ارشيف من :آراء وتحليلات
لا مجال للتشاطر... بل لوقفةٍ مع الضمير

لؤي توفيق حسن(*)
لا بد لمرةٍ واحدة وأخيرة أن نعقد العزم لنقرر بأن المعارضة السورية مفروزة على مستويين متناقضين: الشريفةُ، والفاسدة. فالفساد ليس قصراً على بعض مكونات النظام كما يتخيل البعض. بل إنها ثقافةٌ ضربت عميقاً في نفوس العديدين.
لعل الفاسدين أنفسهم القابعين في المعارضة اليوم كانوا حتى وقتٍ قريب من ضمن نسيج الفساد الذي طالته الألسنة في سوريا. فالفساد ليس له هوية وهو وحده القادر على جمع الأضداد.
المعارضة الشريفة. بل لنقل الشرف في السلوك السياسي هو أن ينسجم المرء مع نفسه فيعيش مبادئه، وقناعاته. وبهذا المعنى فإن المعارضة التي اجتمعت في فندق "سميراميس" في دمشق هي هذه المعارضة الشريفة قولاً واحداً. أما من حيث الشكل فهي جزء من معارضة الداخل. بل هي من حيث الترتيب الزمني طليعتها. و لعل ما يعزز الوصف المذكور أن أولئك الرهط من المعارضين قد تحرروا إلى قدرٍ كبير من معاناتهم الشخصية. ليقدموا مصلحة الوطن، مصممين على الإدراك بأن سوريا أكبر من اختصارها بأحد، وبيانهم الختامي ترجمان ذلك.
إذا كان مؤتمر أنتاليا هو "فرّازة المعارضات السوريا" كما جاء في مقالٍ أسبق. فإن لقاء "سميراميس" هو إلى حدّ بعيد ترشيدٌ لهذه المعارضة الشريفة باعتبار أن شريحتها الشابة كانت خارج القاعة... ترشيدٌ مطلوبٌ ليس لأنها ستصبح جزءاً من الحياة الديمقراطية الواعدة وحسب. بل أيضاً لأن هذه المعارضة مستهدفةٌ في الصميم، لتكون أداةً بيد معارضة الخارج المرتهنة بدورها إلى أجندات خارجية!!.
لهذا فإن ما قاله النائب الأمريكي دينيس كوسنتيشن إثر اجتماع المعارضة في دمشق لا يزيد عن رأيه الشخصي في أحسن الأحوال. فيما (الباطن) من سياسة بلاده شيء اخر. وكذلك حال الوزير الفرنسي جوبيه. إذ إن معارضة كهذه لا ترضي الغرب أو تبعث فيه الاطمئنان وذلك لسببيبن على الأقل:
أولاً: أنها منبثقة من خارج الحاضنة الغربية.
ثانياً: أن معارضتها منصبّة على قضايا مطلبية داخلية مثل الاقتصاد، التنمية، الحريات العامة، القضاء، التعليم... وغير ذلك. فيما هي في الجذر تتقاطع مع النظام في خياراته الاستراتيجية. بل إنها ربطت تحقيق مهمات الداخل بالقدرة على تجاوز "الهيمنة الغربية على منطقتنا" من أجل "تحرير جميع الأراضي المحتلة" كما ورد في بيانها الختامي.
لعل ما سبق يعطي تفسيراً للهجوم الذي تعرض له الاجتماع في "سميراميس" من قبل جماعة المعارضات الخارجية! بل ويفضح هذه الأخيرة التي بلغت بها الوقاحة الى حد إرسال وفدٍ إلى موسكو كي ترفع دعمها السياسي عن سوريا في مجلس الأمن. وصولاً لجعلها مكشوفةً. أي بمعنى آخر ضحيةً سهلة على مائدة الغرب!!. على اي حال هذه الوقاحة ليست بمستهجنة من وفدٍ على رأسه رضوان زيادة صاحب التاريخ الحافل بالخيانة والعمالة.
أما الحقيقة التي لا مِراءَ فيها فهي أن معارضة الداخل السوري جزءٌ من النسيج الوطني السوري المعروفة خياراتُهُ في مواجهة الاحتلال ومقاومته. هذه الحقيقة ينبغي الاعتراف بها كي ينطلق المعنيون بعدها إلى اعتبارها مكوناً اساسياً للمشهد السياسي السوري، وليس ديكوراً سياسياً!!.
أمر آخر جدير بإلقاء الضوء عليه فيما نجده على صفحات الفيسبوك من ظاهرة مقلقة هي ذهاب البعض غير القليل إلى التقريع بمعارضة الداخل بوصفه لازمةً للإعلان عن الوقوف إلى جانب السلطة!!. إن تعميم المناخ هذا مع عدم ملاقاة المعارضة سيؤدي إلى تطويقها من الداخل، هذا من جهة، ومن معارضة الخارج من جهةٍ أخرى. والنتيجة هي تآكل رصيد المعارضة الشريفة في الداخل لمصلحة معارضة الخارج المدعومة بالمال، وبالنفوذ الغربي، وآلته الإعلامية... والبقية معروفة!!!.
إن خلط الأوراق بات يستدعي الخروج من الثنائية التبسيطية: إما مع... أو ضد!. لأن ما يجري حالياً هو جزءٌ من حركة التاريخ، وسنن الطبيعة، التي على هديها سيرتسم مستقبل سوريا.
أمام هذا المشهد المركّب لا مجال للتشاطر مطلقاً... بل لوقفة مع الضمير.
