ارشيف من :ترجمات ودراسات
توازن إقليمي جديد: يجب على "إسرائيل" أن تقلق من حزب الله وسوريا
المصدر: "معاريف ـ يسرائيل زيف"
" يجب أن تقلق الزعامة الإسرائيلية من التصعيد الخطير في العلاقات مع تركيا. فلقد تغيّرت الخارطة، ولا يمكن لإسرائيل البقاء على أساسها. فقضية الاعتذار ليست فقط مسألة من هو المحق - نحن أم الأتراك - بل أنها تتعلق بمسألة أوسع حول جودة علاقاتنا الإقليمية.مضت عدّة أشهر على تغيّر الوضع من حولنا بشكل درامي، ولم يعد الوضع الجيوبوليتي (السياسي الجغرافي) القديم موجودا. فالوضع الجديد لم يعد يتيح الارتباط بالدول الموجودة، التي لم تبتعد فقط عن التأثير على التطورات التي تحيط بنا، إنما أيضا قد تؤدّي إلى النتيجة الأسوأ على التقدير الإسرائيلي - خلال تقليص مساحة المناورة السياسية وحتى التدحرج نحو الأزمة والخروج عن السيطرة.القلق الأكبر من ناحية إسرائيل في عملية انهيار العالم العربي "القديم" هو الوضع في مصر. من كانت تتزعم العالم العربي وتقود الخط الغربي غير المتعصّب بالنسبة لإسرائيل إلى هذا الحد، تفقد الوضع الإقليمي.
الوضع الجديد يشكّل حافزا لحزب الله وحماس
سوريا أيضا تواجه انهيارا للسلطة. لا يوجد في الواقع أي أسف على سقوط "السفاح" المتوقع في دمشق، إلا انه على الرغم من هذا فإن هذا السقوط المتوقّع يخبّئ في طياته خطرا مزدوجا؛ الأول هو الشك بالعناصر التي ستتولى الحكم وتسيطر على مصادر السلاح، والثاني هو الخشية الفورية من حركة اليأس لدى الأسد، الذي عندما تضيق به السبل قد يرمي ورقته الأخيرة ويبادر إلى إجراء الانفجار في وجه إسرائيل من اجل استعادة زمام الأمور.انعدام الهدوء الإقليمي لا يسود إيران، حيث يحسّن النظام في طهران التحكم بالوضع الداخلي ويشخّص في الانهيار الإقليمي فرصة مزدوجة: زيادة التأثير الداخلي على دول مثل مصر وليبيا؛ وتحويل الاهتمام العالمي عن استمرار تطوير برنامجها النووي.إلى ذلك، يشكّل الوضع الجديد الذي نتج حافز قوة كبير لحزب الله في لبنان وحماس في غزة للتأجيج الإقليمي. وإلى جانب كل هذا، تواجه إسرائيل حاليا تحديين سياسيين معقّدين: الأول هو نظام العلاقات مع تركيا، والثاني هو التصويت المرتقب في الأمم المتحدة في نهاية أيلول. تركيا، في الوضع الجيوبوليتي الجديد، تطمح إلى وضع نفسها في رأس الزعامة الإقليمية.الزعامة الإسلامية الوقائية التي تترأسها في الواقع، قامت في السنوات الأخيرة بخطوة تقارب من الدول العربية في المنطقة العربية في المنطقة، لكن مع هذا بقيت سياستها متوازنة نسبيا ومنفتحة على إسرائيل والغرب. أردوغان كان أول من دعم بشكل فعّال المعارضة في ليبيا، حمى حماس في غزة، وأخذ موقفا قاسيا ومهدّدا من الأسد وسوريا.زمن الصراع قد ولّى في محاولاتها قامت بدور فاعل في الوساطة بين إسرائيل وجيرانها، وتلقّت تركيا سلسلة من الاهانات: بدءا بقضية الكرسي المنخفض، مرورا بعلامة الاستفهام حول الهجوم على المفاعل في سوريا والخروج إلى عملية الرصاص المسكوب في زمن المبادرة إلى التفاوض مع سوريا بوساطتها، وانتهاءً بالقافلة البحرية والتنصل من الاعتذار.
لدى تركيا منظومة علاقات طوال سنوات مع إسرائيل، التي شهدت واقعا صعودا وهبوطا لكنها دوما كانت مهمّة للطرفين. أهمية علاقتنا معها تتطلب تحسينا. في الأيام العادية، لعله لم يكن صحيحا أن تفكّر إسرائيل مليّا بالاعتذار عن عمل مشروع ضد القافلة البحرية. لكن في الوضع المحلي الحالي، على إسرائيل التدقيق إن كان من الأهم التقرّب من تركيا التي تشكّل القوة الأعلى في المنطقة، لابتلاع الضفدع الكبير وشق طريقها نحو الحمم - الذي سيسهّل أيضا بمستوى عال على الأزمة الأمريكية في المنطقة ولعلها حتى ستتيح إجراء اللحظة الأخيرة لتجنيد تركيا ومن يسمون "دول الجودة" في محاولة أخيرة لإيقاف العملية الفلسطينية والتأثير على التصويت المرتقب نهاية الشهر. على أي حال، زمن الصراع قد ولّى، يجب اتّخاذ القرار هنا".