ارشيف من :آراء وتحليلات
اعلان الدولة الفلسطينية أو الوجه الآخر لفشل التسوية: من يربح السبق في أيلول
مصطفى الحاج علي
منذ اعلان السلطة الفلسطينية نيتها التوجه الى الأمم المتحدة في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل لطلب الحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، والكيان الاسرائيلي يعيش حالة استنفار ديبلوماسية وسياسية واعلامية لا تهدأ من أجل قطع الطريق على هذه الخطوة، والحيلولة دون وصولها أصلاً الى الأمم المتحدة، وفي حال تعذر ذلك منع المصادقة الدولية على هذا الطلب.
دوافع الكيان الصهيوني واضحة، وهي تتمثل في نقطتين رئيسيتين: الأولى، أن من شأن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، اخراج هذه المنطقة من الوضع الالتباسي الذي يفضله هذا الكيان لها، حيث لا ترتدي لبوس الاحتلال بصفة واضحة، ولا ترتدي لبوس الكيان السياسي الخاص. والاعتراف الدولي سيحسم الهوية القانونية لهذه المنطقة بما يفضح الكيان الاسرائيلي ككيان محتل لأرضٍ غير أرضه، الأمر الذي من شأنه أن يبرر كل الخطوات الضرورية لإزالته بما فيها مقاومته، الأمر الذي يعيد اليها الشرعية الدولية والقانونية، بعدما عمل هذا الكيان وحلفاؤه على اسقاطها عنها، وتقديمها بصفة الارهاب، والثانية، تتمثل في كون الاعتراف سيؤدي الى فرض أمر واقع يتناقض تماماً مع استراتيجية الكيان الاسرائيلي، الذي لا ينظر الى القضية الفلسطينية إلا بوصفها انسانية ـ داخلية يعود اليه وحده أمر التعاطي معها على مختلف الصعد.
بالنسبة للسلطة الفلسطينية هذه الخطوة ما كانت لتكون لو أن مسار المفاوضات مع الكيان الاسرائيلي حافظ على تحركه مع وجود أمل ولو محتمل بإمكان الوصول في نهاية النفق الى تسوية نهائية.
بكلمة أخرى، تبدو هذه الخطوة كتعبير عن يأس عميق لدى السلطة الفلسطينية في إمكان ليس فقط أن تفضي التسوية الى نتائج، بل أن تنفخ فيها الروح مجدداً، وخصوصاً بعد فشل اللجنة الرباعية للسلام في اصدار بيان في اجتماعها الأخير بواشنطن. وهذا ما اعلنه بوضوح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عندما علل التوجه الى الأمم المتحدة في ايلول المقبل بـ"فشل مساعي المجتمع الدولي في عودة عملية المفاوضات وفق الشروط الموضوعة لها، والمتمثلة في وقف الاستيطان وقبول اسرائيل بحل الدولتين". ومن الواضح أيضاً ان السلطة قد نفضت يديها من الولايات المتحدة ونتنياهو معاً، فهي فقدت الأمل في امكان ان تستطيع ادارة أوباما الدفع باتجاه تحريك المفاوضات لا سيما في ظل الانشغالات الكبيرة التي تحاصرها داخلياً وخارجياً وفي ظل وضع نتنياهو شروطاً مستحيلة لاستئناف المفاوضات، تمثلت بطلبه من السلطة الفلسطينية الاعلان عن رفض حق العودة، والاقرار بيهودية الكيان الاسرائيلي.
هذه الوقائع لا تبقي للسلطة من خيار سوى الذهاب الى الأمم المتحدة، معتمدة على التالي:
أولاً: وجود غطاء عربي رسمي كامل لهذه الخطوة، خصوصاً بعد الاعلان الرسمي الذي صدر عن دمشق في هذا الإطار.
ثانياً: توافر دعم دولي، منه من هو متوقع، ومنه من هو غير متوقع، مثل بريطانيا وفرنسا، وان كان غير واضح اذا كانت هاتان الدولتان ستمضيان الى النهاية في دعمهما لهذه الخطوة، أم ستتوقفان في منتصف الطريق جراء الضغوط الكبيرة التي يقوم بها الكيان الاسرائيلي، واللوبيات المؤيدة له.
