ارشيف من :خاص
عناصر "الخطر الإيراني" من منظور الكيان الصهيوني
حسان ابراهيم
التطورات التكنولوجية والبحث العلمي وتنامي القدرات الإيرانية في مجالات العلوم والصناعة والتسليح، إحدى المسائل ذات الاهتمام الفائق في الكيان الصهيوني.
التعبيرات الصهيونية الصادرة اخيرا من تل أبيب، تشي بأن التهديد الإيراني للكيان، حفر عميقا في الوعي الصهيوني، وبات إحدى مسلّمات الواقع، الذي يجب التعامل معه على أنه موجود وغير ممكن اجتثاثه، ما يستدعي من الصهاينة التكيف معه.
في نفس الوقت، يستدعي التهديد الإيراني، العمل قدر الاستطاعة، على الدفع باتجاه عدم تأثيره على معنويات الصهاينة انفسهم، من خلال التشكيك بأصل وجوده، ما امكن ذلك، وإلا التشيكك في قدراته الفعلية، ما امكن ذلك، وقبل أي شيء آخر، العمل على التكيف معه قدر الاستطاعة، من ناحية فعلية يسعى اليها الجيش الإسرائيلي، ما دام لا يمكن اجتثاثه، وما مناورات "نقطة تحول"، على مر السنوات القليلة الماضية، وتطوراتها كما شهدت مناورة نقطة تحول خمسة، إلا تعبيراً عن هذا الواقع.
في نفس السياق، يسعى الصهاينة، كما هو واضح من التصريحات والتعليقات الصادرة اخيرا، إلى محاولة رفع منسوب التهويل وإعلاء شأن القدرة الإسرائيلية العسكرية، مقابل القدرة العسكرية الإيرانية، لعلّ ذلك يسهم في ردع إيران، ومنع أي قرار عدائي صادر عنها ضد تل ابيب، سواء كان عملا عسكريا ابتدائيا، أو عملا عسكريا رديا، في حالات الدفاع عن النفس.
مع ذلك، يوجد في المقاربة الإسرائيلية للتطور العلمي والتسليحي في إيران، منسوب مرتفع من محاولات تحريض الغرب ضد الجمهورية الإسلامية. والتحريض ضد إيران، هو إحدى الوسائل المتبعة اسرائيليا، لتحويل التهديد إلى فرصة، من خلال اظهار التهديد الإيراني على انه موجه للغرب، وليس لـ"إسرائيل" وحسب، ما يعني وجوب تحرك الغرب نفسه، وليس "إسرائيل" فقط، لمواجهته وصده.
يعني ذلك، أن لـ"إسرائيل" مصلحة، داخلية تحديدا، في التشكيك بالقدرات العسكرية والتطور العلمي في إيران، وفي نفس الوقت، مصلحة في اظهار هذه القدرة على حقيقتها، كرسالة خطاب للغرب، سعيا لتحريضه ضد إيران. وتعارض المصلحتين، يفضي، بطبيعة الحال، إلى وجوب خطابين في المقاربة الإسرائيلية حيال إيران، إحداها تسعى إلى التقليل من شأن القدرة الإيرانية، والثانية تسعى إلى اعلاء شأنها، بل وربما أيضا، المبالغة فيها إلى حد بعيد.
يعني ذلك أيضا، أن المقاربة الإسرائيلية للموضوع الإيراني، تختلف باختلاف الجهة المخاطَبة.. أي بين الداخل والخارج، ما يصعّب ويسهّل، في نفس الوقت، تحديد المقاربة الحقيقية الإسرائيلية حيال إيران، رغم أن قليلا من البحث والمتابعة، يفضي إلى حقيقة إسرائيلية واحدة، محفورة عميقا في الوعي الإسرائيلي: لدى ايران قدرة تهديد وجودي على "إسرائيل".
ولا يختلف اثنان في "إسرائيل"، على أن إيران تمثل تهديدا وجوديا على الكيان الصهيوني، بل إنها خطر مباشر وليس فقط تهديداً. الخلاف يتعلق بأصلين من اصول الخطر، وهو إمكانية اتخاذ القرار الإيراني في تفعيل الخطر، والعنصر الثاني هو توقيت تفعيل الخطر. الخلاف يقع هنا، وبالتالي تختلف المقاربة انطلاقا من هذه الناحية تحديدا.
ويتفق الاسرائيليون على أن القدرة العسكرية الإيرانية، إما أنها ممتلكة بالفعل، من دون حسم أنها كذلك، أو بالاحرى من دون الإعلان عن ذلك، أو أن إيران على وشك امتلاكها، من دون حسم ايضا، رغم أن التقدير موجود ويلقي بظلاله على القرارات والفعل الإسرائيلي، وهو ما يدفع الجميع إلى التعامل مع التهديد والخطر الإيرانيين، على أن أساساته موجودة بالفعل. مع ذلك، لا يختلف احد في "إسرائيل" على أن هذه القدرة، في حال جرى تفعيلها ضد الكيان الصهيوني، تنهي وجود هذا الكيان، ربطا بطبيعته وجغرافيته وقصور امكاناته عن المواجهة.
