ارشيف من :آراء وتحليلات
الأقلية ووضعية الانتظار الصعب
مصطفى الحاج علي
المسار السياسي التصعيدي لمواقف الأقلية الجديدة منذ إخراج الحريري من رئاسة الحكومة لا تتطابق نتائجه المنطقية مع المناخات المنخفضة الحدة، والأجواء المتراخية نسبياً في لبنان، والمحيطة تحديداً بالحكومة الجديدة بما هي ثمرة لواقع سياسي مختلف، فهل بلعت هذه الأقلية تهديداتها، أم أنها وجدت نفسها في مواجهة معادلة صعبة لا تستطيع التوفيق فيها بين امكاناتها الحالية وأهدافها المنشودة، أم أن هناك أمر عمليات جديداً، وتوصية جديدة، يقتضيان التزام تهدئة نسبية بانتظار تقطيع المزيد من الأوقات التي تشكل محطات ضرورية لاختيار العديد من الافتراضات أو التوقعات أو التقديرات السياسية، والتي بدون استكشاف خلاصاتها النهائية لا يمكن البناء على الشيء مقتضاه؟ أم أن الأسباب هي عبارة عن مجموعة أمور مجتمعة، وليست عبارة عن سبب بسيط واحد؟
إن تقديم إجابة عن هذه التساؤلات، تقتضي ملاحظة التالي:
أولاً: بات من المسلّم به لدى هذه الأقلية ـ ولو مؤقتاً ـ ان حكومة الرئيس ميقاتي باتت حكومة أمر واقع لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه، وأن كل محاولات التشكيك بشرعيتها من خلال رميها بأوصاف ونعوت لا تمت الى الحقيقة بصلة من قبيل أنها حكومة انقلاب، وأنها جاءت بقوة السلاح، لن تهز الأساس الدستوري ـ الشرعي لهذه الحكومة، والدليل على ذلك أن هذه الأقلية نفسها مارست حقها الديموقراطي في مناقشة بيانها الوزاري، وفي رفضها لمنحها الثقة، وإلا لو كانت مقتنعة هي نفسها بما تقول، لما ذهبت أصلاً الى المجلس النيابي بوصفه الإطار الدستوري الذي يمنح الحكومة شرعيتها.
ثانياً: ان رهانات هذه الأقلية على امكان تفخيخ انطلاقة الحكومة، لتعسيرها وحرفها عن مسارها لم تُؤتِ الثمار المطلوبة. كما إن محاولات هذه الأقلية لمحاصرة الحكومة بأحكام مسبقة من قبيل نعتها بالكيدية والثأرية، والخروج على المقررات الدولية، واستدعاء عداوة المحيطين العربي والدولي، كلها باءت بالفشل، نظراً للتغاضي الحكيم سواء من قبل رئيس الحكومة، أم من قبل الحكومة مجتمعة.
ثالثاً: من الواضح، أن فريق الأقلية يعمل على تركيز هجومه الاعلامي والسياسي على هدفين رئيسيين:
الأول، حزب الله من خلال تحميله مسؤولية ما آلت اليه الأمور، وما يمكن أن تؤول اليه، ومن خلال التركيز على مفردة السلاح كذريعة لهذه الحملة. والثاني، هو الرئيس ميقاتي مع حلفائه الشماليين تحديداً، وفي المقابل هناك محاولة لتحييد ـ قدر الامكان ـ المكوّنات الأخرى في الحكومة لدواعي الاستمالة اذا أمكن، أو لدواعي عدم اعطاء البعض الذرائع اللازمة لينخرط في المواجهة، وبما يكسبه شعبية في دائرته السياسية والطائفية.
ان اختيار هذين الهدفين والتركيز عليهما ليس عبثياً، ذلك، أن حزب الله في نظر الأقلية هو الرافعة الأساسية للحكومة، التي اذا ما اهتزت اهتز معها، كما إن ميقاتي كزعيم شمالي من جهة، وكرئيس للحكومة من جهة أخرى، يشكل التحدي الأكبر للحريرية السياسية خصوصاً في منطقة الشمال التي تشكل أكثر من 50% من مجموع السنة في لبنان.
