ارشيف من :أخبار لبنانية

الإجتماع الثاني لإتفاقية الذخائر العنقودية إنطلق وسط دعوات لمساعدة لبنان كي يتمكن من التخلص من القنابل العنقودية التي خلفها العدوان الاسرائيلي

الإجتماع الثاني لإتفاقية الذخائر العنقودية إنطلق وسط دعوات لمساعدة لبنان كي يتمكن من التخلص من القنابل العنقودية التي خلفها العدوان الاسرائيلي
لبنان إستضاف الإجتماع الثاني لإتفاقية الذخائر العنقودية وسط مشاركة فعالة وتأكيد على الإستمرارية حتى القضاء على هذا السلاح اللاإنساني

تحت شعار "معاً من أجل حياة أفضل" إنطلق الإجتماع الثاني للدول الأطراف في إتفاقية الذخائر العنقودية صباح اليوم في أوتيل فينيسيا في بيروت، وذلك برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان وحضور كل من وزير الخارجية عدنان منصور ورئيسة "المركز اللبناني لتأهيل المعوقين" السيدة رندة بري، فضلاً عن عدد من الشخصيات ومشاركة أكثر من مئة وعشرين دولة وممثلين عن الإئتلاف العالمي ضد القنابل العنقودية من أكثر من ستة وستين دولة.

الإجتماع الذي نظمته وزارة الخارجية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إستهل بكلمة لرئيس الإجتماع الأول للدول الأطراف تونغلون سيسوليت الذي نوّه بإتفاقية الذخائر العنقودية وبزيادة عدد الدول المنضمة إليها، معتبرا أن "الإتفاقية تهدف الى تنفيذ أحكامها بشكل عملاني وفوري لضمان عدم إنتشار هذه الأسلحة ومنع إستخدامها ولضمان تنظيف المناطق الملوثة من الذخائر العنقودية ومخلّفات الحرب، وناشد الدول المتبقية الإنضمام الى الإتفاقية في أسرع وقت من أجل إزالة الذخائر العنقودية في العالم أجمع.


بعد ذلك، ألقى وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور كلمة رأى فيها أنه على الرغم من معاناة لبنان من تلوث أراضيه بالقنابل العنقودية، إلا أنه لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التركة المأساوية، بل قطع شوطاً كبيراً في تنظيف مساحاته المبتلاة منها، وتقديم العون لضحاياه وعائلاتهم، بما في ذلك العناية الطبية وإعادة التأهيل والدعم النفسي والإدماج الإجتماعي والإقتصادي.


وفيما أشار إلى أنه "ما زال أمامنا الكثير من الخطوات التي تنتظر الإنجاز، ما دام خطر القنابل العنقودية ماثلاً ويتهدد حياة الكثيرين حول العالم"، شدد منصور على "بذل كل الجهد في سبيل إنجاح أعمال هذا المؤتمر وجعله محطة هامة في مسار الجهد العالمي للقضاء على هذا السلاح اللاإنساني".
إلى ذلك، توقف منصورعند مشروع إعلان بيروت المنتظر تبنّيه بالإجماع في ختام أعمال هذا الإجتماع، فقال :" لا بدّ لي من الثناء على الدأب الذي أبداه ممثلو عدد كبير من الأطراف المعنية خلال المشاورات غير الرسمية بشأن الإعلان، طوال شهور خلت، والتي إزدانت بروحية بنّاءة وإيجابية، وأفضت الى التوصل الى مسودّة أولية، حرصنا بمعاونة الرئاسة السابقة وسائر الشركاء، على تضمينها أكبر قدر من إقتراحات الدول والمنظمات وملاحظاتها".
وفي الختام، أمل وزير الخارجية بالتوصل إلى رؤية مشتركة خلال هذا الإجتماع الثاني يساهم في إبصار وحدة دعم التنفيذ النور في أقرب فرصة ممكنة.
بدوره، ألقى الممثل الأعلى لشؤون نزع السلاح في الأمم المتحدة سيرجيو دوراتي كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون، فقال "هذا الإجتماع في بيروت سيساهم في تعزيز التعاون والمساعدة بين الأطراف من أجل القضاء على الذخائر العنقودية التي لها أثر سلبي كبير على المواطنين".
من ناحيتها، السيدة رندة بري تحدثت فقالت في كلمتها الإفتتاحية "نحن نؤمن أن الإنسان خلق كي يحيا حياة كريمة كرستها كافة القوانين والشرائع الأرضية منها والسماوية ونحن نؤمن أنه ليس من حق أحد أو من حق أية أمة من الأمم أن ترسم أقدار الآخرين بما يلائم المصالح ويناقض المبادىء والأخلاق والقواعد التي تعاهدت عليها الإنسانية جمعاء تحت سقف الشرعية الدولية لحقوق الإنسان".


