب قد صرح انه "لم يعد يوجد سبب يدفع تركيا لتكييف قوانينها مع المعايير الصارمة للاتحاد الأوروبي".
ويتخوف الاتحاد الأوروبي من أن رئيس الوزراء أردوغان سيعمد الى زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية ومن ثم سيعمد الى استلام مركز الرئاسة خلال سنة 1914.
وعلق السفير التركي لدى الاتحاد الأوروبي على ذلك بالقول "حتى لو انتقلنا الى نظام رئاسي، فإنه توجد دولة أوروبية واحدة على الأقل تمتلك مثل هذا الدستور. ولا أدري اذا كان يوجد في الاتحاد الأوروبي من قد يؤكد أن فرنسا لا تطبق المعايير الأوروبية".
XXX
وأفادت الأنباء الواردة من مقدونيا أنه تم مؤخرا تركيب نصب كبير للاسكندر المقدوني في مركز العاصمة سكوبيه، وكذلك نصبين آخرين لفيليب المقدوني أحدهما في بيتوليا، والثاني في حي أفتوكوماندا في سكوبيه. وقالت جريدة "دنيفنيك" المقدونية، إن رفع التماثيل تم بحضور جمع غفير من المواطنين.
وافادت الجريدة أنه في حين رُفع تمثالا فيليب المقدوني في الصباح، فإن تمثال الاسكندر المقدوني تم رفعه في وسط العاصمة ظهراً. ويبلغ ارتفاع التمثال 14،5 مترا، وهو يزن 30 طنا من البرونز، ويبلغ ارتفاع قاعدته الاسمنتية 10 أمتار وفيه نافورة مياه، وبلغت تكاليفه 9،4 ملايين يورو.
وقد علق وزير الخارجية اليوناني على رفع هذه التماثيل في مقدونيا بالقول ان سكوبيه تتعمد الاستفزاز برفعها هذه التماثيل. (ومعلوم ان اليونان تعتبر ان مقدونيا هي تاريخيا مقاطعة يونانية، وأن الاسكندر الكبير ووالده فيليب هما شخصيتان تاريخيتان يونانيتان، وان اللقب "المقدوني" الذي يحملانه يدل على اسم المقاطعة التي نشآ منها، وليس له مدلول "قومي". ولا تعترف اليونان بجمهورية مقدونيا وتعترض على اسم جمهورية مقدونيا. أما مقدونيا فتعتبر انها امة "مقدونية" مستقلة. وفي الوقت ذاته فإن بلغاريا تعتبر أيضا ان مقدونيا هي تاريخيا جزء من بلغاريا الكبرى، وان "الشعب المقدوني" ما هو إلا جزء من الشعب البلغاري. ونشير هنا إلى أن رئيس الجمهورية الحالي في بلغاريا "غيورغي برفانوف" هو بلغاري "مقدوني". وسكان مقاطعة "مقدونيا" في بلغاريا هم مواطنون بلغار كثقافة وكلغة وكانتماء قومي ووطني.
وأورد التلفزيون المقدوني "ألفا" تصريحا أدلى به وزير الخارجية اليوناني الجديد ستافروس لامبرينيديس قال فيه ان افق الاندماج الاوروبي يمكن ان يكون محفزا لحل المشاكل العالقة في البلقان. واضاف لامبرينيديس "اننا نأمل ان تفهم حكومة سكوبيه ذلك. اننا ندعم الاندماج الاوروبي للدولة الجارة (اي مقدونيا) وسنكون حليفا كبيرا لها في هذه العملية، ولكن علاقاتنا يجب ان تبنى على حسن الجوار. وحل الخلاف على مسألة الاسم هو شرط مسبق للقبول في الناتو ولبدء المحادثات للانضمام الى الاتحاد الأوروبي". وحسب تعبيره فإن اقامة هذه التماثيل في مقدونيا هي استفزاز ومن شأنها تعكير المحادثات بالادعاءات.