رابعاً: المتابع للمواقف السياسية المعلنة وغير المعلنة لفريق الأقلية، يستكشف التالي:
أ ـ ان هذا الفريق يعاني من تداعيات المسار الانحداري الذي وضع نفسه فيه على كل المستويات، وهو يدرك أن ورقة قوته الرئيسة هي وجوده في السلطة، أما خارجها فهو يحتاج الى عوامل دعم كبيرة لا يمكن توفيرها في هذه المرحلة داخلياً وخارجياً، يمكن لها أن تعوض وجوده خارج السلطة.
ب ـ ان هذا الفريق ارتأى التموضع في الدائرة السلبية، بمعنى هو أعجز من أن يقدم برنامجاً سياسياً استقطابياً، أو رؤية سياسية متوازنة وتملك من الدقة والموضوعية ما يكفي لتبنيها، وجلّ مواقفه سلبية وكيدية وانفعالية وتوترية وتوتيرية لا تقدم حلولاً ولا مراجعة ولا تقويماً، وهذا ما سئمه اللبنانيون الذين باتوا يتطلعون الى من يقدم لهم الحلول لمشاكلهم وقضاياهم ويجيب عن اسئلتهم الملحة.
ج ـ تتراوح رهانات هذا الفريق حول:
ـ التربص بالحكومة لاصطياد أدنى هفوة، والتربص بأي حدث أو حادث مهما كان بسيطاً لاقتناصه وتحويله الى مادة هجوم اعلامية وسياسية على الحكومة، وعلى حزب الله تحديداً، وهذا ما يؤكد سلبية هذا الفريق.
ـ مسار القرارات الاتهامية القادمة، ومسار عمل المحكمة، والذي تريده أن يشكل مادة هجوم على الحكومة بشخص رئيسها تحديداً، وعلى حزب الله في الآن نفسه، مستفيدة مما يمكن ان يشكله هذا المسار من فرصة للولايات المتحدة وأدواتها الأوروبية لتحويله الى مادة اختبارية للشروع في ممارسة الضغوط على الحكومة ورئيسها. إلا أن المتأمل في الوضع الذي باتت عليه هذه الأوراق يدرك أنها فقدت الكثير من قيمتها وقدرتها التوظيفية والتشغيلية.
ـ متابعة ما يجري في سوريا، حيث يراهن هذا الفريق على سقوط النظام، بل هو شرع في وضع مواقيت له، كما إن البعض عبر بوضوح عن هذا الرهان عندما شرط عودته الى بيروت عبر مطار دمشق.
يمكن القول، ان الرهان المركزي لهذا الفريق هو هذا الرهان، الذي لا تتوافر أية شروط لنجاحه، بل على العكس ان العديد من الوقائع تشير إلى أن ان مسار الأزمة السورية محكوم في نهاية المطاف بتسوية لن تُخرج دمشق من موقعها ودورها الحالي كما يراهن هؤلاء.
ـ تمنيات أن يشن العدو الاسرائيلي حرباً جديدة على لبنان، وهي تمنيات لا أكثر ولا أقل، لأن معظم مؤشراتها غير متوافرة حتى الآن، من دون أن يلغي ذلك سقوط احتمالاتها نهائياً، والذي على الأغلب سيكون مشروطاً بانهيار الأوضاع في سوريا.
من الواضح، ان كل رهانات هذا الفريق خارجية، وهي رهانات مفتوحة على كل الاحتمالات، ما يؤكد الواقع التعيس لهذا الفريق، لا سيما في ظل الانشغالات الاقليمية والدولية بأولويات مركزية داخلية أساساً، وتمس مصالح ذات طابع استراتيجي ثانياً. الا ان هذا لا يعني ان هذا الفريق سيقف مكتوف الأيدي، بل هو يتخذ الآن وضعية الانتظار والترقب خصوصاً من الآن وحتى مطلع الخريف المقبل ليبني على الشيء مقتضاه.