أما رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر كريستين بيرلي فتحدث عن تجربة لبنان ولاوس في التعامل مع التأثير القاتل للقنابل العنقودية على شعبيهما، مشيرة إلى أنه "جرى إستهداف كلا البلدين بهذه القنابل بشكل شاسع طوال أكثر من ثلاثة عقود إلى الوراء"، وأضافت ان" النتائج كانت متشابهة: تلوث واسع الإنتشار نتيجة القنابل غير المنفجرة، وأعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.. وقد تخلصت لاوس حتى الآن من عبء كبير يعود للعقود الثلاثة الماضية، أما لبنان، فلا يزال يحاول تنظيف سطحه الملوث، بعد إنقضاء نحو خمسة أعوام على حرب تموز 2006".


وعرض الإجتماع على مدى ساعات القضايا الإجرائية التي ستتبعها الإتفاقية وأعضائها خلال الإجتماع، فيما تم إفساح المجال للتبادل العام للآراء لعدد كبير من المشاركين للوصول الى النتائج المرجوة من الإتفاقية.

السيدة بري لـ"الانتقاد": للمرة الأولى يجمع المجتمع الدولي بعشرات الدول على إزالة القنابل العنقودية

وعلى هامش الإجتماع، أعربت عقيلة رئيس مجلس النواب السيدة رندة بري في مقابلة مع "الإنتقاد" عن أملها في أن يثمر الإجتماع الثاني للدول الأطراف في إتفاقية الذخائر العنقودية نتائج مهمة، وأشارت الى أنه للمرة الأولى يجمع المجتمع الدولي بعشرات الدول على هذه الاتفاقية الهامة، ومشددة على أن لبنان أطلق الشرارة الاولى لهذه الاتفاقية بفضل جهوده ولعب دوراً كبيراً لكي تظهر النتائج قريباً بإذن الله.
وأملت بري في أن يتم التوصل إلى منع تصنيع ونقل وبيع القنابل العنقودية ووضع شروط قاسية جداً وعقوبات على كل من تسول له نفسه إستخدامها.
وأوضحت بري أن أهمية هذا الإجتماع تكمن في إصدار القرارات التي تؤدي الى تبني مشروع مساهمات دولية لمساعدة المتضررين على كل المستويات الصحية والإجتماعية والإقتصادية، فضلاً عن مساعدة الدول المصابة بالألغام العنقودية ونزعها وتحويل مساحاتها المتضررة إلى مشاريع صالحة للإستخدام، وشددت على ضرورة إلزام الدول المصنعة والمستخدمة بإزالة الذخائر العنقودية.

العميد فهمي لـ"الانتقاد": على المجتمع الدولي أن يساعد لبنان للإنتهاء من نزع القنابل العنقودية

وفي السياق نفسه، قال رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام، العميد محمد فهمي في حديث خاص لموقع "الإنتقاد" ان "لبنان يحترم الإنسان والقوانين بينما العدو لا يحترم شيئاً وتاريخه يشهد على ذلك"، آملا من المجتمع الدولي والجهات المعنية أن تستمر بمساعدة لبنان حتى الإنتهاء من عملية نزع القنابل العنقودية التي خلفها العدو الصهيوني في أراضيه.

مؤتمرات وورشات عمل في فندق "مونرو"

أما في فندق "مونرو" المقابل لـ"فينيسيا" فقد تم عرض عدداً من ورشات العمل شارك فيها معنيين ومختصين من مختلف المنظمات بالاضافة الى ضحايا الذخائر العنقودية، فيما أقيم "مؤتمر صحفي تعريفي عن المجتمع المدني"، أشارت فيه ممثلة المجتمع المدني في المؤتمر حبوبة عون إلى خطر القنابل العنقودية التي أوقعت 50 قتيلا في لبنان منذ عام 2006، ولفتت الى أنه تم تنظيف 67 بالمئة من مساحة 55 كيلومترا مربعا من الأراضي الملوثة بالقنابل، آملة بإنضمام أكبر عدد ممكن من الدول إلى إتفاقية الذخائر العنقودية والإلتزام ببنودها للوصول إلى أفضل النتائج.