يبقى من عناصر الخطر، عنصران، موضع خلاف: القرار وتوقيت القرار. وهنا يكمن الخلاف الإسرائيلي. هل القيادة الإيرانية، ستقرر، في حال من الاحوال، سواء ابتداءً أو رداً على اعتداء، استهداف "اسرائيل"؟ هل القيادة الإيرانية، ستقرر، استخدام الأسلحة التقليدية أو غير التقليدية، في حال وجودها لديها، أو في حال الحصول عليها؟ هل استخدام هذه الأسلحة، سيجري بطريقة تنهي الكيان العبري أو تبقيه؟ وما هي العوامل والاسباب الدافعة للقيادة الإيرانية، كي تقرر استخدام ما لديها من "سلاح دمار شامل" ضد "إسرائيل"؟ هي اسئلة الماضي القريب في " إسرائيل"، وأسئلة الحاضر، كما هي اسئلة المستقبل ايضا.
الشغل الإسرائيلي الاستخباري، وندوات البحث المستترة وراء الابواب، والنقاشات التي تجريها دوائر القرار، مرتكزة تحديدا على هذه الاسئلة. اما التصريحات والتعليقات وندوات ودراسات صادرة عن مراكز بحثية إسرائيلية ذات صلة، بل معظم ما يصدر عن "إسرائيل"، ومنها البحث في إمكان أو وجوب أو عدم وجوب توجيه ضربة عسكرية لإيران، أو البحث في القدرة الإيرانية نفسها والنقطة التي وصلت اليها، فليست الا اصدارات استعراضية ليس أكثر، تهدف إلى الاسهام في معالجة الخطر الإيراني أو احتوائه أو التحريض عليه، إنها وسائل مواجهة، لكنها لا تنظر بالفعل إلى الخطر وتداعياته وإمكانات تفعيله، وهو ما تسعى اليه "اسرائيل". اما الاجوبة عن هذه الاسئلة، فمن المرجح أن يبقى مخفيا ولا يظهر إلى العلن، خاصة إن كانت تظهر "إسرائيل" عاجزة عن المواجهة.
المتابع للشأن الإسرائيلي، وتحديدا المقاربة الإسرائيلية بما يرتبط بالخطر الإيراني على الكيان العبري، يعاين بوضوح، أن معظم الدراسات الصادرة عن المراكز البحثية الإسرائيلية، تساهم في المواجهة، كما جرى ايضاحه، لكنها لا تجيب عن الاسئلة المثارة هنا، وهي الأكثر الحاحا وحضورا لدى متخذي القرارات في "اسرائيل"، وهي نفس الاسئلة الموضوعة على طاولة البحث والتدقيق لدى متخذي القرارات في "إسرائيل" واستخباراتها، والتي كما يبدو لا وجود لأجوبة عنها، والا لكان القرار الإسرائيلي قد اتخذ وجرى تنفيذه، هذا إن لم يكن قد اتخذ بالفعل، وقضى بعدم المبادرة والفعل الإسرائيليين، لعدم الجدوى أو لعدم القدرة على تلقي أثمان الرد الإيراني.
المشكلة الإيرانية، من ناحية "إسرائيل"، هي هنا.. اما باقي المقاربة الإسرائيلية، ومعظم المقاربة العلنية، ومن بينها "وضع الخيارات كلها على الطاولة"، كإشارة إلى امكانات الضربة العسكرية لإيران، وغيرها من الخيارات المطروحة، فليست الا أدوات من أدوات المعالجة، ولعلها، كما يرجو ويأمل الاسرائيليون، أن تكون قادرة على ردع إيران، في حال، وإن قررت، استخدام ما لديها من قدرات.
من هنا يجب فهم التصريحات الصادرة عن "إسرائيل" حيال إيران. من هنا يجب فهم الاصرار الإسرائيلي على " الابقاء" على كل الخيارات "موضوعة على الطاولة"، ومن هنا أيضا يجب فهم كيف أن "إسرائيل" تحاول اظهار القدرات العسكرية الإيرانية، قدر الاستطاعة، على أنها مبالغ فيها، وفي نفس الوقت تحاول اظهار نفس القدرات على أنها خطر على كل العالم، لأن الاسئلة الأكثر الحاحا لا تظهر إلى العلن، كما إن الاجوبة عليها، لا تظهر أيضا، مع أن المقاربة الفعلية الإسرائيلية تشير إلى عجز واضح، واستسلام بيّن.
