ارشيف من :آراء وتحليلات
الأزمة تهز النُّظُم الضرائبية لدول الاتحاد الأوروربي
صوفيا ـ جورج حداد*
إن فرض الضرائب المرتفعة في الدول الـ 15 المؤسسة للاتحاد الأوروبي هو نتيجة للسياسة الاجتماعية والاقتصادية التي اتّبعت في السنوات الـ 70 والـ 80 والـ 90 من القرن الماضي والتي كانت تعتمد على الضرائب التصاعدية المستدامة.
إن الضرائب هي الشريحة الأهم والاكبر في باب المداخيل في الميزانية. الا أنها ليست المصدر الوحيد لمداخيل الحكومة، اذ تضاف اليها أرباح شركات الدولة، وعائدات الأسهم والأوراق المالية والرسوم وغيرها من وسائل تحصيل الأموال للميزانية. ولكن بمقدار ما تتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، تتناقص الحرية الاقتصادية. وبكلمات أخرى فان مستوى تدخل الدولة في صيغة اعادة توزيع الأموال المحصلة من دافعي الضرائب، يدخل في تناسب عكسي مع اتساع اقتصاد السوق، حرية الاختيار والتبادل الطوعي للسلع والخدمات. ووظيفة الدولة هي أن تبني آلية، من شأنها خلق حوامل مالية مستقرة، تؤمّن التنفيذ الصحيح والنزيه لمختلف أشكال الاتفاقات، وتحفظ الممتلكات الخاصة للمواطنين وتؤمّن حجماً محدداً من الخدمات العامة.
وحسب الاستقصاءات الأخيرة التي اجرتها هيئة الاحصاء الأوروبية واللجنة الأوروبية، فان قياس الضرائب الى الناتج القومي القائم في الاتحاد الأوروبي في سنة 2004 بلغ نسبة 39،3%، أي حوالى 14% أكثر مما هو في اليابان وفي الولايات المتحدة الاميركية. وحتى قبل ضم البلدان الـ 10 الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي سنة 2004 كانت توجد فوارق ملحوظة بين مختلف البلدان الأعضاء. وعلى سبيل المثال فان البلدان الاسكندينافية وبلجيكا كانت تجمع ضرائب تبلغ تقريبا نسبة 50% من ناتجها القومي القائم. أما المجموعة الثانية التي كانت تجمع نسبة أقل بشكل ملحوظ من الضرائب فكانت تتألف من ايرلندا، اسبانيا، المملكة المتحدة واليونان. وكان الفارق بين البلد ذي الضرائب الأرفع وهو السويد والبلد ذي الضرائب الأدنى وهو ايرلندا 21% من الناتج القومي القائم لكل من البلدين. في حين أن متوسط المؤشر الضرائبي للدول الـ 15 سنة 2004 كان يبلغ 39،6% من الناتج القومي القائم، أما في البلدان الـ 10 الأعضاء الجدد في الاتحاد فكان متوسط المؤشر الضرائبي سنة 2004 يبلغ 34،5%، أي ان الفارق بين المجموعتين كان يبلغ 5 نقاط كاملة.
وفي البرامج الاقتصادية للدول الـ 15 في تسعينيات القرن الماضي وضعت كهدف مسألة العمل لتخفيض العبء الضرائبي، ولكن الارادة السياسية لذلك لم تتوفر الا في السنوات 2000 ـ 2002، حينما تم تخفيض متوسط الضرائب حسابيا بنسبة 1،2%. ولم يكن من مفعول لهذا التخفيض البطيء سوى تعويض الزيادات التي حصلت في السنوات 1995 ـ 2000. وهناك 5 دول فقط من الأعضاء السابقين في الاتحاد وهي (هولندا، فنلندا،المانيا، السويد واليونان) خفضت حينذاك العبء الضرائبي بنسبة تتراوح بين 2 و 4% من الناتج القومي القائم، أما التخفيض في ايرلندا وبريطانيا فبلغ نسبة 1،5% مع الأخذ بالاعتبار معدلاتها الأكثر انخفاضا. أما فرنسا فقد اكتفت بالتخفيض بنسبة 0،7% فقط. أما في البلدان التي انتسبت حديثا للاتحاد في 2004 فنلاحظ تخفيضا شديداً للضرائب في السنوات 1995 ـ 1999، ولكن هذا الاتجاه تغير في السنوات 2000 ـ 2004. ففي هذه الفترة رفعت، مثلا، مالطا وقبرص معدل الضرائب لكل منهما بالتتالي بنسبة 6،8% و 3،6% من الناتج القومي القائم. في حين أن سلوفاكيا أدخلت تخفيضا اضافيا بنسبة 2،8%. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ هنا أن البلدان ذات العبء الضرائبي الأكثر انخفاضا هي الأنشط في ادخال تعديلات أكثر فعالية في سياستها الضرائبية، في حين أن البلدان ذات النسب الضرائبية الأرفع هي أكثر محافظة على هذا الصعيد. وبكلمات اخرى فان البلدان الأعضاء الجدد في الاتحاد (وهي الاكثر فقرا) تستخدم السياسة الضرائبية كأداة لتحفيز النشاط الاقتصادي، في حين أن البلدان الأعضاء القديمة في الاتحاد فلا تزال تتردد في الاستخدام الثابت لهذه التدابير "الجذرية".