XXX
هذا وقد نشرت جريدة "فريميه" المقدونية مقالا آخر للكاتب إيغور تشافيسكي جاء فيه أن مقدونيا تقوم حاليا بتوزيع مئات النسخ من كتب لمؤرخين مقدونيين على جميع المؤسسات العالمية، وتعرض تلك الكتب تقويما للعلاقات بين مقدونيا وبلغاريا من وجهة نظر مقدونيا وتهاجم المواقف "القومية" لبلغاريا. وسيرسل عدد من المؤرخين المقدونيين أحدث كتبهم الى هيئة الأمم المتحدة، والهيئات الأوروبية، وسفارات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل القول إن بلداً عضواً في الاتحاد الأوروبي هو بلغاريا يستخدم الأضاليل من أجل نفي وجود أمة مقدونية مختلفة عن الأمة البلغارية. وحسب رأي الكاتب سيكون ذلك بمثابة "رد مضاد على الاستفزاز الذي قام به منذ فترة وجيزة المركز الثقافي ـ الإعلامي البلغاري في مقدونيا، حينما قام بتوزيع كتب على زواره، تزعم أن المقدونيين هم جزء لا يتجزأ من التاريخ البلغاري". ويستشهد الكاتب برأي المؤرخ الدكتور ميخايلو مينوفسكي الذي يقول "انه من الضروري ترجمة المزيد من الكتب العائدة الى مؤلفين مقدونيين الى عدة لغات، وأن يتم نشرها في كل مكان في العالم". وحسب رأي مينوفسكي "ينبغي إبراز المرحلة التي كان يعيش فيها الثوار المقدونيون، من أجل تبديد الإنطباع الموجود عند الكثيرين، بأن الثوار انما كانوا مقدونيين ذوي هوية بلغارية". ويقول تودور تشيبريغانوف، مدير معهد التاريخ القومي في مقدونيا ان البروباغندا البلغارية التي تنفي وجود الأمة المقدونية تحاول الوصول الى اوسع الاوساط في العالم.
XXX
ونشر موقع freearabvoice مقالا (ترجمه د. ابرهيم علوش) للدبلوماسي الهندي المخضرم م. ك. بهادرا كومار، ظهر في موقع "آسيا تايمز" على الإنترنت في 14/6/2011. وجاء في المقال:
نادراً ما تختار وزارة الخارجية الروسية عطلة يوم الأحد لإصدار بيان رسمي. فمن البديهي أن أمراً في غاية الخطورة قد حدث ليدفع موسكو للتعبير عن نفسها على عجل. وقد كان ما استفزها هو ظهور طرّاد للولايات المتحدة، أو سفينة حربية، تحمل صواريخ موجهة، للقيام بتدريبات مشتركة مع أوكرانيا في البحر الأسود. وطرّاد الولايات المتحدة المعني هنا هو سفينة الولايات المتحدة "مونتراي"، المجهزة بنظام الدفاع الجوي "إيجيس"، التي ذهبت لتشترك في التمارين البحرية بين أوكرانيا والولايات المتحدة الملقبة باسم "نسيم البحر 2011".
وليس ثمة شيء غير عادي في الواقع في تمرين بحري يجري بين الولايات المتحدة وأوكرانيا كان قد جرى مثله في العام الماضي أيضاً. ولكن، كما بسطت موسكو المشكلة: "بعد وضع المسألة المعلقة حول هندسة توزيع نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي في أوروبا جانباً، فإن روسيا تود أن تعرف، بناءً على قرارات قمة لشبونة بينها وبين حلف الناتو، أي "استفزاز" قصدته القيادة العسكرية للولايات المتحدة عندما حركت وحدة ضاربة أساسية من مجموعة الدفاع الصاروخي الإقليمي التي تشكلها الناتو في المنطقة، من منطقة البحر المتوسط إلى الشرق؟".
وهنا مضى بيان الخارجية الروسية بعدها ليعطي تفسيره الخاص، وهو أن طراد "مونتراي" أُرسل إلى المياه الأوروبية كجزء من منهاج الإدارة الأمريكية التدريجي والتكييفي في بناء القسم الأوروبي من نظام الدفاع الصاروخي الكوني. والمرحلة الأولى من ذلك البرنامج تقوم على نشر مجموعة من السفن الحربية للولايات المتحدة في الأدرياتيكي، وبحر إيجة، والمتوسط، لحماية جنوب أوروبا من ضربات صاروخية محتملة. أما دور الصواريخ الموجهة البعيدة المدى التي تحملها "مونتراي" في تمارين "نسيم البحر 2011" لمقاومة القرصنة البحرية فليس واضحاً بعد، حسب بيان وزارة الخارجية الروسية!
ويضيف البيان الروسي: "يجب أن نصرّح بأن مخاوفنا يستمر تجاهلها، وتحت غطاء المحادثات عن التعاون في الدرع الصاروخية الأوروبية، تنشط الجهود لتشكيل نظام درع صاروخية خطير العواقب كما سبق أن أبلغنا شركاءنا في الولايات المتحدة وحلف الناتو".