التطورات التكنولوجية والبحث العلمي وتنامي القدرات الإيرانية في مجالات العلوم والصناعة والتسليح، إحدى المسائل ذات الاهتمام الفائق في الكيان الصهيوني.
التعبيرات الصهيونية الصادرة اخيرا من تل أبيب، تشي بأن التهديد الإيراني للكيان، حفر عميقا في الوعي الصهيوني، وبات إحدى مسلّمات الواقع، الذي يجب التعامل معه على أنه موجود وغير ممكن اجتثاثه، ما يستدعي من الصهاينة التكيف معه.
في نفس الوقت، يستدعي التهديد الإيراني، العمل قدر الاستطاعة، على الدفع باتجاه عدم تأثيره على معنويات الصهاينة انفسهم، من خلال التشكيك بأصل وجوده، ما امكن ذلك، وإلا التشيكك في قدراته الفعلية، ما امكن ذلك، وقبل أي شيء آخر، العمل على التكيف معه قدر الاستطاعة، من ناحية فعلية يسعى اليها الجيش الإسرائيلي، ما دام لا يمكن اجتثاثه، وما مناورات "نقطة تحول"، على مر السنوات القليلة الماضية، وتطوراتها كما شهدت مناورة نقطة تحول خمسة، إلا تعبيراً عن هذا الواقع.
في نفس السياق، يسعى الصهاينة، كما هو واضح من التصريحات والتعليقات الصادرة اخيرا، إلى محاولة رفع منسوب التهويل وإعلاء شأن القدرة الإسرائيلية العسكرية، مقابل القدرة العسكرية الإيرانية، لعلّ ذلك يسهم في ردع إيران، ومنع أي قرار عدائي صادر عنها ضد تل ابيب، سواء كان عملا عسكريا ابتدائيا، أو عملا عسكريا رديا، في حالات الدفاع عن النفس.
مع ذلك، يوجد في المقاربة الإسرائيلية للتطور العلمي والتسليحي في إيران، منسوب مرتفع من محاولات تحريض الغرب ضد الجمهورية الإسلامية. والتحريض ضد إيران، هو إحدى الوسائل المتبعة اسرائيليا، لتحويل التهديد إلى فرصة، من خلال اظهار التهديد الإيراني على انه موجه للغرب، وليس لـ"إسرائيل" وحسب، ما يعني وجوب تحرك الغرب نفسه، وليس "إسرائيل" فقط، لمواجهته وصده.
يعني ذلك، أن لـ"إسرائيل" مصلحة، داخلية تحديدا، في التشكيك بالقدرات العسكرية والتطور العلمي في إيران، وفي نفس الوقت، مصلحة في اظهار هذه القدرة على حقيقتها، كرسالة خطاب للغرب، سعيا لتحريضه ضد إيران. وتعارض المصلحتين، يفضي، بطبيعة الحال، إلى وجوب خطابين في المقاربة الإسرائيلية حيال إيران، إحداها تسعى إلى التقليل من شأن القدرة الإيرانية، والثانية تسعى إلى اعلاء شأنها، بل وربما أيضا، المبالغة فيها إلى حد بعيد.
يعني ذلك أيضا، أن المقاربة الإسرائيلية للموضوع الإيراني، تختلف باختلاف الجهة المخاطَبة.. أي بين الداخل والخارج، ما يصعّب ويسهّل، في نفس الوقت، تحديد المقاربة الحقيقية الإسرائيلية حيال إيران، رغم أن قليلا من البحث والمتابعة، يفضي إلى حقيقة إسرائيلية واحدة، محفورة عميقا في الوعي الإسرائيلي: لدى ايران قدرة تهديد وجودي على "إسرائيل".
ولا يختلف اثنان في "إسرائيل"، على أن إيران تمثل تهديدا وجوديا على الكيان الصهيوني، بل إنها خطر مباشر وليس فقط تهديداً. الخلاف يتعلق بأصلين من اصول الخطر، وهو إمكانية اتخاذ القرار الإيراني في تفعيل الخطر، والعنصر الثاني هو توقيت تفعيل الخطر. الخلاف يقع هنا، وبالتالي تختلف المقاربة انطلاقا من هذه الناحية تحديدا.
ويتفق الاسرائيليون على أن القدرة العسكرية الإيرانية، إما أنها ممتلكة بالفعل، من دون حسم أنها كذلك، أو بالاحرى من دون الإعلان عن ذلك، أو أن إيران على وشك امتلاكها، من دون حسم ايضا، رغم أن التقدير موجود ويلقي بظلاله على القرارات والفعل الإسرائيلي، وهو ما يدفع الجميع إلى التعامل مع التهديد والخطر الإيرانيين، على أن أساساته موجودة بالفعل. مع ذلك، لا يختلف احد في "إسرائيل" على أن هذه القدرة، في حال جرى تفعيلها ضد الكيان الصهيوني، تنهي وجود هذا الكيان، ربطا بطبيعته وجغرافيته وقصور امكاناته عن المواجهة.