ان فرض الضرائب العالية في البلدان الـ15 الأعضاء القدماء في الاتحاد الاوروبي هو على الأغلب نتيجة السياسة الاقتصادية التي كانت متبعة في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، والتي كانت تقوم على الضرائب التصاعدية المستدامة. ومن جهة ثانية فان القطاع العام في تلك البلدان كان أيضا ينمو كنتيجة للتمويل الحكومي، المرتبط بالكثير من البرامج الاجتماعية وتحمل المسؤوليات الاجتماعية: المعاشات التقاعدية، الضمانات الصحية، ضمانات التعليم وغيرها. كما ان نمو البطالة، التي لم تكن الحكومات تحاول ان تعالجها بالاصلاحات، بل تزيد تعميقها عن طريق اعادة التمويل، قد كان له هو الآخر دور هام.
بالنسبة للدول العشر الأعضاء الجدد في الاتحاد الاوروبي فمن المعروف ان القسم الأكبر من المداخيل يتكون من الضمانات الاجتماعية والضرائب المباشرة، في حين أن الضرائب غير المباشرة تشكل القسم الأصغر. ويمكن تفسير ذلك الى حد ما بسبب المستويات المنخفضة للمداخيل، أو عدم التصريح عن المداخيل بسبب الضرائب المرتفعة غير المبررة. أما في البلدان الأقدم في عضوية الاتحاد فنلاحظ ظاهرة معاكسة. وهذا يدفع الأوروبيين الغربيين للاحباط من العمل وتلقي ثمرة عملهم، حيث إن الدولة في الدانمارك مثلا تقتطع مباشرة 59% من ناتج العمل الشهري.
وفي بريطانيا يتعرض رئيس الوزراء دايفيد كاميرون للمزيد من الضغط من أجل اجراء استفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، كما تقول جريدة "الاوبزرفر".
ويعتبر عدد من النواب المحافظين، وكذلك من الليبيراليين، أنه اذا تبنت منطقة اليورو نظاما ضرائبيا موحداً، فان الاتحاد الأوروبي سيتحول الى منظمة تختلف جذريا عن المنظمة التي انضمت اليها بريطانيا سنة 1973. كما يتخوف الكثيرون من أن المملكة المتحدة ستكون ملزمة بتغيير سياستها الضرائبية والناظمة للاقتصاد، من أجل تقريبها من السياسة المعمول بها في منطقة اليورو، حتى لو بقيت خارج نطاق العملة الأوروبية الموحدة. "من الواضح ان الاتحاد الأوروبي يتجه نحو التحول الى بلد واحد. وبهذا الصدد ليس من شك في أن البريطانيين ينبغي عليهم أن يستطيعوا الاختيار فيما اذا كانوا يريدون أن يصبحوا جزءاً من كل هذا". هذا ما صرح به النائب المحافظ ستييف بايكر. وفي الوقت ذاته أظهر استطلاع للرأي العام أن حوالى 50% من البريطانيين ينتقدون رئيس الوزراء دايفيد كاميرون لأنه لم يتصرف بشكل صحيح لأجل اخماد الاضطرابات التي هزت البلاد. 29% من المستطلعين أيدوا رد فعل السلطات. في حين ان 61% انتقدوا كاميرون لأنه لم يقطع اجازته في الأيام الأولى للاضطرابات، والتدخل للسيطرة على الأزمة. وفي الوقت ذاته فان 83% من المستطلعين يحسبون أن شبكات الاتصالات العامة ساهمت في اندلاع القلاقل، اذ إنها أسهمت في تسهيل التواصل وتنظيم المشاركين في الاضطرابات.