وتزعم الولايات المتحدة أن هذا ليس سوى تمرين بحري اعتيادي. وتتساءل موسكو من ناحيتها: "إذا كانت هذه زيارة عادية، فليس من الواضح لماذا تم اختيار سفينة حربية بهذا النوع من التسليح للانتقال إلى مثل هذه المنطقة الحساسة". لا شك إذاً أن الولايات المتحدة تصعّد الضغط على أسطول روسيا في البحر الأسود.
ويربط الدبلوماسي الهندي ظهور هذا "الطرّاد الصاروخي" الاميركي في البحر الأسود بالأحداث في الشرق الأوسط وخصوصا في سوريا.
ونحن من جهتنا نرى أن ظهور هذا الطرّاد الصاروخي والتجسسي الأميركي على الحدود المباشرة لروسيا يرتبط أكثر بالتطورات المرتقبة في تركيا والبلقان، ويحمل تهديداً مباشراً لروسيا بأن لا تقف حجر عثرة أمام المخططات الأميركية ـ الأطلسية لإعادة رسم الخرائط في منطقة البلقان.
في الوقت الذي تنشدّ فيه الانظار نحو التطورات الدرامية في الشرق الأوسط من ليبيا الى سوريا، حيث تحاول الادارة الأميركية إعادة تركيب حجارة الدومينو السايكس ـ بيكوية، يجري العمل بهدوء لزرع عاصفة جديدة في البلقان لاعادة تركيب حجارة الدومينو في هذا الإقليم أيضا، بعد أن تم تفكيكها في المرحلة السابقة. والهدف الأكبر الذي تريد خطة "الفوضى البناءة" الاميركية التوصل اليه في البلقان هو: وضع منطقة البلقان تحت الوصاية الأميركية المباشرة بوجهها "التركي الجديد" ("الاسلامي ـ الديمقراطي ـ المعتدل")، وتحويل البلقان الى "منطقة نفوذ" ومصالح أميركية ـ صهيونية، معادية لروسيا ومعادية لإيران وللمقاومة العربية ضد "اسرائيل".
ويشرف على تنفيذ هذه الخطة المركز الاقليمي للمخابرات الاميركية الذي سبق وانتقل من العاصمة اليونانية الى العاصمة البلغارية، حيث تم بناء سفارة أميركية ضخمة يعمل فيها مئات الموظفين "الدبلوماسيين"!!! وربما هي أكبر من السفارة الاميركية في بكين. وذلك بالتعاون مع المخابرات الاسرائيلية (الموساد) التي أنشأت هي الأخرى مركزا خاصاً في العاصمة البلغارية يتولى قيادته الجنرال داني ياتوم الرئيس الأسبق للموساد.
و"تتسلل" هذه الخطة "بهدوء"، كما يتسلل اللص ـ القاتل تماما، ضمن الخطوط العريضة التالية:
ـ ابعاد تركيا بنعومة عن الاتحاد الأوروبي، ورمي المسؤولية في ذلك على "اوروبا المسيحية" التي "لا تتقبل تركيا" بحجة "اسلاميتها!!!".
ـ إعطاء دور اكبر "خاص" لتركيا في البلقان على حساب الاتحاد الاوروبي والحلف الأطلسي والأمم المتحدة.
ـ إضفاء "الوجه المعتدل" على تركيا، وإعطائها دور "المصلح" في النزاعات القادمة، لتسهيل تحولها إلى وصي " محايد" و"صديق" للجميع.
ـ عرقلة دور روسيا ونفوذها في البلقان، وخصوصا إفشال مد انابيب الغاز والنفط من روسيا عبر البلقان إلى أوروبا الوسطى والغربية.
ـ مفاقمة وتفجير التناقضات بين الشعوب المسيحية الشرقية (اليونان ـ الصرب ـ المقدون والبلغار) لاضعافها جميعا، وفي الوقت ذاته الدعم "الهادئ" و"الناعم"، ماليا واقتصاديا و"ثقافيا" وسياسيا وتسليحيا، للتنظيمات والجماعات الاتنية الاخرى: الغجرية والاسلامية والتركية والألبانية، تحت الشعارات الخبيثة لـ"الدمقراطية" و"الحريات" و"حقوق الانسان" و"الحقوق الدينية والإتنية والقومية"، على طريقة "حق يراد به باطل".
