ارشيف من :ترجمات ودراسات

إدارة اوباما تواصل نشر الدرع الصاروخية باسم الناتو وبلغاريا تنضم للمظلة

 إدارة اوباما تواصل نشر الدرع الصاروخية باسم الناتو وبلغاريا تنضم للمظلة
صوفيا ـ جورج حداد

تتابع ادارة اوباما تنفيذ المخططات العداونية التي رسمتها إدارة جورج بوش السابقة، ولكن بأساليب أكثر "مرونة" وبأقل ما يمكن من الضجيج والاستفزاز. ويشمل ذلك بالأخص خطة نشر الدرع الصاروخية (الصواريخ المضادة للصواريخ) في أوروبا وفي "إسرائيل". وكما فعلت في التدخل العسكري في أفغانستان، ومؤخراً في ليبيا، بإشراك الحلف الاطلسي في التدخل، فقد عمدت الإدارة الأميركية ايضا الى إشراك حلف الناتو في برنامج نشر الدرع الصاروخية، وإلباس هذا البرنامج الأميركي الصرف "قبعة أطلسية ـ أوروبية"، لأجل الخداع والتضليل وتسهيل دخول مختلف الدول التي كانت مترددة سابقا في البرنامج.

ومعلوم ان تشيخيا كانت قد أوقفت مشاركتها في البرنامج الأميركي للدرع الصاروخية. وكانت حكومة الرئيس السابق جورج بوش قد اقترحت برنامجاً لموضعة رادار في تشيخيا و10 صواريخ مضادة للصواريخ في بولونيا. وبعد معارضة شديدة من قبل روسيا، ألغى باراك أوباما برنامج بوش واستبدله ببرنامج آخر، يتضمن موضعة أجزاء من الدرع الصاروخية على السفن وإنشاء درع صاروخية مشتركة مع الناتو.

وخلال اللقاء في واشنطن مع مجموعة من النواب في البرلمان الأوروبي، بمن فيهم النائب في البرلمان الأوروبي ايفايلو كالفين، وزير الخارجية البلغاري السابق، أكدت نائبة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون مراقبة التسلح والامن الدولي لأميركا ايلين تاوشير أن الدرع الصاروخية (الأطلسية ـ الأميركية) ستشمل جميع الأراضي الأوروبية، بما فيها كل اجزاء بلغاريا.

وأكدت نائبة هيلاري كلينتون أن التصور الجديد لأميركا يفترض ان تغطي الدرع الصاروخية جميع الأراضي الاوروبية، بما فيها تلك الأجزاء من بلغاريا التي لم تكن مشمولة بالتغطية في التصور السابق. وأعلنت تاوشير أن المحادثات بين واشنطن وشركائها في أوروبا الشرقية هي في مرحلة متقدمة، وفي الوقت الراهن يجري تحديد أين ستتم موضعة المنصات الرادارية.

وفي هذا اللقاء بين النواب الاوروبيين ونائبة وزيرة الخارجية الاميركية تاوشير، بُحثت أيضا مسألتا الاصلاح في حلف الناتو ونزع التسلح. وقد تم في اللقاء ايضا تبادل الآراء بين النواب الاوروبيين وكولن باول وزير الخارجية ورئيس الاركان الاميركي السابق. وتحدث كولن باول عن مفهوم الادارة الاميركية، الذي عبر عنه مؤخراً وزير الدفاع الاميركي السابق روبرت غايتس، والقائل بأن اوروبا ينبغي ان تضطلع بدور أكثر فعالية في عمليات الناتو، من أجل ضمان استقرارها في المستقبل.

هذا وكان رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف قد أعلن، خلال الدورة الربيعية التي عقدتها الجمعية البرلمانية الاوروبية التابعة للناتو في ايار/مايو الماضي في مدينة فارنا البلغارية، ان بلغاريا سوف تلح أمام حلف الناتو كي يغطي نظام الدرع الصاروخية جميع الاراضي البلغارية. وبعد بضعة أيام من ذلك اعلن رئيس الوزراء أنه لم يجر بعد تقديم طلبات محددة الى بلغاريا حول موضعة اقسام من نظام الدرع الناتوية. وأكد رئيس الوزراء حينذاك ان انضمام بلغاريا الى نظام الدرع الصاروخية سوف يتم بعد التوصل الى تفاهم بين الكتل البرلمانية البلغارية حول هذا الموضوع.