ثالثاً: الاستفادة من ظروف الانشغالات الكبيرة للولايات المتحدة وتراجع دورها، والاستفادة أيضاً من حاجتها الى تحسين صورتها في العالم العربي لا سيما في ضوء المتغيرات التي يشهدها بفعل الانتفاضات أو الثورات العربية، فالإدارة الاميركية ستجد نفسها في حرج شديد اذا ما أصرت على رفض الطلب الفلسطيني من جهة، وكذلك اذا ما اكتفت بموقف سلبي ـ حيادي، لأنها عندها ستتعرض لضغوط عنيفة من اللوبي الصهيوني في الوقت الذي تحتاج فيه ادارة اوباما الى كل دعم من أجل تسهيل عودته الى سدة الرئاسة مجدداً.
رابعاً: يبدو أن السلطة تحاول أن تضع المجتمع الدولي عموماً والولايات المتحدة تحديداً ومعهما الكيان الصهيوني بين خيارين: إما استئناف المفاوضات وفق الشروط المعلنة، وإما الذهاب الى النهاية في خطوة اعلان الدولة مهما كانت النتائج والتداعيات.
خامساً: تلويح السلطة بورقة حل نفسها، ما يعني ايجاد واقع فراغ يسمح للقوى "المتشددة" ومن مثلها، كحركة حماس والجهاد، بملء الفراغ، وما يعني أيضاً العودة الى خيارات المواجهة ولو السلمية من خلال الدعوة الى انتفاضة فلسطينية تحاكي هذه المرة حركات الانتفاضات العربية.
سادساً: تلويح السلطة بالمضي الى النهاية في لعب ورقة المصالحة مع حركة حماس مع ما يعنيه ذلك من اعادة تشييد للبناء السلطوي على قواعد مختلفة، وكذلك العلاقات الفلسطينية البينية.
سابعاً: تجنيد حملة علاقات عامة لتوفير أعلى درجات الدعم لمطلب السلطة باعلان الدولة الفلسطينية.
في المقابل يعمل الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة على أكثر من نقطة ضغط بهدف حمل السلطة الفلسطينية للتراجع عن قرارها، أبرزها:
أولاً: تجنيد حملة علاقات عامة باشرت عملها باكراً وبسرعة وقادها نتنياهو بنفسه، من أجل محاصرة خطوة السلطة بضغوط دولية كبيرة رافضة لها، وفي الحد الأدنى تدعو الى تأجيلها، مع وعود ببذل جهاد اضافي لتحريك عجلة التسوية مجدداً.
ثانياً: اعلان الولايات المتحدة رسمياً رفضها لقرار السلطة، وأنها لن تسمح له بأن يمر.
ثالثاً: تحرك الكونغرس الاميركي للضغط باتجاهين: الأول، باتجاه الادارة الاميركية لحضها على التشدد في موقفها، والثاني اتخاذ قرارات ذات طابع مالي لبذل ضغوط قاسية على السلطة والشعب الفلسطيني.
رابعاً: وضع بعض الدول العربية، الخليجية منها تحديداً، لعدم الايفاء بالتزاماتها المالية مع السلطة، ما أوقع هذه في وضع مالي واقتصادي واجتماعي صعب.
خامساً: توقف الكيان الاسرائيلي عن ارسال الحصة المالية الخاصة بالسلطة من الضرائب المجباة في سياق الحصار المالي المضروب عليها.
سادساً: اتخاذ الكيان الصهيوني جملة القرارات المسرعة لعملية تهويد القدس، ووضع اليد على المزيد من الأراضي المحتلة.
سابعاً: التلويح بخيار اعادة احتلال الضفة في حال أصرت السلطة على الذهاب الى النهاية في خطوتها، وحصولها على اعتراف دولي بدولتها المزمع قيامها على اراضي عام 1967.
ثامناً: القيام بمحاولة لربط الحصول على موافقة اسرائيلية على قيام الدولة باطلاق يد الكيان الاسرائيلي في توجيه ضربة للمشروع النووي الايراني، الهدف منها تعقيد حل هذه المسألة، أو الحصول على ثمن أعلى بكثير من هذه الخطوة.
من الواضح، ان الكباش على أشده بين الطرفين، وهو مضبوط على ساعة شهر أيلول المقبل، ما يعني أن شهر آب سيكون شهراً حاسماً في رسم أفق هذا الكباش، والمعادلة التي سيرسو عليها، وإن كان البعض يعمل على أن تكون الهيئة العامة للأمم المتحدة هي المخرج بحيث يتم التصويت على اعلان الدولة، كتعويض عن عدم السماح لهذا المطلب بالمرور عبر مجلس الأمن صاحب السلطة التنفيذية الأساسية، فهل سنشهد تسويات وسطية، ام محاولات للهروب الى الامام لتعقيد الأمور، وخلط الأوراق، أم فضائح دولية جديدة لا سيما اميركية على خلفية اسقاط المطلب الفلسطيني؟
الاجابات الحاسمة لن تطول، وإن كانت مؤشراتها وطلائعها باتت معروفة.