إن فرض الضرائب المرتفعة في الدول الـ 15 المؤسسة للاتحاد الأوروبي هو نتيجة للسياسة الاجتماعية والاقتصادية التي اتّبعت في السنوات الـ 70 والـ 80 والـ 90 من القرن الماضي والتي كانت تعتمد على الضرائب التصاعدية المستدامة.
إن الضرائب هي الشريحة الأهم والاكبر في باب المداخيل في الميزانية. الا أنها ليست المصدر الوحيد لمداخيل الحكومة، اذ تضاف اليها أرباح شركات الدولة، وعائدات الأسهم والأوراق المالية والرسوم وغيرها من وسائل تحصيل الأموال للميزانية. ولكن بمقدار ما تتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، تتناقص الحرية الاقتصادية. وبكلمات أخرى فان مستوى تدخل الدولة في صيغة اعادة توزيع الأموال المحصلة من دافعي الضرائب، يدخل في تناسب عكسي مع اتساع اقتصاد السوق، حرية الاختيار والتبادل الطوعي للسلع والخدمات. ووظيفة الدولة هي أن تبني آلية، من شأنها خلق حوامل مالية مستقرة، تؤمّن التنفيذ الصحيح والنزيه لمختلف أشكال الاتفاقات، وتحفظ الممتلكات الخاصة للمواطنين وتؤمّن حجماً محدداً من الخدمات العامة.
وحسب الاستقصاءات الأخيرة التي اجرتها هيئة الاحصاء الأوروبية واللجنة الأوروبية، فان قياس الضرائب الى الناتج القومي القائم في الاتحاد الأوروبي في سنة 2004 بلغ نسبة 39،3%، أي حوالى 14% أكثر مما هو في اليابان وفي الولايات المتحدة الاميركية. وحتى قبل ضم البلدان الـ 10 الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي سنة 2004 كانت توجد فوارق ملحوظة بين مختلف البلدان الأعضاء. وعلى سبيل المثال فان البلدان الاسكندينافية وبلجيكا كانت تجمع ضرائب تبلغ تقريبا نسبة 50% من ناتجها القومي القائم. أما المجموعة الثانية التي كانت تجمع نسبة أقل بشكل ملحوظ من الضرائب فكانت تتألف من ايرلندا، اسبانيا، المملكة المتحدة واليونان. وكان الفارق بين البلد ذي الضرائب الأرفع وهو السويد والبلد ذي الضرائب الأدنى وهو ايرلندا 21% من الناتج القومي القائم لكل من البلدين. في حين أن متوسط المؤشر الضرائبي للدول الـ 15 سنة 2004 كان يبلغ 39،6% من الناتج القومي القائم، أما في البلدان الـ 10 الأعضاء الجدد في الاتحاد فكان متوسط المؤشر الضرائبي سنة 2004 يبلغ 34،5%، أي ان الفارق بين المجموعتين كان يبلغ 5 نقاط كاملة.
وفي البرامج الاقتصادية للدول الـ 15 في تسعينيات القرن الماضي وضعت كهدف مسألة العمل لتخفيض العبء الضرائبي، ولكن الارادة السياسية لذلك لم تتوفر الا في السنوات 2000 ـ 2002، حينما تم تخفيض متوسط الضرائب حسابيا بنسبة 1،2%. ولم يكن من مفعول لهذا التخفيض البطيء سوى تعويض الزيادات التي حصلت في السنوات 1995 ـ 2000. وهناك 5 دول فقط من الأعضاء السابقين في الاتحاد وهي (هولندا، فنلندا،المانيا، السويد واليونان) خفضت حينذاك العبء الضرائبي بنسبة تتراوح بين 2 و 4% من الناتج القومي القائم، أما التخفيض في ايرلندا وبريطانيا فبلغ نسبة 1،5% مع الأخذ بالاعتبار معدلاتها الأكثر انخفاضا. أما فرنسا فقد اكتفت بالتخفيض بنسبة 0،7% فقط. أما في البلدان التي انتسبت حديثا للاتحاد في 2004 فنلاحظ تخفيضا شديداً للضرائب في السنوات 1995 ـ 1999، ولكن هذا الاتجاه تغير في السنوات 2000 ـ 2004. ففي هذه الفترة رفعت، مثلا، مالطا وقبرص معدل الضرائب لكل منهما بالتتالي بنسبة 6،8% و 3،6% من الناتج القومي القائم. في حين أن سلوفاكيا أدخلت تخفيضا اضافيا بنسبة 2،8%. ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ هنا أن البلدان ذات العبء الضرائبي الأكثر انخفاضا هي الأنشط في ادخال تعديلات أكثر فعالية في سياستها الضرائبية، في حين أن البلدان ذات النسب الضرائبية الأرفع هي أكثر محافظة على هذا الصعيد. وبكلمات اخرى فان البلدان الأعضاء الجدد في الاتحاد (وهي الاكثر فقرا) تستخدم السياسة الضرائبية كأداة لتحفيز النشاط الاقتصادي، في حين أن البلدان الأعضاء القديمة في الاتحاد فلا تزال تتردد في الاستخدام الثابت لهذه التدابير "الجذرية".