وكان حزب (غ ي ر ب) بزعامة بويكو بوريسوف، وهو حزب يصنف في يمين الوسط، قد فاز بنسبة عالية جدا (39،72%) في الانتخابات النيابية البلغارية في تموز 2009 وحصل على 116 مقعدا من اصل 240 مقعدا نيابيا. ويفسر بعض المراقبين إلحاح حكومة بويكو بوريسوف في الانضواء تحت مظلة الدرع الصاروخية الناتوية بزعامة اميركا، برغبة الحزب ورغبة بويكو بوريسوف شخصيا في الحصول على رضى ودعم اميركا في الانتخابات الرئاسية القادمة خلال هذه السنة 2011، بحيث يصبح الحزب مسيطرا على المؤسسة الرئاسية ومجلس النواب ومجلس الوزراء معا. ويتهم بعض المراقبين حزب (غ ي ر ب) بالرغبة في تعديل الدستور واقامة جمهورية رئاسية على الطريقة الاميركية، بدلا من الجمهورية البرلمانية الحالية، وذلك من أجل الامساك بشدة بأزمّة القرار السياسي والأمني والعسكري الاستراتيجي للبلاد، بما يرضي السيد الاميركي. ومعلوم ان "اسرائيل" دخلت على خط دعم بويكو بوريسوف؛ وهو ما ظهر بوضوح في الزيارة التي قام بها نتنياهو لبلغاريا في مطلع الشهر الجاري.

 إدارة اوباما تواصل نشر الدرع الصاروخية باسم الناتو وبلغاريا تنضم للمظلة


وحسب كلمات ايلين تاوشير نائبة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، فإن المباحثات بين الادارة الاميركية وشركائها الأوروبيين الشرقيين قطعت شوطا متقدما، ويجري الآن تحديد المواقع التي ستتم فيها موضعة القواعد الرادارية لنظام الصواريخ المضادة للصواريخ.

وتفيد بعض المصادر انه سيتم موضعة رادار اميركي على قمة بوتيف في بلغاريا، كجزء من الدرع الصاروخية للناتو. ويقضي هذا السيناريو بأن يتم استخدام الرادارات التي ستقام في بلغاريا ورومانيا، لتوجيه الصواريخ المضادة للصواريخ الموجودة في السفن في البحر الابيض المتوسط. ومن المتوقع ان تنتهي موضعة الرادار على القمة البلغارية في اواخر 2013. وكانت الجمعية البرلمانية لحلف الناتو قد انعقدت في ايار/مايو الماضي في مدينة فارنا البلغارية، وضمت 250 برلمانيا من 28 من الدول الاعضاء والدول المتحالفة مع الناتو.

ومن جهة ثانية عبرت موسكو عن القلق من احتمال موضوعة أجزاء من برنامج الدرع الصاروخية الأطلسية ـ الأميركية في بلدان اوروبية شرقية بالاضافة الى بولونيا ورومانيا. وهذا ما نقلته وكالة انترفاكس عن نائب رئيس اركان القوات المسلحة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف. وخلال مؤتمر صحافي عقد في موسكو قال غيراسيموف "ان روسيا قلقة جدا من احتمال موضعة أجزاء من برنامج الدرع الصاروخية بالقرب من الحدود الروسية. وتنشأ تخوفاتنا من أنه بعد بولونيا ورومانيا سيتم موضعة أجزاء من برنامج الدرع الصاروخية في بلغاريا، تشيخيا ودول أخرى من حلف الناتو".

وحسب اقوال غيراسيموف فإن مخطط الدرع الصاروخية يمكن ان يحمل في المستقبل الخطر على القوات النووية الاستراتيجية الروسية، وهذا يشكل تهديدا للأمن القومي الروسي.