ـ تفجير الفتن الإتنية بين الألبان والصرب وبين الألبان والمقدون، وبين البشناق والصرب، وبين المسلمين والمسيحيين، مع التظاهر "بالحياد" من قبل أميركا وتركيا لعدم تحمل أي مسؤولية عن نتائج المخططات المرسومة، وتناول الكستناء من النار ناضجة بدون احراق الأيدي الخاصة مباشرة.
ـ التمهيد لتشكيل البانيا الكبرى تدريجيا وخطوة ـ خطوة.
ـ التوصل أخيرا الى إقامة "ستار حديدي" "عثماني جديد" في منطقة البلقان، عن طريق اقامة "تحالف استراتيجي" بين "تركيا الاسلامية الجديدة" والبانيا الكبرى العتيدة!!!.
ونحاول فيما يلي ان نرصد بعض "النقلات الهادئة" في لعبة الدومينو الاميركية ـ التركية الجديدة في البلقان:
XXX
في نهاية السنة الماضية اصدر النائب السويسري في الجمعية البرلمانية الأوروبية ديك مارتي تقريره حول تجارة الأعضاء البشرية في كوسوفو، والذي اتهم فيه رئيس الوزراء الكوسوفي المافيوز المعروف هاشم تاجي بأنه يتزعم مجموعة للجريمة المنظمة وأنه مسؤول رئيسي في عمليات قتل الصربيين وانتزاع اعضائهم البشرية والمتاجرة بها، منذ 1999 وما بعد. وقد أثار هذا التقرير في حينه ضجة كبرى. ولكن بدلا من تحويل هذا التقرير الى المحكمة الدولية، بدأت مسرحية هزلية تسابق فيها بان كي مون باسم الأمم المتحدة وشخصيات أوروبية في الادلاء بتصريحات تهريجية وتخديرية حول من هو الطرف الأصلح للتحقيق في هذا التقرير: هيئات الأمم المتحدة أم هيئات الاتحاد الأوروبي. ومن خلال هذه المسرحية، ضاع التقرير بين "الاومنيك" و"الويليكس"، وتحول الى مادة اعلامية لا أكثر، ثم جرى طمسه نهائيا ولم يعد يجري البحث به لا في الأمم المتحدة ولا في الاتحاد الأوروبي. وحتى ديك مارتي نفسه لاذ أخيرا بالصمت، ولا أحد يدري لماذا!
ولكن في هذه الاثناء تم ـ بصدفة عجائبية ـ اعتقال الجنرال الصربي راتكو ميلاديتش وجرى تحويله الى المحكمة الدولية. وبهذه المناسبة غمرت وسائل الاعلام العالمية الموجهة أميركيا ـ صهيونيا موجة جديدة من الريبورتاجات المعادة والمكررة مئات المرات عن المجازر الصربية ضد الألبان والبوشناق والمسلمين، ليس بقصد الدفاع عن هؤلاء، بل بقصد استخدام دماء ضحاياهم البريئة لتغطية المخططات الأميركية والإسرائيلية والتركية ضد شعوب البلقان وشعوب العالم بأسرها.
XXX
في تعليق للكاتب المقدوني إيغور تشافيسكي في جريدة "فريميه" قال إن المحللين يرون أن المجتمع الدولي يعي تماما أن الوضع في كوسوفو لا يمكن ضبطه الى وقت أطول، ولكن التقسيم بالتحديد لا يوضع على بساط البحث.
إلا أن محاولات اعادة رسم الحدود لدول البلقان هي جزء من التاريخ المظلم لهذه الأراضي. وقد لمحت السلطات الصربية مؤخراً الى هذا الماضي، بهدف تعزيز مواقعها التفاوضية عشية المفاوضات المزمع عقدها مع الاتحاد الأوروبي بقصد انضمام صربيا الى الاتحاد. وهكذا ينظر الخبراء المحليون الى التهديد الأخير الذي أطلقه الرئيس الصربي بوريس تاديتش، بأن مشروع إنشاء البانيا الكبرى هو مشروع قائم فعلا، وكذلك إلى التهديد الذي أطلقه وزير الداخلية الصربي إيفيتسا داتشيتش، بأن كوسوفو يجب أن تقسم الى قسمين صربي وألباني.