المسار السياسي التصعيدي لمواقف الأقلية الجديدة منذ إخراج الحريري من رئاسة الحكومة لا تتطابق نتائجه المنطقية مع المناخات المنخفضة الحدة، والأجواء المتراخية نسبياً في لبنان، والمحيطة تحديداً بالحكومة الجديدة بما هي ثمرة لواقع سياسي مختلف، فهل بلعت هذه الأقلية تهديداتها، أم أنها وجدت نفسها في مواجهة معادلة صعبة لا تستطيع التوفيق فيها بين امكاناتها الحالية وأهدافها المنشودة، أم أن هناك أمر عمليات جديداً، وتوصية جديدة، يقتضيان التزام تهدئة نسبية بانتظار تقطيع المزيد من الأوقات التي تشكل محطات ضرورية لاختيار العديد من الافتراضات أو التوقعات أو التقديرات السياسية، والتي بدون استكشاف خلاصاتها النهائية لا يمكن البناء على الشيء مقتضاه؟ أم أن الأسباب هي عبارة عن مجموعة أمور مجتمعة، وليست عبارة عن سبب بسيط واحد؟
إن تقديم إجابة عن هذه التساؤلات، تقتضي ملاحظة التالي:
أولاً: بات من المسلّم به لدى هذه الأقلية ـ ولو مؤقتاً ـ ان حكومة الرئيس ميقاتي باتت حكومة أمر واقع لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه، وأن كل محاولات التشكيك بشرعيتها من خلال رميها بأوصاف ونعوت لا تمت الى الحقيقة بصلة من قبيل أنها حكومة انقلاب، وأنها جاءت بقوة السلاح، لن تهز الأساس الدستوري ـ الشرعي لهذه الحكومة، والدليل على ذلك أن هذه الأقلية نفسها مارست حقها الديموقراطي في مناقشة بيانها الوزاري، وفي رفضها لمنحها الثقة، وإلا لو كانت مقتنعة هي نفسها بما تقول، لما ذهبت أصلاً الى المجلس النيابي بوصفه الإطار الدستوري الذي يمنح الحكومة شرعيتها.
ثانياً: ان رهانات هذه الأقلية على امكان تفخيخ انطلاقة الحكومة، لتعسيرها وحرفها عن مسارها لم تُؤتِ الثمار المطلوبة. كما إن محاولات هذه الأقلية لمحاصرة الحكومة بأحكام مسبقة من قبيل نعتها بالكيدية والثأرية، والخروج على المقررات الدولية، واستدعاء عداوة المحيطين العربي والدولي، كلها باءت بالفشل، نظراً للتغاضي الحكيم سواء من قبل رئيس الحكومة، أم من قبل الحكومة مجتمعة.
ثالثاً: من الواضح، أن فريق الأقلية يعمل على تركيز هجومه الاعلامي والسياسي على هدفين رئيسيين:
الأول، حزب الله من خلال تحميله مسؤولية ما آلت اليه الأمور، وما يمكن أن تؤول اليه، ومن خلال التركيز على مفردة السلاح كذريعة لهذه الحملة. والثاني، هو الرئيس ميقاتي مع حلفائه الشماليين تحديداً، وفي المقابل هناك محاولة لتحييد ـ قدر الامكان ـ المكوّنات الأخرى في الحكومة لدواعي الاستمالة اذا أمكن، أو لدواعي عدم اعطاء البعض الذرائع اللازمة لينخرط في المواجهة، وبما يكسبه شعبية في دائرته السياسية والطائفية.
ان اختيار هذين الهدفين والتركيز عليهما ليس عبثياً، ذلك، أن حزب الله في نظر الأقلية هو الرافعة الأساسية للحكومة، التي اذا ما اهتزت اهتز معها، كما إن ميقاتي كزعيم شمالي من جهة، وكرئيس للحكومة من جهة أخرى، يشكل التحدي الأكبر للحريرية السياسية خصوصاً في منطقة الشمال التي تشكل أكثر من 50% من مجموع السنة في لبنان.
