ارشيف من :آراء وتحليلات

البطريرك الراعي والخارطة السياسية الجديدة

البطريرك الراعي والخارطة السياسية الجديدة
بثينة عليق

يُجمع المراقبون المطّلعون على أن البطريرك الماروني جسّد شعار الشركة والمحبة عملياً وتطبيقياً. فبعد تصريحاته ذات المضمون الاستراتيجي حول المسيحيين في المشرق و"إسرائيل" ورفض التوطين والوضع العربي، جاءت زياراته إلى المناطق لتؤسّس لأبعادٍ جديدة على المستوى الوطني. ويتوقّف مصدرٌ مطّلع عند سلسلة معطيات أساسية على ضوء الأداء البطريركي.
أولاً: يعود المصدر المطّلع إلى السينودوس من أجل مسيحيّي الشرق الذي عقد في 2010 والذي نصّ على ضرورة تجذّر المسيحيين في أرضهم، وعلى أنهم ليسوا جالية بل سكّان البلاد الأصليين، وعلى أهمية أن يتلاقوا مع كلّ المكوّنات الدينية والثقافية في بلدانهم. وتخوّف السينودوس من التطرّف الديني وأكّد على دور لبنان الرسالة. ما قام به البطريرك الراعي هو المزاوجة بين السينودوس من أجل مسيحيّي الشرق والسينودوس من أجل لبنان.
ثانياً: بالنسبة لزيارة بعلبك الهرمل، يرى المصدر أن للزيارة ثلاثة أبعاد.
1. تعزيز الوحدة الوطنية، وهذا ما عبّر عنه الراعي عندما قال "أتيت للاطمئنان على الرعيّة فوجدت كلّ بعلبك الهرمل هي الرعية".
2. قدرة اللبنانيين على الاجتماع على ثوابت موحّدة، وهذا ما عبّر عنه البطريرك عندما اعتبر أن كلمة الشيخ محمد يزبك تصلح لأن تعتمد ثوابت وطنية جامعة.
3. قدرة اللبنانيين على صناعة وطن حتى لو كانوا منطلقين من ثقافاتٍ مختلفة، وهذا ما عبّر عنه البطريرك عندما استشهد بتاريخ وتجربة الإمام موسى الصدر.
ثالثاً: لأولّ مرّة يقوم بطريرك الموارنة بزيارة الأطراف في لبنان، ما شكّل برأي المصدر اعترافاً تاريخياً عملياً وليس نظرياً فقط من بكركي لما يعرف بالأقضية الأربعة. ويؤكّد المصدر أن البطريرك لم يكتف بالاعتراف بل تحدّث وتبنّى لغة أهل الأطراف.
رابعاً: لقد ساهم البطريرك الراعي برسم خارطةٍ سياسية جديدة للموارنة، فقد انضمّ البطريرك إلى المواقع المارونية الثلاثة الأساسية في لبنان (رئاسة الجمهورية، قيادة الجيش وأكبر كتلة نيابية مسيحية)، فأصبح موقف هؤلاء موحّداً من قضيّتين أساسيّتين وهما المقاومة والعلاقة مع سوريا.
خامساً: ردّاً على مقولة إن الغرب فقد ثقته بالبطريرك بعد تصريحاته الأخيرة بدليل خيبة أمل فرنسا التي عبّر عنها سفيرها في لبنان، يؤكّد المصدر المطّلع أن بكركي اليوم تلعب دور المحاور المستقلّ مع الغرب، بعدما تحوّلت في المرحلة السابقة إلى دائرة من دوائر السفارتين الأميركية والفرنسية، فالبطريرك انطلق في مواقفه من قناعةٍ واضحة وثابتة بأن الغرب لم يأتِ إلى المنطقة من أجل الديموقراطية، بل شكّل آلة تفكيكٍ للنسيج الاجتماعي ودافعاً لهجرة المسيحيين.
ويختم المصدر بأن المواقف الجديدة للبطريرك تؤسس لمرحلة جديدة محلّياً وإقليمياً على أن زيارة الجنوب، الذي ستحلّ عليه بركة الشركة والمحبة، تبقى لها معانٍ جديدة ومختلفة.
2011-09-24