وبحسب رأي الخبراء فإنه بعد اعتقال الجنرال راتكو ميلاديتش وتسليمه الى محكمة العدل الدولية، فإن صربيا تريد ان تبرهن أنها ليست الصبي المشاغب، الذي يفتعل دائما المشاكل، وأن المشاكل الحقيقية في الاقليم تنشأ عن مشاريع تكوين دول كبرى، وكذلك عن الوضع في جمهورية البوسنه والهرسك، التي تمدها أميركا والاتحاد الأوروبي بعناصر الاستمرار بطريقة مصطنعة. ويؤكد المحللون السياسيون أن المواطنين في مقدونيا هم حساسون جداً حيال كلمة التقسيم، وهناك الكثير من السياسيين الذين لا يزالون يطمحون إلى تحقيق ألبانيا الكبرى أو مقدونيا الكبرى. وبالنسبة لمقدونيا فمن المهم جداً الاستمرار في تطوير مجتمع متعدد الاتنيات والطموح للتحول بأسرع ما يمكن الى جزء من البنى اليورو ـ اطلسية. وبحسب رأي البروفسور زفونيمير يانكولوفسكي فإن الحديث عن رسم حدود جديدة هو خطر على كل الإقليم، بما في ذلك على مقدونيا. إن الحدود في البلقان قد جرى تحديدها، وكذلك الأمر بالنسبة للطابع متعدد الإتنيات في كوسوفو، وفي البوسنه والهرسك، وفي مقدونيا.
ويعتبر يانكولوفسكي أن السياسيين الصربيين يرغبون في تكوين مناخ من عدم الاستقرار في الإقليم ومحاولة الحصول على تداعيات كلعبة الدومينو، التي يمكن أن تحصل في البلقان، إذا ما جرى إعادة رسم للحدود في أي منطقة. وبالرغم من أن المجتمع الدولي يعي تماماً أن الوضع الراهن في كوسوفو، الذي هو أمام احتمال، إما الاستقلال وإما وضعها تحت الحماية، هذا الوضع لا يمكن المحافظة عليه طويلا، ولكن التقسيم ليس أحد الاحتمالات. (وهذا يعني ضمنا التهديد بطرد الأقلية الصربية من كوسوفو مستقبلا). وما تريد الإدارة الأميركية الحصول عليه في الوقت الراهن هو "استقلال ذاتي" فضفاض للجماعة الصربية في شمال كوسوفو، ومحاولة إيجاد الحلول للمسائل العالقة الأخرى عن طريق الحوار بين بلغراد وبريشتينا. وخلال زيارته الأخيرة لبريشتينا أعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية فيليب غوردون عن الرفض التام لتقسيم كوسوفو. وأكد غوردون ان تقسيم كوسوفو هو خطر على مجمل الاقليم، ولهذا فإن الولايات المتحدة الأميركية سوف تدافع عن الاحتفاظ بوحدة أراضي كوسوفو. (ويتساءل بعض المحللين عن أنه إذا كانت الإدارة الأميركية تحرص الان على وحدة كوسوفو، فلماذا لم تحرص على تنفيذ القرارات السابقة للأمم المتحدة حول وحدة صربيا مع إعطاء استقلال ذاتي فضفاض لاقليم كوسوفو).
وبحسب رأي المحلل السياسي عصمت رمضاني فإن السلطات الصربية تعي تماما أنه لقبول صربيا عضواً في الاتحاد الاوروبي ينبغي عليها ان "تبلع" مسألة استقلال كوسوفو، وأنه بهذه الطريقة فهي تريد أن تصرف الانتباه عنها. ويمكن لمقدونيا ان تدافع عن نفسها من هذه الافكار المتطرفة فقط عن طريق الانتماء السريع الى حلف الناتو. وأن أميركا والاتحاد الأوروبي يقفان بشدة (في الظاهر على الأقل) الى جانب الرأي القائل بعدم قيام حدود جديدة وتقسيمات جديدة، كما يقول رمضاني. ولتبرير موقفه حول فكرة تقسيم كوسوفو، فإن وزير الداخلية الصربي داتشيتش يقول إنه لا يوجد في أي مكان في أوروبا شعب واحد في دولتين. ولهذا بالضبط فإن صربيا تلح على الحل السريع لمسألة كوسوفو، والتحديد السريع للقسمين الصربي والألباني. وصرح داتشيتش أمام وسائل الاعلام الصربية قائلا: في حين نحن ننتظر أوقاتا أفضل، ونناضل من أجل العدالة، يتم تحقيق مشروع ألبانيا الكبرى على حسابنا.