يبقى من عناصر الخطر، عنصران، موضع خلاف: القرار وتوقيت القرار. وهنا يكمن الخلاف الإسرائيلي. هل القيادة الإيرانية، ستقرر، في حال من الاحوال، سواء ابتداءً أو رداً على اعتداء، استهداف "اسرائيل"؟ هل القيادة الإيرانية، ستقرر، استخدام الأسلحة التقليدية أو غير التقليدية، في حال وجودها لديها، أو في حال الحصول عليها؟ هل استخدام هذه الأسلحة، سيجري بطريقة تنهي الكيان العبري أو تبقيه؟ وما هي العوامل والاسباب الدافعة للقيادة الإيرانية، كي تقرر استخدام ما لديها من "سلاح دمار شامل" ضد "إسرائيل"؟ هي اسئلة الماضي القريب في " إسرائيل"، وأسئلة الحاضر، كما هي اسئلة المستقبل ايضا.
الشغل الإسرائيلي الاستخباري، وندوات البحث المستترة وراء الابواب، والنقاشات التي تجريها دوائر القرار، مرتكزة تحديدا على هذه الاسئلة. اما التصريحات والتعليقات وندوات ودراسات صادرة عن مراكز بحثية إسرائيلية ذات صلة، بل معظم ما يصدر عن "إسرائيل"، ومنها البحث في إمكان أو وجوب أو عدم وجوب توجيه ضربة عسكرية لإيران، أو البحث في القدرة الإيرانية نفسها والنقطة التي وصلت اليها، فليست الا اصدارات استعراضية ليس أكثر، تهدف إلى الاسهام في معالجة الخطر الإيراني أو احتوائه أو التحريض عليه، إنها وسائل مواجهة، لكنها لا تنظر بالفعل إلى الخطر وتداعياته وإمكانات تفعيله، وهو ما تسعى اليه "اسرائيل". اما الاجوبة عن هذه الاسئلة، فمن المرجح أن يبقى مخفيا ولا يظهر إلى العلن، خاصة إن كانت تظهر "إسرائيل" عاجزة عن المواجهة.
المتابع للشأن الإسرائيلي، وتحديدا المقاربة الإسرائيلية بما يرتبط بالخطر الإيراني على الكيان العبري، يعاين بوضوح، أن معظم الدراسات الصادرة عن المراكز البحثية الإسرائيلية، تساهم في المواجهة، كما جرى ايضاحه، لكنها لا تجيب عن الاسئلة المثارة هنا، وهي الأكثر الحاحا وحضورا لدى متخذي القرارات في "اسرائيل"، وهي نفس الاسئلة الموضوعة على طاولة البحث والتدقيق لدى متخذي القرارات في "إسرائيل" واستخباراتها، والتي كما يبدو لا وجود لأجوبة عنها، والا لكان القرار الإسرائيلي قد اتخذ وجرى تنفيذه، هذا إن لم يكن قد اتخذ بالفعل، وقضى بعدم المبادرة والفعل الإسرائيليين، لعدم الجدوى أو لعدم القدرة على تلقي أثمان الرد الإيراني.
المشكلة الإيرانية، من ناحية "إسرائيل"، هي هنا.. اما باقي المقاربة الإسرائيلية، ومعظم المقاربة العلنية، ومن بينها "وضع الخيارات كلها على الطاولة"، كإشارة إلى امكانات الضربة العسكرية لإيران، وغيرها من الخيارات المطروحة، فليست الا أدوات من أدوات المعالجة، ولعلها، كما يرجو ويأمل الاسرائيليون، أن تكون قادرة على ردع إيران، في حال، وإن قررت، استخدام ما لديها من قدرات.
من هنا يجب فهم التصريحات الصادرة عن "إسرائيل" حيال إيران. من هنا يجب فهم الاصرار الإسرائيلي على " الابقاء" على كل الخيارات "موضوعة على الطاولة"، ومن هنا أيضا يجب فهم كيف أن "إسرائيل" تحاول اظهار القدرات العسكرية الإيرانية، قدر الاستطاعة، على أنها مبالغ فيها، وفي نفس الوقت تحاول اظهار نفس القدرات على أنها خطر على كل العالم، لأن الاسئلة الأكثر الحاحا لا تظهر إلى العلن، كما إن الاجوبة عليها، لا تظهر أيضا، مع أن المقاربة الفعلية الإسرائيلية تشير إلى عجز واضح، واستسلام بيّن.