من ناحيته، أشار رئيس التحالف ضد القنابل العنقودية ستيف غوس، إلى أن هذه الإتفاقية تشكل أول معاهدة إنسانية تحوّلت خلال سنة إلى قانون ملزم أثبتت أنها قادرة على تحويل الكثير من الإنجازات، مشيرا الى أن نجاحها يعود إلى الدور الريادي للبنان والدول المتضررة من القنابل العنقودية، ولفت إلى أن هذا الإجتماع هو أكبر إجتماع دبلوماسي ينعقد منذ سنوات في لبنان لتقييم الإتفاقية وخطة العمل.


وأضاف غوس ان " الإجتماع يسمح لنا بمساءلة الحكومات على العهود التي قطعوها"، موضحا أنه "مناسبة للحصول على مزيد من الموارد لمساعدة الضحايا"، ومتوقعاً أن "ينضم بلدان جديدة إلى الإتفاقية، ولافتا إلى أنه بدخول سنة حيز التنفيذ تم تدمير مخزون من 69 مليون ذخيرة.
وفي مقابلة مع موقع "الإنتقاد" شدد غوس على أن "الإئتلاف يدفع الدول التي لم توقع بعد على الإتفاقية إلى إتخاذ مثل هذه الخطوة، معتبراً أن "هذه الإتفاقية حققت إنجازاً بالنسبة للإتفاقيات الأخرى لأنها إستطاعت أن تحرز 62 توقيع منذ إنطلاقتها عام 2008".


وأشار رئيس التحالف ضد القنابل العنقودية إلى أنه من المرجح بعد اليوم أن "اسرائيل" لن تقوم بنفس الإعتداء الذي قامت به 2006 لأن الحملة ضد الذخائر العنقودية قوية في العالم، لافتاً في الوقت عينه إلى أنه لا يوجد ضمانات بذلك كما أنه "لا نستطيع أن نحاكمها لأنها لم توقع على الإتفاقية أبداً".
من جهتها، المشرفة الميدانية عن فريق الإناث لإزالة الألغام في لبنان لميس الزين شددت خلال مؤتمر التعريف على ضرورة الحصول على تمويل ودعم خارجي وداخلي لإنجاز مهمة نزع القنابل العنقودية من الأماكن المتواجدة فيها.


وأضافت الزين "نحن لا ننكر دعم ومساعدة الجيش اللبناني الذي يقف إلى جانبنا ويدعمنا دائما"، مشيرة إلى أننا "نتواصل دائما مع بعضنا البعض"، داعية "كل البلاد التي لم توقع بعد على الإتفاقية إلى التوقيع عليها".


وشرحت الزين بأنها أم لفتاتين وتعمل في المنظمة النرويجية وهي أول إمرأة مؤهلة لتفجير القنابل العنقودية في لبنان، موضحة أن الفريق يذهب من الخامسة والنصف فجراً إلى الحقول للقيام بمهمته الميدانية.


وأكدت الزين في مقابلة مع "الإنتقاد" أنها دخلت إلى مجال تفجير الذخائر العنقودية وتعلم بأن الأمر ليس سهلا وأنه يحتوي على الخطورة ولكن في الميدان وجدت أنه عمل رائع وطبيعي خاصة مع وجود داعمين على الأرض.
وردا على سؤال حول المشاكل التي تواجهها كفتاة ونظرة المجتمع إلى عملها، قالت الزين " لا فرق في العمل بين الشباب والفتاة فنحن نأخذ العبرة من المصابين.. والفتاة صبورة أكثر من الشاب وتركز في عملها أكثر"، مشيرة إلى أنها تقف أمام المساءلة كثيرا من المجتمع ولكنها ترى دائماً ان محيطها يفخر بها عندما يغوص في طبيعة عملها ومدى أهميته.

ورشة "الاعمار والتنمية ما بعد الحرب في لبنان" سلّطت الضوء على معاناة المتضررين من القنابل العنقودية، حيث عرض الضحية حسين غندور معاناته، سارداً كيفية تعرضه للحادث بالقول" كنت في عمر السبع سنوات وكان همي الوحيد اللعب كأي طفل في العالم فإنفجرت بي أمام المنزل قنبلة ظننتها أنها لعبة عندما مسكتها ما أدى الى بتر يدي، فدخلت المستشفى وبقيت في الكوما مدة شهرين، ومن ثم توجهت الى الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين والتي كان لها الدور الكبير في إخراجي من حالة العدائية والحالة النفسية الكبيرة".


وأوضح غندور بأنه خضع لكل العلاجات، لافتاً إلى الشعور القاسي الذي ينتاب الفرد عندما يرى نفسه فجأة إنسان آخر، مشدداً على أنه تحدى الألم وتابع الدراسة المهنية وعمل في مجال الأطراف الإصطناعية في الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين.