ان فرض الضرائب العالية في البلدان الـ15 الأعضاء القدماء في الاتحاد الاوروبي هو على الأغلب نتيجة السياسة الاقتصادية التي كانت متبعة في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، والتي كانت تقوم على الضرائب التصاعدية المستدامة. ومن جهة ثانية فان القطاع العام في تلك البلدان كان أيضا ينمو كنتيجة للتمويل الحكومي، المرتبط بالكثير من البرامج الاجتماعية وتحمل المسؤوليات الاجتماعية: المعاشات التقاعدية، الضمانات الصحية، ضمانات التعليم وغيرها. كما ان نمو البطالة، التي لم تكن الحكومات تحاول ان تعالجها بالاصلاحات، بل تزيد تعميقها عن طريق اعادة التمويل، قد كان له هو الآخر دور هام.
بالنسبة للدول العشر الأعضاء الجدد في الاتحاد الاوروبي فمن المعروف ان القسم الأكبر من المداخيل يتكون من الضمانات الاجتماعية والضرائب المباشرة، في حين أن الضرائب غير المباشرة تشكل القسم الأصغر. ويمكن تفسير ذلك الى حد ما بسبب المستويات المنخفضة للمداخيل، أو عدم التصريح عن المداخيل بسبب الضرائب المرتفعة غير المبررة. أما في البلدان الأقدم في عضوية الاتحاد فنلاحظ ظاهرة معاكسة. وهذا يدفع الأوروبيين الغربيين للاحباط من العمل وتلقي ثمرة عملهم، حيث إن الدولة في الدانمارك مثلا تقتطع مباشرة 59% من ناتج العمل الشهري.
وفي بريطانيا يتعرض رئيس الوزراء دايفيد كاميرون للمزيد من الضغط من أجل اجراء استفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، كما تقول جريدة "الاوبزرفر".
ويعتبر عدد من النواب المحافظين، وكذلك من الليبيراليين، أنه اذا تبنت منطقة اليورو نظاما ضرائبيا موحداً، فان الاتحاد الأوروبي سيتحول الى منظمة تختلف جذريا عن المنظمة التي انضمت اليها بريطانيا سنة 1973. كما يتخوف الكثيرون من أن المملكة المتحدة ستكون ملزمة بتغيير سياستها الضرائبية والناظمة للاقتصاد، من أجل تقريبها من السياسة المعمول بها في منطقة اليورو، حتى لو بقيت خارج نطاق العملة الأوروبية الموحدة. "من الواضح ان الاتحاد الأوروبي يتجه نحو التحول الى بلد واحد. وبهذا الصدد ليس من شك في أن البريطانيين ينبغي عليهم أن يستطيعوا الاختيار فيما اذا كانوا يريدون أن يصبحوا جزءاً من كل هذا". هذا ما صرح به النائب المحافظ ستييف بايكر. وفي الوقت ذاته أظهر استطلاع للرأي العام أن حوالى 50% من البريطانيين ينتقدون رئيس الوزراء دايفيد كاميرون لأنه لم يتصرف بشكل صحيح لأجل اخماد الاضطرابات التي هزت البلاد. 29% من المستطلعين أيدوا رد فعل السلطات. في حين ان 61% انتقدوا كاميرون لأنه لم يقطع اجازته في الأيام الأولى للاضطرابات، والتدخل للسيطرة على الأزمة. وفي الوقت ذاته فان 83% من المستطلعين يحسبون أن شبكات الاتصالات العامة ساهمت في اندلاع القلاقل، اذ إنها أسهمت في تسهيل التواصل وتنظيم المشاركين في الاضطرابات.