منذ اعلان السلطة الفلسطينية نيتها التوجه الى الأمم المتحدة في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل لطلب الحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، والكيان الاسرائيلي يعيش حالة استنفار ديبلوماسية وسياسية واعلامية لا تهدأ من أجل قطع الطريق على هذه الخطوة، والحيلولة دون وصولها أصلاً الى الأمم المتحدة، وفي حال تعذر ذلك منع المصادقة الدولية على هذا الطلب.
دوافع الكيان الصهيوني واضحة، وهي تتمثل في نقطتين رئيسيتين: الأولى، أن من شأن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، اخراج هذه المنطقة من الوضع الالتباسي الذي يفضله هذا الكيان لها، حيث لا ترتدي لبوس الاحتلال بصفة واضحة، ولا ترتدي لبوس الكيان السياسي الخاص. والاعتراف الدولي سيحسم الهوية القانونية لهذه المنطقة بما يفضح الكيان الاسرائيلي ككيان محتل لأرضٍ غير أرضه، الأمر الذي من شأنه أن يبرر كل الخطوات الضرورية لإزالته بما فيها مقاومته، الأمر الذي يعيد اليها الشرعية الدولية والقانونية، بعدما عمل هذا الكيان وحلفاؤه على اسقاطها عنها، وتقديمها بصفة الارهاب، والثانية، تتمثل في كون الاعتراف سيؤدي الى فرض أمر واقع يتناقض تماماً مع استراتيجية الكيان الاسرائيلي، الذي لا ينظر الى القضية الفلسطينية إلا بوصفها انسانية ـ داخلية يعود اليه وحده أمر التعاطي معها على مختلف الصعد.
بالنسبة للسلطة الفلسطينية هذه الخطوة ما كانت لتكون لو أن مسار المفاوضات مع الكيان الاسرائيلي حافظ على تحركه مع وجود أمل ولو محتمل بإمكان الوصول في نهاية النفق الى تسوية نهائية.
بكلمة أخرى، تبدو هذه الخطوة كتعبير عن يأس عميق لدى السلطة الفلسطينية في إمكان ليس فقط أن تفضي التسوية الى نتائج، بل أن تنفخ فيها الروح مجدداً، وخصوصاً بعد فشل اللجنة الرباعية للسلام في اصدار بيان في اجتماعها الأخير بواشنطن. وهذا ما اعلنه بوضوح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عندما علل التوجه الى الأمم المتحدة في ايلول المقبل بـ"فشل مساعي المجتمع الدولي في عودة عملية المفاوضات وفق الشروط الموضوعة لها، والمتمثلة في وقف الاستيطان وقبول اسرائيل بحل الدولتين". ومن الواضح أيضاً ان السلطة قد نفضت يديها من الولايات المتحدة ونتنياهو معاً، فهي فقدت الأمل في امكان ان تستطيع ادارة أوباما الدفع باتجاه تحريك المفاوضات لا سيما في ظل الانشغالات الكبيرة التي تحاصرها داخلياً وخارجياً وفي ظل وضع نتنياهو شروطاً مستحيلة لاستئناف المفاوضات، تمثلت بطلبه من السلطة الفلسطينية الاعلان عن رفض حق العودة، والاقرار بيهودية الكيان الاسرائيلي.
هذه الوقائع لا تبقي للسلطة من خيار سوى الذهاب الى الأمم المتحدة، معتمدة على التالي:
أولاً: وجود غطاء عربي رسمي كامل لهذه الخطوة، خصوصاً بعد الاعلان الرسمي الذي صدر عن دمشق في هذا الإطار.
ثانياً: توافر دعم دولي، منه من هو متوقع، ومنه من هو غير متوقع، مثل بريطانيا وفرنسا، وان كان غير واضح اذا كانت هاتان الدولتان ستمضيان الى النهاية في دعمهما لهذه الخطوة، أم ستتوقفان في منتصف الطريق جراء الضغوط الكبيرة التي يقوم بها الكيان الاسرائيلي، واللوبيات المؤيدة له.
ثالثاً: الاستفادة من ظروف الانشغالات الكبيرة للولايات المتحدة وتراجع دورها، والاستفادة أيضاً من حاجتها الى تحسين صورتها في العالم العربي لا سيما في ضوء المتغيرات التي يشهدها بفعل الانتفاضات أو الثورات العربية، فالإدارة الاميركية ستجد نفسها في حرج شديد اذا ما أصرت على رفض الطلب الفلسطيني من جهة، وكذلك اذا ما اكتفت بموقف سلبي ـ حيادي، لأنها عندها ستتعرض لضغوط عنيفة من اللوبي الصهيوني في الوقت الذي تحتاج فيه ادارة اوباما الى كل دعم من أجل تسهيل عودته الى سدة الرئاسة مجدداً.