XXX
ومن جهة ثانية نشرت جريدة "دوما" الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي البلغاري (الشيوعي سابقا) تعليقا على الانتخابات التركية الأخيرة التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية، بقيادة رجب طيب اردوغان. وجاء في التعليق، نقلا عن جريدة "زمان" التركية، ان تركيا لم تفتح أي صفحة من صفحات المباحثات مع قيادة الاتحاد الاوروبي حول عضوية تركيا في الاتحاد، والآن فإن الاتحاد الأوروبي، كما تؤكد "زمان"، فقد نفوذه على تركيا. وتضيف الجريدة أن ممثل تركيا لدى الاتحاد الأوروبي سليم كونيرألب وجه من بروكسل رسائل شديدة اللهجة الى أوروبا، وقد عمدت اللجنة الأوروبية التابعة للاتحاد الى الرد بسرعة. وقال كونيرألب إن عدم التأكد حيال افق عضوية تركيا في الاتحاد ادى الى ضياع نفوذ الاتحاد الأوروبي في تركيا.
وفي تصريح ادلى به الى "اي. يو. اوبزرفر" أشار كونيرألب أيضا إلى أن الأولوية الأهم لدى رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بعد الانتصار الانتخابي هي مسألة صياغة دستور "معاصر وليبيرالي"، وانه بسبب المأزق الذي وصلت اليه محادثات انضمام تركيا الى الاتحاد، فإن الاتحاد الأوروبي لن يكون له أي دور مهم في المسألة المتعلقة بالدستور. وحسب تعبير كونيرألب فإن تحضير الدستور الجديد لتركيا سيأخذ بالاعتبار توصيات اللجنة الأوروبية، بمقدار ما هي تعبر عن المبادئ العالمية الأساسية.
واوضح كونيرألب بالقول "كما هو الشأن مثلا بالنسبة لعقوبة الإعدام. فإن إلغاء هذه العقوبة هو شيء جيد، بصرف النظر عن مسألة الانضمام أو لا إلى عضوية الاتحاد الاوروبي". "ولمجرد أنه لا يوجد أفق لانضمام تركيا الى الاتحاد، فلا يوجد سبب يدفع البلاد لأن تأخذ بالاعتبار في تشريعاتها القانونية التفاصيل والمعايير المعمول بها في الاتحاد الأوروبي". واضاف كونيرألب "ان المأزق في المحادثات نتج أيضا عن أنه لم يجر البحث في موضوع المزاحمة التجارية، وهذا ترك "طعما مرا في الفم". وتركيا لم يعد لديها الثقة بأن عملية الانضمام الى الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتم تفعيلها مجددا. وقال كونيرألب بحزم "ان الناس في انقرة قد ملوا"، وإن تركيا سبق واتخذت تدابير عديدة وتقدمت بمختلف الاقتراحات، لأجل فتح باب المحادثات حول سياسة المزاحمة، ولكن ذلك لم يحدث".
وجوابا على ذلك صرح ممثلو اللجنة الأوروبية لجريدة "زمان" ان تركيا كانت تعرف منذ البداية ما هي المتطلبات لفتح البحث في هذه المسألة وهي قد حققت تقدما في ذلك، وبقي عليها القيام ببعض الخطوات الإضافية في بعض المسائل من أجل الشروع في البحث في هذه النقطة. وقد أبرزت اللجنة الأوروبية ما هو ضروري للتقدم في المحادثات مع تركيا، وأبدت استعدادها لمساعدة تركيا من أجل ذلك.
وكان كونيرألب قد صرح انه "لم يعد يوجد سبب يدفع تركيا لتكييف قوانينها مع المعايير الصارمة للاتحاد الأوروبي".
ويتخوف الاتحاد الأوروبي من أن رئيس الوزراء أردوغان سيعمد الى زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية ومن ثم سيعمد الى استلام مركز الرئاسة خلال سنة 1914.
وعلق السفير التركي لدى الاتحاد الأوروبي على ذلك بالقول "حتى لو انتقلنا الى نظام رئاسي، فإنه توجد دولة أوروبية واحدة على الأقل تمتلك مثل هذا الدستور. ولا أدري اذا كان يوجد في الاتحاد الأوروبي من قد يؤكد أن فرنسا لا تطبق المعايير الأوروبية".
XXX
وأفادت الأنباء الواردة من مقدونيا أنه تم مؤخرا تركيب نصب كبير للاسكندر المقدوني في مركز العاصمة سكوبيه، وكذلك نصبين آخرين لفيليب المقدوني أحدهما في بيتوليا، والثاني في حي أفتوكوماندا في سكوبيه. وقالت جريدة "دنيفنيك" المقدونية، إن رفع التماثيل تم بحضور جمع غفير من المواطنين.