وإذ شكر المنظمات بالكامل، أثنى غندور على جهودها بغض النظر عن النتيجة التي ستصل إليها، مشيدا بدور السيدة رندة بري في عدم تهميش المعوقين، ومتمنيا على الجمعيات والوزرات العمل من أجل الوصول إلى أفضل النتائج.
أما نزيه صعب وهو رجل متقاعد من الجيش اللبناني، فقد روى للمشاركين في المؤتمر معاناته، حيث وقع ضحية لغدر لغم إنفجر به أثناء أدائه واجبه المهني حيث كان يعمل على إنقاذ حياة أطفال من حقل ألغام فانتبرت قدمه، مشيراً الى أن إحدى المستشفيات لم تستقبله وتركته ينزف لأسباب خاصة.
وشكر صعب جهود الجيش اللبناني والمساهمين في إعادة الحياة الشبه الطبيعية له من جديد، داعيا الى العمل على إصدار قوانين دولية تمنع إستخدام وتصنيع ونقل الذخائر العنقودية.
من جهتها، سجلت إحدى المشاركات مداخلة شددت فيها على وضع الأطفال المأساوي نتيجة العدوان الاسرائيلي في تموز 2006 ، موضحة أن أكثر من 50% من ضحايا الحرب هم أطفال، مشيرة إلى أن أعمال العنف بين الأطفال ازدادت بعد العام 2006، داعية إلى ضرورة الإهتمام بالتعليم وبرسائل التوعية من مخاطر القنابل العنقودية.

مشاركون ومصابون دوليون يروون تجربتهم لـ"الإنتقاد"

وعلى هامش فعاليات المؤتمر، أجرت "الإنتقاد" مجموعة من المقابلات مع عدد من المشاركين والمصابين القادمين من الخارج، حيث أشار أحمد السيد علي وهو مدير برنامج المنظمة البريطانية لإزالة الذخائر والقنابل العنقودية بالصحراء الغربية إلى أن المنظمة بذلت جهدا كبيرا من أجل أن تبصر الإتفاقية النور، موضحاً أنها ستواكب مسار الإتفاقية حتى النهاية.


وأوضح السيد علي أن الصحراء الغربية تعاني من تلوث هائل منذ عام 2007 بسبب رمي الجيش المغربي على أرضها لثلث أنواع القنابل بشكل مكثّف، مشيرا الى أنه تم تنظيف 19 مليون متر مربع لغاية الآن والعمل مستمر في هذا المجال.


وأمل مدير برنامج المنظمة البريطانية لإزالة الذخائر والقنابل العنقودية بالصحراء الغربية بأن تنضم بقية الدول إلى الإتفاقية لتخفيف المأساة.
بدورها، أشارت بنيلوب كاسويل وهي فتاة هندية تشارك في المؤتمر، إلى أنها تمثل منظمة غير حكومية ببريطانيا، وأوضحت في حديث لموقعنا أن بلدها غير موقع على الإتفاقية، متمنية أن يقوم بذلك في أقرب وقت ممكن.


ولفتت كاسويل الى أن المنظمة التي تعمل بها تعنى بنزع الألغام والقنابل العنقودية ببلدان متعددة في العالم من بينها الصحارى الأفريقية.
وللإعلام دوره الرائد في تغطية الحدث، فقد شاركت مجموعة كبيرة من الإعلاميين في المؤتمر، حيث أعرب الصحفي ميغا أمانو القادم من مالي عن أمله بأن يثمر هذا الإجتماع عن النتائج المرجوة، مشيرا الى أن للإعلام دور كبير في إيصال صورة المعاناة للخارج لتشجيع الدول على الإنضمام للاتفاقية.


وأوضح أمانو أن مالي بلد لا يوجد فيها ذخائر عنقودية ولكنها تدافع عن حقوق الإنسان ما يجعلها توقع على الإتفاقية لتثبت أنها جزء من القرار.
أما برانيسلاف كابتانوفيك القادم من صربيا والذي أصيب خلال عمله في مجال نزع الألغام فانبترت قدميه ورجليه، فقد أشار الى أن القنابل العنقودية التي إنفجرت به من صنع أميركي، قائلا" للأسف صربيا ليست من الموقعين على الإتفاقية وآمل بأن تنضم قريباً". كما رأى أن مثل هذا الإجتماع القائم يمثل طريقة قوية لجذب العالم الى الإنضمام لهذا الحدث".

فاطمة سلامة

2011-09-13