رابعاً: يبدو أن السلطة تحاول أن تضع المجتمع الدولي عموماً والولايات المتحدة تحديداً ومعهما الكيان الصهيوني بين خيارين: إما استئناف المفاوضات وفق الشروط المعلنة، وإما الذهاب الى النهاية في خطوة اعلان الدولة مهما كانت النتائج والتداعيات.
خامساً: تلويح السلطة بورقة حل نفسها، ما يعني ايجاد واقع فراغ يسمح للقوى "المتشددة" ومن مثلها، كحركة حماس والجهاد، بملء الفراغ، وما يعني أيضاً العودة الى خيارات المواجهة ولو السلمية من خلال الدعوة الى انتفاضة فلسطينية تحاكي هذه المرة حركات الانتفاضات العربية.
سادساً: تلويح السلطة بالمضي الى النهاية في لعب ورقة المصالحة مع حركة حماس مع ما يعنيه ذلك من اعادة تشييد للبناء السلطوي على قواعد مختلفة، وكذلك العلاقات الفلسطينية البينية.
سابعاً: تجنيد حملة علاقات عامة لتوفير أعلى درجات الدعم لمطلب السلطة باعلان الدولة الفلسطينية.
في المقابل يعمل الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة على أكثر من نقطة ضغط بهدف حمل السلطة الفلسطينية للتراجع عن قرارها، أبرزها:
أولاً: تجنيد حملة علاقات عامة باشرت عملها باكراً وبسرعة وقادها نتنياهو بنفسه، من أجل محاصرة خطوة السلطة بضغوط دولية كبيرة رافضة لها، وفي الحد الأدنى تدعو الى تأجيلها، مع وعود ببذل جهاد اضافي لتحريك عجلة التسوية مجدداً.
ثانياً: اعلان الولايات المتحدة رسمياً رفضها لقرار السلطة، وأنها لن تسمح له بأن يمر.
ثالثاً: تحرك الكونغرس الاميركي للضغط باتجاهين: الأول، باتجاه الادارة الاميركية لحضها على التشدد في موقفها، والثاني اتخاذ قرارات ذات طابع مالي لبذل ضغوط قاسية على السلطة والشعب الفلسطيني.
رابعاً: وضع بعض الدول العربية، الخليجية منها تحديداً، لعدم الايفاء بالتزاماتها المالية مع السلطة، ما أوقع هذه في وضع مالي واقتصادي واجتماعي صعب.
خامساً: توقف الكيان الاسرائيلي عن ارسال الحصة المالية الخاصة بالسلطة من الضرائب المجباة في سياق الحصار المالي المضروب عليها.
سادساً: اتخاذ الكيان الصهيوني جملة القرارات المسرعة لعملية تهويد القدس، ووضع اليد على المزيد من الأراضي المحتلة.
سابعاً: التلويح بخيار اعادة احتلال الضفة في حال أصرت السلطة على الذهاب الى النهاية في خطوتها، وحصولها على اعتراف دولي بدولتها المزمع قيامها على اراضي عام 1967.
ثامناً: القيام بمحاولة لربط الحصول على موافقة اسرائيلية على قيام الدولة باطلاق يد الكيان الاسرائيلي في توجيه ضربة للمشروع النووي الايراني، الهدف منها تعقيد حل هذه المسألة، أو الحصول على ثمن أعلى بكثير من هذه الخطوة.
من الواضح، ان الكباش على أشده بين الطرفين، وهو مضبوط على ساعة شهر أيلول المقبل، ما يعني أن شهر آب سيكون شهراً حاسماً في رسم أفق هذا الكباش، والمعادلة التي سيرسو عليها، وإن كان البعض يعمل على أن تكون الهيئة العامة للأمم المتحدة هي المخرج بحيث يتم التصويت على اعلان الدولة، كتعويض عن عدم السماح لهذا المطلب بالمرور عبر مجلس الأمن صاحب السلطة التنفيذية الأساسية، فهل سنشهد تسويات وسطية، ام محاولات للهروب الى الامام لتعقيد الأمور، وخلط الأوراق، أم فضائح دولية جديدة لا سيما اميركية على خلفية اسقاط المطلب الفلسطيني؟
الاجابات الحاسمة لن تطول، وإن كانت مؤشراتها وطلائعها باتت معروفة.