ارشيف من :آراء وتحليلات

روبرت مردوخ: ممثل شرعي لسياسات الإفساد والانحلال الصهيو ـ أميركية!

روبرت مردوخ: ممثل شرعي لسياسات الإفساد والانحلال الصهيو ـ أميركية!
عقيل الشيخ حسين

لكي لا تشيع الفاحشة بين الناس، هنالك حضُّ المبتلين بالمعاصي على الاستتار، وهنالك فضيلة الستر على مرتكبي المعاصي لعلهم يراجعون أنفسهم ويسلكون الطريق القويم.

فهل من هدف غير إشاعة الفاحشة لمن يدير صحفاً وقنوات تلفزيونية ووسائل إعلام أخرى تتخصص في تتبع عورات وعثرات الفئات العليا في المجتمع البريطاني من فنانين ورياضيين وسياسيين وصولاً إلى أفراد من العائلة المالكة، لتنشرها على الملأ مع كل ما قد يجره ذلك على هؤلاء الأشخاص من أضرار كبرى، ومع كل ما تحدثه مثل هذه الأخبار من تأثيرات سلبية على ضعاف النفوس وضحايا الروتين اليومي الذين قد يفتتنون بهذه الفضيحة أو بهذه الجريمة إلى حد ارتكاب مثلها أو أشنع منها؟

ولا يكتفي روبرت مردوخ، إمبراطور الصحافة العالمية ومالك العديد من كبريات القنوات الإعلامية في أميركا وبريطانيا وأستراليا والعالم العربي (فيما يبدو)، باتباع هذا النهج اللاأخلاقي. بل يضيف إليه نهجاً ثانياً في اللاأخلاقية: الحصول على المعلومات عن طريق التجسس والتنصت على المكالمات واستخدام الرشوة لشراء ذمم قادة الشرطة والمسؤولين الحكوميين ورجال القضاء.

رئيس الوزراء البريطاني الحالي، دايفد كاميرون، لم يستقل لكن استقالته رهن بقدرة القضاء على متابعة القضية بحرية واستقلالية مشكوك فيهما. ألم يصرح النائب العمالي توم واطسون بأن هنالك مراكز قوة تحاول إعاقة التحقيق في الفضيحة؟ ألم يتعرض مسؤولون بريطانيون كبار للتهديد من قبل مسؤولين في إمبراطورية مردوخ إذا ما استمروا بملاحقة القضية، على ما أكدته صحيفة الـ "غارديان"؟

اكتفى كاميرون بقطع جولته الإفريقية ورجع إلى لندن على عجل ليدلي بدلوه أمام مجلس العموم. إنه في ورطة كبيرة: إندي كولسون، استقال من منصبه في رئاسة تحرير صحيفة الفضائح لصاحبها روبرت مردوخ ليعتلي منصباً أكثر أهمية وحساسية هو منصب المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء البريطاني، دايفيد كاميرون!

السير بول ستيفنسون قائد شرطة لندن وضواحيها قدم استقالته، في أعقاب فضيحة التنصت، بسبب صلته بعمليات الفساد والإفساد التي تنفذها صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد" لصاحبها روبرت مردوخ، وهي الفضيحة التي تفجرت منذ أسبوعين بعد أن كانت روائحها قد بدأت تزكم الأنوف منذ العام 2005، والتي تم التستر عليها بتواطؤ مكشوف وضغوط مورست من قبل كبار الساسة البريطانيين. والقائمة طويلة في هذا المجال، وصولاً إلى صغار الموظفين الحكوميين ورجال الشرطة الذين لمع بينهم اسم "جوناثان ريس"، وهو مفتش في الاستخبارات البريطانية كان يقوم بدور المنسق، لحساب مؤسسات مردوخ، لأعمال التجسس على كبار المسؤولين وأفراد العائلة المالكة في بريطانيا.

وإلى التجسس والتنصت على الهواتف لكشف الأسرار الواقعية، تضيف صحافة مردوخ تضخيم الأحداث أو حتى اختلاقها بعدما اتضح بهتان الدعاوى التي أطلقتها ريبيكا بروكس، على أشخاص مشهورين اتهمتهم بممارسة التحرش بالأولاد القاصرين.

وربيكا بروكس هي المديرة التنفيذية لمؤسسة "نيوز انترناشينال" التي تمتلك العديد من الصحف البريطانية التابعة لمردوخ، صحيفة "صن" و"صن داي تايمز" إضافة إلى "نيوز أوف ذي وورلد" التي أغلقها هذا الأخير في أعقاب تفجر الفضيحة، بعد تاريخ طويل في العمل الصحافي يعود إلى 160 عاماً قبل أن يستحوذ عليها مردوخ، عام 1969.

وقد استقالت بروكس ومعها "ليس هينتون" كبير مساعدي مردوخ رغم تصريحات هذا الأخير بأن ما جرى لم يكن غير مجرد "أخطاء طفيفة".

وبعد التجسس والتنصت، ليس من المستبعد أن يكون لمؤسسات مردوخ ضلع أو أكثر في مقتل الصحافي في "نيوز أوف ذي وورلد"، "شان هوارد"، الذي وجد مقتولاً في شقته بلندن بعد أن ذكرت الأخبار أنه كان وراء تفجر فضيحة التنصت. وقد حرصت وسائل الإعلام على إشاعة الغموض حول مقتله، والطريف في هذا المجال أن واحدة من كبريات الفضائيات العربية سألت مراسلها في لندن (على لسان إحدى مذيعاتها) حول ما إذا كان "هوارد" قد "مات" أم "توفي"، تجنباً منها لذكر القتل!

وعلى سيرة تلك الفضائية العربية، يحكى، في ظل ما يجب أن يسمى بـ "السرية" التي لا تقتصر على المصارف في زمن رواج "الشفافية"، بأن مردوخ يمتلك العديد من هذه الفضائيات وشركة مزدهرة في إنتاج الأفلام العربية، وتربطه صلات حميمة بالعديد من وجوه القوم في بلدان الخليج.

والمعروف أن اللاأخلاقي في أنشطة مردوخ ليس غير جزء مكمّل للسياسي. فمردوخ الذي يمتلك أيضاً قناة " فوكس نيوز" الغنية عن التعريف، هو صهيوني متحمس للكيان الإسرائيلي ولحروب أميركا في أفغانستان والعراق، وتربطه علاقات وثيقة بكبار المسؤولين الغربيين.

"شعارنا هو الحق". هذا ما يقوله روبرت مردوخ في دلالة واضحة على أن الحق الذي يتكلم عنه هو من نوع الحق الذي تنادي به أميركا وحلفاؤها بما هو كذبة كبرى في خدمة مشاريع الهيمنة والفساد والانحلال.
2011-07-22