وافادت الجريدة أنه في حين رُفع تمثالا فيليب المقدوني في الصباح، فإن تمثال الاسكندر المقدوني تم رفعه في وسط العاصمة ظهراً. ويبلغ ارتفاع التمثال 14،5 مترا، وهو يزن 30 طنا من البرونز، ويبلغ ارتفاع قاعدته الاسمنتية 10 أمتار وفيه نافورة مياه، وبلغت تكاليفه 9،4 ملايين يورو.
وقد علق وزير الخارجية اليوناني على رفع هذه التماثيل في مقدونيا بالقول ان سكوبيه تتعمد الاستفزاز برفعها هذه التماثيل. (ومعلوم ان اليونان تعتبر ان مقدونيا هي تاريخيا مقاطعة يونانية، وأن الاسكندر الكبير ووالده فيليب هما شخصيتان تاريخيتان يونانيتان، وان اللقب "المقدوني" الذي يحملانه يدل على اسم المقاطعة التي نشآ منها، وليس له مدلول "قومي". ولا تعترف اليونان بجمهورية مقدونيا وتعترض على اسم جمهورية مقدونيا. أما مقدونيا فتعتبر انها امة "مقدونية" مستقلة. وفي الوقت ذاته فإن بلغاريا تعتبر أيضا ان مقدونيا هي تاريخيا جزء من بلغاريا الكبرى، وان "الشعب المقدوني" ما هو إلا جزء من الشعب البلغاري. ونشير هنا إلى أن رئيس الجمهورية الحالي في بلغاريا "غيورغي برفانوف" هو بلغاري "مقدوني". وسكان مقاطعة "مقدونيا" في بلغاريا هم مواطنون بلغار كثقافة وكلغة وكانتماء قومي ووطني.
وأورد التلفزيون المقدوني "ألفا" تصريحا أدلى به وزير الخارجية اليوناني الجديد ستافروس لامبرينيديس قال فيه ان افق الاندماج الاوروبي يمكن ان يكون محفزا لحل المشاكل العالقة في البلقان. واضاف لامبرينيديس "اننا نأمل ان تفهم حكومة سكوبيه ذلك. اننا ندعم الاندماج الاوروبي للدولة الجارة (اي مقدونيا) وسنكون حليفا كبيرا لها في هذه العملية، ولكن علاقاتنا يجب ان تبنى على حسن الجوار. وحل الخلاف على مسألة الاسم هو شرط مسبق للقبول في الناتو ولبدء المحادثات للانضمام الى الاتحاد الأوروبي". وحسب تعبيره فإن اقامة هذه التماثيل في مقدونيا هي استفزاز ومن شأنها تعكير المحادثات بالادعاءات.
XXX
هذا وقد نشرت جريدة "فريميه" المقدونية مقالا آخر للكاتب إيغور تشافيسكي جاء فيه أن مقدونيا تقوم حاليا بتوزيع مئات النسخ من كتب لمؤرخين مقدونيين على جميع المؤسسات العالمية، وتعرض تلك الكتب تقويما للعلاقات بين مقدونيا وبلغاريا من وجهة نظر مقدونيا وتهاجم المواقف "القومية" لبلغاريا. وسيرسل عدد من المؤرخين المقدونيين أحدث كتبهم الى هيئة الأمم المتحدة، والهيئات الأوروبية، وسفارات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل القول إن بلداً عضواً في الاتحاد الأوروبي هو بلغاريا يستخدم الأضاليل من أجل نفي وجود أمة مقدونية مختلفة عن الأمة البلغارية. وحسب رأي الكاتب سيكون ذلك بمثابة "رد مضاد على الاستفزاز الذي قام به منذ فترة وجيزة المركز الثقافي ـ الإعلامي البلغاري في مقدونيا، حينما قام بتوزيع كتب على زواره، تزعم أن المقدونيين هم جزء لا يتجزأ من التاريخ البلغاري". ويستشهد الكاتب برأي المؤرخ الدكتور ميخايلو مينوفسكي الذي يقول "انه من الضروري ترجمة المزيد من الكتب العائدة الى مؤلفين مقدونيين الى عدة لغات، وأن يتم نشرها في كل مكان في العالم". وحسب رأي مينوفسكي "ينبغي إبراز المرحلة التي كان يعيش فيها الثوار المقدونيون، من أجل تبديد الإنطباع الموجود عند الكثيرين، بأن الثوار انما كانوا مقدونيين ذوي هوية بلغارية". ويقول تودور تشيبريغانوف، مدير معهد التاريخ القومي في مقدونيا ان البروباغندا البلغارية التي تنفي وجود الأمة المقدونية تحاول الوصول الى اوسع الاوساط في العالم.
