ارشيف من :آراء وتحليلات

"اسرائيل" بعد خمس سنوات على الهزيمة: لحظة من فضلكم... لقد انتصرنا

"اسرائيل" بعد خمس سنوات على الهزيمة: لحظة من فضلكم... لقد انتصرنا

حسان ابراهيم

تتلخص رواية العدو الصهيوني في الذكرى الخامسة لحربه على لبنان عام 2006، وفشل الجيش الاسرائيلي في تحقيق اهدافه فيها بالآتي: الجبهة الشمالية هادئة، لأن حزب الله مردوع؛ والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، يعيش في مخبأ تحت الارض... النتيجة: الحرب كانت ناجحة.

هذه هي الرواية الرسمية الاسرائيلية في العام الخامس للحرب، والتي، كما يبدو، تقيّد بها معظم مسؤولي العدو ومعظم مصادره السياسية والعسكرية، بل وانسحبت ايضا على عدد من معلقي وخبراء الوسائل الاعلامية الاكثر بروزا وانتشارا، من ذوي الارتباط الواضح بالمؤسسة الامنية في الكيان الغاصب.

اذاً، اكتشفت "اسرائيل" بعد خمس سنوات على الحرب، انها انتصرت. وواقع ارتداع حزب الله، و"اختباء" امينه العام، دليل على هذا الانتصار.

بالطبع تعد رواية الانتصار الجديدة، دليلا على افلاس دعائي واضح. فأن يتخذ حزب الله موقفا دفاعيا، والتجهز لمواجهة امكان شن "اسرائيل" حربا او اعتداءً على لبنان، في ظل واقع ارتداع اسرائيلي عن المبادرة العدائية، سيفضي بطبيعة الحال الى حالة من الهدوء على الحدود الشمالية للكيان الغاصب. في هذه الحالة، فإن اصل وجود المقاومة وسلاحها، وتواصل تنامي قدراتها الدفاعية، هو نجاح لحزب الله وفشل اضافي للعدو. والهدوء على "الجبهة الشمالية"، في واقع الامر، تعبير عن ارتداع اسرائيلي عن شن هجمات، اعتادت عليها "اسرائيل" في الماضي لفرض ارادتها السياسية على لبنان، اما لجهة المقاومة، فواقع الهدوء دليل على نجاحها في قدرتها على منع "اسرائيل" من المبادرة العدائية. في الاساس، وظيفة المقاومة، المقررة والمعلن عنها من قبل قيادة حزب الله، دفاعية وحمائية للبنان، والامتناع عن المبادرة الى عمل عسكري وأمني، مرتبط بموجب هذه الوظيفة، اي بامتناع "اسرائيل" نفسها عن الهجوم. والا فاعتبار الهدوء نجاحا اسرائيليا، فليس الا تحميلاً للواقع، بما لا يحتمل.

اما الحديث الاسرائيلي، والمفرط ايضا في العام الاخير، عن واقع انكفاء الأمين العام لحزب الله عن الظهور العلني ومنع امكانات استهدافه عبر اجراءات امنية مشددة، فهو نوع من "الشطارة" الاسرائيلية غير الموفقة. يجري تصوير واقع الانكفاء الامني للسيد نصر الله، وكأنه انتصار لـ"اسرائيل"، ودليل على انتصارها في حرب عام 2006، لكن في نفس الوقت على "اسرائيل" ان تسأل نفسها، ما الذي يتسبب به هذا الانفكاء، في تقليص تأثير السيد نصر الله، سواء داخل حزب الله او في لبنان او في المنطقة عموما. بل ان "اسرائيل" نفسها تقر وتعلن ان السيد نصر الله بات في اعقاب الحرب مركّباً اساسياً في معادلات المنطقة، بل ويدير جزءاً من سياساتها ولديه تأثير على مساراتها.

على أي حال، الاسئلة الاسرائيلية المهدورة، في العام الخامس على الحرب، هي الآتية:

كيف ان نجاح الحرب او فشلها، بات يقاس، بعد مرور خمس سنوات، على غير اهدافها الموضوعة لها؟. كيف يفسر مسؤولو "اسرائيل"، السياسيون والامنيون، وجود المقاومة عسكريا في لبنان، رغم انتصارهم في الحرب؟ كيف تفسر "اسرائيل" انتصارها في الحرب، مع واقع ان منعة وقوة وتأثير خيار المقاومة في لبنان والمنطقة، باتت اعظم من ذي قبل؟ بل كيف يفسر "انتصار" "اسرائيل" ان القدرة العسكرية للمقاومة تعاظمت عن ذي قبل اضعافا، بما يشمل قدرات تتميز بدقة شديدة في اصابة اهدافها، وقدرة تدميرية هائلة، وإمكانات الوصول الى اي نقطة في "اسرائيل"؟. كيف يفسر الانتصار، ان حزب الله في الذكرى الخامسة للحرب، حاضرٌ بقوة اكثر في بيئته الحاضنة له، رغم كل محاولات "اسرائيل" التدميرية لهذه البيئة، خلال الحرب نفسها؟ كيف يتماشى انتصار تل ابيب في الحرب، مع حالة الارتداع والخشية الاسرائيليين من سلاح المقاومة، وهي السبب الرئيس في امتناع الاسرائيليين عن فرض ارادتهم السياسية على لبنان، بل، في حد ادنى، امتناعهم عن محاولة اجتثاث التهديد والخطر العسكري غير المسبوق عليها؟ وايضا، كيف تفسر "اسرائيل"، من جهة اخرى، أن واشنطن باتت تؤيد موقف لبنان في نزاعه مع "اسرائيل" حول حدوده البحرية، وهي العادة غير المتبعة اميركياً؟ فهل كان الاميركيون ليؤيدوا الموقف اللبناني، ويحاولوا منع "اسرائيل" من ايجاد "ذريعة شبعا جديدة" امام حزب الله في الملف النفطي والغازي، عبر محاولة نزع اسباب النزاع وتأييد الموقف اللبناني، لو أن "اسرائيل" كانت منتصرة؟... إن اسئلة انتصار "اسرائيل"، الانتصار المفاجئ، وبعد خمس سنوات على عدوانها، تطول جدا.

2011-07-13