رابعاً: المتابع للمواقف السياسية المعلنة وغير المعلنة لفريق الأقلية، يستكشف التالي:
أ ـ ان هذا الفريق يعاني من تداعيات المسار الانحداري الذي وضع نفسه فيه على كل المستويات، وهو يدرك أن ورقة قوته الرئيسة هي وجوده في السلطة، أما خارجها فهو يحتاج الى عوامل دعم كبيرة لا يمكن توفيرها في هذه المرحلة داخلياً وخارجياً، يمكن لها أن تعوض وجوده خارج السلطة.
ب ـ ان هذا الفريق ارتأى التموضع في الدائرة السلبية، بمعنى هو أعجز من أن يقدم برنامجاً سياسياً استقطابياً، أو رؤية سياسية متوازنة وتملك من الدقة والموضوعية ما يكفي لتبنيها، وجلّ مواقفه سلبية وكيدية وانفعالية وتوترية وتوتيرية لا تقدم حلولاً ولا مراجعة ولا تقويماً، وهذا ما سئمه اللبنانيون الذين باتوا يتطلعون الى من يقدم لهم الحلول لمشاكلهم وقضاياهم ويجيب عن اسئلتهم الملحة.
ج ـ تتراوح رهانات هذا الفريق حول:
ـ التربص بالحكومة لاصطياد أدنى هفوة، والتربص بأي حدث أو حادث مهما كان بسيطاً لاقتناصه وتحويله الى مادة هجوم اعلامية وسياسية على الحكومة، وعلى حزب الله تحديداً، وهذا ما يؤكد سلبية هذا الفريق.
ـ مسار القرارات الاتهامية القادمة، ومسار عمل المحكمة، والذي تريده أن يشكل مادة هجوم على الحكومة بشخص رئيسها تحديداً، وعلى حزب الله في الآن نفسه، مستفيدة مما يمكن ان يشكله هذا المسار من فرصة للولايات المتحدة وأدواتها الأوروبية لتحويله الى مادة اختبارية للشروع في ممارسة الضغوط على الحكومة ورئيسها. إلا أن المتأمل في الوضع الذي باتت عليه هذه الأوراق يدرك أنها فقدت الكثير من قيمتها وقدرتها التوظيفية والتشغيلية.
ـ متابعة ما يجري في سوريا، حيث يراهن هذا الفريق على سقوط النظام، بل هو شرع في وضع مواقيت له، كما إن البعض عبر بوضوح عن هذا الرهان عندما شرط عودته الى بيروت عبر مطار دمشق.
يمكن القول، ان الرهان المركزي لهذا الفريق هو هذا الرهان، الذي لا تتوافر أية شروط لنجاحه، بل على العكس ان العديد من الوقائع تشير إلى أن ان مسار الأزمة السورية محكوم في نهاية المطاف بتسوية لن تُخرج دمشق من موقعها ودورها الحالي كما يراهن هؤلاء.
ـ تمنيات أن يشن العدو الاسرائيلي حرباً جديدة على لبنان، وهي تمنيات لا أكثر ولا أقل، لأن معظم مؤشراتها غير متوافرة حتى الآن، من دون أن يلغي ذلك سقوط احتمالاتها نهائياً، والذي على الأغلب سيكون مشروطاً بانهيار الأوضاع في سوريا.
من الواضح، ان كل رهانات هذا الفريق خارجية، وهي رهانات مفتوحة على كل الاحتمالات، ما يؤكد الواقع التعيس لهذا الفريق، لا سيما في ظل الانشغالات الاقليمية والدولية بأولويات مركزية داخلية أساساً، وتمس مصالح ذات طابع استراتيجي ثانياً. الا ان هذا لا يعني ان هذا الفريق سيقف مكتوف الأيدي، بل هو يتخذ الآن وضعية الانتظار والترقب خصوصاً من الآن وحتى مطلع الخريف المقبل ليبني على الشيء مقتضاه.