وجاء في وكالة ريا نوفوستي ان الرئيس الروسي دميتري ميدفيدييف دعا البلدان الغربية للاتفاق مع روسيا حول مشروع الدفاع الاوروبي المضاد للصواريخ، محذرا من أنه إذا لم يتم الاتفاق فإن القارة الاوروبية تخاطر بالعودة الى أزمنة الحرب الباردة. وقال ميدفيدييف "ينبغي علينا ان نفكر كيف يجب أن يكون البيت الاوروبي المشترك. وقريبا ستحل سنة 2020، وحينذاك سيظهر في أوروبا نظام جديد للدفاع المضاد للصواريخ" ( ويلمح ميدفيدييف بذلك الى برنامج تحديث القوات المسلحة الروسية الذي من المخطط له ان ينتهي في سنة 2020). واضاف ميديفيدييف انه اذا لم يتم الاتفاق "فسنحصل على اوروبا كما كانت في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي. وانا أربأ بنفسي ان اعيش في اوروبا كهذه".

ونقلت وكالة فرانس برس عن نائب وزير الدفاع الروسي اناتولي انطونوف ان روسيا غير راضية عن المحادثات التي تجري في واشنطن بخصوص الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا. وقال انطونوف "ان الطرف المقابل يريد منا ان نصدق حكاياته وأن لا نتخذ أية تدابير. إن هذا الوضع لا يرضينا".

وجاء هذا التعليق في اعقاب التفاهم بين واشنطن وبوخارست على موضعة صواريخ مضادة للصواريخ في رومانيا، التي هي جزء من الدرع الصاروخية الاميركية. وقال انطونوف "اننا لا يمكن ان نقف مكتوفي الايدي، حينما يتم قرب حدودنا نشر الدرع الصاروخية الأميركية، التي تشمل دائرة عملها الأراضي الروسية حتى الأورال".

وأكد ان روسيا أبلغت مخاوفها الى الولايات المتحدة الأميركية، ولكنها تلقت أجوبة غير مرضية. وجاء في وكالة ايتار ـ تاس، وفي وكالة الانباء البلغارية، ان روسيا تنتظر من واشنطن ومن حلف الناتو جوابا بخصوص مبادرة الرئيس دميتري ميدفيدييف حول مشروع الدفاع الصاروخي المشترك المسمى "الدرع الصاروخية الاوروبية".

ومن جهة اخرى اعلنت فرانس برس ورويترز ان الرئيس الاميركي باراك اوباما طلب من الكونغرس زيادة المساعدات العسكرية لـ"اسرائيل"، من أجل بناء الدرع الصاروخية المسماة "القبة الحديدية" لمواجهة الصواريخ القصيرة المدى الموجودة لدى حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة. وتعترف "اسرائيل" ان الطيران الاسرائيلي فشل في حرب تموز 2006 في اصطياد قواعد صورايخ حزب الله سهلة الإخفاء. وان حزب الله اطلق حينذاك 4000 صاروخ على شمال "اسرائيل"، وهو ما شل المنطقة المستهدفة وأجبر سكانها على المبيت في الملاجئ مدة 34 يوما او الفرار نحو الجنوب. وتقول المصادر الاسرائيلية ان حزب الله يمتلك الان حوالى 40000 صاروخ.

وحسب معطيات وزارة الخارجية الاميركية فإن المساعدة العسكرية الاميركية الى "اسرائيل" بلغت 2،55 ملياري دولار سنة 2009. وسيرتفع هذا المبلغ الى 3 مليارات دولار سنة 2012، ويتوقع ان يبلغ 3،15 مليارات سنويا في فترة 2013 ـ 2018.

ويقدر بعض الخبراء الاستراتيجيين ان الدرع الصاروخية الاسرائيلية، بمشاركة اميركا، والدرع الصاروخية للناتو في اوروبا، بزعامة اميركا، هما جزءان مترابطان من الدرع الصاروخية الاميركية العالمية التي تعمل اميركا على بنائها، لمواجهة روسيا والصين وايران وجبهة المقاومة العربية معا.
ـــــــ
* كاتب لبناني مستقل
2011-07-18