XXX
ونشر موقع freearabvoice مقالا (ترجمه د. ابرهيم علوش) للدبلوماسي الهندي المخضرم م. ك. بهادرا كومار، ظهر في موقع "آسيا تايمز" على الإنترنت في 14/6/2011. وجاء في المقال:
نادراً ما تختار وزارة الخارجية الروسية عطلة يوم الأحد لإصدار بيان رسمي. فمن البديهي أن أمراً في غاية الخطورة قد حدث ليدفع موسكو للتعبير عن نفسها على عجل. وقد كان ما استفزها هو ظهور طرّاد للولايات المتحدة، أو سفينة حربية، تحمل صواريخ موجهة، للقيام بتدريبات مشتركة مع أوكرانيا في البحر الأسود. وطرّاد الولايات المتحدة المعني هنا هو سفينة الولايات المتحدة "مونتراي"، المجهزة بنظام الدفاع الجوي "إيجيس"، التي ذهبت لتشترك في التمارين البحرية بين أوكرانيا والولايات المتحدة الملقبة باسم "نسيم البحر 2011".
وليس ثمة شيء غير عادي في الواقع في تمرين بحري يجري بين الولايات المتحدة وأوكرانيا كان قد جرى مثله في العام الماضي أيضاً. ولكن، كما بسطت موسكو المشكلة: "بعد وضع المسألة المعلقة حول هندسة توزيع نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي في أوروبا جانباً، فإن روسيا تود أن تعرف، بناءً على قرارات قمة لشبونة بينها وبين حلف الناتو، أي "استفزاز" قصدته القيادة العسكرية للولايات المتحدة عندما حركت وحدة ضاربة أساسية من مجموعة الدفاع الصاروخي الإقليمي التي تشكلها الناتو في المنطقة، من منطقة البحر المتوسط إلى الشرق؟".
وهنا مضى بيان الخارجية الروسية بعدها ليعطي تفسيره الخاص، وهو أن طراد "مونتراي" أُرسل إلى المياه الأوروبية كجزء من منهاج الإدارة الأمريكية التدريجي والتكييفي في بناء القسم الأوروبي من نظام الدفاع الصاروخي الكوني. والمرحلة الأولى من ذلك البرنامج تقوم على نشر مجموعة من السفن الحربية للولايات المتحدة في الأدرياتيكي، وبحر إيجة، والمتوسط، لحماية جنوب أوروبا من ضربات صاروخية محتملة. أما دور الصواريخ الموجهة البعيدة المدى التي تحملها "مونتراي" في تمارين "نسيم البحر 2011" لمقاومة القرصنة البحرية فليس واضحاً بعد، حسب بيان وزارة الخارجية الروسية!
ويضيف البيان الروسي: "يجب أن نصرّح بأن مخاوفنا يستمر تجاهلها، وتحت غطاء المحادثات عن التعاون في الدرع الصاروخية الأوروبية، تنشط الجهود لتشكيل نظام درع صاروخية خطير العواقب كما سبق أن أبلغنا شركاءنا في الولايات المتحدة وحلف الناتو".
وتزعم الولايات المتحدة أن هذا ليس سوى تمرين بحري اعتيادي. وتتساءل موسكو من ناحيتها: "إذا كانت هذه زيارة عادية، فليس من الواضح لماذا تم اختيار سفينة حربية بهذا النوع من التسليح للانتقال إلى مثل هذه المنطقة الحساسة". لا شك إذاً أن الولايات المتحدة تصعّد الضغط على أسطول روسيا في البحر الأسود.
ويربط الدبلوماسي الهندي ظهور هذا "الطرّاد الصاروخي" الاميركي في البحر الأسود بالأحداث في الشرق الأوسط وخصوصا في سوريا.
ونحن من جهتنا نرى أن ظهور هذا الطرّاد الصاروخي والتجسسي الأميركي على الحدود المباشرة لروسيا يرتبط أكثر بالتطورات المرتقبة في تركيا والبلقان، ويحمل تهديداً مباشراً لروسيا بأن لا تقف حجر عثرة أمام المخططات الأميركية ـ الأطلسية لإعادة رسم الخرائط في منطقة البلقان.