(*) كاتب من لبنان
"لكل شيء
شرف... وشرف المعروفِ تعجيله" ـ عمر بن الخطاب
لا بد لمرةٍ واحدة وأخيرة أن نعقد العزم لنقرر بأن المعارضة السورية مفروزة على مستويين متناقضين: الشريفةُ، والفاسدة. فالفساد ليس قصراً على بعض مكونات النظام كما يتخيل البعض. بل إنها ثقافةٌ ضربت عميقاً في نفوس العديدين.
لعل الفاسدين أنفسهم القابعين في المعارضة اليوم كانوا حتى وقتٍ قريب من ضمن نسيج الفساد الذي طالته الألسنة في سوريا. فالفساد ليس له هوية وهو وحده القادر على جمع الأضداد.
المعارضة الشريفة. بل لنقل الشرف في السلوك السياسي هو أن ينسجم المرء مع نفسه فيعيش مبادئه، وقناعاته. وبهذا المعنى فإن المعارضة التي اجتمعت في فندق "سميراميس" في دمشق هي هذه المعارضة الشريفة قولاً واحداً. أما من حيث الشكل فهي جزء من معارضة الداخل. بل هي من حيث الترتيب الزمني طليعتها. و لعل ما يعزز الوصف المذكور أن أولئك الرهط من المعارضين قد تحرروا إلى قدرٍ كبير من معاناتهم الشخصية. ليقدموا مصلحة الوطن، مصممين على الإدراك بأن سوريا أكبر من اختصارها بأحد، وبيانهم الختامي ترجمان ذلك.
إذا كان مؤتمر أنتاليا هو "فرّازة المعارضات السوريا" كما جاء في مقالٍ أسبق. فإن لقاء "سميراميس" هو إلى حدّ بعيد ترشيدٌ لهذه المعارضة الشريفة باعتبار أن شريحتها الشابة كانت خارج القاعة... ترشيدٌ مطلوبٌ ليس لأنها ستصبح جزءاً من الحياة الديمقراطية الواعدة وحسب. بل أيضاً لأن هذه المعارضة مستهدفةٌ في الصميم، لتكون أداةً بيد معارضة الخارج المرتهنة بدورها إلى أجندات خارجية!!.
لهذا فإن ما قاله النائب الأمريكي دينيس كوسنتيشن إثر اجتماع المعارضة في دمشق لا يزيد عن رأيه الشخصي في أحسن الأحوال. فيما (الباطن) من سياسة بلاده شيء اخر. وكذلك حال الوزير الفرنسي جوبيه. إذ إن معارضة كهذه لا ترضي الغرب أو تبعث فيه الاطمئنان وذلك لسببيبن على الأقل:
أولاً: أنها منبثقة من خارج الحاضنة الغربية.
ثانياً: أن معارضتها منصبّة على قضايا مطلبية داخلية مثل الاقتصاد، التنمية، الحريات العامة، القضاء، التعليم... وغير ذلك. فيما هي في الجذر تتقاطع مع النظام في خياراته الاستراتيجية. بل إنها ربطت تحقيق مهمات الداخل بالقدرة على تجاوز "الهيمنة الغربية على منطقتنا" من أجل "تحرير جميع الأراضي المحتلة" كما ورد في بيانها الختامي.
لعل ما سبق يعطي تفسيراً للهجوم الذي تعرض له الاجتماع في "سميراميس" من قبل جماعة المعارضات الخارجية! بل ويفضح هذه الأخيرة التي بلغت بها الوقاحة الى حد إرسال وفدٍ إلى موسكو كي ترفع دعمها السياسي عن سوريا في مجلس الأمن. وصولاً لجعلها مكشوفةً. أي بمعنى آخر ضحيةً سهلة على مائدة الغرب!!. على اي حال هذه الوقاحة ليست بمستهجنة من وفدٍ على رأسه رضوان زيادة صاحب التاريخ الحافل بالخيانة والعمالة.
أما الحقيقة التي لا مِراءَ فيها فهي أن معارضة الداخل السوري جزءٌ من النسيج الوطني السوري المعروفة خياراتُهُ في مواجهة الاحتلال ومقاومته. هذه الحقيقة ينبغي الاعتراف بها كي ينطلق المعنيون بعدها إلى اعتبارها مكوناً اساسياً للمشهد السياسي السوري، وليس ديكوراً سياسياً!!.
أمر آخر جدير بإلقاء الضوء عليه فيما نجده على صفحات الفيسبوك من ظاهرة مقلقة هي ذهاب البعض غير القليل إلى التقريع بمعارضة الداخل بوصفه لازمةً للإعلان عن الوقوف إلى جانب السلطة!!. إن تعميم المناخ هذا مع عدم ملاقاة المعارضة سيؤدي إلى تطويقها من الداخل، هذا من جهة، ومن معارضة الخارج من جهةٍ أخرى. والنتيجة هي تآكل رصيد المعارضة الشريفة في الداخل لمصلحة معارضة الخارج المدعومة بالمال، وبالنفوذ الغربي، وآلته الإعلامية... والبقية معروفة!!!.
إن خلط الأوراق بات يستدعي الخروج من الثنائية التبسيطية: إما مع... أو ضد!. لأن ما يجري حالياً هو جزءٌ من حركة التاريخ، وسنن الطبيعة، التي على هديها سيرتسم مستقبل سوريا.
أمام هذا المشهد المركّب لا مجال للتشاطر مطلقاً... بل لوقفة مع الضمير.
(*) كاتب من لبنان